الميثاق نت -

الإثنين, 06-أبريل-2015
بقلم/ عبده محمد الجندي -
أقول للعسيري: إن ما يبدأ بالكلام الفارغ يا عسيري لا ينتهي إلا إلى مزيد من الكلوم الفارغ؟!
إياك والمجازفة في الترويج للمعلومات الخاطئة والمضللة.
جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود المفدى- حفظه الله- يقول إنه يقود تحالفاً عربياً لضرب اليمن حتى تعيد الرئيس هادي إلى الحكم على ظهر طائرة سعودية.. ونذكرك بقول الله تعالى في كتابه الكريم: »يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين« صدق الله العظيم.
والشعب اليمني يقول لا يمكن القبول بهادي رئيساً ولو محمولاً على أسنة رماح الاصلاح.

نعم يا جلالة الملك الكريم أنا واحد من أبناء الشعب اليمني الذين يدافعون عن العلاقة اليمنية السعودية في مختلف الظروف عن قناعة مجردة من الاهواء والمصالح والمنافع الزائلة، يدفعني الحزن ويمزقني الألم على ما وصلت إليه هذه العلاقة الضاربة جذورها في أعماق الشعبين اليمني والسعودي من اهتزاز قلما نجد له مثيلاً في أي خلافات وأزمات سابقة حدثت فجأة وانتهت فجأة الى الوفاق والاتفاق والشراكة بما تم التوقيع عليه من المعاهدة الحدودية التي وضعت النقاط فوق الحروف على قاعدة الشراكة المستمدة من قيم العروبة والاسلام..
قد يقال لكم يا جلالة الملك المفدى إن الضربات الجوية غير المسبوقة موجهة لأنصار الله المحسوبين على الجمهورية الاسلامية الايرانية وليست موجهة للشعب اليمني العظيم صاحب الملكية الحقيقية للبنية التحتية والبنية العسكرية والمدنية التي تدمرها تلك الضربات العدوانية..
فأقول بالأحرى إن الحروب الجوية تتضرر منها الأهداف الثابتة لما تبقى من بنية الدولة اليمنية المدنية والعسكرية أكثر مما تتأثر منها الاهداف الهلامية المتحركة المتمثلة باللجان الشعبية واللجان الثورية التابعة لأنصار الله، التي لا تستطيع الحركة الآمنة الا في الاجواء الفوضوية المضطربة التي لا وجود فيها للدولة بما لديها من المؤسسات والبنى التحتية المدنية والعسكرية والامنية والحقوقية للدولة الممثلة لسيادة القانون وغيرها من البنى الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، فالتعليم والصحة والمواصلات والموانئ والمطارات والطرقات والمنشآت والمباني الحكومية والسكنية والكهرباء والجامعات والكليات والمعسكرات.. الخ، على نحو تظهر فيه المقارنة أن الأضرار الموجهة للشعب والدولة أكثر مرات عدة من الأضرار الموجعة لأنصار الله، ومعنى ذلك يا جلالة الملك أنكم قد جعلتم الشعب ومؤسسات الدولة في دفة والرئيس في دفة أخرى ورجحتم دفة الرئيس على دفة الشعب بصورة لا يستدل منها على حكمة ورصانة ودبلوماسية ملوك آل سعود المعتادة الذين تجنبوا التورط بهذا النوع من الحروب العدوانية المباشرة مع اليمن الملكية واليمن الجمهورية.
قد يقول البعض من المستشارين إن الضربات الجوية سوف تضعف القبضة الحديدية لأنصار الله على الدولة وسوف تحقق أهدافها المعلنة في إعادة هادي الى الحكم بصورة تعيد للدولة السعودية ما فقدته من الهيبة على يد أنصار الله.. فأقول بالمقابل إن أنصار الله سوف يستمرون من القوى الفاعلة المستندة الى الدعم الايراني المتحفظ بقدر من الاحترام والقبول الشعبي الناتج عن عدم تورط إيران كقوة مقاتلة ومناصرة لأنصار الله، في وقت أظهرت فيه هذه الضربات الجوية الدور العدواني للمملكة العربية السعودية باعتبارها المسؤولة الوحيدة عما أحدثته الضربة العسكرية من التدمير ومن سفك للدماء وازهاق للأرواح وعما تخلفه الحروب العدوانية من الجرحى والمشوهين والمعاقين والمتسولين والفقراء، على نحو لا يمكن التغلب عليه الا بعد فترة طويلة من الزمان ومبالغ مهولة من الإمكانات وقيادات قادرة على حسن استغلال ما يمكن توفيره من الاموال والثروات والموارد البشرية والطبيعية، على فرض أن الانتصار على أنصار الله سوف يحقق الاستقرار وذلك ما لا يمكن تحقيقه نظراً لما تراكم لدى أنصار الله من خبرات قتالية طويلة.
