الثلاثاء, 21-أغسطس-2007
الميثاق نت - خلال الشهرين الأخيرين دُشّنت مظاهر الاعتصامات والتظاهرات وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات بصورة مدروسة ومنظم كتب‮/‬امين‮ ‬الوائلي -
خلال الشهرين الأخيرين دُشّنت مظاهر الاعتصامات والتظاهرات وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات بصورة مدروسة ومنظمة هدفت، ولاتزال، الى تعميم حالة من الإرباك ووضع الحكومة والحزب الحاكم في مواجهة مباشرة مع احراجات متزايدة وضغوطات شتى، لعل أشدها ضراوة وخطورة ما يتعلق منها‮ ‬بقضايا‮ ‬المعيشة‮ ‬اليومية‮ ‬للمواطنين‮ ‬وارتفاع‮ ‬اسعار‮ ‬السلع‮ ‬الاستهلاكية‮ ‬الضرورية‮ ‬كالقمح‮ ‬والدقيق‮ ‬وما‮ ‬في‮ ‬مستواهما‮ ‬من‮ ‬الحاجيات‮ ‬الأخرى‮.. ‬ولكن،‮ ‬هل‮ ‬يسمح‮ ‬المؤتمر‮ ‬وحكومته‮ ‬بأن‮ ‬تكون‮ ‬القاصمة؟‮!‬ ^ لا ينبغي التلكُّؤ في تحديد دور مباشر لأحزاب المشترك فيما حدث ويحدث، ولا أعني أنها تهمة أو جناية، إنما أعني أن للمعارضة مصلحة مباشرة في تحريض وتحريك المتظاهرين، وتوظيف القضايا والصعوبات التي تكتنف حياة الناس ومعيشة الغالبية من الجمهور لقصدية أخرى تتحرى التضييق‮ ‬على‮ ‬الحكومة‮ ‬وإرهاق‮ ‬الحزب‮ ‬الحاكم‮ ‬بالمزيد‮ ‬من‮ ‬التحديات‮ ‬والمنازلات‮ ‬الاستنزافية‮.. ‬والهدف‮ ‬سياسي‮ ‬بامتياز‮.‬ ^ بالرغم من ذلك، ومن كون النكاية والكيد الحزبي يتحكمان في سلوك وتحركات المعارضة عبر امتطاء معاناة الناس وتوظيف القضايا المعيشية بصيغة استفزازية واستنفارية لا تخلو من ابتزاز وخبث سياسي.. إلاّ أن ذلك غير فجائي ولا مباغت، وهو متوقع دائماً وبالذات خلال المرحلة الحالية التي أعقبت انتخابات سبتمبر الماضي وما خلفته من مرارات تغص بها حلوق أصحاب وأحزاب المشترك.. زد على ذلك الاتجاه المبكر نحو الانتخابات البرلمانية المقبلة والتمهيد لها بهذه الصورة والكيفية المتكرسة على أساليب التوظيف الحزبي والسياسي لمعضلات يومية ومعيشية‮ ‬تخص‮ ‬الغالبية‮ ‬من‮ ‬السكان‮ ‬والجمهور‮ ‬الناخب‮.. ‬في‮ ‬حركة‮ ‬مدروسة‮ ‬تستهدف‮ ‬شعبية‮ ‬وسمعة‮ ‬الحزب‮ ‬الحاكم‮ ‬وزعزعة‮ ‬الثقة‮ ‬ببرامجه‮ ‬وسياساته،‮ ‬بل‮ ‬وكفاءته‮ ‬في‮ ‬الادارة‮ ‬الحكومية‮.‬ ^ في مقابل ذلك.. لا يخلو الأمر من حسنة وميزة هامشية قد ربما تفيد الحزب الحاكم لو هو أحسن التعامل مع الضغوطات ومظاهر الاستهداف المباشر وغير المباشر.. فذلك يجعل الحزب في محك التحدي والاختبار الدائمين، ويستنفر لديه الجهاز المناعي والحركي.. ما يعني استنفار القدرات‮ ‬والارادات‮ ‬والطاقات‮ ‬كلها‮ ‬للتعامل‮ ‬السريع‮ ‬والمرن‮ ‬مع‮ ‬مستجدات‮ ‬القضايا‮ ‬ووضع‮ ‬حلول‮ ‬ومعالجات‮ ‬مرنة‮ ‬وكفؤة‮ ‬لمواجهة‮ ‬الأزمات‮ ‬وامتصاص‮ ‬مفاعيلها‮ ‬وآثارها‮ ‬التي‮ ‬تسعى‮ ‬المعارضة‮ ‬لاقتطافها‮ ‬على‮ ‬المدى‮ ‬المنظور‮ ‬والمتوسط‮.