الثلاثاء, 25-أغسطس-2015
الميثاق نت -
المؤتمر الشعبي العام الذي يشعل اليوم الشمعة الـ34 من مسيرته النضالية جاء امتداداً للحركة الوطنية ومحققاً لآمالها في الثورة والوحدة، تميز عن غيره من الأحزاب والتنظيمات السياسية انه نشأ في العام 1982م، نتيجة أوضاع وأزمة محلية، أي تلبية لاحتياج وطني، فلم يكن نتاجاً أو امتداداً لمثال سابق جاهز كما هو حال الأحزاب الاخرى التي وجدت في الساحة كفروع لجماعات وأحزاب عربية كالاخوان المسلمين والبعث والناصري والاشتراكي وإنما تنظيم يمني وطني خالص..
لقد كانت الأزمة التي واجهها الزعيم المؤسس علي عبدالله صالح عند توليه السلطة عام 1978م تتمثل في غياب هوية للنظام السياسي وعدم وجود آلية للحكم، فجاء «الميثاق الوطني» الذي صاغته لجنة حوار وطني مكونة من (51) شخصاً من مختلف القوى والتيارات الفكرية ليمثل هوية للنظام، وقد تم الاستفتاء عليه ثم إقراره من قبل ممثلي الشعب في المؤتمر العام الأول للمؤتمر الشعبي العام الذي عقد في 24-29 اغسطس 1982م، ثم صار المؤتمر الشعبي العام هو آلية «تنظيم سياسي» لوضع الميثاق الوطني موضع التطبيق العملي.
مُثل وطنية
ومنذ مرحلة التأسيس وما تلتها من مراحل في مسيرة المؤتمر الشعبي العام مثل الوعاء الكبير الشامل والحاضن لكل ألوان الطيف السياسي والحزبي بما فيهم اصحاب الامتداد الخارجي وفي مقدمتهم جماعة الاخوان المسلمين على وجه الخصوص ثم الناصريون والبعثيون وغيرهم ممن وجدوا في هذا التنظيم الرائد الملاذ الآمن ليعملوا من داخله مثل عناصر الاخوان المسلمين الذين استغلوا هذا الوعاء الرحب لتنظيم أنفسهم أكثر والتمهيد لتنفيذ أجندتهم المستقبلية والتي تكشفت بصورة جلية خلال السنوات التالية لتلك المرحلة.
ولقد فطن الزعيم المؤسس ومعه المخلصون خاصة من الرعيل المؤسس لكل تلك النوايا والتوجهات التي كانت تضمرها جماعات الاخوان المسلمين في داخله، غير أنهم كانوا أيضاً على يقين تام للتأسيس لعمل سياسي جاد وفاعل.. ومن هنا ترسخت فكرة الحوار كقيمة عليا بالنسبة للمؤتمر وكل قياداته في كل المراحل وحتى اليوم..
جسد المؤتمر نهج الحوار لحل المشكلات وتحقيق المكاسب والتي كان نتاجها تلك التحولات الكبيرة التي شهدتها البلاد وفي مقدمتها إعادة تحقيق الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م وإقرار التعددية السياسية والنهج الديمقراطي وهي المنجزات العملاقة التي كان رائدها الأول هو المؤتمر الشعبي العام التي وضعها في أجندته ونهجه السياسي «الميثاق الوطني» مبكراً ومنذ مرحلة التأسيس.
اعتدال..لا تطرف
وعبر مسيرته الممتدة ثلاثة وثلاثين عاماً ظل المؤتمر الشعبي العام ملتزماً بنهج الوسطية والاعتدال، متميزاً ايضاً بها عن غيره من الاتجاهات خاصة العقائدية منها.. التزم وسطية واعتدال إيماناً منه بأن التطرف يقود اليمن إلى التناحر والاقتتال.
ومن السهل معرفة ذلك من خلال مواقفه من مختلف القضايا.. ففي الحكم قدم تجربة رائدة شاهدة على الوسطية بين التطرف وتطرف دعاة الدولة الدينية وفي الفكر كان وسطاً ايضاً بين التطرفين الليبرالي والديني.. يوازن بين الدين والدنيا، والدين والسياسة.. والعقل والنقل والتحرر والمحافظة.. انفتاح على الشعوب والثقافات والحضارات الانسانية مع الحفاظ على الهوية الوطنية..
يقف المؤتمر الشعبي العام ضد التطرف والارهاب، والعنف والتشدد ويعمل على ترسيخ ثقافة التسامح والتصالح.. يؤكد على احترام حرية الاعتقاد وينظر الى التعدد المذهبي نظرة تبجيل.. ملتزم على الدوام بخطاب يمجد السلم والتضامن والاخوة ويمجد مكونات الوطن من هوية وانتماء وتاريخ مشرق وتراث حي.
