الثلاثاء, 30-يونيو-2015
لقاءات / محمد احمد الكامل -
كان أبناء الشعب اليمني يمنون النفس بمسألة انعقاد مؤتمر جنيف وبداية انفراج أزمات ظلت متفاقمة يوماً بعد يوم وإيقاف عدوان غاشم في حقهم ورفع حصار يمنع وصول ما يحتاجونه للبقاء في هذه الحياة بأبسط مقوماتها ، الا ان نتائج هذا المؤتمر كانت غير ما تمناه الشعب اليمني.
ما الذي يلوح في الأفق بعد مؤتمر جنيف وفشله حتى في اقرار هدنه انسانية يتنفس من خلالها الشعب الصعداء برفع الحصار الذي تفرضه قوى العدوان براً وجواً وبحراً في حق هذا الوطن وأبنائه؟
حول موضوع فشل مؤتمر جنيف وما يعنيه ذلك استطلعت صحيفة «الميثاق» آراء عدد من السياسيين والأكاديميين.. فإلى الحصيلة..
> الدكتور عبدالرحمن احمد ناجي فرحان -كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء- يقول: لن يُكتب لأي مساعٍ سياسية دولية النجاح في أي تسوية سياسية للعدوان المستمر على اليمن ما لم تأخذ تلك المساعي بعين الاعتبار أن من يتحدثون باسم اليمن من خارجه لم يعد لهم أي مشروعية لتمثيل اليمن..
مضيفاًً: إنه ينبغي في البداية إثبات صدق النوايا الحسنة للمجتمع الدولي بعيداً عن هيمنة بريق ووهج دولارات ومغانم (جهال) آل سعود وصفقاتهم المريبة المشبوهة التي وصلت لروسيا، موضحاً بقوله: ما لم فإن الإنسان اليمني مازال قادرا على أن يلوي أعناق كل من في الكون ، ويعلم العالمين أنه غير معني ولا يأبه مطلقاً لأي مؤتمر يشرعن لمن لم يعد لهم صلة بالشأن اليمني من قريب أو من بعيد، بشكل مباشر أو غير مباشر، مواصلاً حديثه قائلاً: وبالتالي ففي اعتقادي أن اليمانيين غير مبالين بتأثير أي مؤتمر دولي يأخذ بالحسبان كل ما تقدم، لأنه وببساطة شديدة لم يعد لديه ما يخشى خسرانه فقد دمر العدوان كل مقدرات الوطن وأزهق الأرواح واستباح كل المحرمات والمقدسات، وفاقت هستيرية المعتدي كل ما يمكن أن يتخيله عقل بشر، متسائلاً: فما الذي سيخسره بعد كل ذلك؟ اليمن غير.. وهذا ما ثبت من قبل وما ستعيد إثباته الأيام والأسابيع والأشهر والأعوام القادمة بمشيئة الله.. مشيراً إلى أنه لايمكن لاستمرار (المراجمة) بالصواريخ أن يكون بديلاً للحوار ، وقد ثبت ذلك فعليالثلاثة خلال الأشهر الثلاثة الماضية ، بل لقد اتضح بجلاء أن القوى الدولية قد تعمدت قذف السعودية وتوريطها في العدوان على اليمن.. مبيناً أنها تدرك تماماً أن اليمن يملك من الإرث الحضاري ما سيمكنه من الصمود ليس فقط لأشهر بل ربما لسنوات قادمة.. موضحاً أن المعتدي في نهاية الأمر هو من سيدفع ثمن عدوانه، ولهذا يقيني أيضاً أن العدوان على اليمن سيدفع ثمنه نظام آل سعود تحديداً، وستكون اليمن مقبرة لأولئك الغزاة الطامعين، وستؤدي مطامعهم إلى تفكك واندثار أسرتهم ومملكتهم عاجلاً أم آجلاً.. مضيفاً: عندها سيكون الحوار هو الحل والمخرج الوحيد للخروج من المستنقع والوحل الذي مرغ أنوف (جهال) آل سعود وأوردهم موارد الهلاك ، بعد أن أثبتت لهم الأيام أن من اعتمدت عليهم من العملاء والخونة المقيمين لديهم وأذنابهم داخل اليمن لم يعودوا يشكلون أي رقم ولم تعد لهم أي قيمة أو وزن وتحولوا إلى أوراق محروقة ذرتها الرياح ، وأن الحوار الوطني هو الوحيد الذي سيفضي لحلحلة الأزمة والخروج باليمن إلى بر الأمان..
