الإثنين, 23-مارس-2015
الميثاق نت -    عبدالرحمن مراد -
تشهد اليمن مقدمات دالة على نتائجها وتلك المقدمات التي تعتمل في الواقع وتحت سماء اليمن أبرز الفاعلين فيها هي القوى ذاتها والأسماء ذاتها التي كانت في الزمن القريب البعيد وكانت مادة الصراع وأدواته وآلته.. والحديث عن انتقال وثورة في ظل مناخات ذلك الواقع القديم/الجديد وفي ظل المحمول الصراعي والثأري ضرب من العبث، فالبناءات العليا لايمكن ان ينالها التحديث او يحدث في نسيجها العام البهاء والتجدد والتغاير، مالم يبدأ ذلك البهاء والتجدد والتغاير من البناءات الدنيا او التحتية، وما لم تستجب مؤسسات المجتمع المدني لضرورات الواقع وشروط التحديث والانتقال فإن الحال في البناءات العليا او الفوقية يظل هو الصورة النمطية التي نعهدها، وإذا كانت الهزات العنيفة في البناءات العامة التي حدثت في عام 2011م لم تحدث القدر الكافي من التمايز ولكنها اعادة انتاج صورة المجتمع القديم ومؤسسات المجتمع القديم ورموز المجتمع القديم فدلالة ذلك واضحة وجلية وهو ماذهبنا اليه مراراً وأكدنا عليه في أكثر من مقال ومقام وهو الحاجة الماسة والضرورية الى نهضة ثقافية او ثورة ثقافية تعيد صياغة التصورات وترتيب البناءات وتنتصر للذات اليمنية التاريخية والحضارية والثقافية وتعمل على تفجير طاقات الذات وتحدد المفهوم العام للمصطلحات وتبعاً لذلك تحدث تغييراً في الرؤية وتحديثاً للمنطلقات الفلسفية وتتجاوز الماضي لتكون أكثر تفاعلاً مع معطيات الحاضر وأكثر قدرة على صناعة المستقبل ومثل تلك الثورة الثقافية هي الحامل الوحيد للدولة الحديثة التي نتحدث عنها في كل حين ولكننا نظل الطريق اليها لأننا كلما انتجنا صراعاً تحت شعارها عدنا عقوداً الى الوراء ولا نخطو اليها إلا القهقري.
لقد دلت متواليات الصراع في الزمن الحديث ان العنف عملية تدميرية قاتلة وهي رؤية لاتمت الى ارادة الحياة والنماء والتحديث والتغيير والانتقال بصلة.. وقد رأينا نحن في اليمن كيف عدنا الى نقاط تاريخية بعينها وكيف عمل على تدمير البناءات الوطنية القائمة لأن رؤيته قائمة على فلسفة الهدم والعداء للحاضر والاحتماء بالتاريخ وبالنقاط المضيئة فيه وعلى الفوضى والعجز والتبرير التعويضي ومثل تلك الرؤى التي لاتتصالح مع المستقبل تعيق حركة التاريخ والتحديث ومن أثرها النفسي والاجتماعي والثقافي أننا ما نكاد نفيق من سباتها ومن غفوتها ردحاً من الزمن حتى نعود اليها وبذلك يظل الثبات هو ديدن الحياة وديدن الحركة وتتعطل ديناميكية التحديث في مجتمعاتنا، فالذي استطعنا تجاوزه من البناءات المعيقة الاجتماعية والثقافية في عقود أو سني الاستقرار اعدنا انتاجها في زمن الصراع الممتد بين 2011 - 2015م وهو زمن ما يزال يمتد ولعله الآن في ذروة حالته الانكسارية بعد ان عملنا بكل طاقة الارادة السياسية على يقظته، فالمحافظات الجنوبية التي تجاوزت البناءات الاجتماعية القديمة خلال عقدين من زمن عام90م حدث ويحدث الآن تراجع مذهل في مشروعه من خلال تفاعل رموزه او أبرز رموز الاشتراكي مع العصبيات القديمة واعني اولئك الذين غادروا عدن في احداث 13 يناير 86م وعادوا اليها بعد احداث 21 سبتمبر 2014م وتداعياتها التي حدثت في 21 يناير 2015م والتي على إثرها استقال الرئيس التوافقي ثم غادر الى عدن وتراجع عن استقالته وعمد الى تدمير ما تبقى من مظاهر الدولة وما تبقى من مظاهر المؤسسة العسكرية والامنية بعد ذلك النشاط المحموم في مشروع الهيكلة الذي دلت الأيام والاحداث أنه كان مشروعاً تدميرياً كانت حركة الاخوان العالمية تسعى اليه وماتزال، ومثل ذلك التوجه للاخوان لم يكن خاصاً باليمن بل دلت الوقائع على عمومه سواءً في مصر او في سوريا او في العراق او في ليبيا وتونس ولعل الظاهرة النصية للاخوان والثبات الذي تمتاز به رؤيتهم وثقافتهم قد صبغت المرحلة بحالة انكسارية هي الآن في أشد أنواع البهوت وأمام حالة مقاومة قادرة على الصناعة والصراع بين الحالين هي السمة البارزة في كل دول «الربيع العربي» والصراع بين الحالين الذي أقصده هو صراع بين ماضٍ ثابت متحجر وحاضر متحول ينشد المستقبل.. وهذا الصراع قائم في مصر وليبيا وفي تونس وفي سوريا وهو أكثر وضوحاً في تجاذبات عدن وما جاورها وفي استعدادات «نخلاء والسحيل» بمأرب والجوف وما بين الحالين يبقى الأمل بالانتصار على ثقافة الموت والفوضى والدمار.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42439.htm