فيصل الصوفي - العدوان السعودي على الشعب اليمني، الذي قتل وجرح نحو 5000 يمني حتى الآن، ولا يزال مستمراً تحت لافتة "إعادة الأمل"، هذا العدوان السعودي الوحشي، الذي دمر البنى الأساسية، وخرب العمران، لا يمكن تبريره، ومهما اجتهد السعوديون واليمنيون الموالون لهم، في تقليب المبررات، عبر وسائل إعلام العدوان، فإنهم لا يستطيعون إقناع المعتدَى عليهم بتلك التبريرات، ذلك لأن العدوان غير قابل للتبرير، بل إن قيادة العدوان نفسها إنما غيرت لافتة العدوان من "عاصفة الحزم"، إلى"إعادة الأمل" نتيجة ما تراه على الأرض اليمنية، ونتيجة زيادة الأصوات المطالبة بوقف العدوان.
مسئولون ومثقفون سعوديون، وعملاء يمنيون تابعون لهم، ساقوا المبرر بعد المبرر، وتخبطوا وتناقضوا، في اجتهاداتهم لتبرير العدوان، فمرة يقولون إن العدوان جاء بطلب من هادي لاستعادة شرعيته، ومرة يقولون إن اليمنيين هم الذين اعتدوا على حدود السعودية، فجاءت العاصفة السعودية لدحر "المعتدين اليمنيين"، ومرة يقولون إن "مليشيات الحوثيين والرئيس السابق" تعتدي على المدنيين اليمنيين، فكان لا بد من حرب سعودية عليهم من أجل حفظ أمن اليمنيين.. وكل هذه المبررات ظهر سخفها، ولم تصمد أمام شتى الفظائع وجرائم الحرب التي يرتكبها العدوان السعودي على الأرض اليمنية.. مؤخراً انتقل هؤلاء "المبرراتية"، إلى أسلوب آخر، قديم، جديد، للتبرير، وهو أن أمن المنطقة بات مهدداً من قبل اليمنيين، لأنهم يسعون لفرض المشروع الإيراني الفارسي الشيعي الاثناعشري في اليمن، وبالتالي كان العدوان السعودي على الشعب اليمني ضرورة، لمنع الرئيس السابق من إحلال القومية الفارسية، مكان العربية في اليمن، وقطع الطريق أمام عبدالملك الحوثي الذي يريد جعل اليمن شيعية أثناعشرية إيرانية.. هل رأيتم أسخف من هذا التبرير؟ من ذا يصدق أن الزعيم اليمني العربي علي عبدالله صالح، المعروف بنزعته القومية، التي تصل حد التعصب للقومية العربية، يمكن أن يتبنى مشروعاً قوميا فارسياً؟ ثم أن القومية الفارسية لا تجد من يبشر بها في النظام الإيراني، وهي قومية واحدة من مجموعة قوميات كثيرة في ذلك البلد، محصورة فيه، ولا نرى تحركاً لنشرها في الخارج.. كما يغفل هؤلاء حقيقة تاريخية، وهي أن المذهب الشيعي الاثناعشري وُجد في القطيف والأحساء شرق شبه جزيرة العرب، قبل وجوده في إيران، ووُجد في العراق وفي سوريا ولبنان، قبل إيران، بل ان هذا المذهب نقل إلى إيران من خارجها، ومن العراق تحديداً، حيث توجد مراجع الشيعة الأساسية في النجف وكربلاء.. وإذا كانت السعودية تخشى الفارسية والاثناعشرية، فما الذي جعلها الحليف الأكبر لإيران أيام حكم الشاه بهلوي، فإيران يومها كانت فارسية أكثر من اليوم، لأن نظام الشاه ارتكز على هذه القومية، وإيران يومها كانت شيعية مثلما هي اليوم.. والحق أن إيران في ظل حكم الشاه، كانت شرطي أمريكا وشرطي إسرائيل وشرطي الغرب عموماً، في المنطقة، والسعودية حينها كانت حليفة لها بحكم أنها مسخرة لخدمة المصالح الأمريكية، ولم تغير موقفها من إيران إلا بعد سقوط شرطي أمريكا.. ومع ذلك لا نصدق عندما يقال اليوم إن السعودية خصم حقيقي لإيران، بدليل أن علاقة السعودية بإيران، قوية، وحميميتها تزيد وتنقص حسب قانون السوق، أو متغيرات العلاقة الإيرانية مع أمريكا.
|