الميثاق نت -

الإثنين, 09-مارس-2015
حاوره: فيصل الحزمي -
< وصف الوضع السياسي الراهن لليمن بالمعقد والخطير جداً، وشدد على ضرورة تغليب مصلحة الوطن وتنازل جميع الأطراف بجزء من مطالبها ومواقفها لصالح البلد للوصول إلى حل وسط ينقذ اليمن من هذا الوضع المعقد.
ودعا الدكتور صالح باصرة -وزير التعليم العالي الاسبق المكونات السياسية إلى دراسة ما يحدث اليوم في سوريا وليبيا وأن يحكموا العقل ويتقوا الله في هذا الشعب الذي صبر على هذه المحنة كثيراً. وبيّن باصرة أن العاصمة السياسية لم تنتقل إلى عدن ولا يمكن نقلها في هذه الظروف، لأن نقلها يحتاج إلى مؤسسة شرعية، وما حدث أن رئيس الجمهورية نقل مقر إقامته إلى عدن.
وتطرق استاذ التاريخ وعضو مؤتمر الحوار الوطني.. إلى العديد من القضايا أبرزها القضية الجنوبية وخطر ارتهان الأحزاب للخارج والحوار الجاري بين المكونات السياسية في «موفنبيك» وموقف المجتمع الدولي تجاه ما يحصل في اليمن.. إلى نص الحـوار:

> نرحب بكم دكتور صالح.. ونود أن نعرف قراءتك للمشهد السياسي الراهن كسياسي ورجل تاريخ؟
- الوضع السياسي الراهن معقد ولابد من تنازل جميع الأطراف السياسية للوصول الى حل وسط ينقذ البلاد من هذا الوضع المعقد، لأن هذا الوضع الصعب إذا لم يتم الوصول الى حل سياسي واتفاق تجمع عليه كل المكونات السياسية وغير السياسية، فإننا سنذهب الى خيار خطير جداً وهو الحرب، وبالتالي خيار الحرب لن يفيد أحداً وسيدمر البلاد وحتى لو حدث ذلك، فإننا في نهاية المطاف سنعود للحوار، لذا من الأفضل أن نتحاور قبل أن ندخل في حرب ودوامة.. وصراع سياسي..
الشيء الآخر أن الأوضاع الاقتصادية للبلد صعبة جداً، وهذه كلها عوامل تشعل الصراع، ولهذا مطلوب الوصول إلى حل سياسي لأن بعض القوى السياسية لا تشعر بمعاناة الناس، حيث ارتفعت نسبة الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق، والموارد الاقتصادية أصبحت شحيحة والتنمية توقفت.. هذه كلها إلى جانب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في كثير من المحافظات، ستخلق نوعاً من التوتر والقلق لدى الناس، لذا يجب على القوى السياسية أن تغلب مصلحة الوطن قبل مصلحة أحزابها وقبل مصالحها الشخصية إذا أرادوا الذهاب الى حل، كما أن عليهم أن يدرسوا التجارب التي حولنا ومنها التجربة السورية والجميع يعلم أن سوريا تدمرت وكانت بلداً جميلاً وعندها اكتفاء ذاتي، أيضاً علينا أن ننظر إلى ما يحدث اليوم في ليبيا وكيف تدمرت وهي من الدول العربية الكبيرة المصدرة للنفط، وكذلك العراق والصومال برغم وجود نوع من الاستقرار في العراق الاَّ أنه مازال يعاني من الماضي واللاجئون الصوماليون مازالوا يتوافدون الى اليمن رغم ظروف هذه الأزمة.. أتمنى من السياسيين والمكونات غير السياسية أن يحكموا العقل ويتقوا الله في شعبهم الذي صبر على هذه المحنة كثيراً.. وعليهم أن يتوصلوا الى اتفاق سياسي يؤدي في الأخير الى الوصول الى دستور تتفق عليه وترضى به معظم فئات الشعب ويطرح على الشعب للاستفتاء ومن ثم اجراء انتخابات نيابية ورئاسية وتشكيل حكومة وفقاً لما سيقرره الدستور، ويكون الحكم هو الصندوق وليس الاتفاق السياسي وبالتالي نخرج الى دولة شرعية وليس أن نبقى في المراحل الانتقالية.
