الثلاثاء, 14-أبريل-2015
الميثاق نت -  عبدالرحمن مراد -
< لا أستبعد كثيراً - إذا ما سلَّمنا جدلاً بنظرية المؤامرة التي تذهب غاياتها الى إعادة تقسيم خارطة الوطن العربي الى دول تقوم على أسس ثقافية وعقائدية وعرقية متناغمة - أن تعلن تركيا غداً تحالفاً عربياً أو دولياً وتعلن حرباً شاملة على مصر حتى عودة شرعية محمد مرسي، وقد صدرت من الرئيس التركي إشارات واضحة حين قال: لا يمكن الحديث عن عودة العلاقات بين مصر وتركيا قبل الإفراج عن محمد مرسي، ويبدو من الملامح الأولى للموضوع أن السيناريو سيتكرر في مصر وستكون تركيا هي بطلة الحدث القادم، والهدف من تكرار السيناريو اليمني هو زعزعة الاستقرار والتمهيد للأكراد في تركيا بالمطالبة بحق تقرير المصير.. وفي مصر هو التوسع والتمدد لاسرائيل في سيناء باعتبارها هي أرض الميعاد، ويبدو أن مصر ستدخل مجبرةً في تفاصيل السيناريو ولن تجد تعاطفاً عربياً بالقدر الكافي بعد أن استغرقت نفسها في المصالح الآنية التي لم تراعِ الأبعاد الاستراتيجية ذات المدى البعيد.
لقد أجمع كل المحللين أن السعودية أسست أو سنت سنة لا تخدم الاستقرار في المنطقة وقد كسرت حاجز الصمت حول النظام لأنه سيكون في مرمى الاهداف للانتفاضات الشعبية التي عانت من الكبت طوال العقود الماضية وهي بذلك قد أطلقت صفارة الانذار التي تنذرها بمستقبل غير آمن وغير مستقر وغير موحد، فالسعودية في المستقبل القريب لن تكون الا كلمات معدودات على صفحات كتب التاريخ لأن نَجْد ستعيد مكانتها في الخارطة وكذلك الحجاز وعسير -كما أن البعد التاريخي سيستعيد ما فقده طوال قرن من الزمان ونيف، وقد تذهب الاسرة المالكة الى مزبلة التاريخ- وقد تدل زيارة سلمان الى الدرعية- وهي نقطة البداية للحركة السعودية القائمة على المشروع الثقافي الوهابي كإطار أيديولوجي ظل يصدّر التخلف والرجعية ويحدّ من فاعلية الأمة وتفاعلها الحضاري وكان مصدر إعاقة للحركة التحديثية في البناءات العامة على مستوى الوطن العربي- أقول قد تدل تلك الزيارة التي قام بها خلال ما سلف من أيام على اكتمال الدائرة، وفي الاكتمال بداية النقص، ومؤشرات النقص دال عليها تصدّع التحالف الذي كان على توافق مع السعودية في عدوانها على اليمن، كما أن دخول العدوان اسبوعه الثالث دون أن يتمكن من تحقيق بنك أهدافه التي أعلنها لا يبشر السعودية بما كانت تأمله، فالطيران لا يحقق انتصارات ولكنه يساهم في تحقيقها، وفي كل الأعراف الدولية لا يتجاوز 48 ساعة، أما أن يستمر وبطلعات مكثفة كل هذا الزمن دون أن يحد من فاعلية الجيش اليمني المسنود باللجان الشعبية من بسط النفوذ على كل التراب اليمني وتتراجع أمامه وبشكل مذهل أدوات المملكة في اليمن وهي مليشيا هادي والقاعدة، فمثل ذلك دال على انتصار الإرادة اليمنية وقدرتها على تحقيق انتصاراتها وبسط نفوذها على ترابها، وفي السياق ذاته دال على هشاشة العدوان وبداية سقوطه.
لقد سقطت السعودية أخلاقياً في اليمن وكشفت عن سوأتها وأصبحت مادة التداول الاعلامي والثقافي وهي البعيدة عن الصورة التراجيدية السوداوية والحريصة على بيان الصورة وفصاحتها أمام العالم وهي تمول مؤسسات إعلامية كبرى في العالم حرصاً على نصاعة الصورة التي تشوهت بالدم اليمني وظهرت في كامل وحشيتها ودمويتها وبداوتها وصحراويتها، كما أن العدوان كشف عن قدرته على تضليل المؤسسة الدينية وتطويعها لتكون في خدمة دوام الملك في آل سعود، ولا أظن المؤسسة الدينية بعد كل هذا الدمار الذي حدث في اليمن ألا تدرك أنها باعت آخرتها بدنيا زائلة لآل سعود، ولا أظن ذلك الخطيب الذي ظهر على قناة «العربية» مساء يوم الجمعة 2015/4/10م وهو يتحدث عن عدوان أهل اليمن على السعودية وتهديدهم لسلمها وقتلهم لأطفالها وتهديمهم للمنازل والمساجد والمصانع والطرق والجسور إلا أنه سيراجع نفسه ويكتشف كذبه وزيفه وتضليله ويكتشف أنه كان عبد الدينار والدرهم ولم يكن عالماً دينياً منصفاً يقف على منبر الرسول عليه الصلاة والسلام وفي بيت الله الحرام ليصدر للناس ذلك القول المجافي للحقائق والوقائع زيفاً وتضليلاً وظلماً وعدواناً وخروجاً عن الحق ومنهج الله للناس إرضاءً لحاكم أو سلطان أو طمعاً في بضع دراهم معدودات.
نحن على يقين مطلق أن استمرار الغارات الجوية على اليمن ليس أكثر من مكابرة وضرب من الأماني لتحقيق نصر ولو كان وهمياً، فالأمراء الجدد على سباق مع الزمن لإثبات وجودهم في خارطة الحكم عن طريق اليمن، لكن الحسابات لم تكن في صالحهم، وقد قالت لهم العوامية في القطيف إن الأيام حبلى بالمفاجآت ولن تنفعهم حزمة التبريرات.. لقد سقطوا أخلاقياً وسياسياً ولا عزاء لهم.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:39 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42761.htm