الإثنين, 15-يونيو-2015
الميثاق نت -   الدكتور علي مطهر العثربي -
أظهرت الأحداث الدموية التي تعرض لها اليمن منذ 2011م وحتى اليوم أن القوى النفعية لم تعد تعترف بالقيم الدينية والوطنية والانسانية، ولم يعد يهمها سوى تنفيذ رغبات اعداء اليمن وتحقيق التدمير الشامل الذي لا يستثني أحداً على الرقعة الجغرافية للجمهورية اليمنية، وقد مثل فرار هادي الى السعودية بالنسبة لهم الفرصة الثمينة لتحقيق رغباتهم السادية في الانتقام من الشعب الذي ظل أكثر من ثمانين عاماً يتلقى الكذب والزيف منهم من ثلاثينيات القرن الماضي، حيث ظلوا يحملون شعارات جوفاء متناقضة أدت الى تقسيمهم يساراً ويميناً كل طرف منهم يزايد باسم الوطنية على الطرف الآخر والشعب كان ضحية أفكارهم السوداء التي لم تقدم للبلاد والعباد سوى هذا الخراب والدمار الذي كشف عن زيفهم وكذبهم ودجلهم وقلة عقولهم واستماتتهم في سبيل الولاء لغير اليمن والارتهان لأعداء الانسانية، حيث أظهر تجمعهم بتلك الصورة المزرية في بلد العدوان الفاجر على اليمن أنهم مجرد عبدة الدرهم والدينار والدولار..
وأن الوطن في فكرهم جميعاً محطة للبيع والشراء باسم الوطنية الزائفة وأن الدولار قادر على جمعهم وتفريقهم شذر مذر، حيث أظهر تحالف الشيطان أن في الوطن العربي أعراب لا يؤمنون بوطن بقدر إيمانهم بالمصالح الخاصة جداً، وأنهم لا يمتلكون عهداً ولا ذمة ولا يؤمنون إلاّ بالمادة المجردة المتمثلة في الدفع المسبق لتخريب الوطن العربي وافساح المجال أمام قوى الاستكبار والاستعلاء العنصري لاستباحة المقدرات والمقدسات العربية والاسلامية، ومن أجل ذلك كانت الرياض للأسف عاصمة لأشرار وشياطين الأعراب التقى فيها اليساري واليميني في صورة تقدم فصلاً هزيلاً وعبثياً يعبر عن السخف والفجور الذي تجمع حوله الأعراب من الدول العشر المشاركة في العدوان على اليمن وبائعي الضمائر من أعراب اليمن الذين لم تجمعهم قيم ومبادئ انسانية بل جمعهم العدوان السافر على المبادئ الانسانية ليظهر الجميع في تلك الصورة المخزية التي أصبحت وصمة عار في جبين الانسانية لما لذلك التجمع من السفه الذي أضحك العالم وكشف عن الوجه القذر له.
إن الشعارات والأهداف الجميلة التي كانت تحملها تيارات اليمين واليسار قد خدعت الوطن العربي واصابته بفاجعة تاريخية كبرى أثرها أعظم من التدمير المادي الذي تعرض له اليمن من تحالف الشيطان وأعوانه الخونة، عندما كشف تجمع الرياض عن الوجه القذر لمن كانوا يتشدقون بتلك الشعارات ويتغنون بتلك الأهداف، حيث وقف جميعهم تحت قبة الدولار مسبحين ومهللين وربما وصل بالبعض منهم الى درجة الركوع والسجود، ليظهر بعد ذلك كله أن الدين بالنسبة لهؤلاء جميعاً مجرد وسيلة وليس غاية وأن القومية والاشتراكية وسيلة وأن الوطنية مجرد سلم للصعود الى قمة السلطة لنهب الشعوب والتحكم في مقدرات الوطن وهي الطريق -بالنسبة لمن جمعهم الدولار والمنفعة الخاصة- الواضحة لخدمة أعداء الأمة العربية والاسلامية وتنفيذ مخططاتهم الاجرامية والإرهابية لمنع قيام الوحدة العربية المصير والقدر الذي لا يمكن منعه بأي حال من الاحوال، وهم دون شك يجدِّون المسير في سبيل خدمة الاعداء، لأنهم باعوا كرامتهم وحريتهم ورهنوا شرف التاريخ وفضلوا حياة الذل والمهانة على العزة والكرامة وتجردوا تماماً من مكارم الاخلاق ومبادئ الدين وأواصر القربى، ولم يجمعهم في الرياض سوى الدولار فلا عهد لهم ولا ذمة وسيكونون نكبة على من يعتقد بإخلاصهم له.
لقد أشرنا في مواضيع سابقة الى أن الأعراب عبر مراحل التاريخ القديم والحديث والمعاصر نفر من النفعيين والانتهازيين الذين يقتاتون على بيع الضمائر ويخونون الوطن العربي ويتقربون بدماء بني أوطانهم الى اعداء الأمة العربية التاريخيين، وكان الأعراب أدوات تحرك من قبل القوى المعادية لوحدة الوطن العربي، لابقائه بلا دولة كما حدث بعد انهيار الامبراطورية الحميرية اليمنية في عهد الملك ذو نواس الحميري وما تلا ذلك في عام الفيل، وهي فترة الجاهلية التي عرفت باللادولة حتى بعث الله محمداً رسولاً ونبياً ورحمة للعالمين، وقد شهدت فترة الجاهلية الأولى تحالف قريش ضد رسول الله «صلى الله عليه وسلم» ومن ناصره من ابناء اليمن حتى جاء موعد هجرته «صلى الله عليه وسلم» الى يثرب حيث الأوس والخزرج من ابناء اليمن الذين احتضنوا الرسالة المحمدية وكانت لهم اليد الطولى في بناء الامبراطورية الاسلامية واستعادة الدولة التي غابت عنهم قروناً بسبب فسق الاعراب الذين كانوا أشد كفراً ونفاقاً.