التاريخ لا يكرر نفسه
> باعتباركم استاذ التاريخ اليمني.. هل ما يحدث اليوم في اليمن له مماثل في التاريخ القديم- بمعنى التاريخ يكرر نفسه؟
- التاريخ لا يكرر نفسه ولكن أحياناً تتشابه الأحداث.. يعني مثلاً في التاريخ القديم دولة سبأ تمكنت من توحيد اليمن ولكن عندما ضعفت دولة سبأ بسبب الصراعات بدأت بالتفكك وانهيار سد مأرب هو نتيجة اهمال التنمية والانشغال بالصراعات، وعندما تفتت اليمن جاء المستعمر والاحتلال الخارجي وهذا نموذج طبعاً كان هناك صراعات في الجنوب والشمال في التاريخ الحديث والمعاصر ولكنها كانت صراعات قصيرة المدى ويتم حلها سريعاً رغم أنه يسقط ضحايا ولكن اليوم الصراعات أصبحت طويلة جداً ومرهقة للشعب.
مرة أخرى أقول وأشدد على ضرورة الوصول الى اتفاق وهذا لن يتم إلاَّ إذا تنازل كل طرف لصالح الوطن بجزء من مواقفه ومطالبه.
صنعاء هي العاصمة
> بصراحة يا دكتور.. بعد مغادرة الرئيس المستقيل هادي إلى عدن واستنساخ عاصمة هناك، ماهي التداعيات المترتبة على ذلك.. وهل الوحدة في خطر؟
- الوحدة اليمنية في كل الأحوال في خطر سواء نزل الرئيس هادي الى عدن أو بقي في صنعاء، لأن اليمن لن تنقسم إلى دولتين بل إلى عدة دول.. وحتى الآن لا يعني أن العاصمة السياسية انتقلت إلى عدن وما حدث أن رئيس الجمهورية نقل مقر إقامته الى عدن ولكن ستظل العاصمة هي صنعاء، لأن فيها مؤسسات الدولة بكاملها ونقل أية عاصمة لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة، كما أن نقل العاصمة يحتاج الى مؤسسة شرعية ونقل مؤسسات ضخمة وهذا غير ممكن، وهنا يمكن القول إن الرئيس نقل مقر إقامته من صنعاء الى عدن، وبالتالي أصبح يدير أمور الدولة كرئيس للجمهورية وليس كمؤسسات حكومية وحتى هذه الإدارة تحتاج الى توافق سياسي، وإذا لم يتم التوافق السياسي لن تنفذ القرارات وقد تنفذ من طرف وترفض من الآخر، وهذا وضع شاذ ولو كان في الظروف الطبيعية انتقل الرئيس من محافظة الى أخرى، فإن بإمكانه أن يدير الدولة من أية مدينة من المدن وكان الرئيس السابق علي عبدالله صالح ينتقل الى عدن ويدير الدولة من هناك بكل سلام ولكن في ظروف طبيعية.. نتمنى أن تنتهي الظروف غير الطبيعية التي تمر بها اليمن هذه الأيام وتبقى عدن عاصمة اقتصادية فعلاً وليس كلاماً لأنه أي انتقال سياسي لا يتبعه خارطة طريق لحل المشاكل الاخرى، فذلك يعني العودة من جديد الى الصراع، وأتمنى أن الجميع يتفق على وجود ثلاث مرجعيات لهذا الاتفاق المرجعية الأولى المبادرة الخليجية والمرجعية الثانية مخرجات مؤتمر الحوار بغض النظر عن خلافاتنا حول بعض ما ورد فيه، والمرجعية الثالثة اتفاق السلم والشراكة، ولا يمكن أن تنفصل مرجعية عن الأخرى كلها مرجعيات يجب أن يكون أي اتفاق قادم على ضوئها، كما يجب وضع خارطة طريق لتنفيذ ما يمكن تنفيذه منها والباقي يوضع له جدول زمني، لأن تنفيذ كافة بنود الاتفاقيات الثلاث يحتاج الى عشر سنوات وأكثر.. لذا يجب تنفيذ ما يمكن تنفيذه مع معالجة أهم قضية الآن وهي موضوع المجلس الوطني الهيئة السياسية العليا للبلد والحكومة والدستور بعد تعديله وكيف سيتم المصادقة على الدستور لإخراجه للاستفتاء عليه هل عبر الهيئة الوطنية أو عبر مجلس وطني مكون من وحدتين، وفي الأخير هو الوصول الى الاستفتاء والانتخابات، وما نستطيع أن نحله الآن من قضايا اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية يمكن أن تحل عندما تتأسس الدولة بمؤسساتها الشرعية وأي شيء يجب أن يحل قبل إجراء الانتخابات يجب أن نفعل لها خارطة طريق.
