احمد الحسني ، نبيل عبدالرب - لم يكن توقيت نشر البرنامج الانتخابي لمرشح المشترك المهندس فيصل بن شملان إلا أيسر مخالفة قانونية فالبرنامج بحد ذاته مجموعة معضلات دستورية وقانونية تجاوز فيه المرشح صلاحيات رئيس الجمهورية..والغى المؤسسات الدستورية الأخرى بجملة وعود تناقضت حتى مع البرنامج نفسه ولم يلتزم فيها حتى بمبادرة المشترك للإصلاح السياسي والاقتصادي الذي يفترض أن يكون البرنامج تفصيلا لمجملها أو ترجمة انتخابية لها على حد وصف المشترك وفي قراءة سريعة للبرنامج نجد أنه يمكن تقسيمه إلى : أولاً: وعود والتزامات اشتمل عليها البرنامج ولا يمكن للمرشح تحقيقها لتناقضها مع الدستور والقوانين النافذة وتجاوزها صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في المادة (119) من دستور الجمهورية اليمنية ومنها: أ) في أولوية الإصلاح السياسي الذي جعله المرشح بن شملان مرتكزاً لبقية محاور البرنامج التي لن يتحقق منها شيء بدونه وعد البرنامج بـ: 1- تطوير التنظيم الدستوري لسلطات الدولة من خلال الأخذ بنظام المجلسين: النواب والشورى، في تكوين السلطة التشريعية، من خلال انتخابات حرة ونزيهة وتحديد مدة مجلس النواب بأربع سنوات ومدة رئيس الجمهورية بخمس سنوات وإصلاح النظام الانتخابي من خلال الأخذ بنظام القائمة النسبية وتخويل السلطة التشريعية صلاحيات الإقرار والتعديل للموازنة العامة للدولة وتبعية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لمجلس النواب، وتقييد نفاذ قرارات التعيينات التي تتخذها الحكومة لمحافظ البنك المركزي والسفراء وكبار المسئولين المدنيين والعسكريين بموافقة مجلس الشورى المنتخب، وكل ذلك مخالفة صريحة لأحكام المواد (62، 65، 79، 85، 68، 88، 89، 105، 112، 119، 120، 125، 126، 127، 129، 132، 137، 138) من دستور الجمهورية اليمنية. 2-إصلاح وتطوير السلطة المحلية باعتماد مبدأ الانتخابات لمحافظي المحافظات ومديري المديريات، وهذا يتعارض مع المواد (145، 146) من الدستور. 3-إصلاح السياسات الاقتصادية وإعادة النظر من وضعية وتبعية البنك المركزي للسلطة التنفيذية، ووفق أحكام المادة (11، 119) من الدستور.. هذه على سبيل المثال الوعود التي تضمنها المحور الأول من البرنامج ويحتاج تنفيذها إلى تعديل إحدى وعشرين مادة من البابين الأول والثاني من دستور الجمهورية يجب أن يكون لدى مرشح المشترك ثلاثة أرباع مقاعد مجلس النواب توافق على تعديلها وعرضها على الشعب للاستفتاء العام بحسب المادة (156) من الدستور الذي يعني تعهد مرشح المشترك الالتزام به عدم تنفيذ شيء مما تضمنه هذا المحور وبالتالي كل ما تضمنه البرنامج بحسب تأكيده على أن بقية البرنامج مبني على هذا المحور؛ بالإضافة إلى مجموعة القوانين التي يجب صدورها لتنفيذ الوعود الأخرى التي اشتمل عليها البرنامج والتي يجب أن تكون لدى مرشح المشترك غالبية في مجلس النواب تصادق عليها وتقر الموازنة التي تستوعبها قبل أن يدرجها في برنامج انتخابي وهمي. ثانياً: ما اشتمل عليه البرنامج من العمل على إصدار تشريع خاص بالتداول السلمي للسلطة ينظم إجراءات نقل السلطة بطرق سلسة وآمنة وفقاً لنتائج الانتخابات واستقلال السلطة القضائية وإلغاء المحاكم الاستئنافية وربط النيابة العامة بالقضاء وتحقيق الفرص المتكافئة أمام كل المواطنين وحماية الحريات والحقوق العامة، واعتبار السجون غير القانونية، ومنع الحبس الإداري وإلغاء نظام الرهائن ومنع تسخير الوظيفة العامة وحياديتها وحظر ممارسة الأعمال الخاصة على شاغلي الوظائف العليا والاهتمام بالتعليم والصحة والشباب وحيادية المؤسسة العسكرية والحفاظ على الهوية الوطنية وغيرها من الإطلاقات والمسلمات التي وردت في البرنامج، فتلك حقوق والتزامات نصت