سامية عبدالله - هل لعبت قوات درع الجزيرة دوراً هامشياً ورمزياً لم يترجم إلى دور واقعي عملي في حماية الأمن القومي الخليجي؟، وهل انضمت إلى قائمة طويلة من الاتفاقيات والمبادرات العربية "مع وقف التنفيذ" كاتفاقية الدفاع العربي المشترك؟ تاريخ هذه القوات يكشف عن فشل متكرر ومتوالٍ في الدفاع عن المخاطر المحدقة بالأمن القومي لدول الخليج العربي، وصارت مجمدة، وتوجه طاقتها وتحركاتها لأغراض أخرى غير التي أسست لأجلها، فاتجهت بدلاً من لعب دور حماية الأمن القومي إلى دور قمع الاحتجاجات الشعبية، الأمر الذي فتح الباب واسعًا لتدخل قوات أجنبية وأمريكية لحماية حدود دول عربية وحفظ أمنها، بحسب خبراء.
وبينما يتهدد الأمن القومي لليمن والسعودية بشكل مباشر، مخاطر جديدة ومتسارعة على الحدود، وبالداخل من قبل جماعة الحوثي المسلحة، الأمر الذي دعا وزير الخارجية اليمني الجديد رياض ياسين، للقول: "اليمن تخاطب كلاً من مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة وكذلك المجتمع الدولي، بأن يكون هناك منطقة طيران محظورة، وأن يمنع استخدام الطائرات العسكرية في المطارات التي يسيطر عليها الحوثيون".
وأضاف ياسين: "نطالب بأن تتدخل قوات (درع الجزيرة) لوقف هذا التمدد الحوثي بمساندة إيرانية"، مشيرًا إلى أن الحوثيين واجهوا مقاومة من القبائل والشعب اليمني خلال تحركاتهم البرية، محذراً "أن تأجيل تدخل دول الخليج لإنقاذ اليمن سيكون أكثر كلفة من تدخلها في هذا الوقت (الحساس)"، متهمًا إيران بأنها "ستضع يدها على كامل اليمن، فيما لو تأخرت دول الخليج عن التدخل حتى ولو عسكرياً، لإنقاذ البلاد من قبضة ميليشيات الحوثي المنقلبة، ونصيرها الرئيس علي عبدالله صالح".
هل فعليًا للحماية والردع؟
تعرف قوات درع الجزيرة بأنها قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتم إنشاؤها عام 1982م، بهدف حماية أمن الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، وردع أي عدوان عسكري، وجاء تأسيسها بقرار من المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته الثالثة بالمنامة، نوفمبر 1982م، بالموافقة على إنشاء قوة درع الجزيرة.
يقع مقر قوات درع الجزيرة المشتركة في المملكة العربية السعودية، محافظة حفر الباطن، مدينة الملك خالد العسكرية قرب الحدود بين الكويت والعراق.
وتكشف طبيعة القوات المشاركة فيها أن القدرة القتالية لقوات درع الجزيرة تؤهلها فقط لخوض حرب دفاعية، ولكن استراتيجيًا تشكل القوات قيمة استراتيجية محدودة من الناحية الأمنية، وهي غير قابلة للتصدي لأي عدوان واسع النطاق.
عجز وفشل باختبارات ميدانية
كانت حرب تحرير الكويت كاشفة لعجز هذه القوات، فقبيل الغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس سنة 1990م، كانت قوات درع الجزيرة المتواجدة في حفر الباطن تتألف من لواء سعودي ولواء مشترك من باقي قوات دول مجلس التعاون الخليجي، والقدرة القتالية لهذا القوات هي الدخول في حرب دفاعية، ولم تقم قوات درع الجزيرة المتواجدة في حفر الباطن بأي رد عسكري على الاجتياح العراقي للكويت، مما أظهر رمزية وفشل قوات درع الجزيرة في حماية أحد أعضائها من عدوان مباشر.
وبسبب عجزها الشديد خلال فترة الاستعدادات لحرب الخليج الثانية، قرر الأمير خالد بن سلطان، تفكيك القوات وإعادة كل أجزائها إلى وحدتها الوطنية.
وعقب الاجتياح العراقي للكويت، قامت السعودية بتكرار دعواتها لزيادة التعاون الداخلي للدول الأعضاء في درع الجزيرة، كما دعمت اقتراح السلطان قابوس بزيادة أعداد قوات درع الجزيرة إلى مائة ألف جندي، إلا أنه مع هزيمة القوات العراقية في نهاية فبراير 1991م، تقلصت الأصوات الداعية إلى زيادة قوة درع الجزيرة ضمن الأعضاء، كما انتهى مشروع زيادة قوات درع الجزيرة في ديسمبر 1991م، بضغط سعودي.
وقرر وزراء الدفاع والخارجية لدول مجلس التعاون في اجتماع عقدوه في جدة، نقل قوات درع الجزيرة إلى الكويت أثناء حرب العراق، بناء على طلب الكويت التي اتخذت إجراءات احترازية في 2003م.
قمع الاحتجاجات بدول الخليج
ورغم فشلها في عملية تحرير الكويت، نجحت قوات درع الجزيرة في قمع احتجاجات البحرين، ففي عام 2011م خلال فترة الاحتجاجات الشعبية بميدان اللؤلؤة، طلبت حكومة مملكة البحرين الاستعانة بقوات درع الجزيرة لتأمين المنشآت الاستراتيجية.
وقد اتُهمت القوات بارتكاب جرائم خلال تدخلها في البحرين، منها منع الطواقم الطبية من تقديم العلاج للجرحى، وقتل المدنيين.
حيث انتشرت قوات درع الجزيرة- ومقرها الرئيسي في السعودية- في البحرين في 2011م، عقب تفجّر الأوضاع الداخلية فيها بين النظام الحاكم وقوى معارضة، وهو ما أثار موجة من الانتقادات تجاه طبيعة المهمة التي كلفت بها في ذلك الوقت؛ باعتبار أنها مشكلة في الأساس لصد الأخطار الخارجية.
وشاركت السعودية فيها بأكبر عدد من الجنود بلغ 1200 جندي، تليها الإمارات بـ800، ولم ترسل الكويت قوات برية، وأرسلت قوات بحرية.
تشكيل القوات
وتتكون قوات درع الجزيرة من فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها، وهي (المشاة والمدرعات والمدفعية وعناصر الدعم القتالي)، وتتألف القوة التأسيسية من لواء مشاة يقدر بنحو 5 آلاف جندي من عناصر دول مجلس التعاون الست (السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان). وأغلب جنود القوة هم من السعودية، مع أعداد أصغر من باقي الدول.
وعُدّل اسمها من قوات درع الجزيرة إلى قوات درع الجزيرة المشتركة، باقتراح من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في ديسمبر 2005م.
|