ركبوا الثورة
> برأيكم منذ عام 2011م ما التاريخ الذي سيكتب عن اليمن في هذه الحقبة هل ثورة أم هبة أم هوجة أم أزمة أم ماذا يا دكتور؟
- الشباب كانوا ينشدون التغيير ولكنهم وصلوا الى ما هو أسوأ من التغيير لأن من قاد هؤلاء لم يكونوا ينشدون التغيير بقدر ما كانوا يريدون أن يحلوا محل الطرف الآخر ولكن الشباب كانوا بريئين وكانوا ينشدون التغيير الذي يوفر لهم فرص عمل ودراسة أفضل والمشاركة السياسية ولكن للأسف هناك من ركب الثورة وسخرها لمصالحه.
تغليب الحكمة والعقل
> من خلال التجارب التاريخية التي وقفت عليها وأحطت بها علماً متى تنهار الأوطان؟.. وهل هناك مؤشرات لانهيار اليمن في ظل ما يجري؟
- البلد على حافة الانهيار ولهذا علينا أن نسرع في إنقاذ البلد.
> ما الذي ينقذ الأوطان في مثل هذه الظروف التي نمر بها اليوم في اليمن؟
- العقلاء من السياسيين وهم يمثلون مختلف المكونات مطلوب منهم اليوم تغليب الحكمة والعقل وليس التفكيك ولا الصراع على القنوات الإعلامية ولا إعطاء المشورات الخاطئة.. الوقت صعب وعصيب ومعادن الرجال دائماً تظهر في وقت الشدائد والأوقات الصعبة.
قبل أن ننزلق إلى الهاوية
> كيف تقيم الحوار الجاري بين المكونات السياسية ومواقف المجتمع الدولي تجاه ما يحصل في اليمن؟
- موقف المجتمع الدولي كان واضحاً في اتخاذ القرار الأول والثاني وموقف الخارجية الامريكية وكذا مجلس الوزراء في مجلس التعاون الخليجي كان واضحاً.. الكل يدعو الى الحوار وسرعة الوصول الى حلول توافقية.. الشيء الآخر علينا أن نعرف أننا إذا تحاربنا لن يحارب طرف ضد الطرف الآخر بل سنتحارب الى أن نصبح كلنا «ملحاً»، لذا لا أحد يعتقد أن الحل سيأتي من الخارج لكن ممكن الخارج وفق مصالحهم يدعموا بالمال أو بالسلاح ولكن الدم سيكون يمنياً، وعلينا أن نحرص على هذا الدم، هو الآن يسيل في أكثر من موقع ولأسباب مختلفة ولكنه عندما يسيل أكثر وتتكون ثارات أكبر حينها لن نتمكن حتى من معالجة آثار الحرب، لذا علينا قبل أن ننزلق الى الهاوية أن نحل مشاكلنا.
الحل في حوار جدي
> ما هي توقعاتكم لمستقبل القضية الجنوبية في ظل التداعيات الأخيرة؟
- القضية الجنوبية يمكن معالجة جزء منها وخاصة في القضايا الحقوقية ويمكن بعض الأشياء الاتفاق على تأجيلها ويجب أن لا يتم معالجة القضية الجنوبية من خلال مجموعة صغيرة يعتبرون أنفسهم أنهم يمثلون القضية الجنوبية، لابد أن تعالج في الاتفاق مع مكونات القضية الجنوبية بمختلف اتجاهاتها سواء كان الحراك السياسي السلمي أو منظمات ووحدات سياسية ومنظمات مجتمع مدني، ويجب أن نعرف أن القضية الجنوبية لا يمكن حلها من خلال عشرة أو عشرين نفراً دخلوا الحوار.. الحل يكون من خلال حوار جدي مع كل المكونات الجنوبية ويجب ألا تكون القضية الجنوبية هي المعطل لحل المشكلة السياسية بشكل عام.. هناك أشياء يمكن بالاتفاق تأجيلها وأهم شيء يجب تنفيذ موضوع أن البرلمان الأول يكون 50*50 على مستوى اليمن والحكومة أيضاً، وتكون الأربع السنوات الأولى للمرحلة لتأسيس الدولة الشرعية، كما يمكن معالجة باقي القضايا الجنوبية سواء القضايا الحقوقية أو السياسية.
