الميثاق نت -

الثلاثاء, 14-يوليو-2015
بقلم/ عبده محمد الجندي -
< يا شيخ حمود سعيد المخلافي ارحم نفسك وارحم أسرتك وأبناء المخلاف بشكل خاص وارحم أبناء تعز بشكل عام لا تكن سباقاً لرفض الهدنة الإنسانية التي فرضها المجتمع الدولي بدون شروط وقبلت بها كل المكونات السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية لأن حاجتك للهدنة ناتجة عن الوضعية القتالية الهشة التي أوقعت نفسك فيها.. وتذكر أن دماء الناس وأرواحهم وأموالهم وأعراضهم لا تساويها الملايين ولا حتى المليارات، فأنا أصدقك القول إن حزني على ابنك وأخيك لا يقل عن حزنك، أما حزني على تعز وأبنائها فلا أستطيع أن أصارحك به لأنك سوف تعتبره نوعاً من أنواع المزايدة السياسية بما هو إنساني، لأن الآمال والتطلعات تتجه الأيام القليلة الى ما بعدها من هدنة دائمة ينتهي فيها العدوان، ليس من حقك أن تطلب أن يكون الثمن خروج أنصار الله من المدينة ومن المحافظة، لأنهم يمنيون مثلي ومثلك فيهم من هو من أبناء تعز وفيهم من هو من المحافظات والمدن اليمنية الأخرى.. مثلهم مثل أبناء التجمع اليمني للإصلاح وأبناء المؤتمر الشعبي العام المتواجدون في جميع المحافظات والمدن اليمنية، وقل بمعنى أدق مثلهم مثل أبناء محافظة تعز المتواجدون بكثافة في جميع المدن والمحافظات اليمنية ولا تكن ملكياً أكثر من ملوك السعودية الذين فرضت عليهم الهدنة بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر على العدوان الذي عجز عن تحقيق أهدافه المعلنة.. أقول ذلك وأقصد به مخاطبة التجمع اليمني للإصلاح عبرك لأنهم اختاروا الموقف الخطأ في الحسابات.. وأقول بالمناسبة مخاطباً أنصار الله ومخاطباً المؤتمر الشعبي العام محذراً من الدخول في فخ المهاترات الدعائية الهادفة الى زجهم في متاهات ناتجة عن حرب إعلامية لا ناقة لهم فيها ولا جمل سوف تستفيد منها القوى المضادة المؤيدة للعدوان ويتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها سوى المؤيدين للعدوان والمعارضين للهدنة الإنسانية لأن الحرب في بدايتها كلام.. وما أحوجنا الى اعطاء الأولوية للحوار على الحرب وللاستخدام العقلاني للوسائل السلمية على الوسائل العسكرية بعد أن أصبحت بلادنا قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الوشيك للأوضاع الإنسانية، بما في ذلك محافظتا تعز وعدن الأكثر استقراراً وثقافة وتقبلاً للدولة المدنية الحديثة.

قد يقول البعض إن أنصار الله هم الذين تسببوا في هذه الحرب المجنونة، فأقول بالأحرى ان المسؤولية الكبرى تقع على كاهل القيادة السياسية والحكومة التي طالبت المملكة العربية السعودية بما أطلقت عليه عاصفة الحزم - إعادة الأمل- وعلى وجه الخصوص الأحزاب والتنظيمات السياسية المؤيدة لها وفي المقدمة التجمع اليمني للإصلاح الذي أعلن صراحةً تأييده العدوان الجوي وأقحم قياداته وقواعده للمشاركة فيه من البر تحت اسم المقاومة للقوات المسلحة واللجان الشعبية التابعة لأنصار الله وللرئيس السابق..معتقداً بذلك أو قل بمعنى أدق مفترضاً أن العدوان الخارجي أو الغزو الخارجي هم المواطنون اليمنيون وأن أنصار الله وأتباع الرئيس السابق الذين يواجهون العدوان والغزو هم الغزاة غير اليمنيين في لعبة سياسية يفهمها الشعب اليمني إلاّ أنها عملية استغفال واستهبال واضحة وغير قابلة للتبرير والتضليل الاعلامي والعسكري والسياسي نظراً لما يمتلكه الشعب من الوعي والفهم الثوري الطويل الذي تكوَّن عبر سنوات من النضال الوطني قبل وبعد قيام الثورة اليمنية «26سبتمبر و14أكتوبر» وحتى هذه اللحظة تحول فيها بعض من كنا نسميهم بالأمس بالقوى الجمهورية الى قوى ملكية - إمامية- ومساندة للمملكة العربية السعودية، وتحول فيها من كنا نطلق عليهم بالأمس بالقوى الملكية - الإمامية- الى قوى جمهورية تدافع جنباً الى جنب مع المؤتمر الشعبي العام عن الاستقلال والسيادة الوطنية مناهضة لعدوان المملكة العربية السعودية.. ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه ما تقوم به المملكة وحلفاؤها اليوم مع ما كانت تقوم به المملكة وحلفاؤها بالأمس في التصدي للثورة اليمنية مع اختلاف السلاح والحلفاء والقوى المضادة للثورة والجمهورية والاستقلال والوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية..

