السبت, 11-أغسطس-2007
الميثاق نت - بعد ان كان شاهد مالك من بين اول مسلمين ينتخبان في مجلس العموم البريطاني عام 2005، أصبح اليوم اول مسل الميثاق نت- متابعات -
بعد ان كان شاهد مالك من بين اول مسلمين ينتخبان في مجلس العموم البريطاني عام 2005، أصبح اليوم اول مسلم يتسلم منصباً وزارياً في حكومة بريطانية. وقد عين رئيس الوزراء غوردون براون مالك وزير دولة للتنمية الدولية في التشكيلة الحكومية الجديدة نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، ليتسلم ملفات عدة منها الشرق الاوسط واميركا اللاتينية وجنوب اسيا والصين وروسيا في وزارة التنمية الدولية التي تعتبر جزءا مهما في تنفيذ السياسة الخارجية البريطانية لدعم الدول النامية. ويتابع مالك القضايا السياسية في الدول الاسلامية والشرق الاوسط، مبدياً اهتماماً لافتاً في الاوضاع الفلسطينية. وفي حديث خاص، قال لـ«الشرق الأوسط» انه، كغيره من الذين اشرفوا على الانتخابات التشريعية الفلسطينية، يشعر بحزن شديد لما يجري في غزة، وان الذكرى الاربعين لاحتلال الاراضي الفلسطينية هذا العام يستدعي بذل جهود اضافية لمساعدة الفلسطينيين. واعتبر مالك ان اختيار مسلم لمنصب وزاري يثبت أن «بريطانيا مجتمع مبني على الجدارة والاستحقاق»، لكنه اصر بأن «عملي هو الذي سيثبت جدارتي». وشدد مالك، الذي يتحدر من عائلة باكستانية ذات دخل محدود: «تعييني يثبت للمسلمين وابناء الطبقة العاملة انه يمكن النجاح بناءً على الجدارة والاستحقاق في المجتمع البريطاني». ويذكر ان مالك اشتهر في بريطانيا عام 2001 عندما اندلعت اعمال الشغب في مدينة برلني شمال البلاد. فبينما خرج مالك يحاول تهدئة الحشود من الشباب الغاضب الذي كان يتحدر غالبيته من عائلات مسلمة، تعرضت الشرطة لمالك وضربته واعتقلته خطأ. واصبح بذلك يمثل صوت المسلمين في بريطانيا الذين يعتزون بانتمائهم الى المملكة المتحدة ويعملون ضد العنصرية، ولمع نجمه لكلامه المباشر ومعالجته لقضايا التسماح الديني والتعايش السلمي. واختار مالك زيارة اليمن في اول رحلة له منذ تسلمه منصبه، وانهى زيارة الى صنعاء الاسبوع الماضي حيث اطلع شخصياً على مشاريع الوزارة في اليمن. وقال انه شعر بأهمية كونه مسلماً اثناء الزيارة، موضحاً: «كان الترحيب بي قويا جداً، وتحدث عدد من المسؤولين اليمنيين على ان تعيين وزير مسلم يثبت عظمة بريطانيا». وأضاف: «عندما أزور العالم الاسلامي، يمكن للمسؤولين والشعب عامة التواصل معي ومن خلال الحكومة البريطانية، وهذا امر ايجابي جداً». وتابع: «هذا التواصل يمكن ان يلعب دوراً كبيراً بالنسبة للملكة المتحدة وخاصة لأنه يظهر افضل القيم البريطانية». واردف قائلاً: «لا يعني ذلك اننا معصمون عن الخطأ ولكن كمسلم لا توجد دولة افضل للعيش فيها من بريطانيا، ولا توجد دولة تمنح الحقوق والحريات للمسلمين مثلها». وتحدث مالك في اول حوار مع وسيلة اعلام عربية منذ تعيينه وزيراً، عن اليمن، مبدياً اعجابه بالبلد وجمال طبيعته، لكنه حذر من التحديات التي تواجهه. وقال: «انه بلد مثير وجميل، ولكنه يواجه تحديات مروعة، وغالبيتها تدور حول النمو السكاني، فيتوقع ان يتضاعف التعداد السكاني بحلول عام 2020، ليصبح 40 مليون نسمة». وأضاف: «67 في المئة من الشعب دون سن الـ24، و40 في المئة منهم عاطلون عن العمل. بالاضافة الى ذلك هناك شح في المياه، فـ90 في المئة من الناس في اليمن لا يحصلون على المياه الكافية، والاقتصاد يعتمد بدرجة كبيرة على مصادر النفط التي تتضاءل». ولفت ايضاً الى المخاوف من الارهاب في اليمن، مشيراً الى «عناصر القاعدة في اليمن وقتل 8 سواح اسبان وعدد من اليمنيين وان الهجمات الارهابية تثير القلق». وحذر مالك من عواقب