الميثاق نت -

الإثنين, 31-أغسطس-2015
تحليل: فائز سالم بن عمرو -
ما كان مستوراً أصبح واضحاً.. وما حذرت منه الأحزاب والتنظيمات السياسية بأن الهدف الأساس من «عاصفة الحزم» وعدوانها على اليمن هو تمكين المليشيات والتنظيمات الارهابية من توسيع انشطتها في كل المحافظات والمناطق، لخلق صراع طائفي مذهبي يدخل اليمن في دوامة صراعات مدمرة، وكذلك إذكاء صراعات إقليمية ودولية تخدم الأطماع السعودية التي تريد جعل اليمن بلداً ضعيفاً وفاشلاً وخاضعاً لسطوتها وتبعيتها.
لقد كشفت مؤخراً الجماعات الارهابية والمليشيات المسلحة عن مشاريعها وأهدافها في جنوب اليمن وشماله، ولعل رفع علم تنظيم القاعدة في مدن ومديريات عدن مثل التواهي والمعلا وكريتر وخورمكسر، رسائل واضحة عن خطورة مشاريع هذه الجماعات.. ثمة مخاوف حقيقية من ان تجتاح القاعدة كل أراضي الجنوب واعلانها ولاية للدولة الإسلامية ؛ مستقوين بالسلاح والمال والدعم اللوجيستي والعسكري والإعلامي السخي الذي قدمته دول العدوان عبر «عاصفة الحزم» الداعمة والراعية للعنف ثقافة وفكراً ونمط حياة ونهجاً سياسياً ودينياً.

سنقف في هذا المبحث راصدين المشروع السلفي الوهابي لتمزيق اليمن وتفتيته وإغراقه في صراع طائفي ومذهبي معتمداً على المليشيات والجماعات المتطرفة، مستندين في ذلك للعديد من المخططات والتي وردت في مقابلة جلال بلعيد المرقشي المكنى بأبي حمزة الزنجباري أو ما يسمى بأمير الدولة الإسلامية بالعراق والشام ولاية اليمن، خصوصاً وان المقابلة حملت مؤشرات كثيرة يمكن حصرها في الآتي:
♢ تزامن نشر المقابلة مع إعلان تنظيم القاعدة مشروعهم في الجنوب، وإظهار أنفسهم ورفع شعاراتهم وإقامة الحدود والسيطرة على أجهزة الدولة وتسييرها.
♢ جاءت بعد فترة من السكون والتماهي بين ما يسمى بالمقاومة والتنظيم تحت مسمى المقاومة الجنوبية التي تضم عدة مليشيات ومنظمات وأحزاب اجتمعت على معاداة ومقاتلة الحوثي مناطقياً ومذهبياً وايديولوجياً.
♢ جمعت المقابلة بين الأهداف الدينية الايديولوجية والأهداف السياسية، وهي ترسم سياسة بعض تلك المنظمات ونمط تفكيرها وتكشف أسلوب عملها ومرجعيتها.
♢ الهدف الأساس من المقابلة تقديم رسالة سياسية وإعلامية للداخل والخارج عن مخطط التنظيم مستقبلاً.
♢ كشفت المقابلة عن معلومات وحقائق حاول إعلام عاصفة الحزم وحلفائه إخفائها وإلصاق التهم لمخالفيهم ومناوئيهم.
♢ من وجهة نظري تعتبر المقابلة وثيقة يعتمد عليها لتحليل المشهد اليمني العسكري المعقد.
♢ المقابلة تم حجبها بعد ساعات من نشرها على اليوتيوب وتعاملت معها وسائل الإعلام المرئية والمقروءة بالتجاهل والتغافل ونعتقد أن قراءتها وشرحها يساعد على فك طلاسم المشهد اليمني- الخليجي.
وصف المقابلة وأهميتها:
تكمن أهمية مقابلة بلعيد انها جاءت في وقت حساس من تاريخ الصراع العسكري في اليمن بعد العدوان السعودي وإعلان تنظيم القاعدة عن وجوده في الساحة اليمنية كقوة لا يمكن تجاوزه وكشفت عن مشروع التنظيم وتحالفاته الجديدة.
أجريت المقابلة بتاريخ 19 أغسطس 2015م بعد حوالي أسبوع من سيطرة المليشيات - أو ما يسمى بالمقاومة الجنوبية المدعومة من دول الخليج- على معظم أراضي الجنوب.
يلاحظ أن المقابلة أعدت المقابلة بعناية وركزت على إيصال الرسائل المراد توجيهها بانتقاء الأسئلة الموجهة والتي جمعت بين الطابع السياسي والطابع الأيديولوجي الديني. فقد بدأت المقابلة بشخص يسأل القيادي بلعيدي دون ان يظهر السائل على الشاشة، وطريقة المقابلة سؤال تقابله إجابة دون نقاش أو حوار، ترافق الحوار مشاهد فيديو لسير المعارك تم اختبارها لتؤيد كلام بلعيد.
