يحيى نوري - التصريحات التي أطلقها وزير خارجية العدو عادل الجبير بشأن التطورا ت باليمن وماحملته من متغير كاشف للموقف السعودي ..اثارت اهتمامات واسعة لدى الراصدين والمحللين السياسيين وتغيراً في مستوى اللهجة السعودية إزاء اليمن عبرت عنه مضامين تصريحات الجبير الكاشفة والمعترفة بتعقد الازمة اليمنية واستحالة حلها إلا وفق القنوات السياسية وان الحوثيين "أنصار الله" باعتبارهم مكوناً يمنياً عليه ان يسهم في المستقبل اليمني مثل بحد ذاته تراجعاً كبيراً عن اسلوب المخاطبة المتشنجة المعهودة لدى صناع القرار بالسعودية والذين يرون في القوة العسكرية المخرج الوحيد للازمة اليمنية.
تصريحات الجبير قد حملت في طياتها حقائق دامغة لكنها للاسف الشديد جاءت متأخرة جداً وبعد اربعة اشهر ونيف من العدوان الذي تشنه السعودية على اليمن ارضاً وانساناً..
والحديث عن تعقد المشهد اليمني وحاجته للحل السياسي بات ضرورة، كما ان التأكيد على ان الحوثيين مكون يمني بإمكانه ان يلعب دوراً في الحياة اليمنية جاء بمثابة تعبير جديد لم يكن في الامس القريب محل ايمان وادراك الدبلوماسية السعودية لهذه الحقيقة والتي باتت تؤمن بها اليوم وقد عُرف عنها عدم الايمان بها بل ولجملة الحقائق المرتبطة بالشأن اليمني وضربها عرض الحائط، مفضلةً دائماً التعاطي بلغة القوة كأسلوب وحيد لفرض سيطرتها على اليمن واستغلال حالة الضعف والوهن التي تعاني منها مختلف قواه القابعة في التشرذم والضعف الذي يحكم مسار علاقاتها الداخلية وقررت الدخول في معترك سياسي وعسكري اعتقدت أن بإمكانها استغلال كل ذلك حتى تتمكن من تحقيق اهدافها واجندتها في بضعة ايام، الامر الذي فتح شهيتها للعدوان على اليمن ارضاً وانساناً وقررت بفعل لغة القوة والعنجهية ان لاتكثرث بكل النداءات والتحذيرات من مخاطر ما ستقوم به في اليمن وما ستجنيه من نتائج كارثية سوف تعاني من تأثيراتها وتداعياتها ليس على مستقبل اليمن فحسب وانما على مستوى الامن والاستقرار بالمنطقة..
اذاً فالتراجع السعودي الذي عبر عنه وزير الخارجية عادل الجبير لم يكن ليتأتى لولا التطورات التي جلبتها السعودية لنفسها جراء عدوانها..
فحالة الصمود الشعبي والقتالية العالية للجيش اليمني واللجان الشعبية المساندة له قد مكن اليمنيين من القدرة على فرز تطورات جديدة لم يكن المخططون للعدوان يتصورونها، الامر الذي وضع العدوان وبكل مايحمله من امكانات كبيرة في موقف محرج امام المجتمع الدولي وامام تنامي حالات الرفض القاطعة للعدوان في مناطق عدة من العالم وخاصة بعد ان جنح العدوان بعيداً عن اهدافه التي اعلنها وبات يدمر الحياة اليمنية ويضاغف من أعداد ضحاياه في اوساط المدنيين وكذا استهدافه للبنى التحتية وبصورة لاتعبر إلا عن الحقد الدفين الذي حمله ضد اليمن، علاوة على كل ذلك ما تواجهه السعودية حالياً وخاصة على صعيد حدودها الجنوبية من تصعيد عسكري خطير يهدد بإسقاط مدن كبيرة مثل جيزان ونجران بيد الحيش واللجان المساندة له .
وكل ذلك مثل تحدياً كبيراً امام السعودية التي فقدت بسبب عدوانها هيبتها وبدا داخلها يتململ في حالة تعكس تأثيراً حقيقياً لعدوانها، وهو على عكس ماهدفت له من عدوانها على اليمن في تحقيق سيطرة داخلية على الاوضاع المتدهورة في العلاقات بين اعضاء الاسرة الحاكمة وماشهدته من تغييرات كبيرة تعكس فظاعة الخطر الذي يهددها، الامر الذي جعلها غير قادرة على الهروب من اشكالاتها الداخلية التي اكدت الايام انها في تنامٍ، مهما كانت المبررات التي تسوقها للداخل والخارج من اجل الحفاظ على امنها الاستراتيجي الذي لايحتمل اي صراعات داخلية .
ولاريب ان سيطرة العدو على وسائل الاعلام الكبرى قد منع وجود تحليلات للموقف السعودي الاخير وذلك خشية من التحليلات ذات الرؤي العميقة التي تجد في هذا التراجع السعودي نجاحاً حقيقياً لليمن تحقق بفضل من الله وصمود شعبنا وبسالة قواته المسلحة ولجانه الشعبية التي امكن لها خلال أشهر ان تشكل اروع صور الصمود والتصدي للعدوان .
وازاء ماتقدم فإننا مطالبون كشعب معتدى عليه ان نستغل هذا الانتصار في تعزيز موقفنا الصامد ومن خلال المزيد من التماسك والتنسيق بين كافة القوى الرافضة للعدوان، كما ان علينا ان ندرك ان التراجع السعودي ستتبعه تراجعات عدة خاصة وان تداعيات العدوان الغاشم قد بدأت تأثيراتها على العدو في معظم جوانب مواقفه السياسية والعسكرية، وباتت هذه التأثيرات تمثل شبحاً للعدو يؤرقه كل وقت ويدفعه الى المزيد من الخسائر ودفعه ثمناً غالياً جراء حماقته التي أضرت بحاضر ومستقبل المنطقة عموماً.
|