الميثاق نت -

الإثنين, 03-أغسطس-2015
بقلم/ عبده محمد الجندي -
< الاصطفاف العجيب الذي تعتقد المملكة العربية السعودية أنها تقوده للخلاص من أنصار الله بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام، هو في حقيقته اصطفاف مركب من مكونات متطرفة تلتقي على الارهاب وتختلف على كل شيء، وتلتقي على حاجتها الملحة للسلاح والمال السعودي وتختلف عما لديها من الاجندة والقناعات الأيديولوجية والسياسية الى حد التضاد.
وسنحاول فيما يلي الإشارة من بعيد الى ما تمثله من التكوينات والقناعات المتموضعة خلف التظاهر بالحرص على شرعية الرئيس هادي وحكومته واتخاذه ستاراً لتمرير ما لديها من باطن يتنافى مع ما يريده المجتمع الدولي الداعم والمساند بقوة لهذه الشرعية.
أولاً التجمع اليمني للإصلاح - الاخوان المسلمون- بأجنحتهم الاسلامية المتشددة.
ثانياً: شركاء الاخوان المسلمين ممثلين بما يسمى بفلول الجيش الوطني بقيادة اللواء علي محسن الأحمر ومن يؤيدهم من أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذين فقدوا قاعدتهم القبلية.
ثالثاً: السلفيون الذين ينضوون في نطاق حزب الرشاد السلفي الذين لا يختلفون عن القاعدة وداعش وأنصار الشريعة إلا بخيط رفيع وقابل للانقطاع عند أول لحظة تقاطع.
رابعاً: الحراك الانفصالي المسلح الذي لا يؤمن بالوحدة اليمنية ولا يؤمن بالديمقراطية ولا يؤمن بشرعية الرئيس هادي وحكومته ويناضل من أجل فك الارتباط وعودة الدولة الجنوبية بقيادة الرئيس السابق علي سالم البيض.
خامساً: المليشيات التابعة للرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي القادمة من تجمعات أيديولوجية وسياسية مختلفة ومعظمهم من المنتفعين في السلطة والثروة.
سادساً: تنظيم القاعدة ومنهم تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم داعش وهم خليط من اليمنيين والسعوديين والأجانب المتعددين الجنسيات ولا يؤمنون إلا بالارهاب كوسيلة وحيدة لإقامة دولتهم الاسلامية السنية المتشددة والمتطرفة.
سابعاً: ما تبقى من شركاء التجمع اليمني للإصلاح - الاخوان المسلمين- وهم جماعتان:
أ- الاشتراكيون الذين فقدوا قاعدتهم الحزبية التي توزعت على الحراك السلمي والحراك المسلح ورغم تظاهرهم بالوحدة الفيدرالية وعلى أساس الاقليمين للحفاظ على قاعدتهم إلا أن قناعاتهم لا تختلف عن قناعات الانفصاليين الذين يلتقون على إعادة الدولة الجنوبية.
ب- الناصريون الذين أجبرتهم ظروفهم المادية وانحصار تواجدهم في تعز على العداء لأنصار الله، وربط حاضرهم ومستقبلهم بالتجمع اليمني للإصلاح -بالرئيس عبدربه منصور هادي بدون قناعة.
أعود فأقول إن هذه الجماعات المتعددة الأهداف والنوايا التي تنطوي تحت عباءة الاصلاح قد عجزت عن الاستيلاء على أجزاء من مدينة عدن ومدينة تعز ومدينة مأرب من خلال عملية قتالية برية ما لم يتوافر لها الغطاء الجوي والبحري المصري السعودي، بدليل تسمُّرها في جميع الجبهات القتالية في تعز وفي مأرب وغيرهما من المحافظات الشمالية والجنوبية تحت يافطة المقاومة الشعبية.