أعود فأقول إن بعض الجمهوريين- أفراداً وأحزاباً- قد كرروا اليوم ما قام به رموز النظام الملكي الإمامي بالأمس من بيت حميد الدين في طلب الدعم السعودي للعودة الى الحكم، متسببين بحرب أهلية استمرت ما يقرب من سبعة أعوام، وأن ما يقوم به الكثير من الهاشميين في أوساط أنصار الله وأوساط المؤتمر الشعبي العام قد أثبتوا أنهم اليوم كما كان بعضهم بالأمس أكثر ثورية وجمهورية من أولئك المتساقطين من أحزابهم الذين أعلنوا في مؤتمر الرياض تأييدهم عاصفة الحزم واستعدادهم لتحمل مسؤولية القتال البري على بلادهم الذي عجزت المملكة عن القيام به، مستفيدين من الدعم المالي والعسكري والسياسي والإعلامي من المملكة السعودية وبعض الدول العربية والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التي أصدرت القرار رقم (2216) كمظلة للتغطية على العدوان غير الشرعي وغير الدستوري وغير القانوني الذي استمر ما يقرب من أربعة أشهر متواصلة قُتل فيه أكثر من خمسة آلاف مدني وعسكري، وجرح فيه أكثر من عشرة آلاف مدني معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن والمدنيين.. الخ.

ومعنى ذلك أن ما كان يزايد به التجمع اليمني للإصلاح وشركاؤه من خوف على النظام الجمهوري لم يكن صحيحاً من الناحية الواقعية التي أكدتها التجربة والممارسة القتالية على الصعيد العملي، لأن الواقع هو الناطق بالحقيقة التي زايد عليها الاخوان المسلمون في الجمهورية اليمنية، لأن ما يقوم به أنصار الله يعرّي هذه المزايدات وتلك المكايدات السياسية المبتذلة على نحو أكد ما كان يدور بالأمس من الشكوك والهواجس الأيديولوجية الإمامية حيناً والجمهورية حيناً والطائفية معظم الأحيان بصورة عرضت هؤلاء السياسيين الانتهازيين للتعرية غير القابلة للبس وغير القابلة للعبة الباطن والظاهر التي تظهر غير ما تبطن على نحو جعل الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب اليمني بشكل عام وأبناء تعز وعدن بشكل خاص يكتشفون ما خفي عنهم من الحقائق التي تمترست خلفها ثورات الربيع العربي التي سرقها الاخوان تحت وهم الحرص على بناء الدولة المدنية الحديثة الأكذوبة الكبرى التي انتهت بهم الى سلسلة من الانتكاسات والهزائم المتلاحقة بأقصى قدر من السرعة ولم يبقَ لهم منها سوى ما يلوكونه من المصطلحات البائسة ذات الاسطوانات المشروخة والتكرار الممل الذي يطلقون به على الجيش اليمني واللجان الشعبية المساندة له، بمليشيات الحوثي والرئيس المخلوع حيناً والمتمردين على القيادة والحكومة الشرعية حيناً آخر، حيث توقفت مطالبهم عند نطاق القرار رقم (2216) الصادر تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي تحفظت عليه جمهورية روسيا الاتحادية كمشروع خليجي لتبرير ما أقدمت عليه من عدوان مخالف لكل النواميس السماوية والقوانين الوضعية والإنسانية.