واستطرد فرحان قائلاً: الحوار يجب أن يكون بين القوى السياسية الفاعلة في المشهد السياسي اليمني داخل الوطن ، أما أولئك الملفوظون خارجها فقد اختاروا نفيهم بأيديهم ولا مجال للتحاور معهم وقد تلطخت أياديهم بدماء مواطنيهم ولم يعد لهم موضع قدم داخل اليمن ، وإن عادوا فسيعودون إلى خلف القضبان كمتهمين بالخيانة العظمى..
> وقال الدكتور عبدالرحمن: أما بالنسبة لفشل مؤتمر جنيف ومن يتحمل مسئولية ذلك ففي تقديري أن مؤتمر جنيف حمل بذور فشله قبل انعقاده، ولو أن المجتمع الدولي كان صادقاً وأميناً في تعاطيه مع الشأن اليمني لما تواطأ منذ البداية وحتى اليوم مع دول العدوان وعلى رأسها جارتنا الجائرة ، وسكت وتعامى وتجاهل وتغاضى عن كل الجرائم غير الإنسانية التي مازالت ترتكب بحق الشعب اليمني المغلوب على أمره في هذا العدوان الغاشم الذي مازال يئن تحت وطأته حتى اليوم.. واستطرد قائلاً: كان الأحرى بالمجتمع الدولي- ان كان حقاً يتصرف بإنصاف كجهة محايدة غير متورطة فيما يحدث - أن يرعى حواراً بين السعودية كطرف معتدٍ واليمن كطرف معتدَى عليه ، أما أن يكون الحوار تحت مظلة الأمم المتحدة بين عناصر منبوذة متهمة بما هو أعظم من الخيانة العظمى، ومازالت تدّعي أنها سلطة (شرعية)- وهي لا تملك فعلياً من أمرها شيئاً، وتتحدث بلسان من جعلوا أنفسهم نعالاً في أقدامهم - فإن ذلك قد أظهر بجلاء النوايا السيئة المبيتة لرعاة ومنظمي ذلك المؤتمر الهزيل، وأنهم يريدون فقط أن يحققوا للمعتدين من خلال التفاوض ما عجزوا عن تحقيقه من خلال العدوان العسكري المباشر، محاولين تأصيل الشرعية المنتهية للملفوظين من عملاء آل سعود، وإظهار أن المفاوضات برعاية أممية في (جنيف) هي بين سلطة شرعية منفية ومنقلب عليها ، وبين متمردين انقلابيين ، وأضاف: طالما كان الأمر كذلك فإن اليمن غير معنية بذلك المؤتمر ونتائجه.. مشيراً الى ان المعول عليه هو ما يفرضه أبطال الجيش على الأرض بعون الله وحده ، بالإضافة لصمود وتكاتف وتماسك وثبات الجبهة الداخلية ، مهما ظهرت أبواق الأصوات النشاز لعناصر الطابور الخامس داخل الوطن من أذيال عملاء وخونة الخارج.
> من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور ناصر الطويل أن فشل مؤتمر جنيف كشف ان بعض القوى السياسية اليمنية تعول على الحرب في تحقيق بعض أهدافها، أكثر من اعتمادها على الحوار والتوافق مع بقية القوى الأخرى، ما يعمل على اتساع واستمرار الحرب مع الغرق أكثر في الارتهان لقوى خارجية.. وقال: إن فشل مؤتمر جنيف اظهر نوعاً من الإحباط لدى المواطنين مع إضعاف ثقة وعلاقة الشعب بنخبه السياسية إلى جانب تعبيره بشكل جلي عن مستوى الأنانية العالية لدى الأطراف السياسية المتصارعة في البلاد، موضحاً أن هذه القوى في وادٍ، ومعاناة الشعب وأوضاع الوطن في وادٍ آخر، حيث إن الخلافات فيما بينها ليست بالكبيرة، إذ كان بالإمكان تقديم تنازلات من مختلف الأطراف المتصارعة للخروج بنتائج تعمل على إخراج المجتمع اليمني من هذه المعاناة التي يتجرعها.. مبيناً ان هذه الأطراف لا تنظر إلاَّ إلى مشاريعها ومصالحها الخاصة فقط، وتعمل جاهدة على كسر إرادة الأطراف الأخرى وبالتالي هناك مؤشرات الى هذه الحرب - حتى وان توقفت خارجياً - ستستمر داخلياً مع إصرار كل طرف من الأطراف المتحاورة على التمسك برؤية معينة لطبيعة ومسار الحوار نفسه..