أقول ذلك وأقصد به أن هذه المقاومة الهزيلة تتكون من الاخوان المسلمين وحلفائهم وشركائهم باستثناء الحراك المسلح، والتي تحاول الاستيلاء على السلطة والانتصار على الشعب اليمني بإمكانات وسلاح المملكة العربية السعودية والدول المتحالفة معها، لا اعتقد أنها قادرة على الاستمرار والحفاظ على ما تحققه من انتصارات يدفع الشعب ثمنها عن طريق التضحية بما لديه من الأرواح ومن الدماء ومن الأموال غير القابلة للنسيان وهذه حقيقة يدركها من أجبرتهم ظروفهم على القتال في صف المعتدين الذين سوف يتحولون الى هدف للقوى الوطنية عند أول لحظة يتوقف فيها العدوان وينتهي فيها الحصار الظالم، ناهيك عما تحس به من استماتة في الحيلولة دون تحقيق هذا النوع من الانتصارات الزائفة مهما كتب لهذا العدوان والحصار أن يستمر بقوة الحديد والفولاذ تحت مظلة مجلس الأمن الدولي الى حين، في عصر أصبح فيه هذا النوع من العدوان والحصار سلاحاً فاسداً ترفضه الشعوب المحبة للأمن والسلام والاستقرار، في عصرٍ يقال عنه عصر العولمة والاتصالات والمعلومات والقنوات الفضائية وحقوق الإنسان والخصخصة وحرية التجارة وعدم جواز استعباد الشعوب نظراً لما يسببه هذا العدوان الهمجي من إحراج للدول العظمى التي تزعم دعمها للاستقلال والحرية ورفضها العدوان من الدول الغنية على الدول الفقيرة من خلال تجارب فاشلة لم ينتج عنها سوى زرع الارهاب، في وقت تعاني هي من حرب على الارهاب.
أقول ذلك وأقصد به أن الطرف المستفيد من هذه الضربات العدوانية والانتصارات الاستعمارية يزعم في الوقت نفسه أنه في حالة مواجهة فورية مع ما تمثله هذه القوى المختلفة التي تلتقي جزئياً على الارهاب وتختلف كلياً على بناء الدولة المدنية الحديثة، بعد أن أكدت التجربة في أكثر من بلد من بلدان ما سمي بالربيع العربي أن هذه القوى المتمترسة خلف الطائفية والمذهبية السنية الاسلامية قد حولت بلدان الربيع العربي الى ساحات للفوضى الناتجة عن الصراعات والحروب المذهبية الأهلية، كما حولت الشعوب الغنية الى شعوب فقيرة.
ومعنى ذلك أن ما قد يحدث في اليمن بدعم ومساندة سعودية أمريكية عربية وغربية سوف يتجاوز الساحة اليمنية الى الساحة الخليجية والساحة الدولية نظراً لما تمثله اليمن من أهمية استراتيجية، وقبل ذلك وبعد ذلك نظراً لما تمثله الأنظمة الملكية الخليجية من قبضة شمولية ترفض الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وذلك ما جعل الرئيس الأمريكي يجاهر صراحةً بأن الخطر على حلفاء أمريكا في الخليج العربي ليس من جمهورية إيران الاسلامية بقدر ما هو خطر ناتج عن تعاملها المستبد مع شعوبها ومع شباب هذه الشعوب المحرومة من حقوقها السياسية والديمقراطية والطبيعية للمواطنة المتساوية في عالم يقال عنه عالم الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية السياسة والصحافة والتجارة وحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية، الأمر الذي يدفع هذه الشعوب المحرومة الى التطرف والارهاب الباحثة عن جنة عدن الآجلة بعد أن ضاقت بها الحياة بما رحبت وأصبحت الحياة بدون الحرية بمثابة عقوبة تنزل الإنسان منزلة عبودية تعيده الى ما قبل التاريخ وما قبل الأيديولوجية وما قبل الثورة والدولة الديمقراطية.