عليها مواد الدستور والقوانين النافذة كجزء من العقد الاجتماعي ونظام الحكم وليست برنامجاً خاصاً بمرشح ، وإنما التزام دستوري وقانوني على كل مواطن ولا يعني ورودها في برنامج مرشح المشترك غير افتئات على دستور البلد وليس البرنامج الانتخابي لمرشح هو الضمان وإنما الدستور ما لم يكن مرشح المشترك يقدم لنا برنامجاً كضمان حقوق أعلى من الدستور والقانون. ثالثاً: الوعود الخيالية التي لا تستقيم مع الواقع ولا تشكل في مجموعها غير تأكيد على التزام المرشح بتنفيذ برنامجه ومنها على سبيل المثال: 1- تحقيق اقتصاد عربي إسلامي أو على الأقل إنشاء سوق عربية مشتركة بأسرع وقت ممكن.. وهذا الوعد لا يحتاج إلى تعليق. 2-(تنمية الموارد وتنويع مصادر الدخل القومي بما يحقق زيادة الإنتاج وعدالة التوزيع ومحو الفقر والبطالة)، ومحو الفقر والبطالة محال عجزت عن تحقيقه مجموعة الدول الثمان الكبرى في العالم، كما أن عدالة التوزيع مسألة لا تستقيم مع الاقتصاد الحر والمجتمع الرأسمالي. 3- تخفيض 30% من ضرائب الدخل على الأفراد وفي نفس الوقت زيادة المرتبات والأجور والبدلات لموظفي الدولة والمدنيين والعسكريين إلى غير ذلك ما اشتمل عليه البرنامج من زيادات في النفقات الجارية. 4-القضاء على الفقر والجوع وإصلاح الجامعة العربية وتنظيم المؤتمر الإسلامي وتحقيق الوحدة العربية الفيدرالية بوسائل ديمقراطية.. إلى غير ذلك من الوعود التي تؤكد عبثية البرنامج وتجعل أي متعهد بتنفيذه ناكثاً والثقة مستحيلة.. رابعاً: تناقض البرنامج مع نفسه ومع مشروع المشترك للإصلاح السياسي والاقتصادي الذي يفترض بأن يكون تفصيلاً لمجملها ومن أمثلة ذلك: 1-الحديث عن الفصل بين السلطات وفي نفس الوقت إعطاء مجلس النواب صلاحيات تنفيذية كتعديل الموازنة العامة وتنفيذ قرارات التعيينات التي تتخذها الحكومة لمحافظ البنك المركزي والمسئولين العسكريين والمدنيين والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بمجلس النواب والتعهد بالالتزام بالدستور والقانون واطلاق برنامج مثل هذا مخالف للدستور والقانون. 2-من خلال نقاط أخرى وعد البرنامج تحت عنوان (تطوير التنظيم الدستوري لسلطات الدولة ) بتخفيض مدة الرئاسة من سبع سنوات إلى خمس، لكنه أغفل ذكر أن يكون من حق الرئيس تولي المنصب لدورتين فقط ، كما حدد الدستور وجاء حتى في ما أسمته أحزاب المشترك بـ( مبادرة الإصلاح السياسي والوطني) التي قالت إن برنامج مرشحها بن شملان سيكون ترجمة انتخابية لها، وإذ وعدت المبادرة بالانتقال مباشرة للنظام البرلماني بنفس العنوان ( تطوير التنظيم الدستوري لسلطات الدولة) فقد حرص البرنامج على ذكر النظام البرلماني ( المتدرج) وكذا أهمل هذا الأخير موضوع إصلاح الإدارة الانتخابية وحياديتها واستقلالها الوارد في المبادرة. وفي مجال إصلاح السلطة القضائية لم يشر البرنامج لما اشتملت عليه المبادرة بخصوص تشكيل مجلس القضاء الأعلى من قبل مجلس شورى منتخب، بناء على ترشيح من الجمعية العمومية للقضاة. وفي ظل غرق برنامج بن شملان في تفكيك مبادرة المشترك لبنود أغفل من ناحية إصلاح الإدارة ومحاربة الفساد تفصيل المبادرة للمحرمات على ( رئيس الجمهورية) ونائبه، ورئيس الوزراء ونوابه، والوزراء، ومن في حكمهم أثناء تحملهم المسئولية بشأن مزاولة أي عمل تجاري، أو مالي أو صناعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو شراء، أو استئجار شيء من أموال الدولة، ولو بطريقة المزاد العلني، او تأجيرها، أو بيعها شيئا من أموالهم أو المقايضة عليها، أو الإسهام في التزامات تعقدها الحكومة، أو المؤسسات العامة، أو الجمع بين مناصبهم والعضوية في مجلس إدارة أي شركة، حد المبادرة، وقلب البرنامج لهذه الفقرة ( ظهر المجن). المؤتمر نت |