الثلاثاء, 28-أبريل-2015
الميثاق نت -    الدكتور علي مطهر العثربي -
< عندما قلنا بأن نفراً يقرعون طبول الحرب العالمية الثالثة من السعودية فإن ذلك لم يكن مجرد ردود فعل عاطفية من كاتب ومحلل ومؤرخ سياسي يعيش في كوكب آخر غير الأرض التي تدك جبالها بأحدث أنواع السلاح المحرم دولياً، بل نقول ذلك من تحت سماء استباح أشقاؤنا سيادتها وجعلوا من أنفسهم أدوات فاجرة لضرب مقدرات الشعب اليمني ومازالوا يلاحقون البشر والشجر والحجر وحولوا السماء والأرض والبحار اليمنية إلى حقل تجارب لأسلحة الدمار الشامل ثم يقدمون نتائج أفعالهم الاجرامية إلى القوى «الصهيوأمريكية»لدراسة آثارها التدميرية والعمل على تحديثها بما يحقق زيادة التدمير والقتل على طريق التحضير للحرب العالمية الثالثة التي تعد لها الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها، وهو ما قاله خبير الفكر الاستراتيجي الامريكي مستشار الأمن القومي وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر والذي أشرت اليه في موضوع سابق.

إن مؤشرات الحرب العدوانية التي يشنها أشقاؤنا العرب بالنيابة عن القوى الصهيوأمريكية تقدم الدلائل والبراهين العملية أنها حرب تجريبية لاختبار قدرات الإنتاج الحربي الأمريكي ومدى اختراقه للأرض والإنسان، وقد كانت تبحث الولايات المتحدة الأمريكية عن أرض جديدة وظروف مكانية جديدة تجرب الدمار فيها ولم يكفها ما فعلته في العراق وليبيا وسوريا وما فعله الصهاينة في غزة من استخدام أبشع أسلحة الفتك بالإنسان والأرض وكل مكونات الحياة الانسانية، لأن أشقاءنا في الخليج العربي لا يستغلون إمكاناتهم المالية إلاَّ في الملذات وقتل أشقائهم العرب تقديساً لرغبة قوى الاستكبار العنصري، ولكي يصور لهم العدو الحقيقي للأمة العربية والاسلامية أنهم أبطال رسم لهم سيناريو حرب اليمن وصنع لهم عدواً وهمياً وشبحاً مخيفاً لأشقائنا في الخليج وقال لهم عدوكم في اليمن «إيران» ولم يدرك الأشقاء أنهم قد وقعوا في فخٍ جديد من حلقة التفكيك والتدمير التي تسعى لها قوى الاستكبار العنصري لتجعل من هذه الدول الوهمية التي لا تملك سيادتها مسرحاً لعمليات الكر والفر القادمة التي تعتقد الولايات المتحدة بحتميتها في مواجهة الدب الروسي والتنين الصيني والتي لم تخف خوفها ورعبها منهما في كل أحداث الصراع الكوني.
