علي عمر الصيعري -
ها هو العدوان السعودي الجائر على اليمن يدخل يومه الثامن عشر وسط اتجاهات توسيع رقعته المدمرة بالتدخل البري من دون أن يحقق هدفه الرئيسي.. فمع ذلك الدمار الكبير في البنية التحتية ، والحرائق واستشهاد المئات وتشريد الآلاف من المواطنين ، تزداد آلية العدوان الغاشم شراسة وعدائية.. ولو تتبعنا الدوافع والأهداف والمسببات لهذا الغزو، سيتضح لنا جلياً أنها تفوق الادّعاء السعودي القائل بإعادة شرعية الرئيس المستقيل "هادي" وتمكينه من حكم اليمن بقوة السلاح.. إذ ليس من المعقول أن تخسر السعودية ــ إلى حد الآن- 200 مليون دولار، والقائمة تطول، من اجل عيون "هادي".. كذلك لاكتشفنا بطلان ادعائها باستفزاز "الحوثيين" لها بارتباطهم بـ" إيران" وتنفيذهم مناورة عسكرية على الحدود السعودية قبل الغزو بأيام، بل ان وراء الأكمة ما وراءها، فتفاصيل الدوافع الحقيقية لهذا الغزو العدواني عدة ومتشابكة ولا يحتملها هذا الحيز ، لذا سنكتفي بإيراد مؤشرات دالة عليها في ما يلي:
أولاً: مرض الرهاب النفسي عند الاسرة الحاكمة من قوة وجهوزية الجيش اليمني، ذلك العرض العسكري الذي رصدته عياناً الاستخبارات السعودية عند زيارة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز عام 2000م لليمن أبان ولايته للعهد .
ثانياًً: العقدة السلطوية المتحكمة في آل سعود من نشوء أي نظام قوي مجاور لها والسعي لتفكيكه مثلما ساهمت في تفكيك العراق، والعمل على تبعية دول الخليج المجاورة لها.
ثالثاً: سعيها إلى ضم حضرموت كدويلة ضعيفة تكون تابعة لها، وذلك منذ أن اكتشفت حضرموت النفط بعد أول محاولات البحث عنه في سنة 1935م عندما منحت شركة (بترليوم كونيستيشن ليمتد) امتيازاً للتنقيب عن النفط في حضرموت ، وبعدها منحت شركة (بان أمريكان ) في الفترة من سنة 1961 - 1962م للبحث والتنقيب ، واكتشفته بكميات كبيرة في منطقة ثمود، فما كان من السعودية إلا أن دمرت وطمرت آبار النفط بالأسمنت والمتفجرات ، وبعد ذلك تمكنت حضرموت في أيام الوحدة من استخراجه إلى يومنا هذا .
رابعاً : سعي السعودية إلى ايجاد منفذ بحري لإقامة ميناء تصدير نفطي خاصٍ بها على ساحل حضرموت لكسر احتكار " إيران " لمضيق " هرمز " ومضايقتها للسعودية في تصدير نفطها عبره.. هذه هي الدوافع الأساسية لأسرة آل سعود لغزوها اليمن واستخدامها كل التحالفات بمساعدة الوفرة المالية المتاحة لها حالياً، ضاربةً عرض الحائط أواصر الجوار والتعايش السلمي بين دول المنطقة في مغامرة وقحة لن تحقق لها اهدافها السلطوية مهما انتصرت في حربها العدوانية هذه
وللخلاصة نختتم مقالنا هذا بما نشره الصحفي "باتريك كوكبيرن" المحلل السياسي في صحيفة "الأندبندنت" البريطانية، قال فيه: (السعودية ليست المملكة الأولى التي تتصور أنه يمكنها تحقيق الاستقرار لحكمها عن طريق شن حرب خارجية قصيرة تحقق فيها الانتصار، ففي عام 1914م كان لدى ملوك ألمانيا وروسيا والإمبراطورية النمساوية المجرية الفكرة نفسها، لكنهم عادوا أدراجهم في نهاية الأمر ، وربما ينتهي الأمر بالسعوديين لأن يجدوا أنفسهم انهم كانوا أكثر نجاحاً في تدمير الوضع الراهن لليمن أكثر من أي دولة أخرى ، ولكن قد يخيب املهم في تحقيق ذلك).