الإثنين, 03-أغسطس-2015
الميثاق نت -     عبدالرحمن مراد -
يارب العدوان على النهاية - «وهو سينتهي في كل الأحوال سواءً اليوم أو غداً-» وقد فشل في تحقيق أهدافه سواءً حقق انتصاراً عسكرياً أو لم يحقق، فقد أضحى الأمر سيان، وتوحدت مشاعر اليمنيين نحو النظام السعودي وأصبح العملاء الذين في الداخل أو في الرياض بدون قيمة، وثمة احتقار وانتقاص لقيمة كل الذين يتعاملون مع النظام السعودي، ومثل هذا التحول في البناءات الثقافية والاجتماعية والسياسية يجعل استمرار العدوان أو توقفه وتحقق انتصار عسكري أو الإقرار بالهزيمة في الميدان سيان، لأننا بالقياس الى الهدف الحقيقي من وراء العدوان -وهو فرض الهيمنة على القرار السياسي اليمني- نكون قد وصلنا الى مرحلة مغايرة لا تشبه كل الذي كان ولكنها مرحلة مغايرة كل التغاير وهي ترسم نفسها وملامحها بالدم اليمني المسال في كل ربوع ووديان ونجود وجبال اليمن.. لقد خسرت السعودية رهاناتها وخسرت الدرع الواقي لها من سهام المصالح الاقليمية التي كان العدوان سبباً مباشراً في تعزيز مشاعر الثأر وسبباً مباشراً في اليقين باستهداف حالة الاستقرار في عموم المنطقة، واليقين بأن النظام السعودي عمل عملاً مضاعفاً في الطعن في الإسلام من داخله وتشويه قيمته الوجودية ومعناه الانساني والحضاري والثقافي عند عموم المجتمع الانساني.. وقد بدأت الصحوة بخطورة النظام السعودي على الأمة العربية وعلى الاسلام تعلن عن نفسها في الخطاب الإعلامي والخطاب الثقافي والخطاب السياسي المقاوم، وقريباً وليس ذلك ببعيد سيكون حا ضراً في الخطاب السياسي في عمومه، فالترف الذي عليه العدوان وأربابه لن يكون قادراً على معالجة كل الآثار التي تمس القيم والمبادئ الإنسانية وسمعة البلدان التي يرتكز مشروعها الوجودي على البعد الانساني والأخلاقي، ولذلك فالمال سيقف عاجزاً عن مقاومة حركة الحياة، وحركة التدافع التي تستهدف فساد المترفين، ووفقاً للمنطق القرآني فحركة التدافع تستهدف المفسدين المترفين الذين يعيثون في الأرض فساداً ويحرقون مقومات الحياة ويستهدفون الحرث والنسل في حالة من بهرج الباطل وزينته التي قد تصل بأربابها الى حالة العمه، وما هذا الامتداد الزمني سوى الطغيان الذي فيه يعمهون ليكون سبباً في تأكيد عدالة الله لتجري مقاديره وفق فطرته التي فطر الكون وموجوداته عليها، وقد أضحت كل المؤشرات الثقافية والسياسية والاجتماعية دالة على حالة الاكتمال وبدء النقصان للنظام السعودي، وقد بدأ الغروب يلوح من اليمن من خلال حالة السقوط الاخلاقي والقيمي والثقافي والعقائدي وحالة تفكك النظام العام الذي كان النظام السعودي يرتكز عليه، وانهيار منظومة العلاقات وتكشُّف الحقائق الذي ظل المال يحول دونها قبل عدوان المملكة على اليمن ومثل ذلك سيكون سبباً في التسريع بالسقوط والانهيارات المتوالية وبصورة لا يتوقعها أحد ولن يستغرق ذلك زمناً طويلاً - كما كان معهوداً في التاريخ- حتى نراه حقيقة واقعة.
لم تكن السعودية بحاجة الى ذلك السقوط الذي نتوقعه لها، ولم يكن عدوانها على اليمن سوى حركة يقظة مؤلمة للنسق الحضاري اليمني وحالة فناء اُستدرجت اليها، وكذلك يفعل ربك بالظالمين، فحركة الانتقال والتبدل في الموازين لم تكن تمر عفو الخاطر في كل التاريخ الانساني بل كانت تمر بزلزال اجتماعي وثقافي وسياسي وعسكري مدمر، ومن ثم تبدأ حركة الحياة بشكل أكثر تناغماً مع قانون الله وفطرته وسننه الى الأمد المحدد لها، وعلى ذلك المنوال تتحرك أجرام الحياة والكون، ولذلك نرى أن كثافة التجربة للإنسان أوجزت لنا حركة الحياة في عبارتين، فهم يقولون «بعد الحرايب عافية» وتلك هي فلسفة التجربة التي عصرتها الأحداث ومتوالياتها في كل الحقب وتناقلها الإنسان اليمني كرؤية يبصر من خلالها حاضره ومستقبله، وكثافة التجربة اليمنية كانت تقف حائلاً دون تفكيك البنية الوطنية وتوسيع حركة الانقسامات في البنية الاجتماعية، وقد عمل العدوان على التفاني في الاشتغال على توسيع دائرة الانقسامات وأنفق الاموال الكثيرة ولم يفلح، وما هزيمته في الجوف وما تبعها من تبريرات فاحت على ألسنة المرتزقة إلا دليل على ذلك.
لقد أضحت اليمن بعد هذا العدوان في محك تاريخي وفي نقطة تاريخية فارقة، فهي أمام يقظة هوية تاريخية وحضارية، وتلك اليقظة تتطلب وعياً بمقتضياتها وحضوراً مكثفاً للنسق الثقافي والرؤيوي وقدرة فائقة على التعامل مع إمكانات الذات وعلى تفجير خاصيتي الابداع والابتكار وفلسفة النهوض الحضاري بما يتسق مع النسق الحضاري ويتناغم معه، كما أنّ المرحلة قد اتسمت بالجدة والحداثة وتجاوزت الماضي الذي عمل العدوان على مواراته تحت الأنقاض، ولذلك فتحديد الاهداف وإعادة تعريف الدولة من أبرز أسئلة يمن ما بعد العدوان..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:27 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43578.htm