الإثنين, 18-مايو-2015
الميثاق نت -   محمد علي عناش -
< يُرفع الستار - جمال طفل في الثانية عشرة من عمره، والناجي الوحيد من أسرة طال منزلها قصف سعودي غادر - جالس بوضع حزين في الزاوية اليمنى من خشبة المسرح- فجأة يسمع صوت هدير طائرات العدوان وانفجارات عنيفة .. ينهض مفزوعاً ومذعوراً لا يدري إلى أين يتجه..



جمال: أين أذهب؟
لم يعد لي في الحياة سواك يا رب..
لا دار تأويني
فداري بالصواريخ تخرب..
ساقها سفاح نجد
وبحقد نحونا وجّه وصوّب..
لا أهل يرعوني..
فأهلي قتلتهم
دول الجرم المؤلب..
وأحلوا قتلهم بغياً بفتوى
مشائخ الدين المعلب..
<<<

صرت في الدنيا وحيداً
بلا أخوان يا رباه
ولا أم
ولا أب..
ها هنا كنا جميعاً
نتسامر
وهنا نأكل ونشرب..
وهنا أختاه كانت
دائماً تلهو وتلعب..
وتجدول شعر دميتها
وتشدو
ابنة الأربع زينب..
وإلى جانبها أصغرنا
كان يتسمع ويطرب..
<<<

لماذا قصفونا؟
قتلونا؟
دونما حق ومطلب..
واستأجروا حلفاً بغيضاً
من دمانا يتكسب..
ليتني مِتٌّ معاهم كان يا رباه أنسب
من بقائي وحياتي
في دجى الدرب معذب..
هنا تعاود طائرات العدوان السعودي القصف وسماع دوي انفجارات عنيفة، فيتحرك جمال شمالاً ويميناً وهو يصرخ (أين أذهب- أين أذهب) ثم يتوقف عند سماع صوت أمه من خلف الكواليس تقول له (كفكف دموعك يا بني) فيصرخ جمال بصوت منخفض ومتلهف (أمي- أمي).
الأم: كفكف دموعك يا بني؟
لن تضيع في بلد الوفاء
لن تذل في بلد الكرامة
والشهامة والإباء..
لن تجوع في بلد الخير
وينبوع العطاء..
<<<
الأب: كفكف دموعك يا ابن حمير
وحفيد تبع اليماني..
وسليل من طردوا الغزاة
على مدى الأزمان..
ومن جابت قوافل عزهم
عواصم البلدان ..
وحكت قروناً عنهم
نوارس الشطآن..
فلا تخف يا ولدي
فدارك اليمن..
وعزوتك وأسرتك شعب اليمن
جمال: لكنهم مازالوا يُقصفون
يُدمَّرون
ولقتلنا مرتزقة يستأجرون..
ومايزال الخائنون
من الرياض يؤيدون..
ويشترون بيننا رعاعاً
متجردين من الشرف..
يرفعون صور الحقير
ويشكرونه على الصلف..
ويرسمون له الطريق
ويحددون له الهدف..
الأم: ستموت عاصفة الدمار
رغم المآسي والمحن..
والعار سيلحق حلفهم
طول العصور والزمن..
لا تنسَ قط ما حدث
ومن تآمر وارتهن..
وكذا دروسك يا بني
بالعلم ينتظر الوطن..
مرة أخرى تعاود طائرات العدوان القصف، لكن جمال لا يبدو أنه خائف كما كان سابقاً خاصة بعد سماع صوت والده من خلف الكواليس..
الأب: لا تخف يا ولدي؟
يا فرحتي وسلوتي
وقطعة من كبدي..
هذا هو طبع اللئام
وثقافة أعداء السلام
ودينهم
وشرعهم بين الأنام
من أدمنوا التآمر
وصدروا الظلام..
الأم: هذه هي حكاية الألم
عن ملك الرمال
وخدام الحرم..
وحكاية النفط الذي
تدفق كالعدم،
فلا تنسَ ذلك يا بني
لاتنسَ من قصف
ومن أباح
ومن بصم
<<<
الأب: فليقصفوا .. ويقذفوا
لا تخف نفط البلادة..
قط لا تدعهم

يقصفوا فيك الإرادة..
أو يسحبوك إلى الكهوف
كي ينزعوا منك القلادة..
وينزعوا منك السلام
والتعايش والفرادة..
<<<
الأم: فكن كزهرة أقحوان
في بساتين العقول..
وكن كسنبلة
ستملأ السهول..
وغيمة تهمي على الحقول..
فتزهر الروابي
وتوقظ الجداول والغيول..
فيشدو الوادي الجديب
بأغاني الخصب والفصول..
لأنك إشراقة الاخضرار
وهم اصفرار وقبح مهول..
<<<
جمال:أماه لن أنسى الكلام
لن أنسى يا حبيبتي..
يا دفقاً من الحنان
تقتات منه مهجتي..
ويرتوي منه الفؤاد
وأستعيد بهجتي..
فقد وعيت حقدهم
وحفظت درس العزةِ
<<<
لن أنسى يا أبي
لن أنسى ما حصل
يا دمعة اغرورقت
بها الجوانح والمقل
لا لن يخيب في الرجاء
لا لن يخيب في الأمل
فقد وعيت مكرهم
وبنفطهم ماذا فعل؟
وبوجنتي أخوتي
اطبعا أحلى القبل
<<<
فاقصفوا ما شئتم
لن تسلبونا القرار
لن ترهبونا
سنظل نحفر في الجدار
ولن يمر من هنا
ملك الغباء والغبار
ونظل ثورة.. تسقط التتار
وتغسل المآسي.. وتمحو الدمار
وصمتكم وحلفكم
سيظل عار
يتجه الطفل جمال الى الأكوام المتناثرة يبحث عن قميص زيه المدرسي، ينفضه ويلبسه وينفض الغبار عن حقيبته المدرسية ويحملها على ظهره ثم يتجه الى مدرسته، حينها تمر طائرة العدوان، لكن جمال لا يخاف وإنما ينظر إليها باحتقار وسخرية ثم يواصل سيره الى مدرسته مبتسماً خاصة بعد سماع أخوية الصغيرين يقولان له من خلف الكواليس «مع السلامة».
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43056.htm