رسائل بلعيد
حرص الإرهابي بلعيد على تسويق عدة رسائل منها:
♢ التحرك العسكري للحوثي كان الدافع الأساس في تقوية تنظيم القاعدة وتمدده.
♢ تأجيج الصرع الطائفي المذهبي مكَّن التنظيم من فرض نفسه رقماً صعباً وقوياً في الساحة اليمنية.
♢ فشل رهان الخارج على مليشيات هادي وحزب الإصلاح لمواجهة الحوثيين فتحرك ما اسماهم بـ«المجاهدين» لإيقاف تمدد الحوثي.
♢ ذكر بلعيد أن من قام بالسيطرة على عدن وغيرها هم المجاهدون والمقاتلون من أبناء الحارات بعدن، ورفض مشروع هادي ومليشيات الإصلاح في الجنوب من قبل التنظيم.
♢ اشار إلى أن هناك أطرافاً خارجية تريد تسليم الجنوب لجماعة هادي ومليشيات الإصلاح عن طريق تقديم الدعم العسكري والمالي والإعلامي.
♢ أظهرت المقابلة أن المشروع الجامع بين التنظيم وجماعة هادي ودول الخليج هو معاداة الحوثي حتى يتم ما اسماه بتحرير صنعاء.
♢ حان الوقت لإظهار المجاهدين مشروعهم بعد أن قاتل التنظيم ودافع عن ما أسماه أهل السنة.
♢ تأكيد استمرار التحالف بين التنظيم والأطراف الداخلية والخارجية وانه سيظل قائماً حتى القضاء على تهديد الحوثي تماماً وتحرير كافة اليمن.
♢ توجيه خطاب ودي غير معادٍ تجاه دول «عاصفة الحزم» والدول الخليجية، حيث لم تذكر هذه الدول في المقابلة بأي خطاب سلبي، وهو خطاب يخالف ثوابت ومرجعيات تنظيم القاعدة الذي يصف السعودية بـ«آل سلول».
♢ أكد الإرهابي بلعيد ان التدخل العسكري في اليمن مكَّن التنظيم من التغلغل في المجتمع والتمدد.
♢ أوضح أن الهدف من إسقاط المكلا بيد التنظيم لتكون رافداً عسكرياً ولوجيستياً ومالياً وطبياً وتدريبياً.. ولاستقطاب المقاتلين لمواجهة الحوثي.
♢ اشار إلى قرب اعلان وإقامة الدولة الإسلامية في المناطق الجنوبية، وفي المناطق الوسطى والشرقية في الشمال.
المواضيع والقضايا التي نوقشت في المقابلة:
♢ استغلت القاعدة في تحركاتها العسكرية مبرر مواجهة التحرك الحوثي العسكري وتمدده نحو العاصمة والمحافظات أساساً لتحركها لما اسمته بنصرة أهل السنة، وكرر القيادي هذا المعنى تقريباً في كل الردود، وإن أشار الى أنهم تحركوا منذ المعارك في دماج.
♢ استخدمت القاعدة والمليشيات المسلحة الخطاب الطائفي المذهبي دافعاً ايديولوجياً وسياسيا وحزبيا ومناطقيا لتحركهم وتوسعهم وتمددهم جنوباً وشمالاً بدعوى مواجهة الروافض الشيعة الذي يريدون تصفية المذهب السني.
♢ اتهم بلعيد هادي وحكومته وقياداته العسكرية والسياسية بإسقاط دماج وعمران وصنعاء وتمكين الحوثيين من الدولة.
♢ ذكر بلعيد ان الخارج اعتمد على مليشيات هادي والإصلاح، وعند فشلها في كل الجبهات تحرك ما اسماهم بالمجاهدين لإيقاف تمدد الحوثي بعد أن هربت القيادات العسكرية وقيادات المليشيات إلى مناطق خارج اليمن، وإلى مناطق نائية باليمن وتركوا العامة لمصيرهم.
♢ يذكر أنه حين حقق ما يسمى بالمجاهدين وأبناء الحارات نصراً واضحاً في الجنوب حصلت تداخلات وضغوطات كثيرة لاستثمار النصر ونسبته لهادي ومليشياته.
♢ يذكر بلعيد ان أنصار الشريعة يتواجدون عسكرياً في كل المحافظات شمالاً وجنوباً قائلاً: نحن موجودون في جميع الجبهات بامتداد اليمن في عدن وأبين ولحج والضالع.. وفي تعز وشبوة والبيضاء ورداع الحديدة، ومأرب والجوف ولنا عمليات في صنعاء.
♢ بلعيد يؤكد بأن التدريب والتأهيل واستقطاب الشباب والمقاتلين هدف من أهدافهم وتم التدريب بالتنسيق ليكون المقاتلون رديفاً ونصيراً واستطعنا إلى اليوم أن ندرب الآلاف من أبناء أهل السنة.. وقد أثمرت هذه التدريبات وهذه المعسكرات وتم تسليح أهل السنة فقد استطاعوا أن يؤثروا في واقع الجبهات وفي مسار الجبهات».
