الميثاق نت: - مع الأحداث العاصفة التي شهدتها المنطقة العربية في عدد من دولها وعرفت بما يسمى بالربيع العربي، حدثت تحولات سياسية هائلة مابين ما اعتبره البعض ثورات وأخرى انفجارات شعبية عمقتها الخلافات الداخلية لتفتح الأبواب على مصارعها لتدخلات خارجية بأطماع مختلفة اعادت الدول العربية الى حقبة الاستعمار الأجنبي ما اعتبر ثورات مجازاً في عدد من الدول العربية خرجت عن مسارها الطبيعي نتيجة خلافات وصراعات وتجاذبات سياسية داخل كل دولة وان اختلفت التفاصيل ..
< ليواكب ذلك سعي محموم من جانب أطراف اقليمية ودولية للتدخل في مسار بعض الدول وفق اطماع وأجندة مختلفة مما أدى الى حدوث جوانب سلبية أثرت على بعضها وقادت الى افراغ تلك الثورات من أهدافها وعدم تحقيق ما كان يرجوه البعض من نتائج.
ويرى محللون عرب وغربيون ان ما يدور على أرض الواقع في العراق وسوريا وليبيا، ويراد له اليوم في اليمن ان الاصل في كل ما حدث منذ عام 2011م من مسيرات شعبية في العديد من الدول العربية كان من أجل الرغبة في التغيير والانتقال الى مرحلة جديدة يشعر فيها المواطنون بتحسين أوضاعهم المعيشية وتجاوز مشكلاتهم الحياتية.
إلا ان التدخلات الخارجية سواءً أكانت اقليمية أم دولية ادت في الكثير من تلك الدول العربية الى تنحية الثورات عن مسارها الطبيعي المفترض، والى تشتيت المشروع الوطني للتغيير واستبداله بمطالب فئوية ومذهبية واخرى عرقية وصلت الى حد التقاتل الشرس بين أبناء البلد الواحد.
منهجية التدخل في العراق
وتذهب التحليلات الى ان ما حدث في العراق من أنموذج كان البداية لتلك التدخلات الاجنبية الممنهجة، حيث ان التغيير في العراق سبق موجات ما سمي بالربيع العربي وكان المأمول ان يؤدي تغيير النظام السابق فيه الى توازن واحداث مشاركة جامعة من ابنائه في العمل السياسي والبناء، إلا ان الأمر تحول بتأثير من الفكر الامريكي قصير النظر وبتأثير ايضاً من اطراف اقليمية الى استبدال تهميش قديم بآخر جديد مما أدى الى اشعال النعرات المذهبية والجهوية التي تحولت اخيراً الى اطار مسلح اكثر تطرفاً وأوجد بيئة خصبة لجماعات الاسلام السياسي المتشدد التي سعت لاحقاً ولاتزال لانشاء خلافة اسلامية ليس فقط في العراق وانما ايضاً في سوريا والجزيرة العربية، وطموح يتسع الى أبعد من ذلك.
أطماع دولية في سوريا
وبالنظر للاوضاع في سوريا نجد ان الصراع فيها يمتد لأكثر من ثلاث سنوات دون حسم واضح وتتكاثر الاطراف الاقليمية والدولية الطامعة ليس فقط في تغيير النظام القائم في سوريا وانما في تغيير الملامح والحدود الجغرافية للدولة السورية، ويبدو ان الامر مرشح للاستمرار على ما هو عليه لفترة زمنية اطول، كما من المرجح ان تؤدي تحركات النزوح واللجوء السكاني الكثيف داخل وخارج سوريا الى اعادة تشكيل المستقبل الديموغرافي لسوريا وللمنطقة المجاورة وقد يساعد ذلك ايضاً في تحركات «داعش» بحيث تنشأ في منطقة المشرق العربي والهلال الخصيب دول أو دويلات جديدة على اسس عرقية ومذهبية خالصة.
إذابة المواطنة الليبية
أما في حالة ليبيا فنجد ان الاحداث هناك تؤكد صحة بعض التقديرات التي اطلقت منذ بداية مايسمى بالربيع العربي التي ترى ان اسقاط النظم الشمولية والمركزية دون تحضير النظام البديل وهندسته سياسياً يؤدي بالحتم الى نوع من الفوضى والتشرذم، واذا اضفنا الى هذا الحكم والتقدير الخصائص والطبائع الخاصة التي يتسم بها المجتمع الليبي والشخصية الليبية فإن النتائج تكون اكثر فداحة حيث تسود هناك الانتماءات القبلية والولاءات الجهوية بأكثر مما تسود فيه قيم «المواطنة»، واذا تم البحث عن العنصر الاقدر والأكثر حسماً في تحديد مسارات الاحداث في ليبيا فلن نجد صعوبة كبيرة في الحكم بأنه التدخل الخارجي المبالغ فيه في كل المراحل.
|