محمد أنعم -
ظلت علاقة المؤتمر الشعبي العام مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية على مدى أكثر من ثلاثة عقود علاقة متميزة وتجني ثمار خيراتها أجيال الشعبين والبلدين الشقيقين..
اليوم وبعد ثلاث سنوات عاصفة من أزمة ما يُسمى «الربيع العربي» الدامي، ثمة متغيرات تفرض في الواقع ويجب التعامل معها بحكمة وموضوعية ومسؤولية وحرص اخوي صادق، انطلاقاً من ايماننا بأن المؤامرة التي استهدفت اليمن والمؤتمر الشعبي العام عام 2011م لم تكن تستهدفهما فقط بل انها في حقيقة الأمر لاتزال تستهدف المملكة العربية السعودية وغيرها من دول المنطقة بدرجة أساسية..
وإذا كان المؤتمر الشعبي العام قد حكم اليمن أكثر من ثلاثة عقود برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح وكانت مواقفه وعلاقاته محكومة بالموقف الرسمي للدولة، فإن المؤتمر قد أُقصي اليوم من الحكم ليس من خلال مؤامرة الربيع العربي فقط وإنما بالانقلاب على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، ويجرى تهميشه واستهداف قياداته ضمن مخطط تآمري هدفه خلط الأوراق وتنفيذ اجندة لمخطط اقليمي.. لكن علينا أن نقول إنه مهما كان الثمن الذي يدفعه المؤتمر الشعبي العام فادحاً فإنه لن يقارن بما سيدفعه الأشقاء بعد ضرب المؤتمر الذي ظل يمثل قلعة حصينة متقدمة للحفاظ على أمن واستقرار دول المنطقة بشكل عام.
ولعل تعامل قيادة المؤتمر الشعبي العام المسؤول وامتصاصها لكل الضربات الموجعة التي تتعرض لها وتتقبلها ليس شعوراً بالضعف أو الخوف أو حفاظاً على على مصالح شخصية، ليس كل هذا اطلاقاً.. فالذين يواجهون الموت ظلماً وعدواناً بالتأكيد لا تتحكم بهم المصالح والاطماع.. وإنما يفرض عليهم تقبُّل ذلك الخيار القاسي والمر الموجب للدفاع عن المبادئ والقيم والروابط المقدسة والقواسم المشتركة التي تجمع الشعب اليمني مع الأشقاء في دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية..
لقد تعاملت قيادة المؤتمر برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح مع حملة التحريض والاستعداء والاتهامات الباطلة وكذلك مع قرار العقوبات الدولية بحكمة ومسؤولية.. ورفضت الانجرار وراء تلك الحملة الظالمة والتي تذكرنا بنفس ذلك الخطاب والحملات التي شنها الإخوان ضد الزعيم بداية ربيع الإخوان 2011م..
من جديد عادت جوقة الكذب والدجل والتضليل تحاصر الأشقاء بضجيجها وافكها.. يتباكون على سقوط صنعاء.. ولم نسمعهم يتحدثون عمن هيكل الجيش والأمن اليمني، ومن هي القوى التي اسقطت اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها والتي جرى التوقيع عليها برعاية خادم الحرمين الشريفين، ومن عارضها منذ اليوم الأول.. ليس هذا فحسب بل يتجاهلون أيضاً الحديث عن معرقلي تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والتي انقضى عليها عشرة اشهر وهي حبيسة الأدراج..
والحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع، أن إعلام الأشقاء يقود هذه الحملة ويهدف من ورائها تشويه صورة قيادة المؤتمر وتحديداً الزعيم علي عبدالله صالح من خلال إلصاق العديد من التهم التي لا أساس لها من الصحة، في محاولة واضحة هدفها تحسين صورة قيادات الإخوان وفي مقدمتهم حميد الأحمر وعلي محسن وغيرهم لدى صناع القرار في السعودية وغيرها.. وتقديمهم وكأنهم أبرياء وضحايا ومخلصون وأعداء لقطر وايران.
إن المؤتمر الشعبي العام عندما قرر رئيسه -رئيس الجمهورية- التخلي عن السلطة في 2012م لم يكن هدفه من وراء ذلك القرار حقن دماء الشعب اليمني والحفاظ على أمن واستقرار اليمن فقط وإنما حفاظاً على أمن واستقرار دول المنطقة وحرصاً منه على تجنيبها سيناريوهات مرعبة كانت تحدق بها.. يكون الزعيم علي عبدالله صالح قد أفشل بذلك القرار التاريخي الشجاع أخطر مخطط إخواني بدعم تركي- قطري يتهدد المنطقة..
وها هو المؤتمر اليوم يقف خارج السلطة.. أُقصي.. أو أُبعد.. أو تم الانقلاب عليه أو سعى من سعى لمنحه تمثيل صوري في الحكومة.. مقابل زيادة تمثيل الإخوان في حكومة المهندس بحاح.. ويجري التعتيم على هذه القضية في الوقت الذي لم ينفك الخطاب الإعلامي والسياسي للأشقاء ولرعاة المبادرة يملأ الدنيا ضجيجاً عن حكومة شراكة وطنية..
علينا أن لا نغالط انفسنا بوصف يقلل من شدة وحدة الحملة الإعلامية ضد المؤتمر الشعبي العام والزعم «بأنها سحابة صيف» لهذا لابد من الاعتراف بوجود أزمة ثقة، وأن على المؤتمر- الذي يؤكد دائماً ان العلاقة مع الأشقاء تاريخية ومصيرية مهما تباينت الآراء- ان يوضح موقفه ولا يسمح للمتربصين بتوسيع مساحة عدم الثقة.. خصوصاً وأن خلايا الاخوان تعمل ليل نهار لضرب المؤتمر الذي يُعد القوة التي تتصدى للمخطط الاخواني القطري التركي والمشروع الايراني عبر اليمن.
ولعل أشد الضربات هي تلك التي وُجّهت ضد الزعيم علي عبدالله صالح والمتمثلة بقرار العقوبات، في محاولة تآمرية خطرة هدفها دفع الملايين من اعضاء المؤتمر والشعب اليمني لمعاداة السعودية والتحول نحو ايران.. وهي محاولة افشلتها قيادة المؤتمر، مدركة بحكم خبرتها السياسية أن دخول امريكا على الخط- رغم معرفة السفير الأمريكي بمن اسقط العاصمة صنعاء- تأكيد على أن أمريكا لا تريد الخير لشعوب المنطقة وللسعودية تحديداً..
لذا ازداد المؤتمر ثقة أن العقوبات ليست الخطر، أمام بشاعة الخطر الذي يهدد دول المنطقة برمتها.