♢ يطالب بلعيد تحالف المقاتلين في الجنوب بعدم إثارة موضوع تقاسم الثمرة الآن، ويحذر من المشاريع الهدامة:»أما موضوع الثمرة وتقاسم النظرة ففي نظري بأن من السابق لأوانه الحديث في هذا الأمر خاصة وأن خطر الحوثي لا يزال... نحن نلاحظ ونسمع بأن كثيراً من المتواجدين في الساحة من الذين شاركوا في القتال يعرضون مشاريعهم، قد تكون هذه المشاريع هدامة».
♢ يعترف بلعيد ان قصف الطيران الخليجي ساعد ومكن المجاهدين من تحقيق انتصارات عسكرية على الحوثيين.
♢ ويعترف بلعيد أيضاً بأن العمليات الاستشهادية كانت جزءاً من التكتيكات العسكرية، حيث يقول قمنا بتنفيذ عدة عمليات استشهادية في البيضاء، في جبهة الحديدة وفي جبهة أبين..
♢ بلعيد يتجاهل الحديث عن الدعم المقدم لهم من دول الخليج المتحالفة عسكرياً وسياسياً معهم، لكنه يتحدث عن تعاون مابين الأمريكان وذراع إيران في المنطقة الحوثيين.
♢ بلعيد يستعمل خطاباً موجهاً ويتنافى مع ثوابت ومرجعية الجماعات الجهادية، مما يؤكد توجيه رسائل ودية للأطراف الخليجية التي اثمرت علاقتها مع أمريكا بمرحلة فتور بسبب الاتفاق النووي مع إيران أيضاً ويسعون إلى إبراز الأقليات على حساب الأغلبيات وأمريكا ترفض ان يكون هناك درع أو قوة لأهل السنة موجودة في المنطقة.
♢ بلعيد يعترف بأن تنظيم القاعدة استطاع التغلغل في المجتمع بسبب التدخل العسكري، كما استطاعوا أن يكتسبوا قدرة على المناورة، وان يكسبوا قدرة التخفي وأن يكسبوا قدرة الحشد في ظروف استثنائية ـ أيضاً بسبب هذا التدخل الخارجي جعل «المجاهدين» يتجذرون في المجتمع».
♢ حرصت القاعدة على استعمال مصطلح»أبناء حضرموت»حين سيطرت على مدينة المكلا، واستعمل بلعيد مصطلح»أنصار الشريعة»دلالة على القوة والتمكين، وأكد بأن الهدف من إسقاط المكلا إسقاط مشروع الحوثي.. وهو هدف سياسي يتماشي مع العمليات العسكرية لعاصفة الحزم ومناصريها من مؤيدي الشرعية..
♢ تحدث بلعيد عن مخطط عسكري وسياسي نفذ لإسقاط المكلا. وفي رأيي بأن المعلومات التي برر بها السيطرة على المكلا هي أهداف عسكرية استخباراتية لا يمكن أن تقدمها خلايا نائمة:»ما هو هذا المشروع الذي كان يعده الحوثي بالمكلا المشروع هو اسقاطها عبر خلايا نائمة موجودة في المكلا وعبر الحرس الجمهوري في القصر الرئاسي ولديه الجيش المتحوث بمنطقة خلف.
♢ بلعيد يكشف سبب إسقاط مدينة المكلا لتكون رافداً عسكرياً ولوجيستياً ومالياً وطبياً وتدريبياً ولاستقطاب المقاتلين..
ويذكر أنه بعد سقوط المكلا بأيديهم دعمت جبهة أبين بالسلاح والذخيرة والعتاد والمقاتلين والمال وأيضاً دعمت جبهات عدن والبيضاء والجوف والحديدة وجميع جبهات اليمن كان يأتي الدعم اللوجيستي من المكلا بل كانت المكلا تستقبل الجرحى من جميع الجهات وبسبب الغنائم التي حازها المجاهدون في المكلا..
♢ بلعيد يوجه رسالة للجنوبيين والمناطق الوسطى والشرقية للتحالف مع تنظيم القاعدة:»الأمر الآخر نقول: إنه لا يصح ان ندحر الحوثي ونخرجه ثم يأتي عدو آخر ليستخدمنا أدوات ليحقق أجندته في اليمن».
♢ بلعيد يرفض كل مشاريع الدولة المدنية في الساحة اليمنية:»ويقول: يكفي ما قد مر نحن قد جربنا الاشتراكية وجربنا العلمانية والديمقراطية جربنا زبالة أفكار البشر وما نتج عنها إلا كل دمار وخراب».
♢ بلعيد يدعو صراحة إلى اقامة الدولة الإسلامية في الشمال والجنوب، والابتعاد عن زبالة البشر.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43786.htm