إن نظرية «المصير الواضح» التي تعتمدها الولايات المتحدة الامريكية قد باتت هي المحرك للفكر الاستراتيجي العسكري الامريكي ولم تعد مجدية نظرية المجال الحيوي التي استقتها من الفكر الألماني التي تبناها هتلر في سبيل اجتياح أوروبا والقضاء على روسيا وإحكام السيطرة على القارة الأوروبية تحت الإرادة الألمانية في ذلك الحين، وتنفيذاً لهذه النظرية «المصير الواضح» تعد الولايات المتحدة الامريكية العدة لفرض الهيمنة المطلقة على العالم ومقدراته وتعمل من خلال المنظمات الصهيونية العالمية على طمس الهويات القومية والدينية للشعوب التي تقع تحت سيطرتها، لأنها لم تعد تؤمن بالاحتلال العسكري باعتباره مؤقتاً وقابلاً للزوال عندما تنهض الشعوب المحتلة من كبوتها، ولذلك فإنها تعتمد الاستيطان الفكري الواحد الذي يقدس الامبريالية الأمريكية وقد سلكت عدة طرق في سبيل إنجاز أهدافها الاستراتيجية ومن ذلك ما أفصح عنه ثعلب السياسة الامريكية هنري كيسنجر عندما قال: السيطرة على البترول هو الطريق إلى السيطرة على الحكومات والسيطرة على الاقتصاد هو الطريق الى السيطرة على الشعوب، فالولايات المتحدة الامريكية قبل أن تصل الى المواجهة المباشرة مع الدب الروسي والتنين الصيني لابد أن تمهد الطريق، لأنها مازالت تشعر بخوف لا مثيل له على الاطلاق وهو خوف لا يرقى الى مستوى الخوف من المنافس الروسي والصيني وهو الاسلام الحنيف وترى في التفاف الناس حول الكعبة المشرفة والحرم النبوي الشريف الرعب الذي يقض مضجعها ويهز كيانها وهو نفس الشعور الذي كانت تشعر به الامبراطورية التي لم تكن تغب عنها الشمس وهي بريطانيا وكانت ترى في ثلاثية الحرم المقدس المكي والمدني والمقدسي أعظم قوة تخافها وتهابها وقد أوكلت إلى يهود العالم العالم السيطرة على بيت المقدس لتحد من الرعب الذي تعاني منه، وبما أن أمريكا حسب تنبؤات المفكر الاستراتيجي ماهان هي الوريث الشرعي لبريطانيا فإنها تعد العدة اليوم لكيفية القضاء على ثنائي الرعب من الحرم المكي والنبوي المقدسين، وتحضر لحرب عالمية لتحقيق رغبتها، لأنها لا تنظر إلى الإسلام من منظار ما تشيعه من أفكار الارهاب، لأنها تدرك بأن الإسلام عقيدة وشريعة لا صلة له مطلقاً بتلك الافكار والاعمال الاجرامية، ولكنها تنظر إليه من منظار المنافس القادر على كسب العالم وتوحيدهم تحت مظلة وحدانية الرب، ومن أجله صنعت الارهاب ونسبته إلى الاسلام من أجل إعطائها المبرر لاجتياح المقدسات الاسلامية.
إن أشقاءنا في دول مجلس التعاون الخليجي مغلوبون على أمرهم ولا يمتلكون قرار إرادتهم السيادية لأنها منزوعة لقوى الاستكبار والاستعلاء العنصري «الصهيوأمريكي» منذ لحظة نشوء هذه الدويلات، ولأن ولاء هذه الدويلات للغرب فقد سيطرواعلى امكانات الخليج وجعلوا عائدات تلك الخيرات تحت إدارة شركات يهودية- أمريكية وأقاموا لهم المنشآت الصناعية جميعها على منطقة الخليج العربي الذين لا يعترفون بتسميته العربية وإنما يساندون إيران في تسميته الفارسية، لأنهم يدركون بأن الخطر الذي يشعرون به لا يأتيهم من إيران، لأن مصلحة الطرفين واحدة، وعندما اقتنص اليمنيون اللحظة التاريخية المناسبة لإعادة وحدة اليمن أرضاً وإنساناً ودولة في بداية العقد الأخير من القرن الماضي هبت القوى الصهيونية العالمية لممارسة الضغط على الأشقاء في المملكة العربية السعودية لمنع قيام الوحدة اليمنية بعد أن مارس اللوبي الصهيوني أساليب التخويف من قيام الوحدة اليمنية وأنها ضد المملكة العربية السعودية وبذلت جهوداً لا يستطيع أحد إنكارها في سبيل قتل الوحدة في مهدها وقدمت الإغراءات المهولة ولكن اليمنيين أدركوا أن هذه هي اللحظة التاريخية التي ينتظرونها لإعلان إعادة لحمة الوطن اليمني الواحد فاستغلوها وأصروا على تحقيق هدفهم الاستراتيجي الأكبر.