‬ في‮ ‬مستويات‮ ‬التقييم ‮^ ‬أن‮ ‬يجأر‮ ‬الناس‮ ‬بالشكوى‮ ‬والتذمر‮ ‬جراء‮ ‬غلاء‮ ‬المعيشة‮ ‬وزيادة‮ ‬الأسعار‮ ‬والمسئوليات‮ ‬اليومية‮ ‬والمعاناة‮ ‬الخدمية‮ ‬المختلفة،‮ ‬فذلك‮ ‬ما‮ ‬لا‮ ‬يحتاج‮ ‬الى‮ ‬ذكاء‮ ‬زائد‮ ‬لتوقع‮ ‬حدوثه،‮ ‬وهو‮ ‬أمر‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬بدهي‮.‬ وأن تعمد المعارضة الى تأجيج مشاعر الرفض والاحتجاج لدى الجمهور، ومن ثم تمتطي المظاهر تلك والمشاعر، عبر مظاهرات ومسيرات واعتصامات، على اعتبار أنها بذلك تمارس دورها في قيادة الرأي العام وتوجيهه، بغض النظر عن أساليب الكيد والمراهقة السياسية والتجيير الحزبي المفضوح لهكذا قضايا ومواضيع بما يخرج بها عن المسئولية الأدبية والمدنية الى غيرها من المراهنات الخاصة والحسابات الجانبية، كما هو مشهود ومشهور ولا يغيب عن كل ذي بصر وبصيرة.. إلاّ أنه وحتى عند هذا المستوى من الأداء والمساجلة التحريضية، يكون الأمر متوقعاً وغير بعيد‮ ‬عن‮ ‬فهم‮ ‬وذهن‮ ‬الفرقاء‮ ‬والأطراف‮ ‬كافة‮ ‬الداخلة‮ ‬في‮ ‬اللعبة‮ ‬السياسية،‮ ‬وأعني‮ ‬باللعبة‮ ‬ما‮ ‬أقول‮.‬ فالمجتمع السياسي وأفراده لا يزالون يلعبون السياسة ويتلاعبون بها، لا أنها وظيفة مشروطة ورسالة محروسة بالكفاءة الذاتية والرقابية والمجتمعية، ولا بالالتزام ومراعاة أدبيات ولوائح هذا النوع من العمل والنشاط المقترن بالتأثر والتأثير، سلباً وايجاباً. خيارات‮ ‬لازمة‮ ‬تهملها‮ ‬المعارضة ^ ما هو غريب، فعلاً، وعجيب الى حد الهذيان هو أن تتنكر المعارضة لعملها وأثرها المباشر وغير المباشر فيما حدث ويحدث، وتتخلى عن مسئولياتها الأكيدة في ذلك، وتدفع المسئولية باتجاه الشارع حيناً، وباتجاه جماعات وتجمعات شعبية واجتماعية مفترضة حيناً آخر.. وثالثاً وعاشراً.. تنفض يدها، حتى وهي تقر وتفاخر بالتصعيد وتعلن برنامجاً إثر برنامج لتوسيع دائرة الاحتجاجات والاعتصامات في المحافظات والمدن الثانوية والمديريات، إلاّ أنها لا تعدم تفسيراً ما لتنفض يدها من غبار وركام ما يحدث وتلقي باللوم والمسئولية على الحكم والحكومة وحزبها دفعة واحدة.. وكأنها بذلك تهرب من الناس الذين انتظموا في زفتها، وتتهرب من مواجهة ما يستتبع عملها ذاك من مسئوليات والتزامات تُعنى بتقديم البدائل العملية والمعالجات المقترحة لمواجهة الأزمات السعرية وغيرها من الاشكالات والقضايا المرفوعة في لائحة الاحتجاجات‮ ‬والمطالبات‮ ‬والمظاهرات‮ ‬والفعاليات‮ ‬الحزبية‮ ‬المرافقة‮.‬ لا يكفي أن تشير المعارضة الى موضع الداء والعلة فحسب، بل وعليها، لزوماً، أن تقترح الدواء والتركيبة العلاجية المناسبة، أو التي تراها هي كذلك، لاكتفاء تفاقم الداء واتساع العلة..