الميثاق نت -

الإثنين, 06-أبريل-2015
الدكتور علي مطهر العثربي -
< لم يعد لعوامل القربى وأواصر الاخوة واللغة والدين والتاريخ والمصير المشترك والقدر الواحد ومكارم الأخلاق أثر في نفوس بعض القائمين على الأمر في مجلس التعاون الخليجي، لأن صدورهم قد أوغرت بالحقد على اليمن وأهلها من لحظة خروج هذه الدول من تحت وطأة الاستعمار البريطاني، ولم نجد في بعض تلك الصدور الفاجرة غير الانتصار لقوى الاستعمار وخدمة أعداء الأمة العربية ومحاربة النهوض العربي من أجل قتل التوحد ومنع قيام الدولة العربية الواحدة القادرة والمقتدرة من أجل الانتصار لإرادة الحرية والكرامة الانسانية التي تنشدها الشعوب العربية بمن فيها شعوب دول بمجلس التعاون الذي لم تعترف القوى الصهيوأمريكية بعروبته رغم استماتة قيادات تلك الدول على خدمة تلك القوى الاستعمارية الهمجية ومنحها الافضلية في كل الامتيازات على حساب أبناء جلدتهم وأواصر قرباهم ودمهم ولحمهم ولغتهم ودينهم وتاريخهم ومصيرهم المشترك الذي لا فكاك منه مهما كانت العواصف الفاجرة والمدمرة، لأن إرادة التوحد وعوامل القربى لابد أن يأتي اليوم الذي تأخذ فيه مكانتها الطبيعية ويعاد لها اعتبارها في نفوس أبناء شعوبنا في منطقة الخليج العربي الحر.

إن القوى الصهيوأمريكية التي تحاول زرع الشقاق من خلال ما اعتمدته من سياسة «فرق تسد» بين أبناء الوطن العربي الواحد لن تستمر طويلاً، لأن الفكر العربي المستنير لابد أن يقوم بالدور القومي الذي يعزز وحدة القدر والمصير المشترك الواحد، وقد بدأت مؤشرات هذا الفعل القومي المتألق من خلال ردود الافعال الشعبية في الوطن العربي الكبير الرافضة للعدوان على يمن الايمان والحكمة وأصل العرب ومنبتهم الأول ونواة الاسلام الحنيف وبناة الامبراطورية الاسلامية التي أسسها رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والأكثر من ذلك، الرفض الشعبي العفوي الذي أيدته الشعوب العربية ضد عاصفة الفجور التي تقودها عناصر من المملكة العربية السعودية لتدمير اليمن واستهداف الكتلة البشرية والقضاء على الجيش اليمني والمؤسسات الأمنية والبنى التحتية وكل الموارد الاقتصادية هو صحوة الضمير القومي الذي جعل من السلام روحاً والعروبة جسداً، وهذه الصحوة الانسانية قد بدت ملامحها في الفكر المستنير الذي يرفض الارهاب باعتباره صناعة صهيوأمريكية مائة في المائة ويهدف الى تدمير الأمة العربية والإساءة الى الإسلام الحنيف وتمكين الصهيونية العالمية من الهيمنة والسيطرة على مقدرات الوطن العربي الكبير، وقد اتضح كل ذلك من الأسلحة الفتاكة التي تمتلكها العناصر الارهابية التي لا تمتلكها دول ذات سيادة وهي لا توجد الا لدى الكيان العنصري الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية والدول الأوروبية الراعية والداعمة للارهاب الذي يستهدف تمزيق وحدة العرب ومنع قيام الوحدة العربية التي تنتصر لكرامة وآدمية إنسان الوطن العربي الكبير.

إن تباشير صحوة الضمير العربي قد أحياها الاستهداف الفاجر الذي نجم عما عُرف بالربيع العربي الذي دمر الجيوش العربية ولكن القوى الاستعمارية تمكنت من إحكام السيطرة على ما تبقى من مقدرات الوطن العربي، وقد كان لمشاهد الفجور والغدر -التي سيطرت وبقوة على أحداث الربيع الصهيوني الذي نال من الكرامة العربية ومزق وحدة الصف العربي وأنتج حكاماً مسيرين وليسوا مخيرين يفعلون ما يؤمرون دون أن يكون لهم من الأمر شيء -الأثر البارز في صحوة الضمير العربي الذي نام أو نُوّمَ -إن جاز التعبير- وقتاً طويلاً ليستيقظ على وقع أعاصير الفجور والغدر والخيانة والتنكيل بأبناء الوطن العربي الكبير وكل مقدراته وخيراته، وليدرك الضمير العربي بعد ذلك كله أن جميع السيناريوهات الفاجرة التي رسمها أعداء الأمة العربية ونفذت بأيادٍ عربية لم تستهدف سوى وحدة الوطن العربي والحيلولة دون أواصر القربى وكافة عوامل التقارب والتآلف والتراحم التي لا يمتلكها أي مكون جغرافي كما هو الحال في الوطن العربي الكبير.