أقول ذلك وأقصد به محذراً العسيري من مغبة الاعتماد على القوة الكامنة والمحتملة للتدخل البري، لأن تجربة الاخوان المسلمين وأعوانهم فاشلة وتجريب المجرب خطأ مرتين لأنهم عجزوا عن أن يكونوا البديل للقوى السعودية في مواجهة القوى المحسوبة على الجيش واللجان الشعبية المحسوبة على أنصار الله وعلى رئيس المؤتمر الشعبي العام المتهمين بتنفيذ التدخلات الايرانية المهددة لأمن واستقرار المملكة العربية السعودية والدول الخليجية تحت مبرر إعادة الرئيس المخلوع هادي الذي دمر ما تبقى من مؤسسات الدولة خلال المرحلة السابقة رغم ما وفرتم له من إمكانات الدعم والمساندة المادية الاقليمية والدولية والوطنية غير المسبوقة لرئيس قبله، فهو غير مؤهل لتحقيق ما تعولونه عليه من مهام حاضرة ومستقبلية كبيرة لأنه لا يستطيع اليوم والغد أن يكون مختلفاً عما كان عليه بالأمس من إدارة فاشلة وقيادة ضعيفة، لأن المرء لا يستطيع ان يكون الا نفسه وخصوصاً عندما يصل الى ما فوق السبعين وربما ما بعدها من سنوات، وإذا كان المتوقع لأي حرب أن تنتهي بالحوار السياسي فإن البديل لذلك سيكون الحرب الأهلية!!
أقول ذلك وأخاف على ما قد يلحق بعهدكم من المتاعب والاخفاقات في مسار العلاقات اليمنية السعودية سوف تكون سلبياته أكثر من إيجابياته مقارنة مع ما تحقق في العهد الزاهر للملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته منذ اللحظة الأولى لولايته للعهد حتى اللحظة الاخيرة لوفاته، فقد عرفه الشعب اليمني وعرفته الكثير من الشعوب العربية والاسلامية انه صاحب موقف أقرب الى إرادة الشعوب منه الى إرادة الحكام فيما يقدمه من أشكال الدعم والمساندة المادية والمعنوية السخية لا يقصد منها شراء المواقف المؤيدة للحكام للاستقواء بما لديهم من القوة على الشعب اليمني الذي تطحنه الصراعات والحروب السياسية على السلطة في محاولة لضرب ما لديه من بقايا مؤسسات مدنية وعسكرية خلاصاً من أية أخطار أمنية إيرانية تهدد أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها.
سوف تثبت الأيام أن المملكة العربية السعودية أزاحت أكبر عقبة عسكرية وأمنية قادرة على التصدي للارهاب الحقيقي الذي يهدد أمن اليمن وأمن المملكة العربية السعودية والدول الخليجية بعد أن يتبين للدول المتحالفة أنها انتصرت للارهاب بما قامت به من ضربات جوية تمكنت من إضعاف القدرة الدفاعية للجمهورية اليمنية وحولت الجيش والأمن الى لجان شعبية داعمة لأنصار الله في دفاعهم عن الضربات العدوانية الخارجية الموجهة من الجو والبحر وانها وقفت بقصد أو بدون قصد الى جانب المليشيات الداعشية والقاعدية التي أحكمت السيطرة على بعض المدن الجنوبية والشرقية.
أقول ذلك وأقصد به أن ما يطلق عليه بالقيادة الشرعية لا يمتلك أية قوة شعبية وعسكرية يمكن الركون اليها في ترجيح كفة الحلفاء في التدخلات البرية المحتملة وان من يطلقون عليهم مليشيات موالية لهادي لم يكونوا في حقيقة الامر سوى مليشيات قاعدية تقاتل وفق ما لديها من الحسابات والأهداف الاسلامية بذات الاسلوب وتحت ذات الاهداف التي يقاتل فيها تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا وفي العراق التي بدأت بدعم خليجي ما لبث أن شعر بالندم ولكن بعد فوات الأوان، لأن الرئيس هادي هو الذي أضعف الجيش وهو الذي مازال يحرص على تدميره بقوة جوية خليجية ودولية.