إن الاصرار على البقاء والبناء والاعمار والاستخلاف في الأرض من شأن العظماء والنبلاء الذين أحبهم الله وحبب الناس فيهم، ومن أجل ذلك فإن تحالف الشيطان موعود بالفناء والزوال العاجل وليس الآجل، وأن الأرض اليمنية الطيبة والمباركة موعودة بالاعمار والازدهار والتقدم واعادة بناء الدولة اليمنية القادرة على حمل المشروع النهضوي العربي ولو كره الحاقدون والعملاء، وليدرك الانتهازيون والمخادعون والنفعيون أن اقنعتهم قد سقطت ولم يعد لهم سوى وجههم الحقيقي القميئ والفاجر المتصف بالغدر والخيانة، وسيستبرئ منهم الحجر والشجر وحتى الكلاب التي هي أكثر وفاءً من شرفهم الذي باعوه في سوق النخاسة وتعروا في الرياض وكل العواصم العربية التي شاركت في العدوان البربري السافر ضد اليمن وجعلوا أصحاب العقول المستنيرة يرددون عبارة ما أشبه اليوم بالبارحة، اليوم الذي ولد فيه تحالف الشيطان ضد يمن الايمان والحكمة والفقه والبارحة تحالف الشيطان في قريش في الجاهلية الأولى ضد محمد بن عبدالله ومن ناصره من أبناء اليمن الأحرار والذي أشرنا اليه في المواضيع السابقة.
إن تحالف الشيطان الذي ظهر اليوم ضد اليمن أداة من أدوات الصهيونية العالمية حيث نفذ مهمة تدمير الجيش اليمني والجيوش العربية منذ 2011م وحتى اليوم ولم يعد أمامه من أهداف عدوانية غير الاعتداء على التاريخ والتراث الانساني فاستباح السماء والبحار والبراري وصوب سهام غدره وحقده على كل معالم الحضارة الانسانية في اليمن حتى الأموات في مقابرهم لم يسلموا من كيد وحقد هذا العدوان الهمجي، وظن هذا التحالف الشيطاني أنه قد تمكن من تركيع الإرادة اليمنية الفولاذية ولم يدرك أنه بأفعاله الإرهابية قد وحد الانسان والحجر والشجر وحتى الحيوان من أجل مواجهة هذا السخف والعُهر الشيطاني ومنعه من تحقيق أهداف اسياده والرغبة السادية الخاصة بمكونات هذا التحالف الفاجر وحال دون التمزق والتشرذم الذي يصر عليه أصحاب العهر السياسي وبائعي الضمائر ومن سجلوا فشلاً ذريعاً في حياتهم السياسية وعرضوا انفسهم في مزاد علني لمن يدفع أكثر فخانوا الوطن وشربوا كأس المهانة وانغمسوا في سلة الارتزاق والغدر.
إن انتصار الارادة اليمنية إرادة إلهية رغم أنف الشيطان واعوانه، ومن يحاول النيل من تلك الارادة كشف الله أمره وأخزاه أمام العالم وفضح خطر تآمره على الانسانية، وكنا نعتقد أن هناك من يدرس التاريخ ويستخلص العظات والعبر ويقدمها لمن غرهم شيطان الصهيونية العالمية ولكن للأسف -كما أشرت في بداية هذا العدوان الفاجر- إن من يمتلكون الحكمة والعلم والعقل لم يعد لهم مكان لدى زعانف الشيطان، لأن مجالسهم باتت مملوءة بشياطين الإنس والجن وعباد المال والشهوات، الأمر الذي جعل القائمين على العدوان يعمهون في غيهم ويستبيحون كل المحرمات، ورغم هذا الصلف الشيطاني الذي أشعل ناره نفر من أشقائنا في المملكة العربية السعودية فإن اليمن يزداد قوة على قوة لأن ابناءه النجباء كانوا ومازالوا وسيظلون أشد تمسكاً بحبل الله المتين عنوانهم وحدة الارادة وقوتهم صبر الشعب وزادهم الايمان بالله رب العالمين، فعلى مدى أكثر من سبعين يوماً من الهمجية والغدر والخيانة والقتل المتعمد بأحدث أسلحة الدمار الشامل إلاّ أن اليمن أقوى وأعظم تمسكاً بوحدة الأرض والانسان والدولة القدر والمصير الذي لا رجعة عنه، والأكثر من ذلك أنه يمتلك إرادة البقاء وقوة الردع التي أذهلت العالم بمن فيه قوى تحالف العدوان ومن مدهم بأسلحة الدمار المحرمة دولياً وقد تمثلت قوة الردع التي أفزعت العدو وأثارت الرعب في كل مكوناته في وحدة الجبهة الداخلية وعزة النفس لدى الكرماء من أبناء اليمن والقدرة على التكيف السريع مع مختلف الظروف والابتكار في الحرب والمواجهة وتجاوز المعوقات وانصهار الارادة الكلية في الولاء الكلي لقدسية التراب اليمني وحالة التكافل والتراحم التي عاشها اليمنيون جميعاً وهم يقتسمون رغيف الخبز وشربة الماء ويفضلون الموت على الإهانة والاذلال، ولأن اليمنيين كذلك من النخوة والعزة والنجدة فإنهم يمتلكون أقوى سلاح وسيصنعون النصر اليماني المؤزر بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43212.htm