إن الضغوط التي مورست على المملكة العربية السعودية أثناء إعادة لحمة الوطن اليمني الواحد لم تقف عند حدٍ معين بل طالت كل دول مجلس التعاون الخليجي ومن ذلك ممارسة التخويف الذي تلقته الإمارات العربية المتحدة بشأن المناطق الحرة وأن إعادة وحدة اليمن خطر قادم على المناطق الحرة في الخليج من خلال إنشاء مناطق حرة على الشريط الساحلي الطويل للجمهورية اليمنية والذي يمتلك مقومات لا يمتلكها الشريط الساحلي الخليجي على الاطلاق، رغم أن اليمنيين أعطوا الفرصة للشركات الاماراتية لإنشاء المنطقة الحرة في محافظة عدن، فلو كانت المسألة الخوف من إيران على مصالح الخليج العربي وأن إيران لا ترضى عنها القوى «الصهيوأمريكية» لكان الأجدر بالأشقاء في الخليج العربي الاستفادة القصوى من الوحدة اليمنية التي برهنت لهم على مدى ربع قرن من الزمن بأنها عامل أمن واستقرار لمنطقة الخليج العربي، ولكن للأسف ضيَّع الاشقاء في الخليج العربي فرصة التحرر من التحكم الذي تفرضه إيران وقوى الاستكبار العنصري على مقدرات الخليج العربي من خلال سيطرة إيران على الجزر الاماراتية ومضيق هرمز، حيث أصبحت جميع مصالح الخليج العربي على مرمى المدفعية الايرانية.
إن واقع العلاقات الأمريكية- الايرانية- الخليجية يعطي وهجاً يبدد الأكاذيب والمزاعم التي قام على أساسها تحالف الشيطان ضد اليمن، وعلى الأشقاء في خليجنا العربي أن يدركوا أن مسرحية الخوف على مصالح الخليج العربي من إيران لم تعد مقبولة على الاطلاق وأن أمريكا والقوى الصهيونية ضد إيران لم يعد كذلك مقبولاً ولا يجوز التضليل على شعوبنا العربية بهذه الأكاذيب وهذا الزيف، وعليكم أن تدركوا أنكم في خليجنا العربي لستم أكثر من أداة تخدم قوى الاستكبار والاستعلاء العنصري في العالم وإيران واحدة من ذلك، وإلا بماذا تفسرون عدم اعتراف أمريكا وأوروبا بعروبة الخليج ومباركتها لإيران في احتلال أجزاء استراتيجية من أرض الخليج العربي، ثم إن إيران قد برهنت أنها تستخدم مصطلح الأقليات الشيعية الاثني عشرية في الوطن العربي في سياستها الخارجية كأدوات ضغط في مفاوضاتها مع العالم لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، وأن أدوات الضغط هذه لا تمثل شيئاً في استراتيجية بناء الامبراطورية الفارسية وأن مصالحها مرتبطة بالقوى الصيهوامريكية بدرجة أساسية، ولذلك فإن على الشعوب العربية أن تدرك أن التآمر يتم على أساس منع قيام الوحدة العربية المشروع النهضوي الذي يحمله اليمنيون ويناضلون من أجل تحقيقه.
ولئن كانت قوى الضلال والاستكبار قد استطاعت أن تخوف أشقاءنا في الخليج بالحركة الحوثية التي تعتقد أن لها ارتباطاً بإيران الفارسية فإن ذلك لا يعد مبرراً لقتل اليمنيين مددكم وسندكم القوي عند المهمات القومية الكبرى، وعلى المغرورين في الداخل الذين يستمدون قوتهم من غير الله ومن غير الإرادة الشعبية أن يدركوا تمام الإدراك بأن اليمن بلد الحرية والكرامة والعزة ويرفض التبعية أياً كان شكلها أو نوعها ولن ينجح في يمن الإيمان والحكمة إلاَّ كل من ينطلق من الإرادة الشعبية لليمن التي تستمد قوتها من الإرادة الإلهية التي لا غالب لها، والنصر حليف أحرار اليمن الذين يعتصمون بحبل الله المتين، والخزي والعار على الذين يرهنون أنفسهم لغير اليمن، والمجد والعزة لليمن الواحد والموحد والقادر والمقتدر بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-42904.htm