الثلاثاء, 14-يوليو-2015
الميثاق نت -  عبدالرحمن مراد -
< ثمة شيء يبعث على السخرية والضحك وما كان لنا أن نضحك أو نسخر لولا دعوى عيال العاصفة المسئولية الوطنية والشرعية الدستورية، فقد تمادوا في الغيّ والوهم إلى درجة «كبيرة» بل كاد «بحاح» أن ينفي يمنية أهل اليمن وهو يقول إن اليمن محتلة من قبل إيران ويدعو إلى تشكيل القوة العربية لتحرير اليمن، وكأنه بمثل هذا التصريح الذي أطلقه في العاصمة الأردنية عمّان يصل إلى مرتبة أولئك الذين قالوا نحن أبناء الله واحباؤه فقد قيل إن الروح تبرز في التابع وتظهر كأثر في الأقوال والسمات والصفات، فضلاً عن نفي اليمنية عن الجيش اليمني وعن اللجان الشعبية.. والجيش واللجان الشعبية هم عموم اليمن لأنهم ينتمون إلى كل اليمن ولا نرى فيهم أحداً من غير أهل اليمن، فكيف لمعتوهٍ كبحاح أن يدعو إلى تحرير اليمن من أهل اليمن، إنه الغباء بعينه والافلاس من كل المشاعر الوطنية والانتماء والهوية الحضارية والثقافية، والارتهان.. وأذكر أنني كتبت على صدر صحيفة «الميثاق» مقالاً حمل عنوان «بح.. آح» والعنوان كان تجزئة لمفردة «بحاح»..

وقلت حينها إن «بح» تعني العدم «وآح» الوجع، وتمنيت في مضمون المقال أن لا تجمع حكومة بحاح بين مفردتي العدم والألم (بح.. آح)، وقلت أيضاً ما نصه: وقولي «بَحْ.. استناداً الى حالة التعطل والشلل التي تصيب مؤسسات الدولة المختلفة وحالة الاتساع في الاشكالات الإدارية والموضوعية والتي لا تجد قدرات ابتكارية قادرة على ابتكار الحلول اللازمة وبما يسهم في إخراج البلد من أزمته»..

ويبدو أن الواقع لم يتجاوز حدسي في بحاح وفي حكومته، فمازال ينطبق عليه ما قلته بالأمس، لأن خصائص الكتلة والغباء واحدة ولا يمكن لها التبدل الا بمتغيرات مناخية وثقافية كبيرة وذات أثر نفسي واجتماعي عميق.

تصريحات بحاح في العاصمة الأردنية لم تكن تنمّ عن وعي بل عن تيه وتخبط، ودالة على أن «عيال العاصفة» لا قضية وطنية لهم بل أصبح نشاطهم تبريراً مفضوحاً لوهمٍ عاشوه ونقلوه الى حكام المملكة فصدقوه، ولم يجدوا من تعويض نفسي عن هزائمهم الأخلاقية والسياسية إلا التبرير والتعويض بما يتوازى والأثر المالي الذي حصلوا عليه من حكام المملكة.. ومن غرائب المضحكات أن يكون الخطاب الإعلامي التابع لعيال العاصفة ساقطاً كسقوط القائمين عليه الذين لا يرون في الكذب والتضليل إلا عادةً واعتياداً ولا يشعرون بأنفسهم إلا كعادتها هواناً وذلاً، وقديماً قال المتنبي: من يهن يسهل الهوان عليه، ولذلك سهل عليهم في مقابل المال كل شيء، فلم يزدهم الله إلا ذلاً وخبالاً.

ومن الطرائف أن نقرأ خبراً يقول إن الرئيس هادي يحث الحكومة في اجتماع موسع على العمل الجاد للتخفيف من معاناة المواطنين، وهو ومن شايعه منذ أكثر من ثلاثة أشهر في فنادق الرياض، والاجتماع كان بفندقٍ في الرياض ولم يكن في دار الرئاسة بصنعاء أو أية مدينة يمنية.. بمعنى أدق ما كان لهادي ولإعلامه وما كان لعيال العاصفة كلهم أن يمنعوا في السقوط الى درجة الترمد التي وصلوا اليها بل كان الأجدر بهم، وقد عاشوا في كنف معاوية، أن يعوا مغزى شعرة معاوية فلا تنقطع بينهم وبين وطنهم، لأن آل سعود في أية لحظة تاريخية فارقة يتخلّون عنهم، إذ لا ثوابت في السياسة كما أنّ آل سعود لا أخلاق لهم فقد ثبت لنا في تاريخهم الحديث كيف تعاملوا مع البدر بعد أن هيمنوا على مفردات اللحظة السياسية في اليمن، وقد كانوا يخوضون حرباً حقيقية مع جمال عبدالناصر ولم يكن الإمام محمد البدر إلا واجهة في الدفاع عنهم وعن رجعيتهم في عقد الستينيات، وقد تقاطعت المصالح المشتركة بين البدر الذي رغب في استعادة عرش اليمن من ثوار سبتمبر 1962م وبين حكام آل سعود الذين خافوا أن ينال المد التقدمي من رجعيتهم، ولذلك يمكن أن يقال إن حرب عقد الستينيات من القرن الماضي كانت حرباً بالنيابة للدفاع عن رجعية المملكة، وحين أطمأن آل سعود على مستقبلهم تركوا الإمام محمد البدر ليخسر قضيته ولم يبالوا به، وثمة فرق بين عيال العاصفة وبين الإمام محمد البدر، فعيال العاصفة يدركون تمام الإدراك أن لا قضية لهم وقد تركوا مواقعهم بقناعات مطلقة والتزموا الصمت والحياد من تفاعلات اللحظة السياسية اليمنية، ثم جاءت المملكة لتصنع بأموالها منهم قضية غير ذات معنى أو قيمة وطنية، ولكنهم رأوا في الأموال مغريات جمة ، فكان احتراقهم وترمدهم الوطني ثمناً لنزوات شباب ومراهقي السياسة في المملكة الذين تعددت لديهم أسباب العدوان، وذلك دال على تيه المراهقين من شباب السياسة الذين يبحثون عن أمجاد وانتصارات لتضاف الى سجلاتهم وتكون لهم دافعاً في التفاعل المستقبلي مع المجد والحكم.. ومن العجائب أن يصبح كهول السياسة من عيال العاصفة دمى في كفوف صبيان نجد يلهون بهم ويلعبون وهم خانعون ومستسلمون.. ولعمري إن مثل ذلك لهو الهوان والخزي، ولكنهم قوم لا يعلمون.

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43497.htm