علي عمر الصيعري - مما وردنا : ( تناول الإعلامي الأمريكي " جون ستيوارت " من خلال برنامجه الشهير "ديلي شو"، ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط والحروب المشتعلة فيها، مستضيفاً الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف." وقد علّق الاثنان على النزاعات الدائرة في المنطقة ، وكان مما تناوله "باسم يوسف - واصفاً بشكل ساخر التناقضات في التحالفات بالمنطقة - أن السعودية التي ساعدت الجيش المصري على الاطاحة بالإخوان المسلمين في مصر تحارب الى جانبه "الانقلابيين الشيعة " في اليمن ، وأن من يساندهم في ذلك هم الاخوان المسلمون في اليمن.. وعلق قائلاً: أن تنظيمي "داعش" والقاعدة سعيدان لما يجري للشيعة في اليمن، في حين ان السنة والشيعة في العراق متحالفان بالعراق في محاربة داعش).
مما تقدم نفهم أن السعودية بآلتها العدوانية المدمرة لا تقيم وزناً لهذه الانتقادات بقدر ما يهمها تحقيق البعد الأساسي من عدوانها الغاشم على اليمن الذي غفل عنه المحللون والمراقبون السياسيون إلى حد الآن والمتمثل في تحقيق حلمها الكبير في دمغ اتفاقية الحدود عام 2000م بطابع المشروعية إلى الأبد ، وليس كما يتوهم البعض أنها سعت لذلك العدوان من اجل عودة الشرعية للرئيس " هادي " الذي فقدها أصلاً بعد هروبه من صنعاء ، والتي ــ أي السعودية ــ تخطط حالياً لإزاحته من الحكم ، إذ ليس من المعقول أن تجازف باستقرارها الأمني وتخسر أموالاً طائلة دفعتها بشكل فاتورة لما سمته بـ" عاصفة الحزم " والتي بلغت حد الآن 200مليار دولار بحسب المراقبين الدوليين .إذاً ما هو البعد الأساسي لهذا العدوان ؟!
لعلنا نتذكر جيداً إن الأحكام الختامية لـ" اتفاقية الحدود " نصت على ألا تعتبر بنود الاتفاقية قاطعة بشكل نهائي إلى الأبد ـ أي لا تجدد كل خمسين عاماً ــ ما لم يوقع عليها " ثلاثة رؤساء شرعيين متعاقبين على حكم اليمن ، وما لم يتولّ احدهم الحكم عن طريق انقلاب غير شرعي.. فعملت على دعم ما يسمى بثورة 2011م التي قام بها الإخوان " حزب الإصلاح " ، وفي نفس الوقت حافظت على الرئيس السابق من موت محقق نتاج اقدام الإصلاحيين على تفجير " جامع النهدين " كي لا يقال إنه انقلاب عليه ، وعملت على تنازله عن السلطة ، وأعقبته بالمبادرة الخليجية التي جاءت بنائبه " هادي " والذي أملت فيه بعد ذلك خروجه من السلطة عن طريق الانتخابات الرئاسية، غير أن صاحبنا ماطل في التنازل بعد أن استطعم حلاوة السلطة.. وفي الأثناء خططت لإزاحته وكان لها ان تنجح لولا أن الحوثيين استبقوا مخططها بثورتهم في 21 سبتمبر عام 2014م وما تلاها من احداث متسارعة أدت إلى الدفع بالسعودية إلى استخدام " هادي " كورقة لتأزم الوضع وصبغ تلك الثورة بصفة الانقلاب وما حدث بعده من مخرجات ذلك العدوان الغاشم على اليمن تحت يافطة اعادة الشرعية لـ"هادي " كي ترغمه بعد ذلك على التنازل عن السلطة وتضغط عليه بتنصيب "خالد بحاح" نائباً له، وهذا ما هو حاصل حالياً ، ومن ثم ازاحة هادي وتنصيب "بحاح" رئيساً لليمن ليتسنى لها الحصول منه على التوقيع على " اتفاقية الحدود " بوصفه الرئيس الثالث الذي يعطي تلك الاتفاقية شرعيتها الأبدية، وهذا ما تأمل فيه السعودية ، غير أنها ستصدم بنقصان شرعية "بحاح" الرئاسية كونه " سيتجاوز بقبوله الرئاسة "مجلس النواب" والإرادة الشعبية ولن تكون لـ"بحاح" شرعية رئاسية وفق الدستور اليمني والقانون الدولي ، وستثبت الوقائع في قادمات الأيام صحة ما ذهبنا إليه ، فلننتظر ونراقب!!
|