ويضم المؤتمر في عضويته السياسي والمفكر والمواطن العادي.. رجالاً ونساءً.. الشافعي والزيدي والاسماعيلي والليبرالي والقومي واليساري والمحافظ.. ذلك ما جعل الجماهير مصدر قوته لأنه قدم لها هذا النموذج الذي يعكس الصورة الحقيقية للمجتمع اليمني ومكوناته المتعددة.
خوف وقلق
تلك العوامل والمحددات التي التزمها المؤتمر الشعبي العام من وسطية واعتدال ونهج الحوار والتنوع الجميل داخله جعلت منه الحزب الرائد والأكبر وصاحب الأغلبية الجماهيرية التي أعطته ثقتها في كل مراحل محطاتنا الديمقراطية والتي مثلت هاجس قلق وخوف واضطراب لتلك الجماعات المتطرفة التي تسعى جاهدة للاستحواذ على الساحة والانفراد بالمشهد والسيطرة الكاملة على القرار السياسي على طريق الاستيلاء على الحكم والانفراد بالسلطة واحتكار الدولة ومؤسساتها ومقدراتها بما في ذلك الاستعانة بالخارج.
لم يعد سراً عند اليمنيين ومن يتابع شأنهم من الخارج العربي والدولي ان جماعة «اخوان اليمن» هم من تشرئب أعناقهم نحو الهيمنة والسيطرة والملك وكرسي الخلافة بمشروعهم الانقلابي والذي لن ينالوه الا بالعداء السافر للمؤتمر الشعبي العام قبل إزاحته عن الساحة بكل الوسائل والطرق كما يتراءى لهم.
لكن هيهات.. فسيظل المؤتمر الشعبي العام كما كان دوماً هو السد المنيع في وجه ذلك المشروع الانقلابي بأغلبيته الساحقة وبما يمثله من ثقل جماهيري وعراقة تاريخية ومنهج وطني وسطي معتدل وهوية وطنية باعتباره حزباً يمني النشأة والثقافة والامتداد والمسار.. المؤهل والقادر على مواجهة ذلك العداء والاستهداف والتطاول بالباطل الذي يسعى فيه «الاخوان» بأذرعه العسكرية ومليشياته المتطرفة والمتنطعين فيه الذين ما فتئوا في حربهم السافرة ضد المؤتمر في محاولات يائسة وبائسة لاجتثاثه ولفظه عن الساحة اليمنية والمشهد السياسي بالكامل.
إن المؤتمر الشعبي العام بحجمه الوطني الكبير وبزعامة القائد المؤسس الزعيم علي عبدالله صالح سيظل عصياً مهما كانت الاعاصير وألسنة اللهب التي تطاله من جماعة الإخوان أو من العدوان السعودي.. لأن مدى ما يمثله في الساحة من قوة تضمن عدم نجاح مشاريع الانقلابات والهيمنة والإلغاء والاستعمار أيضاً.. وهو ما يجعل حزب الاصلاح يعرف تماماً أن المؤتمر هو الشوكة التي تنغص عليه أحلامه الإلغائية الاستبدادية.. ومن هنا يمكن فهم لماذا حزب الاصلاح يضع المؤتمر الشعبي العام نصب عينيه ، ويسعى بكل السبل لاجتثاثه. لأن «ملالي الاصلاح» يدركون تماماً أنهم في حال تخلصوا من المؤتمر الشعبي فإن الطريق إلى الحكم والاستحواذ على السلطة ستكون سالكة لهم، وليس هناك غير المؤتمر من يمثل قوة الردع شعبياً وجماهيرياً في وجه الإخوان وأجندة العدوان..
وفي المجمل يبقى من المؤكد اليوم أن المعركة الوطنية التي يخوضها المؤتمر الشعبي العام من أجل وقف العدوان ورفع الحصار عن بلادنا وشعبنا وعودة الاطراف السياسية للحوار لحل الأزمة هي القضية الأولى التي تتصدر أولوياتها، وبالتأكيد مثلما يتعرض الوطن لمؤامرة خارجية وداخلية وعدوان خارجي فالمؤتمر يستهدف كتنظيم سياسي يقود معركة الدفاع عن الوطن.. ومثلما انتصر المؤتمر للوحدة وللشرعية والديمقراطية، فسينتصر على العدوان والمؤامرة التي تستهدف اليمن مهما كانت التضحيات.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 11:22 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43751.htm