إن حلقات السيناريوهات الارهابية فُضحت في يمن الايمان والحكمة حيث استطاع الوحدويون من أبناء اليمن والى جانبهم كوكبة من المستنيرين في الوطن العربي الكبير تعرية وفضح التآمر على مقدرات الوحدة العربية ومنع التقارب والتآلف والتآخي والتراحم بين المكونات البشرية للوطن العربي الكبير، ولأن اليمن كانت بوابة الانتصار على سيناريوهات التدمير الممنهج للجيوش العربية ومقدرات الأمة، فقد دبر أعداء الأمة مكيدة جديدة للإيقاع بين العرب ومنع تقاربهم وتوحدهم من خلال إيهام أشقائنا في دول الخليج العربية بأن إيران قد احتلت اليمن وسيطرت على قراره السياسي، ومن ثم تخويفهم بإيران لإعلان الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، ثم الدفع باتجاه إيجاد تحالف تقوده عناصر من المملكة العربية السعودية من خلال القدرة المالية على شراء الذمم واستئجار المرتزقة لقتال اليمن لتحريرها من الاحتلال الايراني المزعوم، وقد حدث ما حدث من تحالف الغدر والخيانة وقام حلف الشيطان بشن الهجوم الفاجر على مقومات الحياة الإنسانية في اليمن وتدمير الكتلة البشرية الهدف الاستراتيجي للصهيونية العالمية التي تعتبر الوحدة اليمنية وبما تمتلكه من القوة البشرية عقبة في طريقها الى إحكام السيطرة الكاملة على مقدرات الوطن العربي الكبير.. تفاجأت الجيوش العربية المنضوية في حلف الشيطان عندما وجهت ضرباتها الجوية القاتلة أنها لم تجد إيرانياً واحداً محتلاً لتقتله ووجدت أنها تضرب الجيش اليمني ومؤسسات وقدرات الشعب اليمني، وقد زادت فجيعتها عندما شاهدت أشلاء الاطفال والنساء والشيوخ الذين استهدفهم حلف الشيطان بضرباته العدوانية الغادرة، ناهيك عن الاستهداف المتعمد لضرب البنى التحتية وموارد الاقتصاد اليمني من مصانع ومخازن التموين والمؤسسات الاقتصادية ثم فرض الحصار على ما تبقى من الكتلة البشرية المزعجة للقوى الصهيونية ليموتوا جوعاً وعطشاً في فجور لا مثيل له في تاريخ البشرية الا ما حدث من قريش عندما حاصرت رسول الله وأنصاره من أبناء اليمن في شعب أبي طالب حتى أكل أوراق الشجر من جور حلف الشيطان الذي أقامته قريش ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنصاره من أبناء اليمن الحرة والأبية.

إن التحالف الصهيوأمريكي الذي تنفذه أيادٍ عربية يوضح بجلاء أن من يقومون بالتنفيذ لا يقرأون التاريخ وإن قرأوا لا يدركون غير ما يملى عليهم ممن سلموا عقولهم لهم وقبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد أدوات لا تمتلك قراراً ولا حرية، مسيرة خاضعة مهانة تنفذ استراتيجيات القوى الاستعمارية لمنع التوحد العربي من أجل مزيد من تمكين قوى الغطرسة والهيمنة العالمية على مقدرات الأمة العربية والحيلولة دون عوامل التقارب والتوحد خوفاً من قيام العملاق العربي الذي ينتصر للكرامة العربية ويعيد للإنسان العربي اعتباره الذي فقده بسبب التبعية والانكسار والخذلان الذي أضعف الطموح وولد الإحباط وعمق شروخ الفرقة وباعد بين أبناء الجسد والروح، وجعل البعض ممن استخدموا الدين وسيلة وليس غاية يخدمون أعداء الأمة ولا يرتاح لهم بال إلا بتنفيذ مخططات أعداء الأمة، لأنهم ربوا أنفسهم على الغدر وجعلوا من المال إلههم المعبود.

إن آثار الدمار التي طالت إنسان اليمن الحر سيؤرخ لها اليمنيون وستدونها ذاكرة الشعب اليمني التي تحصي كل صغيرة وكبيرة ولن تنسى أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وأبناء القوات المسلحة والأمن التي استهدفتها أيادي الغدر والخيانة، وسترضع الأمهات اليمنيات أطفالها قصص الغدر الذي تعرض له اليمن، وسيحكي التاريخ كل مآسي الفجور الذي لم يسبق له مثيل، ليدرك اليمنيون أن حريتهم وسلامة أرضهم وكرامة إنسانهم غالية الثمن حيث تسابق الأعراب على بيعها في سوق النخاسة وتهافت عليها المرتزقة ليبرزوا عضلاتهم على اخوانهم وأشقائهم وسندهم عند المهمات القومية، وسيدرك الذين تحالفوا هول الفاجعة التي أصابت اليمن وأهلها، لييقنوا- ان كان لديهم قدر من الإحساس- خطورة ذلك على الاجيال القادمة إن كانوا يخافون على مستقبل شعوبهم.

إن الشعب اليمني الصابر والمثابر والمرابط سيظل قوياً مهما فقد من عناصر القوة القومية للجمهورية اليمنية، لأنه شعب حي قادر على مواجهة التهديدات والتحديات بقوة الاعتصام بحبل الله المتين، ولأنه على يقين أن قوة الله فوق كل قوة ولن يخيب الله إرادة الشعب في الوحدة والقدرة على إعادة إعمار اليمن وصناعة تاريخ المجد والألق اليماني الذي يعد السند الأقوى لأحرار العرب.. وسيظل اليمنيون متمسكين بمشروعهم النهضوي الحضاري العربي الذي يقود الى وحدة الإرادة العربية من أجل الحرية والكرامة بإذن الله.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42658.htm