نحتاج لمجلس رئاسي
> الحوار الذي يجري في «موفنبيك» اليوم يتجه نحو تشكيل مجلس رئاسي.. هل هذا الحل.. وهل سيكون ضماناً لتجاوز المرحلة أم أنه سيشكل مشكلة خاصة وأنه لم يتم الاتفاق على شخص واحد، فكيف سيكون الحال في ظل وجود خمسة رؤوس؟
- ربما نحن بحاجة فعلاً الى مجلس رئاسي سواء برئاسة الرئيس هادي أو رئاسة جديدة.. المهم أن تتفق عليه الأحزاب لأن المجلس الرئاسي سيمكن الكل من المشاركة في صنع القرار السياسي وخاصة الأطراف الرئيسية التي ستمثل بقية القوى السياسية، وبالتالي ستضمن المشاركة في القرار السياسي، وهي تجربة ليست جديدة على اليمن فقد حدثت في عهد الرئيس الارياني، وفي الجنوب في عهد سالم ربيع علي، وكذا في بداية الوحدة اليمنية.. المهم أن يدرك الجميع أننا نريد أن نخرج اليمن من الدوامة التي وقع فيها وأن يشارك الجميع دون إقصاء وأن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين ومع شعبنا ولا ندخل الى مجلس رئاسي ونكرر المكايدات التي حدثت في الحوار.
طبيعة اليمن
> ما خطورة التدخل الخارجي.. ولماذا بعض القوى السياسية ترهن نفسها للخارج؟
- أي تدخل خارجي وأي ارتهان للخارج لن يكسبه أي شيء، قد يكسب بعض الناس السلاح ولكنه لن يكسب حب شعبه ووقوفه الى جانبه، أما تدخل خارجي عسكري، استطيع أن أؤكد أنه لن يتورط أحد في اليمن ولا اعتقد أن أحداً يرغب التورط في اليمن، ولكن ممكن كقوى سياسية تحصل على دعم مالي أو تحصل على سلاح مع ذلك هذا لن يكسب أي حزب حب شعبه حتى لو انتصر في هذه الحروب والتجارب كثيرة، وعلينا أن نرجع للتاريخ وسنجد أن كل ما قدمه الخارج هو الدعم المادي، أما التدخل الخارجي اعتقد أن الجميع يعرف طبيعة اليمن وأنها منطقة صعبة وأنه سيدخل مغارة لن يخرج منها بسلام، ولهذا لا أتوقع أن أية دولة ترغب في ذلك والجيران لا أعتقد أنهم يرغبون بالتدخل، فهم يدركون أن أمن اليمن من أمنهم وأمنهم من أمن اليمن، وإذا كان عدد السكان في اليمن خمسة وعشرين مليوناً فإنه في حال حدوث حرب سينزح حوالى عشرة ملايين شخص إلى الجوار وسيشكلون مشكلة كبيرة لهم..
الشيء الآخر دائماً الجار يحب لجاره كل الخير ولا أعتقد عكس ذلك لأنه أي شر يصل إلى جاره سيمسي في داره وستصله نتائجه.. لذا علينا أن نحل مشاكلنا ولا نحمل الآخرين مسؤولية فشلنا.. كل ما يحدث لنا نحن سببه، ولهذا انصح الاخوة في المؤتمر الشعبي العام ومازلت عضواً فيه وأنصح الاخوة في أنصار الله والأخوة في الاصلاح، وأنصح الاخوة في الحراك أن علينا جميعاً الخروج بوفاق سياسي صادق وليس وفاقاً على طريقة من خازوق الى آخر أو من مخنق الى مخنق أكبر وأي قضايا لا نستطيع أن نحلها في المرحلة الانتقالية يتم تأجيلها إلى قيام الدولة الشرعية.
نتمنى هذا وأتمنى من الرئيس هادي أن يكون عاملاً مساعداً في وصول المتحاورين إلى اتفاق ولا يكون طرفاً في هذا الحوار السياسي بل راعياً ولو حتى من بعيد ويساهم في الدفع به والوصول إلى حل على مرجعياته الثلاث «المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة».
لعنة التاريخ
> كلمة أخيرة؟
- أدعو الجميع أن ينظروا إلى ما حل بسوريا وليبيا وإذا كانوا يريدون أن يتحول ابناؤهم ونساؤهم وأحفادهم الى لاجئين ومتسولين في دول الجوار عليهم أن يتمترسوا وراء مواقفهم، وأن يتحملوا لعنة التاريخ إلى يوم الدين.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42287.htm