> وقال الدكتور ناصر الطويل: لا شك أن جميع القوى السياسية تتحمل مسئولية هذا الفشل ولكن ضع في الاعتبار الاختلاف في نسبة ما يتحمله كل طرف.. مضيفاً: كنا نراهن ونمنّي النفس على الطرف الذي جاء من الداخل أن يكون أكثر مرونة كونه لامس وعايش معاناة المجتمع وحالة الإنهاك والدمار الذي وصل إليه.. أما الطرف المحسوب على الخارج - المؤيد للعدوان - لم نعول عليه في شيء لأن مساحة التحرك لديه ضعيفة ما يؤثر على سلوكه ومواقفه بعكس قوى الداخل - الرافضة للعدوان - فهي ليست مرهونة بأطراف خارجية لذلك أظن أنها تتحمل مسئولية أكبر لما لديها من هامش حرية تتحرك بحرية ودون قيود.. مختتما حديثه بالقول: لا حل للصراع في اليمن إلاَّ من خلال حوار يمني وتوافق كل القوى السياسية اليمنية بعيداً عن الأمم المتحدة أو أي دور خارجي لما له من تأثير سلبي في المرحلة الراهنة خاصة - في إعاقة إي اتفاق يمني بما ان هناك مصالح متضاربة للقوى الدولية تجاه اليمن .
> فيما يقول المعيد بقسم العلوم السياسية جامعة صنعاء الأستاذ عبدالحميد جريد: توقعت مسبقاً فشل مؤتمر جنيف وذلك لمؤشرات ، تمثلت في تغيير الموعد المحدد لبدء الحوار ومن ثم عدم الالتزام الحقيقي من قبل المكونات السياسية اليمنية بتسمية أعضاء الوفد لكل مكون، إضافة للتأثيرات الدولية والإقليمية على المكونات السياسية اليمنية وخاصة مكون الرياض.. مبيناً أن هذا الفشل يعني الكثير حيث كان الشعب اليمني يترقب نتائج ذلك الحوار علَّه يجد حلولاً ملموسة للأزمة السياسية والاقتصادية وإيقاف العدوان السعودي، لكن دون جدوى مما عمق لدى المواطن اليمني أزمة ثقة بينه وبين النخب السياسية..
موضحاً أن المكونات السياسية - وخاصة المكون المتحالف مع العدوان - منفذون لخطط دولية وإقليمية من أجل تدمير اليمن، حيث لم نلحظ في موقفهم التعبير عن إرادة الشعب اليمني، وإنما كانوا تحت وصاية دول..
> وأضاف الأستاذ عبدالحميد: للأسف الشديد إلى الآن الحرب هي البديل ، حيث لم يكن مؤتمر جنيف هو أول الحوارات بين الأطراف المتنازعة فقد سبقته حوارات تتمثل بمؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة.. مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في وجود فجوة ما بين النظرية والتطبيق، رغم أن المخرجات تصب في حل النزاع لكن لم تلتزم تلك الأطراف بتطبيق ما تم الاتفاق عليه..
وتابع: فكيف تريد القول بأن الحوار هو البديل عن الحرب وكل مكون سياسي لا يتنازل عن رأيه، ويعتبر خصمه السياسي عدوه الأول، رافضاً حتى الاعتراف بالآخر حوارياً، موضحاً أن مفهوم الحوار هو طرح كل فريق فكرته أو رؤيته للتشاور والحوار للوصول إلى المشروع والرؤية الأفضل والأنسب التي يلتزم من خلالها الجميع وتكون هي الفكرة المعمول بها..
مضيفاً: لكن المكونات السياسية اليمنية تدخل الحوار وهي تفكر بالقوة أكثر من الفكرة، كما لا نغفل التدخلات الإقليمية والدولية التي تؤثر على تلك المكونات ومواقفها لاستمرار الصراع.. مبيناً أن مسئولية فشل مؤتمر جنيف من الناحية الأولى والاهم تقع على عاتق جميع المكونات السياسية - وإن بنسب متفاوتة - لأنها لم تلتزم بالحوار ولم يكن لديها النية والإرادة الحقيقية لحل أزماتهم ولو وجدت النية لدى تلك المكونات لما ظهر مؤتمر جنيف من أساسه، ومن ناحية أخرى تتحملها دول الإقليم لعدم كف عدوانها على الشعب اليمني واستمرار دعم خلاياها وأذيالها في الداخل اليمني، إضافة إلى الأمم المتحدة التي لم تقم بدورها ووظيفتها الفعلية في إلزام الجميع وتفعيل القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي لإنهاء الحرب والعدوان على اليمن.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43364.htm