وعوداً على بدء يمكن القول إن الذين يطالبون صراحةً بعدم عودة المشاركين في مؤتمر تأييد العدوان في الرياض لديهم الكثير من المبررات الداعمة والمساندة لطلبهم على قاعدة ما انتهت اليه المصالحة الجمهورية الإمامية من عودة الذين شاركوا في الحرب باستثناء بيت حميد الدين الذين حصلوا على حق الإقامة كمواطنين سعوديين، لأن ولاءهم كان للرياض أكثر من ولائهم لصنعاء.. وفق ماكان يطرحه الجانب الجمهوري من مبررات لعدم القبول بعودتهم لليمن حكاماً عليه أو حتى مواطنين فيه لأنهم رفضوا الانصياع لإرادة الشعب اليمني وثورته التي رفعت الأهداف الستة للثورة اليمنية الرافضة لحكمهم الإمامي والرافضة للاستعمار البريطاني.

قد يقول البعض إن المساواة بين الجرم الذي ارتكبه الرئيس هادي وحكومته والقيادات السياسية والحزبية المؤيدة له وبين الجرم الذي ارتكبته أسرة بيت حميد الدين الإمامية التي كانت حاكمة لا تخلو من الظلم، لأن المطالب الإمامية من المملكة العربية السعودية كانت محصورة بالمال والسلاح والتأييد السياسي، تاركين القتال مع الجمهوريين للشعب اليمني بين المؤيدين لبيت حميد الدين والمؤيدين للنظام الجمهوري، أما ما طالب به هؤلاء فيتجاوز الشعب اليمني الى المطالبة بالعدوان عليه وحصاره حتى الموت من جميع المنافذ الجوية والبرية والبحرية، أي وضعه تحت الانتداب والوصاية الاستعمارية، وهذه سابقة لم تحدث في تاريخ الاستنجاد بالأشقاء والأصدقاء وطلب مد يد العون، لأن هادي وحكومة بحاح المستقيلة والأحزاب المؤيدين له خالفوا دستور الجمهورية اليمنية والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة واتفاق السلم والشراكة الوطنية وقرارات مجلس الأمن الدولي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، حيث ضربوا عرض الحائط بهذه المرجعيات مجتمعة والهيئة الناخبة له وأجازوا عاصفة الحزم دون عودة الى المؤسسات الدستورية ممثلة بمجلسي النواب والشورى الذي تقدم اليه رئيس الجمهورية باستقالته قبل هروبه من العاصمة السياسية للدولة اليمنية ولم يكتفِ بما تركه من الفراغ الدستوري بقدر ما تجاوز ذلك الى طلب عاصفة الحزم تحت شعار «إما أن أحكمكم وإما أن أقتلكم» بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحكام الجمهوريين أو الملوك المستبدين، ومعنى ذلك أن الجرم الذي عوقب عليه الأئمة لم يكن بمستوى الجرم الذي قام به هؤلاء الحكام الجمهوريون الذين يضعهم الدستور النافذ للجمهورية اليمنية في خانة العملاء والخونة الذين باعوا الشعب وباعوا اليمن بأبخس الأثمان جراء ما أحدثه هذا العدوان من القتل وجرائم الإبادة الجماعية والدمار الشامل.

وفي هذا الإطار من حق المتظاهرين في الشوارع اليمنية ومن حق المقاتلين من الجيش واللجان الشعبية أن يطالبوا هؤلاء بعدم العودة الى اليمن لأنهم أثبتوا بالدليل المادي القاطع أن ولاءهم للمملكة العربية السعودية التي يساندون عدوانها ويقاتلون بصفها أكبر مرات عديدة من ولائهم للجمهورية اليمنية أرضاً وشعباً وقيادة، والآن عرضوا أنفسهم لعقوبات الخيانة العظمى التي تصل حد السجن المؤبد والإعدام، إذا ما أُحيل أمرهم للقضاء اليمني ليحاكمهم بالقوانين المستمدة من الشريعة الاسلامية.

أقول ذلك وأقصد به ما أشبه ما يحدث اليوم بما حدث البارحة من مواقف متناقضة ولكن عبر قوى مختلفة.. إن الماضي بمجرد وقعه يفلت من إمكانية الإلغاء، وليس أمامنا الا تصحيح وتصويب ما بقى من الخطأ والمظلومية بإعطاء بيت حميد الدين الذين يرغبون في العودة حق العودة الى بلادهم ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات التي يكفلها دستور الجمهورية اليمنية لكل المواطنين اليمنيين..

