اقبال علي عبدالله -
ما شهدته مدينة عدن العاصمة الاقتصادية والمحبة والسلام صباح ومساء الخميس الموافق 19 مارس الجاري من أعمال فوضوية ناتجة عن التعبئة الخاطئة من قبل بعض السياسيين الفارين إلى هذه المدينة . هذه الأعمال المتمثلة في الهجوم على بعض المعسكرات والمرافق الإستراتيجية الهامة كالمطار ، تجسد حقيقة لا تقبل الشك بأن هناك من يحاول إشعال الحرائق في عدن امتداداً لبقية المحافظات الجنوبية والشرقية وهي محاولة لإعادة ما حصل صيف عام 1994م من كارثة الحرب الأهلية التي كادت أن تأكل الأخضر واليابس لولا حكمة وحنكة الزعيم علي عبدالله صالح الذي استطاع من خلال جملة من القرارات أن يوقف تداعيات هذه الحرب الكارثية .. واليوم وللأسف نقولها ونشاهدها .
إن هذا السيناريو يعود من جديد تحت مسمى الانفصال بعد أكثر من عقدين من الزمن على إعادة وحدة الوطن في الثاني والعشرين من مايو 1990م .. السيناريو يتكرر ولكن هذه المرة بغباء سياسي وجهل مغذى بالتآمر الخارجي الذي استغل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والمواطنين خاصة بعد الأزمة المفتعلة عام 2011م.. أقول إن سيناريو اليوم يختلف في صوره وأشكال تنفيذه عن ما جرى صيف 1994م.. فها هي المعسكرات التي يحمي جنودها عدن والوطن يجري الاعتداء عليها بشكل عشوائي وتسلم الأسلحة للمواطنين دون معرفة نتائج وإفرازات هذه العملية وآثارها المستقبلية على الأمن والاستقرار.. أقول.. جاهل من يعتقد أن هذه الأعمال الفوضوية الممولة من الخارج سوف تحقق الانفصال وتعود الأوضاع كما كانت عليه قبل الوحدة المباركة وتعود أيضاً الهياكل الكرتونية الهاربة للحكم مرة أخرى مهما كانت النتائج.
أقول.. إن ما حدث في مدينة عدن يوم الخميس الدامي تمهيد لمخطط أكبر في تنفيذ مؤامرة إعادة تقسيم الوطن وفقاً للمصالح الخارجية وهو أمر يعني السكوت عليه مؤامرة داخلية .
عدن الآمنة التي لا تعرف غير السلام معنى لبقائها وتواجد الناس عليها .. شهدت استخدام كافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة منها، بل الكثير منها نهبت من معسكرات الجيش وتحديداً الأمن المركزي الذي رغم قوته الضاربة تمالك جنوده الصبر والحكمة وحرصوا على تجنيب عدن بداية انطلاق حرب أهلية.. نعرف تماماً من المستفيد الأول والأخير من تفجير تلك الأحداث المأساوية.. حتى الطيران أُستخدم وكأننا في معركة حقيقية ضد عدو حاول اقتحام عدن من جنون الفوضويين .. وشاهدنا البحر الذي هو ملجأ عدن هرباً يثور رافضاً ما تشهده عدن المحبة التي كما قلنا لا تعرف معنى آخر لها غير الأمن والمحبة والإخاء والسلام الاجتماعي.
عدن عاشت ونسأل الله وهو على كل شيء قدير أن لا تشهد ما شهدته الخميس وأن يكبر السياسيون ويعرفوا أن الوطن ملك الجميع وأن لغة السلاح والانقلابات لم تعد هي لغة عصرنا الراهن والحوار وحل المشاكل بالطرق السلمية وحده الكفيل بالوصول إلى نتائج إيجابية تؤمن سلامة واستقرار ووحدة الوطن.
نقول إن ما شهدته عدن كان سيدفع الوطن كله ثمنها في القريب العاجل... فالشرارة لا تولد إلاَّ النيران .. نيران تأكل الأخضر واليابس .. ويكفي منظر الأطفال والأسر وهم في حالة فزع والنيران تنهمر من فوق الرؤوس ولو عرفنا حقيقة أن الفاعلين ليسوا من أبناء عدن المسالمين لكانت المصيبة أعظم.. الفاعلون من خارج المدينة الذين عبروا بوحشية أفعالهم المريضة -بقتل الجنود الأبرياء ونهب المعسكرات وسرقة المنازل - عن حقدهم للحالة الأمنية المستقرة التي تعيشها عدن والأبناء فيها..فجاءوا منتقمين من هذه الحالة التي يفقتدونها في محافظاتهم ؟؟. جاءوا ليغتالوا البسمة ويسرقوا الفرحة وكل ذلك تحت مسمى الانفصال الذي لم ولن يتحقق لأن الوحدة إرادة شعب وليست قراراً سياسياً.