الميثاق نت -

السبت, 28-فبراير-2015
محمد علي عناش -
خمس سنوات مضت منذ العام 2011م عام النكبة العربية حتى اليوم، ونحن مانزال نشاهد على الواقع احداث الفيلم العربي التراجيدي المعنون بـ«ثورات الربيع العربي» ونعيش اجواءه المؤلمة والموبوءة بكل حواسنا ومداركنا.. وبقدر ما تحمله مشاهد هذا الفيلم من فجائع ومآسٍ وأحداث رعب يومية بقدرما أصبحت مشاهد مملة وعفنة، يحمل الفيلم أيضاً مخازٍ ومشاهد هزلية تثير التقيؤ أكثر من الضحك،
عندما تسمع من لايزال يتكلم عن الثورة السورية والثورة الليبية لبلدان تمزقت وشعوب أصبحت تمشي بعكاكيز، ومن لايزال يحتفل بذكرى النكبة كاحياء ذكرى 11فبراير المشؤوم في اليمن من احداث الفيلم المستمر والمتجدد، تحكي عن واقع عربي متخلف ومشين وتحولات عربية عصبوية كارثية، خارج المعقول والمنطق الانساني والديني والأخلاقي فوضى شاملة تتنقل من بلد عربي إلى آخر، وتتمدد كالعدوى والوباء، الذي لايصيب ويدمر الجسد فقط، وإنما أيضاً التفكير السوي والذائقة والقيم.
النتائج والمحصلة فظيعة ومخزية وفاتورة هذا الوباء واللوثة القطرية- السعودية- التركية التي داهمت المجتمعات العربية باهظة الكلفة إلاَّ ان الكثيرين لايزالون يحتفلون بالخيبات والنكبات، ويخلقون الأعذار والمبررات الواهية ويستمرون في تبليد الشعوب ويتجاهلون حقائق الواقع وتداعياته التي تخجل من لايزال يملك ذرة عقل وذرة ضمير..
أحد المثقفين اليمنيين من الذين مايزالون يمارسون التبليد ويعيشون في وهم الثورات وتناقضاتها وكوارثها، يعترف بكل الأخطاء والنتائج السيئة والخيبات والانكسارات التي حدثت منذ 2011م، إلاَّ انه يقول لا دخل لــ11 فبراير بكل ذلك وبكل ما حصل ويحصل، لادخل له بصدفة مجيء هادي وبكوارث التقاسم والحوار ومخرجاته، لا علاقة له بجمال بن عمر واهدافه وبالادارة السيئة للدولة خلال ثلاث سنوات عجاف.
إذا كان لا علاقة لــ11 فبراير المشؤوم بكل ما حدث ويحدث فمن له علاقة إذاً؟ وأين تكمن الاسباب؟ ولماذا لم يدافع الشباب عن ثورتهم ويصححوا مسارها اذا كانوا بالفعل هم روافعها وليس القوى الانتهازية والفاسدة والقيادات السياسية والحزبية الخائبة؟
هم لايريدون أن يبحثوا في الأسباب الحقيقية وان يتناولوا التفاصيل وعلاقتها بالخيبات كي يراجعوا أنفسهم ومواقفهم، فقط هم يتقوقعون داخل الشعارات والعموميات، وتكييف النتائج وفقاً للأهواء وإذا ظل التعامل مع الأحداث ونتائجها وفقاً لما تمليه الرغبات والأهداف- لا حقائق الواقع- هو اصرار على المضي في المسارات المنحرفة ومراكمة الاخطاء كما انه تزوير للتاريخ السياسي وطمس للتفاعلات الاجتماعية القاتلة المدمرة للشعور والتي تعتبر من أبرز ما تمخضت عنه ماتسمى ثورات الربيع العربي.
إن الثورات تقاس بالنتائج بما حققته من انجازات واهداف وما احدثته من تحولات في المسار السياسي والاجتماعي والاقتصادي أما الثورات التي تولد وتترهل وتتشوه في سنواتها الأولى ثم تموت وتترك ذكريات وآثار موحشة ومؤلمة في الذاكرة فهي ليست ثورة هي فوضى وانفجار اجتماعي غير واعٍ يلتقطه الانتهازيون والمرتزقة والقوى العصبوية والمتطرفة، هي ثورات لقيطة وجدت في الطريق لا هوية لها ولا قيادة واضحة ومتناغمة ولا أهداف ومشروع واضح، وأدوات حقيقية ولا روافع ثورية مدنية لها ثقل اجتماعي وسياسي كانت في البدء مجرد تفاعلات سياسية كان يمكن ان تفضي إلى واقع افضل ومسار سليم باتباع سياسة ومنهج الاصلاحات والمحافظة على الثوابت الوطنية، غير ان المتآمرين في الداخل والخارج والأبواق الاعلامية والقوى السياسية الانتهازية وفي مقدمتها الاخوان المسلمين، فخخوا فيها بمنطق ثوري متخلف وحولوها إلى وهم والى بالونات سرعان ما انفجرت في وجه الجميع وهانحن نشهد نتائجها وتداعياتها ليس في اليمن فقط بل وفي جميع بلدان وهم الربيع العربي، باستثناء تونس لانها لم تكن في تونس ثورة لقيطة وإنما ثورة شعب متكاملة ونتاج ايرادات واعية وتفاعلات سياسية وثقافية متناغمة ومتغلغلة على نطاق واسع في الوعي الجمعي التونسي، ثورة روافعها قوى سياسية وثقافية ونخبوية لا قوى عصبوية ومتطرفة.
وعليه فإن ثورة 11فبراير إذا لم تكن ثورة لقيطة فلماذا لم تدافع عن المشروع الديمقراطي للثورة ضد التمديد، ومشروعها الوحدوي ضد دعوات وحراك الانفصال والتمزق. ومشروعها التنموي ضد الفساد والتهميش ومشروع بناء الدولة الحديثة ضد التجنيد الحزبي من اخونة المؤسسات وتمزيق الجيش ومشروع الامن والاستقرار ضد الاغتيالات اليومية لخيرة رجال اليمن فلماذا إذاً الاحتفال بذكرى النكبة وممارسة التبلد السياسي والثقافي على الشعب اليمني، واجباره على الاحتفال بالألم والوهم والتحشيش الثوري، كان بامكان اليمنيين أن يتجاوزوا المآلات الكارثية ويصنعوا لحظة وطنية تاريخية بدءاً من مبادرة الزعيم علي عبدالله صالح في ملعب الثورة، ثم المبادرة الخليجية التي تم التلاعب بها وتكييفها لمزاج القوى السياسية الانتهازية وأهدافها في السيطرة على السلطة، ثم 21 فبراير 2012م الذي تم فيه تسليم السلطة سلمياً بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح والرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي هذا الحدث الذي مثل بارقة أمل لتجاوز الأزمة وترجمة طموحات التغيير، إلاَّ ان هادي كان عبئاً على المرحلة فلم يكن اليد الأمينة التي تسلمت دولة وجيشاً ووحدة وطن وسلطة متماسكة، وإنما انحاز لقوى التأزيم والقوى الانفصالية وتحول الى غطاء للفساد وأداة لتمزيق الجيش وتدمير الدولة ودعم الانفصال والابتزاز به لتمرير التمديد لسلطته.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42200.htm