الميثاق نت -

الخميس, 05-فبراير-2015
د.علي مطهر العثربي -
القوى التي تحكم على نفسها بالفشل لا يمكن أن تجعل من تجارب الحياة السياسية مدرسة تستفيد من الايجابيات وتتجنب السلبيات، لأن منهج الغواية الفكرية قد تمكن من القائمين على تلك القوى وجعل عقول عناصرها جامدة غير قادرة على إدراك المتغيرات ومتطلباتها اللازمة للتكيف معها وتلبية احتياجات الحياة السياسية المعاصرة، ولأن قيادات تلك القوى الجامدة غير متحررة من الجمود والركود مع الاصرار على تحقيق رغبة الوصول الى السلطة بأية وسيلة فإنها تقع دائماً في الزلل الذي يبرهن على الغباء السياسي الذي بات شبه مستحيل تجاوزه والصعود الى مستوى الرشد السياسي القادر على التكيف مع المتغيرات الجديدة والتحديث اللازم للحياة السياسية المعاصرة.
إن مشهد القوى السياسية المتصارعة على السلطة في مكونات اللقاء المشترك يعطي دلالة شبه قطعية على تحكم منهج الغواية الفكرية وجمود العقل وعدم القدرة على فهم الحياة السياسية القائمة على آليات ومبادئ الديمقراطية المعاصرة التي تجعل للشعب مصدر السلطة الاختيار الحر المباشر، وإن خاض بعض التجارب مع المؤتمر الشعبي العام في مراحل محددة إلاّ أن خوضه لتلك التجارب كان من باب المراهنة والمراوغة ولم يعبر عن القناعة والاعتقاد بأن وسائل وآليات العمل الديمقراطي هي الأدوات الحضارية والانسانية التي تحقق الخير للناس كافة، والسبب يكمن في أن تلك المكونات لا تعمل على ترسيخ وسائل وآليات العمل الديمقراطي في اطار مكوناتها القيادية والقاعدية بسبب أن القناعة سبقت العمل، لأن القناعة قائمة على الغواية الفكرية وانحراف في منهج التفكير فإن نتائج أي عمل ستكون مضرة بالشعب دائماً.
لقد لاحظ المحللون والمفكرون الدستوريون دارسو النظم السياسية المعاصرة أن ذلك التكتل لم يؤمن بالمؤسسات الدستورية، وقد ظهرت هذه الحالة بشكل واضح عقب الانتخابات النيابية 2003م ثم خاضت مكونات اللقاء المشترك الانتخابات التنافسية الرئاسية في 2006م خارج القناعات الفكرية المسبقة لتلك المكونات ولكنها وجدت قاسماً مشتركاً يجمعها من خلال المساعي التي بذلت من أجل تشكيل كيانات غير دستورية وجعل بعض العناصر المتذمرة من اعضاء المؤتمر الشعبي العام على رأسها وإحكام السيطرة عليها، والهدف الذي كان بارزاً هو الاعداد النهائي للانقلاب على الشرعية الدستورية واعطاء صورة مغايرة للعالم الخارجي تظهر من خلاله تلك القوى السياسية أنها تؤمن بالشراكة واخفاء الصورة الواقعية لقناعات تلك القوى، وقد نجح هذا الاسلوب الماكر الى حدٍ كبير في كسب التأييد الخارجي تحت مسمى الشراكة وتمكن اللقاء المشترك من اخفاء حقيقة عدم ايمانه بحق الشعب في الاختيار الحر مستقوياً بالقوى الاقليمية والدولية الحاقدة على وحدة الأرض والانسان والدولة اليمنية، فحدث ما حدث من الفجور في 2011م ولعل المجتمع الدولي كان ينتظر من ذلك التكتل الاحتكام للديمقراطية عقب تسليم السلطة من المؤتمر الشعبي العام بذلك الاسلوب الذي أصر عليه المؤتمر الذي أرسى تقاليد الديمقراطية وقبل به اللقاء المشترك ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟
لقد انكشف الغطاء وبانت عورة اللقاء المشترك التي كنا نحذر منها، فقد سعى في مؤتمر الحوار الوطني من أجل اقصاء القوى السياسية واختلفت كل مكوناته السياسة وتقاتلت بعنف لا مثيل له، ثم حاولت تلك المكونات الانتقام من بعضها البعض وعملت على تصفيات حساباتها بذلك الاسلوب الغوغائي الذي أهلك البلاد والعباد وحاولت كل قوة من قوى التكتل الاستقواء بالخارج ضد بعضها البعض ومارست كل الوسائل غير الشرعية ولكنهم فشلوا جميعاً فعادوا اليوم من جديد الى سياسة الكيانات غير الشرعية وطرح الشروط التعجيزية بهدف الوقوف ضد الشعب ومنع حقه في الاختيار الحر المباشر من خلال صناديق الاقتراع.
إننا نكرر الدعوة لهذا التكتل المتناحر الى ضرورة الاحتكام للعقل والكف عن الغواية الفكرية والالتزام المطلق بآليات ومبادئ العمل الديمقراطي والاستفادة من تجارب الحياة السياسية وعدم الوقوف عند العقول الجامدة والانطلاق نحو دستور يحقق للشعب حق الاختيار الحر المباشر والكف عن الاعتقاد بالجاهلية العمياء والعمل على إحياء مبادئ التسامح والتصالح من أجل المساهمة في اعادة إعمار اليمن الواحد والموحد والقادر والمقتدر بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42016.htm