هذه التحديات، قائلاً: «كل هذه مؤشرات على انه يمكن ان تسوء الاوضاع. واليمن بحاجة ماسة للدعم من المملكة المتحدة والدول العربية. نحن نعيش في عالم تعتمد الدول على بعضها البعض وعلى الدول العربية، اكثر من غيرها، ان تفهم انه في حال تراجعت الاوضاع في اليمن ستتأثر هي بالدرجة الاولى». واعتبر ان هناك دوراً مهماً للمملكة العربية السعودية في اليمن، قائلاً: «هناك حاجة كبيرة للعمالة في السعودية ودول خليجية اخرى. واليمن لديه بطالة عالية وهناك حاجة حقيقية للعمل، واذا كان هناك تعاون بين الطرفين يمكن ان تحل مشاكل عدة». وأضاف انه ينوي مخاطبة الدول الخليجية «لمعرفة افضل طريقة لدعم اليمن». ووقع مالك اتفاقا يتناول ترتيبات «الشراكة في التنمية» مدتها عشر سنوات مع حكومة اليمن تنص على نمو المساعدات المقدمة من المملكة المتحدة لليمن إلى 50 مليون جنيه إسترليني (100 مليون دولار) سنوياً بحلول عام 2010. ورداً على سؤال عما اذا كان الهاجس الامني هو الدافع لاهتمام بريطانيا باليمن، قال مالك: «اليمن افقر دولة في الشرق الاوسط، وهذا هو السبب الوحيد الذي تهتم المملكة المتحدة باليمن». وأضاف: «نريد ايضاً اعطاء رسالة (الى الارهابيين) بأن الامور تسير بشكل طبيعي، وان مقتل المدنيين الابرياء لن يوقف دعمنا لليمن». والتقى مالك اثناء زيارته بعدد من المسؤولين اليمنيين، على رأسهم الرئيس علي عبد الله صالح الذي وصفه بـ«الشخصية القوية». وبالاضافة الى اليمن والاردن، الدولتين العربيتين تحت الاشراف المباشر لمالك، يعمل وزير الدولة على المشاريع التنموية البريطانية في العراق وافغانستان وفلسطين. وشرح مالك ان بريطانيا خصصت 774 مليون جنيه استرليني منذ 2003 للعراق، وان 610 منها وزعت و488 صرفت من قبل وزارة التنمية الدولية. ولكنه لفت الى ان «العراق ليس دولة فقيرة، وانما التحدي هو كيف تصرف الاموال ونحن نحاول مساعدة العراق على الاستثمار في البنى التحتية». وكان رئيس الوزراء البريطاني براون أكد انه يريد دعم العراق اقتصادياً ليساعد على استقراره. وشدد مالك على هذا الجانب في التعامل مع الملف العراق، قائلاً: «نؤمن بأن الاستقرار الاقتصادي ضروري من اجل النمو البعيد الامد لأية دولة. ولكن العراق نموذج مختلف، اذ انه ثري ولكن العمل هو كيفية صرف هذه الاموال». وأضاف: «لا يمكن فصل التقديرات الاقتصادية عن التقديرات الامنية ويجب ان يكون هناك شعور بامان الاستثمار من اجل التقدم». وتابع: «هناك تحسن في بعض المجالات ولكن لا نسمع الى الاخبار السيئة ولا شك ان هناك حاجة للاستعجال في تحسين حياة الناس». وعن مشاكل الفساد في العراق، قال مالك: «الفساد يعتبر خطرا كبيرا بالنسبة الى اعادة الاعمار، وخاصة لأنه يقلل من الثقة في المؤسسات الجديدة في الدولة ويجب ان تكون هناك عزيمة لعدم تحمل الفساد». ولكنه اردف قائلاً: «المشاريع التي تمولها وزارتنا لا تعاني من هذه المشكلة لأن لدينا عمليات خاصة لمعرفة كيف تصرف هذه الاموال». واضاف: «علينا الاعتراف بأن الفساد هو تحد لكل دولة، ولكن الاوضاع تختلف من مكان الى اخر والعراق يواجه تحديا معينا». وقال مالك ان الحكومة البريطانية اقترحت بعض المبادرات للحكومة العراقية فيما يخص جنوب العراق الذي تتمركز فيه القوات البريطانية. وشرح ان من بين هذه المبادرات «تأسيس وكالة لدعم الاستثمارات في البصرة ونريد المساعدة في انشائها لكننا ما زلنا نناقش التفاصيل». وأضاف: «نريد تأسيس صندوق لمنح الشركات الصغيرة والمتوسطة القروض، بالاضافة الى اعادة اعمار المطار وربما انشاء منطقة تجارية حرة». وتوقع ان تنجز بعض هذه المبادرات في الخريف المقبل، مضيفاً: «نحن نفكر بالاقتصاد العراقي ولكن في نهاية المطاف الحكومة