اقبال علي عبدالله -
كل من ينظر إلى مدينة عدن الساحرة أو يعيش فيها حتى وإن كان زائراً.. سيدرك الوضع الخطير الذي يتفاقم يوماً بعد يوم مما يوحي بالفترة الخطيرة التي عشناها عام 1994م والجميع يتذكر هذه الفترة وماذا كانت نتائجها المدمرة التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا.. المشهد اليوم في غاية الخطورة والأوضاع تزداد تردياً والناس في هذه المدينة على وشك الانفجار من سوء الحياة المعيشية والخدمية بل كل مناحي الحياة.. المشهد يذكرنا بعام 1994م عندما فقدنا منطق الحوار ولجأنا إلى السلاح وكانت النتيجة حرباً ودماراً وهروباً إلى خارج الوطن.. ولولا جملة القرارات الحكيمة التي اتخذها الزعيم علي عبدالله صالح- رئيس الجمهورية السابق- ومنها قرارات العفو العام والتسامح وإيقاف الحرب والعودة إلى الحوار بعيداً عن المناكفات والتعالي على الآخرين والاحتكام إلى المنطق الذي يقول إن الوطن ملك الجميع وفوق كل الاعتبارات..أقول لولا هذه القرارات التي اتخذها الزعيم علي عبدالله صالح لكانت رقعة الوطن أكثر تمزيقاً، كما يحدث اليوم ولكانت عدن التي نتباكى عليها الآن بفعل غباء السياسة أكثر مأساوية مما كانت عليه بعد حرب صيف 94م والتي استطاع الزعيم وقيادة المؤتمر الشعبي العام تجاوزها وإعادة النصاب إلى ما كان عليه.
أقول إن غبار صيف 1994م بدأ يخيم وينتشر في عدن ومنها المحافظات الجنوبية والشرقية، ولا أقول ذلك من فراغ خاصة وأن عدن أصبحت وباعتراف الجميع- وأقصد المواطنين- أحد مرتكزات مثلث الرعب.. وكما هو مشاهد انتشار ما تعرف باللجان الشعبية التي استقدمها الرئيس عبدربه منصور هادي الى شوارع عدن التي كانت في عهد الزعيم صالح تعيش في أمن واستقرار وأصبحت هذه المليشيات تتمترس في أسطح المنازل وتقوم بتوزيع الأسلحة المتنوعة على بعض المواطنين مثلما كان الأمر الذي سبق حرب صيف 1994م وفوق كل ذلك بدأ نزوح المواطنين من أبناء عدن إلى خارجها تخوفاً من المجهول.عدن اليوم تعيش وضعاً استثنائياً وأصبحت الخدمات العامة كالكهرباء والمياه تعود إلى الانقطاع والمواطنين يصرخون والرئيس المستقيل هادي متواجد في عدن يستقبل مشائخ وكبار المسؤولين في إقليم عدن- الذي لم يقر بعد- يستقبلهم ويغذي فيهم روح الانفصال مثلما عمل الرئيس الهارب خارج الوطن علي سالم البيض ومن هذه التغذية اندلعت حرب صيف 1994م.. ونتذكرها اليوم بالمشاهد التي تتراءى أمام أعيننا.. كل شيء في عدن تحديداً يشير إلى ذلك حتى أجواء طبول الحرب -لا سمح الله- بدأت تدق ويسمعها المواطنون صباحاً ومساءً حتى يفاجأوا بالحرب ذات صباح.. أجواء وغبار حرب صيف 1994م تخيم وتنتشر في سماء عدن ونحن لا نملك فعل شيء وكأننا فقط ننتظر مصيرنا المجهول..
مسكينة عدن والناس العائشون وحتى الزائرين لها.. مسكينة مدينة بدأت الطيور والعصافير تهرب منها وبدأ البحر يفقد بريقه والأسماك من جوفه تهرب.. مسكينة عدن التي لا تملك سوى انتظار عودة الروح إليها.. تنتظر فعلاً وقولاً من المؤتمر الشعبي العام العمل الجاد كما كان في الماضي..