أعود فأقول إن العدوان السعودي مهما تظاهر بحرصه على شرعية الرئيس هادي بات يكشف الآن أن هدفه القضاء على ما تبقى من بنية تحتية مدنية وعسكرية تعيد اليمن عشرات الأعوام الى الخلف، تماماً كما حدث في العراق وفي ليبيا بعد الخلاص من القيادتين القوميتين البعثية والناصرية.. معتقدين أنهم بذلك العمل غير المدروس سوف يكسبون إماراتهم وممالكهم ما هي بحاجة اليه من ديمومة المقومات الأمنية ربما لأن حساباتهم الزمنية لا تضع بالاعتبار ما تخلفه هذه الاعمال المرتجلة من عواقب وخيمة تتحول فيها القوى الوطنية من النقيض الى النقيض ومن العمل المنظم والمحكوم بقدرة الدول على التحكم والسيطرة الى الفوضى الشاملة والعابرة لما لدى هذه الدول من الحدود والنقاط المحروسة هنا وهناك.
لأن الفوضى ليست قيوداً وحدوداً محكومة بنقاط ونظم وحراسات حدودية بقدر ما هي أفكار وقناعات أيديولوجية عابرة للحدود الوطنية والقومية وقد تتجاوز ذلك الى القارات القابعة خلف المحيطات المائية المترامية الاطراف، والمسكوت عليه لاعتبارات سياسية وتكتيكية يحترف الدجل والمناورة والمكايدة السياسية.
قد تقول إن بمقدور هذه الطائرات المقاتلة أن تتجاوز العوائق المحروسة بقوة الجيش والأمن واللجان الشعبية التابعة لأنصار الله خلاصاً من المخططات الايرانية، فأقول لهؤلاء إن الثورة الايرانية لا تعتمد على القوة العسكرية التي تعتمد عليها الجيوش المسخرة لحماية العروش الخليجية لأنها صاحبة أفكار وشعارات ثورية مثل سلاح.. الموت لأمريكا، الموت لاسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام.. هذا السلاح الذي يجد في حروبكم العدوانية ساحات مفتوحة وأسواق رواج مغرية حيث لم أشاهد القوة المتصاعدة لأنصار الله تنمو بهذه الصورة المخيفة كما هو حالها الآن، حيث يلاحظ المراقب المحايد سلسلة من الانتصارات المذهلة تتحقق لأنصار الله ولمن يقف الى جانبهم في جميع الميادين والساحات العسكرية والامنية والجماهيرية بما نلاحظه من انتصارات عسكرية مذهلة تتلاحم فيها قوة الجيش والأمن المحسوبة على الدولة واللجان الشعبية المحسوبة على أنصار الله.
ولا نجد في الجانب الآخر من حديث القنوات «العربية» و«الجزيرة» المروجة لمؤتمرات العسيري سوى استبدال كلمة الدولة الغائبة والمغيبة بقوة الرئيس السابق الذي يطلقون عليه صالح حيناً وعفاش معظم الأحيان رغبة فيما يطلقونه على أنصار الله حيناً وعلى قوة الحوثي معظم الأحيان.
ما لا يمكن تحقيقه في المجابهات العسكرية الفاشلة مع الاخوان الذين تحولوا الى قبائل - قاعدة- لا يمكن للمملكة العربية السعودية الشقيقة الاعتماد عليهم في معركتها البرية المحتملة.. أقول ذلك من باب النصيحة لجلالة الملك سلمان - حفظه الله.. لست بحاجة يا جلالة الملك الى الثقة في قدرة هادي وقدرة الاصلاح المجربة لأن تجريب غير المجرب خطأ مرة.. وتجريب المجرب خطأ مرتين، ومن عجز عن حماية نفسه ولجأ لطلب الحماية من الخارج على الداخل لا يفيد نفسه ولا يفيد حلفاءه وأصدقاءه مهما تظاهر بالتأييد، لأن ما يبدأ بالكلام الفارغ لا ينتهي إلا الى مزيد من الكلام الفارغ.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 12:32 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42650.htm