العراقية هي التي تقرر». وهناك قضايا سياسية عدة تشغل مالك، منها الانتخابات الفلسطينية التي فازت بها «حماس» والذي كان مالك من بين المراقبين الدوليين المشرفين عليها. وعن نتيجة هذه الانتخابات والمقاطعة الدولية لـ«حماس»، قال مالك: «بالنسبة للذين كانوا مثلي مراقبين للانتخابات، نشعر بأن قلوبنا تعتصر حزناً على ما وصلنا اليه اليوم، وخاصة بعد التفاؤل الذي شعرنا به في تلك الايام، حيث كانت نابلس اقرب الى حي نوتينغ هيل (احد احياء لندن) وكانت هناك نسبة نساء اعلى من الرجال في الشوارع». واضاف: «هناك حاجة للاعتراف بأنه اذا كانت (حماس) تريد ان تعامل بجدية عليها ان تتحمل مسؤولياتها، وكان واضحاً لحماس ما كان متوقعاً منها وهو احترام شروط الرباعية الدولية» ـ أي نبذ العنف والاعتراف باسرائيل واحترام معاهدات السلام السابقة. وتابع: «مصير حماس بين ايدي مسؤوليها ومع الاسف هذه فرصة اخرى ضاعت في منطقة عانت من الفرص الضائعة كثيراً». واكد مالك ان الحكومة البريطانية تعتزم مساعدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) ومحاولة «تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين الذين يدخلون عامهم الاربعين من المعاناة، ويجب ان نبذل جهودا اكبر هذا العام للحد من معاناتهم». وعن سياسة دعم محمود عباس وعزل «حماس» مما قد يؤدي الى عزل غزة، قال مالك: «ابو مازن قال انه متعهد للعمل من اجل كل الفلسطينيين، وعلينا البحث عن طرق تمنع من تدهور الاوضاع في غزة». وشدد مالك على ان «المساعدات المادية البريطانية لغزة لم تنخفض منذ انتخاب حماس وقد زادت من الاتحاد الاوروبي، ولكن العرقلة الاساسية هي من الحكومة الاسرائيلية». واضاف: «انهم لا يعطون الفلسطينيين اموال الجمارك وندعوهم لاعادة الـ800 مليون دولار الذي في حوزتهم، كما ان الحواجز ومنع الحركة من قبل الاسرائيليين تعني ان العمل مستحيل هناك». وعما اذ اكان يرى أن السياسة الخارجية البريطانية قد ادت الى دفع البعض للمجموعات المتطرفة وزادت من التهديد الارهابي، قال مالك: «هناك مجالات معينة في السياسة الخارجية تثير الغضب لدى البعض». وأضاف: «وبينما قدنا العالم في كوسوفو لانقاذ الابرياء، لا ينظر العالم الى العراق بنفس الطريقة». ولكنه لفت الى ان «الغضب لا يبرر الحاق الضرر بشعرة من رأس أي بريء والارهاب ليس بسبب الغضب بل بسبب تفسير خاطئ للاسلام». واضاف: «ديني الاسلامي يقول لي ان هؤلاء (الارهابيين) لن يذهبوا الى الجنة ودور المسلمين هو الحديث ضد هذه الجرائم، فهؤلاء ليسوا اصدقاء المسلمين». ورداً على سؤال حول خطط وزارة التنمية الدولية البريطانية للسنوات المقبلة، قال: «نريد توقيع اكبر عدد ممكن من الاتفاقات البعيدة المدى من اجل مساعدة استقرار المناطق التي تحتاج الى دعمنا». وأضاف: «من المهم ان يكون لدى المستثمر الثقة الكافية للاستثمار في بلد معين حتى يصبح قادراً على مساعدة نفسه». ولدى مالك خطط كبيرة يريد تنفيذها من خلال منصبه، على رأسها توعية الشعب البريطاني وجعله يشعر بمسؤوليته للشعوب المحتاجة. وشرح خططه قائلاً: «ارغب بتوعية الشعب البريطاني وتعريفه بعملنا وانوي زيارة مناطق عدة بريطانية لشرح ذلك واعطاء الناس فرصة للمساهمة». واضاف: «نريد ربط كل مدرسة في بريطانيا مع مدارس في الدول النامية ليتعلم الاطفال والشباب ان لدينا مسؤوليات خارج اراضينا، فنحن رابع اثرى دولة في العالم ومع مثل هذا الامتياز هناك مسؤوليات وآمل ان يصبح ابناء الجيل الجديد مواطنين صالحين ليس فقط لبريطانيا بل للعالم كله». صحيفة الشرق الاوسط
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 01:40 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4227.htm