الميثاق نت -

الجمعة, 28-نوفمبر-2014
محمد علي عناش -
استمرت حكومة الوفاق الوطني تديرشؤون البلاد لمدة ثلاث سنوات، على علاتها وأخطائها وفسادها وفشلها، ثلات سنوات من الإخلال والفوضى والأداء التدميري لبنية الدولة والأمن والاستقراروالسلم الاجتماعي وحياة الناس المعيشية واستنزاف موارد البلاد، بسبب ممارساتها السيئة وإخلالها بالاتفاقيات والمبادرات والمضامين الوطنية للتسوية السياسية، وماترتب عليهامن أزمات مضاعفة وإنعكاسات خطيرة نعيشها ونشهدها اليوم في جميع الجوانب..
وكما هو معلوم أن حكومة الوفاق تشكلت في ظرف وطني حساس ومنعطف خطير كانت تمر به البلاد بفعل الأزمة التي حدثت مطلع2011م، وكان تشكيلها بموجب تسوية سياسية فرضتها ونصت عليها المبادرة الخليجية المزمنة، لإخراج البلاد من أزمتها وحل المشاكل والقضايا الوطنية، وتحقيق الإصلاحات الشاملة وترجمة تطلعات اليمنيين في التغيير وبناءالدولة والعيش الكريم لأبناء الشعب اليمني.. كان يفترض بأطراف التسوية السياسية والمبادرة الخليجية ورعاتها، عند تشكيل الحكومة، مراعاة هذه المضامين، من خلال حسن اختيار أعضاء الحكومة من الكفاءات الوطنية النزيهة التي تلبي الطموحات وتعالج القضايا الشائكة وتساهم في إنجاح المرحلة الانتقالية، انطلاقا من غايات التسوية ومن معناها الرئيسي، وهو نقل الأزمة من مربع مطلب إسقاط النظام إلى مربع إصلاح النظام السياسي والاقتصادي والمؤسسي، وترجمة تطلعات التغييرفي بناء الدولة اليمنية الحديثة بجهود وتوافق جميع أطراف التسوية السياسية ومشاركة جميع المنظمات المدنية والكيانات الشعبية التي ستفعل دورها في تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية المجتمعية.
وفوق كل ذلك تجنيب البلاد مخاطر الانزلاق في الصراعات الداخلية المدمرة.. لم تتح لليمنيين فرصة حقيقية للتغيير،مثلما أتيحت لهم بالتسوية السياسية والتي كان يمكن أن تكون البوابة الحقيقة للتغيير والتحولات اليمنية الشاملة، وباعتبارها كانت أرقى خيارات التغيير في ثورات مايسمى بالربيع العربي، التي بدأت بشعارات ومسيرات إسقاط النظام، وآلت إلى إعلان البيعة لأمير المؤمنين أبوبكر البغدادي وإلى حرب شوارع لم تتوقف، والحرية آلت إلى جهاد المناكحة وإلى قنانة ورق وبيع لمسيحيات الموصل كجوار ومحظيات، والديمقراطية آلت إلى "تنظيم داعش" وما يسطره من بطولات في الإبادة الجماعية وحز الرؤوس.. هذا هوالنموذج التي تمخضت عنه الثورات الربيعية خارج التسويات السياسية.. ولن يكتب التاريخ عن "داعش المرعب" الذي ولد مطلع 2011م وصاراليوم في2014م يصول ويجول شاهراً سيفه في وجه العصروالتحضر والديمقراطية والحرية، أنه ابن النظام العربي القومي الذي سقط أومن بقاياه وفلوله، وإنما سيكتب أنه ابن الأزمة العربية والجنين المشوه الذي ولدمن رحم ثورات الربيع العربي، فهل سيفهم المتسكعون في شوارع باريس ولندن وأنقرة، كغليون وقباطي ونعمان وكل من رفضوا التسويات السياسية وميعوها وأخلوا بهذه المعادلة؟ هل سيفهم هؤلاء أن الربيع العربي هو هذه النتيجة ولاشيء سواها، وأنهم اشتركوا جميعا في لحظة سفاح عربي غير شرعي، في إنجاب هذا المولود المشوه الذي أصبح يصول ويجول بلا هوادة يفخخ الوعي والعقل العربي كما يفخخ في الواقع الأجساد والمنشآت والأسواق..
التسوية السياسية في اليمن كان يمكن أن تتجاوز وتتجنب هذه المآلات لو تم التمسك بأهدافها وغاياتها الوطنية والأخلاقية، وتم نقلها من مربع إسقاط النظام إلى مربع إصلاح النظام والتنمية الشاملة، غير أن المشترك وقواه التقليدية، وجدوها فرصة في تحقيق الانقلاب والسيطرة على السلطة من داخل الحكومة وتحت شعار التسوية السياسية وبرعاية أممية ممثلة بجمال بنعمر تعويضا عن الانقلاب الذي فشلوا في تحقيقة وهم في الساحات. وهذا الذي حدث ثلاث سنوات عجاف كارثية أسقطت الدولة ومزقت الجيش واستنزفت الخزينة ودمرت الاقتصاد وجرعت الشعب وأفسدت الإدارة والأخلاق ومزقت الوطن، وكل ذلك برعاية أممية، حولت كل هذا السقوط والدمار والفساد في تقاريرها إلى منجزات، وحولت الاساهمات الكبيرة التي دفعت نحو التسوية السياسية وخيار السلم والشراكة، إلى عقوبات.!!
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-41196.htm