احمد سعد التميمي - الكتابة كالعشق.. كالعزف على العود.. ونظم الشعر يحس بها الكاتب فتدخل جسده وتسكن اعماقه وتأسر لبه وعقله وتجري فى دمه نهراً لاتنضب فيه الكلمات .. والكاتب مسئول مسئولية ادبية عن تجميل العالم وإضاءة قناديل الفرح فيه ليجعل من مساحة الحب للناس والوطن اكبر من مساحة الاوراق والصحف .. وحين يتوقف الكاتب عن العزف على الحروف وتطريز الكلمات.. يتخيل الجالسون على مقاعد المتفرجين ان الجياد قد خسرت السباق.. لأنهم لا يعرفون هموم الخيل ومعاني الصهيل وسمفونية الركض..
الكتابة رسالة سماوية سامية ونافذة عتيقة نطل منها على شاطئ جميل رماله من لؤلؤ وأمواجه من مياه زرقاء صافية طوراً ومتلاطمة طوراً آخر تفوح منه رائحة العنبر والليل والفجر.. الكتابة ناموس.. وألوان طيف.. ودم.. وعرق.. وحزن.. وفرح.. قبل وبعد ولادة الكلمة ..وللكتابة معانٍ كبيرة ودلالات لاتتسع الصفحات لحملها فحملها الكاتب فكان عنيداً جسوراً..
سألني ذات يوم احد الزملاء الطيبين .. لماذا لاتكون الكلمة التى تخرج من افواه اقلامكم خالية من الصدق حيناً وبعيدة عن الواقع حيناً آخر، وهذه الطلقات تأتي من الكثير من زملائكم الا من رحم ربي .. فكم قد وقف الناس حائرين امام مقالة سمجة لكاتبٍ ما يشطح بأفكاره فى التطبيل والتزمير والمدح بطريقة مقززة جداً تسقط صاحبها من عيون الناس .. وكم من خبر كاذب صنعه صحفي واثار به المجتمع واساء للجميع .. وبعد برهة يأتي النفي القاطع لما كتب جملة وتفصيلاً.. أهكذا الامانة التى حملها الكاتب ام انها السخافة؟..
** مصيبتنا ياصاح هي أن كتّابنا ممن اتيح لهم امتطاء ظهر صحيفة سيارة او كتب مقالاً أو خبراً في موقع ما او مجلة او صفحة اعلامية او فى ركن بريد القراء تخيل نفسه »قيس« الذائب فى حب ليلى، والمنقذ للبشر من الوقوع فى المعصية، وظهر بالتنظير كهيكل في بلاط الصحافة او المازني او طه حسين في الكتابة.. واوهم نفسه بأنه لولاه لما كانت مبيعات وحضور هذه الصحيفة او تلك وما ارتقت إلا بخزعبلاته وخربشاته التي لاتؤدي ولا تجلب الا البلاء للناس اجمعين..
كثر فى ايامنا هذه التزوير للحقيقة وادعاء من ليس لهم علاقة بالكلمة والكتابة، انهم كتاب وصحفيون واعلاميون كبار حتى البسيط من لايجيد القراءة والكتابة اعلاميي الدكك وصحفيي المقاهي وكتاب الكتاتيب وهم لايمتلكون ابسط مقومات الكتابة والصحافة ولا الموهبة فى صياغة الخبر ولا المقال بل انهم كانوا مناضلين وثوريين وعندهم القدرة على الكذب والتحليل للقضايا السياسية وعندهم القدرة على زغزغة عقول الفتيان وجرهم لارتكاب الأخطاء والمصائب التي يعف عن ارتكابها او فعلها العقال وهم الذين يجعلون من مساحة الحزن اكبر من مساحة الفرح للوطن المثخن بجراحهم وبلاواهم .. ليعلمَ الادعياء ان الكتابة قنديل فرح.
|