الميثاق نت -

الثلاثاء, 31-مارس-2015
عبدالرحمن مراد -
< تتحدث بعض كوادر الاخوان في اليمن في معرض دفاعهم عن العدوان السعودي أن المؤتمر وأنصار الله هما التياران اللذان عطلا العملية السياسية وعطلا الحوار الجاري في تقية مفضوحة عن مجمل التفاعلات التي كانت في موفنبيك، وكان الاخوان والناصري يتبادلان فيها الأدوار تعطيلاً وتمهيداً لمثل ما يجري هذه الأيام من عدوان سافر، وقد دلّت الوقائع والتظاهرات التي نفذها الاخوان في تعز تأييداً للعدوان السعودي على اليمن على الخصوصية الوطنية في فكر الاخوان وعلى الحالة الانهزامية المنكرة التي يعيشها الاخوان فكراً وسلوكاً، فهم في جلِّ حروبهم كانوا يتسترون تحت عناوين لا تدل عليهم، فقد خاضوا حرب دماج تحت جناح السلفية وخسروها وخاضوا حرب عمران تحت عنوان الجيش ولم يكن حظهم منها إلا الخزي والهوان، وخاضوا حرب صنعاء تحت عنوان الفرقة وخسروها وهم يتداعون الى مأرب والجوف من كل حدب وصوب تحت عنوان القبائل وكذلك في البيضاء يخوضون حرباً مع أنصار الله تحت جناح القاعدة وعنوان القبائل، وهم الآن في عدن ولحج وأبين وشبوة تحت عنوان اللجان الشعبية لهادي والقبائل في شبوة وقد أخذتهم أمانيهم بالغرور ليكونوا جزءاً مفصلياً من العدوان السعودي تبريراً ونقداً وتهيئة وجدلاً عقيماً ومظاهرات تأييد وحضور إعلامي في شتى وسائل الإعلام المحلية والسعودية وهو العامل الأساس والمهم في الانكشاف الفاضح عن النوايا المبطنة التي ترى في الغاية ما يبرر وسيلتها ولو كان ذلك على حساب البعد الأخلاقي والبعد الثقافي والبعد الوطني.
لقد حدث التمايز الوطني فيما يجري ولم يعد الاخوان قادرين على المزايدة بالبعد الوطني، ومثلهم الناصري كقيادات وليس ككوادر، إذ أن الكثير من كوادر الناصري كان موقفهم وطنياً محضاً وقد صدر عنهم بيان دال على وطنيتهم ونكرانهم لما يجري، ولا يمكن التعميم على كوادر الإصلاح، فثمة كادر تجده ممتلئاً باليمن، ويعبر عن نكرانه للعدوان السعودي ولا يستنكف أن يجاهر به على الملأ، ومثل أولئك تجدهم في جناح الإصلاح، أما جناح الاخوان- وثمة فرق بين الجناحين- فإنهم يستغرقون أنفسهم في تأييد الارتهان بسبب غياب الفكرة والتباس مفهوم الدولة عند الاخوان: وفي ظني أن الاخوان يتوهمون النصر والعودة الى صدارة المشهد السياسي وقد غفلوا عن عوامل مهمة في البناءات الاجتماعية والثقافية وفي البناء التاريخي قد تقف عائقاً أمام انتصار هذا العدوان، فاليمن التي تعيش تلك العوامل هي أيضاً تعيش حالة ثورية، ومع تضافر تلك العوامل يكون الانتصار حتمياً سواءً أطال الأمد أم قصر وسواءً امتلك الإمكانات المادية والعتادية أو فقدها، فالقوة تكمن في الذات في الروح في العوامل الحاضنة للانتصار وليس في المقدرات المادية.
ووفقاً لتلك المعايير الحقيقية والجوهرية بالإضافة الى حالة السقوط الأخلاقي والقيمي للاخوان تتعذر عليهم العودة الى الصدارة، وخسارتهم ستكون مضاعفة حين تتوزع بين السياسي والاجتماعي والقيمي والأخلاقي، كما أن العدوان السعودي لن ينتصر ولو تفوق في قدراته المادية والعسكرية، بل قد أذهب الى أبعد من ذلك حين أقول إن السعودية بعد هذا العدوان ستفقد كل أدواتها المهيمنة على المشهد اليمني، فالواقع الذي يستدعي في الحاضر المماثل التاريخي المتعدد سيكون مغايراً ومحبطاً وسيكون قوة ممانعة وقوة مقاومة لن تنطفئ، وفي هذا المناخ ستجد المعارضة السعودية حاضناً دافئاً يحفظ حركة التوازنات بين اليمن والسعودية، فالحرب لا تحمل نصراً للقائلين بها وللرائين لها ولكنها تحمل جينات الهزيمة لمن يعلنها ويذهب اليها، لما تتركه من أثر نفسي وجرح غائر لا يندمل ومن روح مشتعلة قادرة على تأكيد نفسها في خارطة الحاضر والمستقبل.
ستعلم السعودية غداً - أنها أخطأت كل الخطأ بقرار العدوان على اليمن وأنها أشعلت الشرارة الأولى التي قد تصبح ناراً في زمن قياسي كان يمكن تأجيله لو لم تعلن العدوان والحرب، وتلك الشرارة ستعمل في تضافر مكثف مع العوامل التاريخية على تقويض حالة الاستقرار في المملكة كما أنها ستعيد ترتيب وصياغة العلاقات الجيوسياسية بين البلدين الجارين، فالقضية لم تعد كما كانت عليه في الزمن القديم، كما أن حركة التوازنات السياسية والاجتماعية والثقافية قد انزاحت الى مربعات انتقالية جديدة، وقد ساهمت الحالة الثورية التي عاشتها اليمن وتعيشها في ارتفاع نسبة الوعي في الوسط الجماهيري، وجاءت ضربة الطيران السعودي لتضع حزمة مبادئ وقيم ومعايير أخلاقية جديدة لن تكون السعودية فيها الا حالة من حالات التدني والسقوط فيها.
لقد دمر العدوان السعودي كل شيء في اليمن، لكنه لم يدرك أنه خلق يمناً جديداً سيكون عصياً على الانكسار والهيمنة والتبعية.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:46 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42569.htm