أعود فأقول إن دعم المجتمع الدولي ومساندته لهذا العدوان هو في أبعاده بمثابة تخلٍّ سافر عن الواجبات التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وما تفرع عنه من الهيئات والمنظمات والقوانين الإنسانية والدولية ذات الصلة بالحقوق والحريات العامة والخاصة للشعوب وللجماعات وللأفراد.. في محاولة يائسة وبائسة لفرض رئيس فقد شرعيته واستنجد بالضرب لقتل وتدمير شعبه ووطنه وأصبح مرفوضاً بكل المعايير والمقاييس الدولية والديمقراطية والإنسانية مهما كانت المبررات التي تقتل الشعب بأسره باسم الانتصار للقيادة والحكومة الشرعية المستقيلة، لأن الإعلان عن استبدال الجيش اليمني واللجان الشعبية الداعمة له معناه استبداله بجيش من الارهابيين الذين ينضوون تحت عباءة الاخوان المسلمين والرئيس الفاقد للشرعية، وكما يلاحظ من خلال الهويات الأيديولوجية والسياسية لهذه النتوءات والجماعات المقاومة انها تمثل التجمع اليمني للإصلاح وشركاءه الذين ركبوا ثورة الشباب كسلَّم للاستيلاء على السلطة بموجب المبادرة الخليجية وفشلوا في إدارة الدولة فشلاً ذريعاً حال دون تحقق الحد الأدنى من الوعود التي أطلقوها للبسطاء والمحتاجين واتهموا من خلال سياسة الاخونة بأنهم سرقوا من الشباب ثورتهم وحولوها الى اقطاعيات انشغلت بتدمير الدولة ممثلة بمؤسساتها الدستورية وعملوا على تمزيق ما لديها من المؤسسات العسكرية والأمنية بصورة قادت البلد الى حافة الإفلاس والضعف الذي مكن لأنصار الله أن يتحولوا من قوة متواضعة ومحصورة في مناطق معينة الى قوة شعبية تحتل المرتبة الثانية بعد المؤتمر الشعبي العام الذي حاولوا تدميره بإسناد رئاسته للرئيس هادي وإزاحة رئيسه من الحياة السياسية باعتباره صفحة يجب طيّها بقرارات دولية مسنودة من الدول الراعية للمبادرة الخليجية إلا أن الشعب اليمني فطن لما يحاك له من مؤامرة داخلية مدعومة من الخارج ومفروضة عليه، فكانت المواقف المؤتمرية حاسمة ورافضة لكل المغريات حيث اكتفت بالتمسك برئاسة المؤتمر مقابل تخليها عن مؤسسات الدولة التي أُبعدت منها بتصفيات ممنهجة ومنظمة حتى وجدت نفسها تلتقي في ساحة المعارضة مع أنصار الله الذين مورس بحقهم الإقصاء والتهميش السياسي غير الديمقراطي وحُرموا من المشاركة في حكومة الوفاق الوطني التي أصبحت محتكرة من المشترك وشركائهم ومن الرئيس هادي والمؤيدين لهم، إلا أن شعور الرئيس بعد أن فقد حزبه الذي أوصله الى الحكم وانشغاله بنفسه دون انشغاله بمهام الدولة جعله يدرك أن أيامه معدودة وأنه لا يمثل تلك القوة التي راهنت عليها المملكة العربية السعودية ودعمتها بالكثير من الامكانات المادية جنباً الى جنب مع الدعم السياسي اللامحدود للولايات المتحدة الامريكية والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الذي وضع اليمن تحت الانتداب والوصاية حتى كانت الجرعة السعرية ورفع الدعم عن المشتقات النفطية لتكشف أن رئيس الجمهورية وحلفاءه لا يمثلون القوة القادرة على تمرير الجرعة لأنهم يفتقدون الى الثقة ويتعاملون مع السلطة والثروة بعقليات العصابات التي تمارس الاستعجال والاستهبال والاستعجان في جمع االثروة الخاصة وشرعنة الفساد والاستهبال عن طريق اتهام المؤتمر بأن رئيسه هو المعرقل الوحيد للتسوية السياسية ومعاقبته مع اثنين من قيادات أنصار الله الذين تصدروا الرفض لتلك الجرعة المجنونة والقاتلة، مدعومين بالمظلومين من أعضاء المؤتمر الشعبي العام الذين تعرضوا للإقصاء والإبعاد تحت ضربات حركة الاخونة النشطة التي فرضت قبضتها على المؤسسات العسكرية والمدنية للدولة.
حقاً لقد اعتقد الرئيس هادي أن بمقدوره شراء أنصار الله للتخلص من خطر الاخوان المسلمين على حكمه، الذين تعاظمت سيطرتهم على مفاصل الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، فراح يقرب أنصار الله ويسهل لهم الاستيلاء على المحافظات الخاضعة للسيطرة الاصلاحية - الاخوانية - بداية من محافظة عمران ومروراً بأمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وذمار والحديدة وتعز وصولاً الى عدن، التي اتخذها عاصمة لدولته بعد استقالته وهربه من العاصمة صنعاء، حيث استهل حكمه في عدن بإقصاء العسكريين الشماليين وتمكين القاعدة من التنكيل بهم وقطع رؤوسهم بتلك الطريقة المتوحشة التي ساعدت الجيش واللجان الشعبية على دخول عدن وإجباره على الهروب الى عمان ومنها الى الرياض التي اتخذت من ضعفه ورقة للتدخل في الشأن اليمني تحت غطاء التحالف العربي الذي استمر يقصف الشعب اليمني أربعة أشهر متواصلة ومازال دون تحقيق أي مكاسب عسكرية تفتح الباب لتحقيق ما تتطلع اليه من مكاسب سياسية تستبدل أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بالاخوان المسلمين وحلفائهم وشركائهم الذين سبق وأن أدرجتهم في قائمة الارهاب.