أما أصحاب الجرم الأكبر والجريمة اللاحقة الأشد ضرراً على الوطن والمواطن اليمني فإن المصلحة العامة تقتضي التعامل معهم بسيف القانون ليس عن طريق حرمانهم من حق العودة وحقوق المواطنة وإنما عن طريق الحوار السياسي الذي يقوم على الإقناع والاقتناع، إقناعهم بما اقترفوه من الذنوب وما ألحقوه من الأضرار الكارثية بحق الوطن والمواطن اليمني.. وإعطائهم حق التقاضي العادل أمام المحاكم اليمنية لتبرئة أنفسهم وما قاموا به من أعمال، نصفها نحن بالعمالة والخيانة، ويصفونها هم بأنها ليست سوى سياسية يلجأ فيها الطرف المهزوم للاستعانة بما لديه من التحالفات والصداقات والعلاقات الخارجية بحثاً عن انتصارات بأساليب ووسائل غير مشروعة، مدعياً أن الانتصارات التي حققها أنصار الله لم تكن ناتجة عن تفوقهم بقوتهم الذاتية، بقدر ماهي ناتجة عن علاقاتهم الخارجية بجمهورية إيران الاسلامية، الا أن الأهم من ذلك وذاك وما يجب تقديمه على المهم هو الإجماع على المطالبة بوقف العدوان وإنهاء الحصار الشامل الذي تفرضه دول العدوان على الشعب اليمني من الجو والبر والبحر والمطالبة بعد ذلك بتعويض ما لحق بالشعب والوطن من أضرار بشرية ومادية بأسلوب العقاب الجماعي بصورة تتنافى مع القوانين اليمنية والقوانين الدولية ولكن بعقلية وروح الفريق الواحد وبإجماع جميع المكونات السياسية على قاعدة الاعتراف بأن الشعب هو المصدر الوحيد للسلطة وفقاً لما تعنيه الديمقراطية والعدالة من تعددية سياسية وحزبية وتعددية اقتصادية واجتماعية وتداول يحقق الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة من خلال الأساليب والوسائل السلمية الخالية من الصراعات والحروب.

أعود فأقول إن ما اُبتليت به المحافظات والمدن اليمنية من الأضرار التي جعلت اليمن دولة منكوبة وفاشلة- حسب ما تجمع عليه جميع التقارير والمعلومات الدولية المحايدة والإنسانية منها والحقوقية على وجه الخصوص، ومعنى ذلك أن ما يحدث في تعز وفي عدن هو نفس ما يحدث في صعدة، وما يحدث في حجة- لا بل قل إن ما يحدث في المحافظات الجنوبية والشرقية- هو نفس ما يحدث في المحافظات الشمالية والغربية لأن الوطن واحد والشعب واحد مثله مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو وجزء تداعت بقية الأعضاء والأجزاء بالسهر والحمى.

قد يقول أنصار الله إن جمهورية إيران الاسلامية لم تكن طرفاً في الحرب، كما هو الحال في تدخل المملكة العربية السعودية باعتبارها الطرف الرئيس في عدوان جوي استمر ما يقرب من أربعة أشهر متواصلة دمر الحرث والنسل.. وأن دورهم في مساندة الجيش كان من باب الاستجابة للصمود والتصدي للعدوان مثلهم في ذلك مثل بقية المكونات السياسية التي شاركت في لقاء جنيف وما نتج عنه من جهود دولية ويمنية أسفرت عن هدنة بدون شروط سوف تؤسس لعودة الجميع الى طاولة الحوار السياسي بحثاً عما تبقى من حلول جماعية للمسائل الخلافية.. وان حقهم في التضحية على درب الدفاع عن الاستقلال والسيادة الوطنية كان رصيداً عالياً، مثلهم بذلك مثل المؤتمر الشعبي العام والقوى الرافضة للعدوان وانه جزء لا يتجزأ من القوى الجمهورية والثورية والوحدوية والديمقراطية التقدمية.. وأن الرئيس هادي وحكومته والقوى السياسية المتحالفة معه وفي مقدمتها التجمع اليمني للإصلاح هي القوى المضادة للثورة والمعادية للجمهورية والمتحالفة مع القوى الرجعية التي أكدت عبر التجربة والممارسة العملية انها تقول عكس ما تفعل وتفعل عكس ما تقول.. وانها تعمل بالندية التي تقوم على ظاهر وباطن.. وان الشفافية قد أكدت بالدليل أن الباطن الذي تضمره للوطن والشعب يتنافى كلياً مع ما تتظاهر به من مزايدات ومكايدات سياسية هي التي تتحمل وزر ما حدث لجميع المحافظات والمدن اليمنية من القتل ومن الدمار ومن الحرب غير المتكافئة.

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43487.htm