الميثاق نت -

الإثنين, 24-نوفمبر-2014
فيصل‮ ‬الصوفي -
ذات يوم نشرت صورة سفير أمريكي في صحيفة حكومية يظهر فيها أمام رئيس البلاد، ممدداً رجليه، كما مدد أبو حنيفة بحضرة ذلك الأحمق الذي سأل: متى يكون الافطار في رمضان إذا جن الليل ولم تغرب الشمس..؟
بعض المثقفين اكتفوا حينها بالقول إن السفير لم يراع التقاليد الدولية المتعارف عليها أثناء مقابلة رؤساء الدول.. لكن بالنسبة للصحيفة الحكومية لم يكن ذلك يعني شيئاً.. لم تدرك إدارتها أن ذلك المشهد غير لائق، ويجب تغييره، كما لم يدرك ذلك الفريق الإعلامي للرئيس، الذي‮ ‬زودها‮ ‬بتلك‮ ‬الصورة‮ ‬الوحيدة‮ ‬عن‮ ‬ذلك‮ ‬اللقاء‮.‬
الأمر يتعلق بمستوى الشعور بالكرامة الوطنية، وهذا الشعور يكاد يكون مفقوداً في مواجهة أي تعالي على أعلى رمز مثل الشعب، كم يكاد يكون الشعور نفسه معدوماً في مواجهة أي انتهاك خارجي للسيادة الوطنية، وخصوصاً الصلف الأمريكي.. الرئيس أوباما، رئيس ذلك السفير الممدد، أصدر أكثر من 350 أمراً بتنفيذ عمليات عسكرية في ذلك البلد، بعلم ورضا رئيسه، الذي طالما تحدث عن الطائرات الأمريكية دون طيار، المدهشة والعجيبة، بينما كان بوسعه محاربة الإرهاب بقدرات محلية، أولها الجيش وقوى الأمن، مسنودتين بمساهمة شعبية، كما حدث في بعض المحافظات مؤخراً.. الرئيس هادي أمر بتشكيل لجان شعبية في أبين لمؤازرة الجيش ضد الإرهابيين، ووجه بعض معسكرات الجيش بقتال تنظيم القاعدة في البيضاء، إلى جانب أنصار الله، وهذان مثالان جيدان لتضامن الشعب والجيش والأمن معاً، في وجه الإرهاب.. والاكتفاء من أمريكا بخدمات نوعية قد تتطلبها أهداف عسيرة أو معقدة، إذ أن فتح الأجواء لطائرات دون طيار، لتضرب أينما تشاء وحين تشاء، لم ينتهك السيادة فحسب، بل يضر بعملية مكافحة الإرهاب، الذي يزداد المتعاطفون معه بعد كل ضربة أمريكية تقتل مدنيين أبرياء..
على أن نقص الشعور بالكرامة الوطنية لا يتوقف عند هذه المسألة، فهناك أشكال أخرى وكثيرة للقبول بانتهاك السيادة، والرضوخ لإرادة الأجنبي، بل وصل الأمر حد استدعاء هذه الإرادة لممارسة فاعليتها في أكثر الشئون الوطنية خصوصية.. لقد أدخلت اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بطلب يمني، وبدلاً من الدفاع عن يمنيين وضعوا في قائمة وزارة الخزانة الأمريكية الخاصة بداعمي الإرهاب، تستخدم الرئاسة اليمنية الوشاية بمواطنين آخرين، وتقدم - للإضرار بهم- معلومات كيدية للأمريكيين.. ليس هذا فحسب، بل إنه في هذا العهد المصاب بنزف‮ ‬الكرامة‮ ‬الوطنية،‮ ‬صار‮ ‬لبريطانيا‮ ‬مندوب‮ ‬خاص‮ ‬بشئون‮ ‬اليمن‮ ‬يسمى‮ »‬دنكن‮«‬،‮ ‬وبعد‮ ‬أن‮ ‬كنا‮ ‬نشكو‮ ‬من
‮ ‬القبول‮ ‬بوجود‮ ‬دائم‮ ‬لعدد‮ ‬محدود‮ ‬من‮ ‬الجنود‮ ‬الأمريكيين‮ ‬في‮ ‬فندق‮ »‬شيراتون‮« ‬بالعاصمة،‮ ‬صار‮ ‬لقوات‮ ‬المارينز‮ ‬الأمريكية‮ ‬وجود‮ ‬في‮ ‬قواعد‮ ‬عسكرية‮ ‬يمنية،‮ ‬ليس‮ ‬بغرض‮ ‬التدريب،‮ ‬بل‮ ‬للتدخل‮ ‬السريع‮.. ‬
ولأن من رأس العين يأتي القذى، امتد نزف الكرامة الوطنية اليوم إلى نخب سياسية، كانت ذات يوم تنسب للرئيس السابق تهم التفريط بالسيادة، بينما كانت الحالة الوحيدة التي قبل فيها بتدخل خارجي، هي حالة قصف سيارة الإرهابي أبو علي الحارثي بصواريخ من طائرة أمريكية قبل أكثر‮ ‬من‮ ‬عشر‮ ‬سنوات،‮ ‬وذلك‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬استنفد‮ ‬الرئيس‮ ‬حينها‮ ‬كل‮ ‬المساعي‮ ‬لإقناع‮ ‬ذلك‮ ‬الإرهابي‮ ‬وجماعته‮ ‬بتسليم‮ ‬أنفسهم،‮ ‬أو‮ ‬وقف‮ ‬أنشطتهم‮ ‬الإرهابية‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-41147.htm