أقول ذلك وأقصد به أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها سوف تشعر بالندم ولكن بعد فوات الأوان، التي ما برحت تبذل كل ما لديها من القدرات العسكرية والاقتصادية والإعلامية لتمكين عملائها من الانفراد بالسلطة رغم ما لديها من المخاوف.. والشيء المؤسف أن الاخوان المسلمين الذين تعاونت السعودية مع الجيش المصري على الإطاحة بحكمهم في جمهورية مصر العربية يقبلون القيام بدور يؤكد أنهم لا يقيمون وزناً لما تحتمه الوطنية من المبادئ والمثل غير القابلة لدعم الغزاة والعمل تحت رايتهم لتمكينهم من السيطرة الاستعمارية على بلادهم.
مؤكدين بذلك أنهم عبارة عن حفنة من العملاء والخونة الباحثين عن السلطة والثروة بأي ثمن مهما كان حقيراً ومخزياً لأنهم بلا قضية وبلا موقف يتخذون الاسلام وسيلة لتحقيق ما لديهم من الاطماع، ربما لأنهم لم يكونوا يعتقدون أن القوى الرافضة للعدوان سوف يكون بمقدورها الصمود والتصدي لهذا العدوان الذي استطاع شراء العالم بأسره.
صحيح أنها تتظاهر بأن ما يدفعها الى التمسك بشرعية الرئيس هادي وحكومته في المنفى هو الخوف من تمكن أنصار الله الموالي لجمهورية إيران الاسلامية ذات الايديولوجية الشيعية الاثنا عشرية، لكن الصحيح قبل ذلك وبعد ذلك أن أنصار الله يمثلون المذهب الزيدي المستنير الذي يطلق عليه الباحثون المحايدون أنه «سنة الشيعة وشيعة السنة»، وانه الخلاص من القوى الرافضة للعدوان هو في أبعاده الأيديولوجية خلاص من القوى الوسطية المعتدلة ممثلة بالمؤتمر الشعبي العام وزعيمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أقام مع الدول الخليجية أفضل العلاقات ووقَّع معها أهم الاتفاقات الحدودية على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وان لقاءه مع أنصار الله بدافع الحرص على عدم تركهم يشعرون بأنهم المستهدفون من جميع القوى والتنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تتخذ من الطائفية مبررات لزج اليمن والخليج في حروب طائفية ومذهبية لا يستفيد منها سوى الارهابيين الذين يتخذون من البكاء على الدولة الاسلامية مشروعية للقضاء على جميع الأنظمة السياسية والتيارات الوطنية والقومية المؤمنة بالديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان وحرية التجارة..
لأن ظهور القيادات العسكرية لما يسمى بالجيش الوطني بمثابة رسالة اطمئنان لكل الجماعات الاسلامية المتطرفة والمتهمة بالارهاب ودعم ومساندة الارهابيين الذين يلتقون على الرغبة في إعادة الحياة للخلافة الاسلامية واتخاذ شرعية عبدربه منصور شماعة للحصول على ما هم بحاجة اليه من شرعية وطنية وإقليمية ودولية وما هم بحاجة اليه من المال والسلاح والدعم الجوي والبحري من أجل مستقبل تتموضع به الدولة والقيادة بين القيادة العسكرية الباحثة عن حياة سياسية جديدة تمكنها من الانتصار لهدف إقامة الدولة الاسلامية في الوطن اليمني وفي العالم العربي والاسلامي باعتبارها أحد أهم المطلوبين للإدارة الامريكية التي تعتبر الارهاب في اليمن يمثل دعماً للارهاب في الولايات المتحدة الامريكية والعالم العربي بشكل عام.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43572.htm