مطهر الاشموري -
كنت من وبين رواد الصحافة الرياضية العربية الذين اختارهم الاتحاد العربي للتكريم في الرياض عام 2005م لقد كنت في هذه الرحلة كالمرافق للزميلين العزيزين المرحوم الأستاذ/عادل الاعسم والأستاذ/محمد سعيد سالم وكنت إلى جانبهما مدعوا أو معزوما طوال أيام وليالي السفر في منازل إخوة اعزاء من اليمن وحتى السفارة اليمنية.
وفي السفارة أو الجلسات المسائية الرمضانية فمحورية القضية الجنوبية هي الحاضرة وهي المطروحة ويصبح الوضع أكثر احراجاً حين ملامسته لانفصال وأكثر حين يطلب رأيي.
لقد كنت أقول لهم إذا استعمال ورقة الانفصال أو التلويح بها هو لإنهاء ظلم ومظالم واستعادة أو نيل حقوق فقد يصبح ذلك لصالح ومصلحة الواقع ككل أما حين الوصول افتراضا لغرض انفصال فإنني لا يمكن أن أكون إلا مع الوحدة في ظل أي وضع ومن أي وضع.
في السعودية لا يحق لأحد أن يتحدث عن السياسة بما يتقاطع بأي قدر مع رؤى وفلسفة النظام في الداخل ولا بما يمثل معارضة لأنظمة أخرى ولا يسمح بذلك لا للسودانيين ولا المصريين مثلا ومع ذلك لا أدري مدى تلقائية ما يحدث تجاه اليمن والوحدة اليمنية وفي احادية يمنيين وجلسات يمنية.
إذا مثل هذا الطرح والنقاش دار أمامي داخل السفارة فليس من داع ولا مبرر لربط ذلك بخيارات أو سياسات سعودية افتراضا.
قد يفلسفها البعض ليحمل المسؤلية السفير أو السفارة ولكنني أجزم أن النظام في صنعاء إن لم يكن مع ذلك ويريده فهو ليس مع قمع أو منع نقاش حتى داخل السفارة، سيما وأنه لم يعد يطرح أو يناقش في اليمن في مجرد انتقاءات وتجمعات للناس بل يطرح في الصحف ووسائل الإعلام كديموقراطية ورأي ورأي آخر...الخ.
إذا المحطات الفضائية في المنطقة جاءت فيما بعد غزو وتحرير الكويت فإنه باستثناءات تصبح الأهم كما غزو أفغانستان والعراق فاليمن هو أهم ساحة للإثارة والتثوير كمادة وأحداث للفضائيات بل إنه لا يحس بأن مجلس التعاون للدول الخليجية (حمش) كما يقول الإخوان المصريون.. إلا في التعامل مع اليمن وقراراته تجاه اليمن أزمات مابعد الوحدة مرورا بمحطة 1994م.
إذا القضاء والمقدر جعل خيار اليمن أن تمتص وتحتوي وتتحمل كل حملات استهدافها خليجيا وعربيا فمن باب أولى أن يتعامل مع ذلك في الداخل في إطار الرأي والرأي الآخر وهذا ما عشته وعايشته في الرياض وجدة في ليالي رمضانية هي يمنية أكثر من افتراض يمننتها سعوديا.
كل محافظات الجنوب مثلما كل محافظات الشمال كانت تشكو ظلم النظام قبل الوحدة ولو أن سلطنة من السلطنات التي وحدها الاشتراكي تحس أن بمقدورها العودة للانفصال ولذلك أرضية أو قدرات نجاح لسارت في ذلك ولكن مشروع انفصال إقليمي كان لحضرموت وكان الهدف الأساسي للتصعيد إقليميا إلى حرب 1994م ولتلك الحرب.
هذا المشروع كان وراء التصعيد لتلك الحرب وهو هدفها فإنه لم يكن يستطاع طرح الانفصال في الحوارات السياسية وارضيته السياسية في الحوارات هي المخاليف أي تقسيم اليمن إلى سبعة مخاليف أو سبع دويلات.
هناك إرادة إقليمية متبنية وداعمة لتمزيق اليمن بانفصال أو تفصيل وقد نجد استجابات لذلك إذا بات ذلك ممكنا في ظل انخفاض سقف القمع للنظام وانعدامه.
إذا النظام السعودي حديث التأسيس وعمره قرن مثلا فالمناطق التي يحكمها كانت شعوبا كما نجد والحجاز ويكذب بما يستحيل تصديقه من يقول بأن هذه المناطق لو كانت تريد استقلالية لسارت في ذلك وتحقق ولكنها لا تريد.
ففي الوقت الذي كان فيه جنوب السودان يحمل السلاح ويقاتل من أجل الاستقلالية كان النظام في عدن يحارب من أجل توحيد اليمن شيوعيا بالقوة كما فيتنام.
جنوب السودان بعد عقود من القتال دخل الوحدة كمدخل لحق تقرير المصير كفترة انتقالية فيما الوحدة اليمنية تحققت سلميا وديموقراطيا وباستفتاء كامل الشعب اليمني وهذا الخلط في الفهم والمفاهيم بين حالة واخرى هو معطى من تفعيل اليمن كحديقة خلفية وفي إطار تطوير هذا الاستعمال.
الوحدة اليمنية باتت حق للشعب اليمني وللاجيال كاستحقاق مصيري فوق هذا المسخ المفضوح والاستنساخات الغربية والمريبة في تخريجات شرعية ومشروعية.
إن ما حدث منذ 2011م لم يؤكد غير هذا النسخ والاستنساخ المرتبط بمشاريع إقليمية في اليمن توظف أرضية أي صراعات وما هو معروف في صراعات الحكم والصراعات على الحكم ومن ذلك وفي ظله كنتائج ومعطيات فالوحدة اليمنية باتت أقوى ولم تعد في خطر ولن تكون والزمن بيننا.