محمد علي عناش - بكل المقاييس ليس هناك أي مبرر قانوني أو واقعي لهذا العدوان السعودي الهمجي على اليمن والقافز على كل الحسابات المنطقية والأخلاقية، وكل دول العالم مقتنعة بذلك، بما فيها بعض دول التحالف التي تشارك في هذا العدوان من باب الارتزاق والسمسرة في أسوأ وأحقر سوق وتجارة تحترفها السعودية منذ حرب الخليج الأولى حتى اليوم والتي بلغت فيها الذروة في التوظيف الأرعن لفائض الثروة في الانتهاك وارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في اليمن.. حتى هذه الدول الواقعة تحت أسر الإغراء وتعيش لحظة سقوط المبادئ بفعل هزات ربيع الفوضى والجنوح العربي، مقتنعة بلاشرعية هذا العدوان، وسيأتي اليوم الذي تعترف فيه بذلك، وتكشف فيه الأوراق والحقائق، عندما يسقط القناع ويظهر الوجه السعودي الدميم الذي يخفي وراءه كل هذا الدمار والمذابح والتخلف والإرتهان..
في اليمن ندخل الأسبوع الرابع من العدوان، وماتزال طائرات وبوارج الأعداء والمرتزقة تصب جام حقدها ومخزونها الهائل من القبح الدفين، صواريخ وقنابل طالت كل شيء حتى النازحين والمهمشين ومزارع الدجاج وصوامع الغلال، وإستمرار الحصار البحري الخانق الذي يهدف إلى تجويع الشعب اليمني وتركيعه، يستمر العدوان والطلعات الجوية التي بلغت حتى اليوم أكثر من 2000 طلعة جوية، واستمر الصمت الدولي ويستمر الشيك السعودي والخليجي مفتوحاً للمساومات وشراء المواقف والإنحراف بها ومسخها، وإستئجار المزيد من المرتزقة لشن العدوان وقذفهم إلى محرقة الحرب البرية التي لم تجرؤ السعودية أن تخوضها بمفردها حتى الأن، لذا تستأجر مرتزقة لإدراكها أنها لاتمتلك إنساناً يرتبط بوطن وهوية، فوطنه ليس له وذاته مأسورة ومختطفة، حتى جنسيته "السعودية" مكتسبة أوبالأصح مفروضة عليه باسم شخص اسمه "سعود" تدرك أنها لاتمتلك إنساناً يشعر بإنتماء حقيقي نحو شيء عظيم يستحق الدفاع عنه، لإنها مارست التدجين الثقافي والأسر للعقل والشعور بالقيمة، وكبح جماح التفكير الحر المستقل عن منظومة التفكير الجاهر والمعلب لمدرسة الأسرتين الحاكمتين" آل سعود وآل الشيخ" والنتيجة لهذا الكم الكبير من التدجين الممنهج صار واضحاً أن السعودية تنتج صنفين من البشر، الأول يعيش في نوادي القمار الليلية في مختلف دول العالم، والثاني يعيش في كهوف الجبال وبطون الأودية في مختلف البلدان العربية والإسلامية، ينشد إقامة دولة الخلافة الإسلامية بالأحزمة الناسفة والسكاكين، مغرمون بتفخيخ الأجساد وتمزيقها، لذا حيثما يوجد إرهاب ديني من هذا النمط، يوجد سعودي وتحضر السعودية بالعلاقة والتمويل، حتى "مطلق المطلق" نجل نائب رئيس المخابرات السعودية، وجد عام2012م مقتولاً ضمن قتلى جبهة النصرة في محافظة درعا السورية..
بكل بساطة، السعودية لا شيء في ميزان القوى والتفاعل الحضاري، سوى مخزون نفطي هائل، يوازيه مخزون هائل من التخلف والحقد الطائفي والتطرف والإرهاب عابر القارات.. السعودية حكاية بؤس ومأساة هذه الأمة، حكاية نفط يجلب العار ويكرس الخضوع والتبعية، ويبلد الأمة وينخر في جسدها وجسد الإسلام باسم الإسلام، هي حكاية لايكفي أن نسقطها أخلاقيا ونهزمها سياسياً وعسكرياً، بل أيضاً يجب أن فكك شفرات أمميتها الإرهابية، ونصرعها ثقافياً وفكرياً كي يتطهر العالم من الإرهاب، هذه هي معركة الأمة عامة واليمن خاصة مع السعودية.
وقد تمكنت اليمن- خلال هذه الفترة من العدوان- من أن تفضح السعودية وتجعل الرأي العام العالمي ينظر إلى السعودية باشمئزاز، كجهة وسياسة وبيئة ثقافية لها علاقة بظاهرة الإرهاب المتنامي والمنبثق من حاضنة ومدرسة ثقافية اسمها "الوهابية" والتي تجلى قبحها في مباركة مفتي السعودية وعلمائها لجرائم عاصفة الجرم، وفي دعوة التعبئة للجهاد في اليمن للدفاع عن الدين والحرمين الشريفين..
جذور الإرهاب الذي مارسته وتمارسه التنظيمات الإرهابية، هي جذور وهابية، من تنظيم الجهاد إلى القاعدة إلى بوكوحرام إلى داعش، الصورة الراهنة الأكثر فظاعة وعدمية للإرهاب تحت مسمى الإسلام.. الإرهاب يبدأ بفكرة وثقافة متطرفة ويصبح فعلاً وسلوكاً مدمراً وحروباً وذبحاً وأحزمة ناسفة، الإرهاب في أي منطقة يبدأ بمدرسة سلفية تدرس مبادئ الوهابية التكفيرية، وتنشط في البلدان على قاعدة الولاء والبراء، وينتهي بها الأمر إلى تنظيم إرهابي تحت أي مسمى.
|