واذا كانت المعارضة -وليست وحدها تفعل ذلك وإنما نحن أيضاً نقول كقولها بدءاً وابتداراً- ترفض تماماً التفسير الحكومي المعلن من أن الغلاء في سعر الدقيق والقمح محكوم بارتفاع عالمي ومتأثر سلباً وايجاباً بالسوق العالمية، فمن العدل وحُسن النصح وصدق المسئولية أن تقدم تفسيرها الخاص وبرنامجها العملي البديل للتعامل مع كل المشكلة والمشاكل الأخرى محل‮ ‬الرفض‮ ‬والاستثارة‮ ‬والتحريض‮.‬ خيارات‮ ‬لا‮ ‬تقدمها‮ ‬الحكومة ‮^ ‬بدورها‮ ‬لا‮ ‬تفعل‮ ‬الحكومة‮ ‬أفضل‮ ‬من‮ ‬المعارضة‮ ‬إذا‮ ‬ردت‮ ‬التهمة‮ ‬بتهمة‮.. ‬ولم‮ ‬تبادر‮ ‬الى‮ ‬معالجات‮ ‬استثنائية‮ ‬لا‮ ‬مناص‮ ‬منها‮ ‬لمواجهة‮ ‬الضغوطات‮ ‬ومخاطبة‮ ‬الشارع‮ ‬والجمهور‮ ‬بما‮ ‬يفهم‮ ‬لا‮ ‬كما‮ ‬تطلب‮ ‬هي‮ ‬إليه‮ ‬أن‮ ‬يفهم‮.‬ فلربما اتفقنا كثيراً مع الحكومة في التفسير الذاهب الى الاقتران بالسوق العالمية.. لكن كم من البسطاء والفقراء والمحتاجين ومن لا يجد حاجة أهله وأطفاله سوف يتاح له الوقت والصبر والمعقولية حتى يتفهم ويعذر الحكومة، ثم يقنع صغاره بالصوم أو الصبر والدعاء للحكومة أو‮ ‬الدعاء‮ ‬على‮ ‬السوق‮ ‬العالمية؟‮!‬ من‮ ‬المشجع،‮ ‬هنا،‮ ‬التنويه‮ ‬الى‮ ‬الخطوات‮ ‬الأخيرة‮ ‬التي‮ ‬بادرت‮ ‬اليها‮ ‬الحكومة‮ ‬تنفيذاً‮ ‬لتوجيهات‮ ‬فخامة‮ ‬رئيس‮ ‬الجمهورية‮ ‬باستيراد‮ ‬القمح‮ ‬والدقيق‮ ‬عبر‮ ‬المؤسسة‮ ‬الاقتصادية‮ ‬وتقديمه‮ ‬للمواطنين‮ ‬بسعر‮ ‬التكلفة‮.‬ لعل‮ ‬هذه‮ ‬واحدة‮ ‬من‮ ‬المعالجات‮ ‬الممكنة‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬في‮ ‬متناول‮ ‬الوزارة‮ ‬والحكومة‮ ‬عموماً‮ ‬اللجوء‮ ‬اليها‮ ‬مبكراً‮ ‬كخيارات‮ ‬استثنائية‮ ‬في‮ ‬وقت‮ ‬استثنائي‮.‬ وينبغي مساعدة الحكومة وتشجيعها عبر اثارة النقاش والمقترحات كهذه، اذا كنا بالفعل راغبين في تخفيف المعاناة عن الناس لا مجرد الاستفادة من الأزمات السعرية وغيرها للتشهير بالحكومة والتحريض على الحزب الحاكم. في متناول المؤسسات التنفيذية خيارات مريحة للتخفيف من الضغط المتزايد عليها، فلا يعفي الحكومة، مثلاً، أنها رفعت يدها عن استيراد سلعتي القمح والدقيق مبكراً وفتحت المجال للتنافس بين التجار والموردين، من أن تتدخل وقت الضرورة والحاجة وتجابه الأزمات وجشع التجار ومغالاة‮ ‬المتاجرين‮ ‬عبر‮ ‬خطوات‮ ‬معقولة‮ ‬وعملية‮ ‬كالتي‮ ‬اهتدت‮ ‬إليها‮ ‬مؤخراً‮.‬ ثم‮ ‬ماذا؟ ‮^ ‬احتجاجات‮ ‬الناس‮ ‬شيء،‮ ‬وحركات‮ ‬وتحركات‮ ‬المعارضة‮ ‬شيء‮ ‬آخر‮ ‬تماماً،‮ ‬حتى‮ ‬ولو‮ ‬تلبست‮ ‬بالأولى‮ ‬وراحت‮ ‬تذرف‮ ‬الدمع‮ ‬نيابةً‮ ‬عن‮ ‬الجياع‮ ‬والمعوزين‮.‬ نواح المعارضة وتباكيها شيء.. وأساليب القدح والردح والتحريض واثارة العواطف والعواصف السوداء.. شيء آخر تماماً، حتى لو خلع المعارضون على أنفسهم صفات الحواريين والقديسين كما هو حاصل وبكثرة الآن.. ودائماً. وأخيراً‮.. ‬المعارضة‮ ‬شيء‮.. ‬والتي‮ ‬لدينا‮ ‬شيء‮ ‬آخر‮.. ‬تماماً‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4392.htm