الميثاق نت -

الإثنين, 13-أبريل-2015
سامر عنبتاوي -
يا يمن نعتذر منك فلم يبقَ في مُقَلِنا فيض دموع.. ولم تعد مشاعرنا تطاوعنا فقد تلبدت المشاعر وشاخ القلب ونزفت لهفتنا وتبعثر اهتمامنا.. لقد ذرفنا الدموع في سوريا حتى نضبت هذه الدموع.. واستهلكنا المشاعر في ليبيا حتى اصبحنا بلا احساس.. وتراقص القلب خوفاً ووجلاً على العراق.. وبالغنا في اهتمامنا بمصر حتى اصبحت همنا.. وأوقدنا الشموع على الضحايا في تونس ولبنان وسوريا وليبيا والعراق ومصر.. ولم تبقَ شموع نضيئها حتى لفلسطين.. ومررنا بمخيم اليرموك تلك القطعة من جسدنا الفلسطيني على ارض سوريا وتركناه يذبح ويصلب ويموت بطيئاً.. وجاء دورك يا يمن فماذا تبقى لك؟!! حقيقةً نحن آسفون.. آسفون فلن نبكيك ولن نشعر بمأساتك الماضية عبر الزمن.. ولن نهتم لدمارك وضحاياك اليومية فقد.. ضحينا بكل شيء بشر وحجر وتراثاً.. فلم يتبقَّ شيء فلماذا تكونين الاستثناء؟!! عليك ان تسيري على نفس الدرب المرسوم فلماذا تطالبيننا بالبكاء والتعاطف؟!
أيا يمن أتذكرين كيف كانت العراق وكيف اصبحت؟ أو تذكرين كيف كانت سوريا وكيف اصبحنا نشيح وجوهنا عن وجهها المشوه لقسوة المنظر.. ولا اظن انك نسيت ليبيا التي اصبحت بلا ملامح.. أجل بلا ملامح، ومن منا بملامح.. ألم تشوه ملامح فلسطين قبل ذلك؟ الم تنزف؟الم تغتصب؟ ولكن كان كل ذلك بيد العدو.. وكان الشقيق إما متخاذلاً او صامتاً او متواطئاً.. أما ما يحصل الآن بين العرب فالشقيق هو المدمر والمغير للمعالم !! والعدو الرئيسي اخذ دور ليس الصامت ولا المتواطئ.. بل المشارك !!
وتنتظريننا بعد ذلك يا يمن؟!! يا يمن بلاد العرب اوطاني ولكن لا اجد فيها حانياً ولا أجد فيها عقلانياً وهذا ما يدمر عقلي وقلبي ووجداني.. اصبح الجنون عنوان المرحلة.. بربك يا يمن من اين جاؤوا بكل هذا الحقد واللؤم والدموية ؟ بل من اين جاؤوا ليمزقوا ويشعلوا نار فتنة عمرها اكثر من الف وأربعمائة عام؟! يا يمن كل من ذكرتهم لك يمزقون من الداخل أما انت فتمزقين من الداخل وجاء الشقيق الغني لا ليخفف من فقرك بل ليصطنع نزالاً بين الاقوى والاضعف في عربنا المحطم.. ومازلت تتألمين وتأملين منا ان نتأثر وتأخذنا الحمية العربية؟؟ يا يمن نحن الفلسطينيين نتألم ونعض على الجراح ونصمد ونقاوم منذ قرابة المائة عام ونستصرخ الضمائر العربية والاسلامية وندق نواقيس الخطر.. الخطر الداهم الذي يضعنا في رأس الحربة ولكن الهدف نحن وانتم جميعاً.. الهدف كل المقدرات والتراث والتاريخ والنسيج المجتمعي.. والهدف المرور على اجسادنا حتى يصلوكم جميعاً.. أو تنتظرين بعد انتظارنا يا يمن؟!
يا يمن دعك من كل ما ذكرت فقد كنت اعاني من هذيان وألم وأهوال المشهد من المحيط الى الخليج.. شعرت انني ارتشف الخمر المحرم حتى الثمالة لأجد الطعم مختلفاً.. طعماً ممزوجاً بالدم الاحمر فهو لا يجعلني ثملاً بل يصيبني بالغثيان والذهول والقرف.. أنشرب دماء بعض؟ أنلوك لحوم بعض؟ انهتك اعراض بعض؟ وباسم ماذا؟!! باسم الدين؟! والدين براء.. براء.. براء مما يفعلون!! يا يمن لا لاتحزني، والله ان نشفت الدموع فلدينا عصير دمائنا في المقل.. وان جفت الضمائر والاحاسيس فلهول الصدمة وتبقى فيها روح انتمائنا وايماننا ..لا تصدقيني يا يمن فيما فضفضت به من بعثرة الكلام فاليمن كما سوريا كما ليبيا كما العراق كما مصر كما كل من يُستنزف، هم في اعماق وجداننا واحشاء قلوبنا وفي عقولنا.. كما هو حال فلسطيننا.. وقد ضاعت البوصلة عند الكثير الكثير منا ولكن يبقى الخير والامل فينا وسيمرون ويرحلون بفكرهم الدموي وسنعبر المرحلة القاسية جداً.. فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيبقى في الارض.. وما يبقى في الوادي غير حجارة.!!
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42743.htm