الثلاثاء, 27-أكتوبر-2015
الميثاق نت -     بقلم/ عبده محمد الجندي -
< الذين يسابقون الزمن يكشفون عما في أنفسهم من تطلعات وامنيات قد تكون ايجابية وقد تكون سلبية وقد تكون مزيجاً من ذلك وذاك يتداخل فيها الايجابي مع السلبي، الريحة الطيبة مع الريحة الكريهة، حسب التغيرات التي يكشف عنها الزمن في متوالياته الحاضرة بين الماضي والمستقبل..
وفي جميع الأحوال فقد كان من الأفضل لهم ان يحافظوا على علاقات متوازنة تحفظ لهم قدراً معقولاً ومقبولاً من الاحترام الذي لا يشعرهم بالندم ولكن بعد فوات الأوان لأن التسرع في الكشف عن مكونات ومكنونات التطلعات والأمنيات الانتهازية اللامشروعة تنطوي على نوع من المغامرة التي تتأرجح بين ما نحب وما لا نحب وبين ما نرغب وما لا نرغب.
أقول ذلك وأقصد به ان الذين يسابقون الزمان في تحديد مواقفهم مع هذا الطرف السياسي أو ذاك طمعاً في مصلحة أو منفعة ذاتية مهما بدت متنافية مع المصالح الموضوعية للشعب والوطن اليمني، هؤلاء يدفعهم الاستعجال الأناني إلى التضحية بالموضوعي وذبحه على مشنقة الذاتي، لا بل انهم يقدمون الموضوعي قرباناً للذاتي غير آبهين بعواقبه الكارثية الوخيمة.. كثيراً ما يكشف الزمان عن متغيرات تتنافى مع ما لديهم من الحسابات الانتهازية مثل أولئك الذين اعتقدوا خطأً ان النصر المؤكد للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد ما يطلقون عليهم قوات صالح وميليشيات الحوثة، فراحوا يؤيدون العدوان الخارجي على شعبهم ووطنهم ويقاتلون شعبهم في صفوفه بوعي وبدون وعي وبقصد وبدون قصد، دافعهم إلى ذلك التسرع الأرعن والأحمق والمصلحة الذاتية بما يقطر عنها من حب الأنا والأنانية، ولو أنهم تفكروا وتأملوا جيداً في الماضي بتجاربه المفيدة والمستقبل بنتائجه الموجبة والسالبة لأدركوا انهم وقعوا أو أوقعوا أنفسهم في مواقف خاطئة لأنهم وضعوا المؤتمر وأنصار الله في صف الشعب والوطن المعتدى عليه ووضعوا أنفسهم في صف القوى العدوانية فأصبحوا شركاء في المسئولية عما لحق بالشعب وبالوطن والمواطن من القتل ومن الدمار ومن الخراب الذي ستبقى عواقبه الكارثية وخيمة على الآباء والاجداد يتذكرها الأبناء والاحفاد جيلاً بعد جيل على نحو يجعل أحداث التاريخ لصالح الذين رفضوا العدوان وتصدوا له بكل ما لديهم من الطاقات والامكانات المادية والمعنوية بداية من الجهد والمال ونهاية بالدم والروح.. ولا يترك للذين أيدوا العدوان وقاتلوا شعبهم في صفه سوى الهوامش التاريخية الأقرب إلى مزابل القمامة المتعفنة..
أقول ذلك وأقصد به ان التاريخ يكشف لنا المواقف والتضحيات العظيمة الذاتية والموضوعية للآباء والأجداد الذين قاتلوا دفاعاً عن شعوبهم وأوطانهم وما حققوه من انتصارات مدوية، ويكشف بالمقابل النذالات والسفالات المؤلمة والمخزية لأولئك الذين وقفوا في صف الغزاة والمعتدين اعتقاداً منهم ان القوة هي وحدها القاهرة للشعوب والحاسمة للحروب الاستعمارية.. إلا أنهم في لحظة مراجعة للذات يتبين لديهم ان للشعوب والأمم المستضعفة قوة جهادية تمنحها ما هي بحاجة إليه من الصلابة الثورية التي تنكسر على صروحها تلك القوة الظالمة..
ومعنى ذلك ان الذين قالوا لا للعدوان ونعم للحوار السلمي هم الذين سيخرجوه منتصرين من هذه الحرب العدوانية التي اهلكت الحرث والنسل، وان الذين أيدوا العدوان وقاتلوا في صفوفه ليسوا سوى حفنة من المرتزقة ليس لهم من وجهة نظر اخوانهم سوى الخزي والعار وتجرع المرارة والهزيمة لأن الانتصارات المعنوية الساحقة والخالدة أقوى من الانتصارات الاستعمارية المستهجنة والماحقة.
قد يكون الاستعجال وليد حيوية في الحركة البدنية المشدودة إلى التفكير السطحي، لكنه مجرد حركة عاطفية وبدائية ذات عواقب مؤلمة في الغالب الأعم، لأنه نوع من السباق الذي لا ينتج عنه سوى المواقف المرتجلة ذات العواقب الوخيمة فلا يتفق مع ما يستوجبه العقل من التأني الموجب للدخول في المنافسات العقلانية المثمرة ذات النتائج المدروسة والعواقب المثمرة والمفيدة يعرف فيها الإنسان من أين يبدأ وإلى أين يصل ويعرف كيف يصل إلى نتائج ايجابية معروفة سلفاً، لا مجال فيها للتلقائية والعفوية المرتجلة التي لا تعرف من أين وكيف تنطلق ولا يعرف إلى أين يجب أن تصل وإلى أين يجب أن تنتهي، ولماذا تستعجل وهي تدرك ان العجلة من الشيطان.. وان شيطان العجلة لا ينتج عنه سوى سلسلة من المتاعب والأضرار مهما كان له من ايجابيات عارضة وطارئة تخدم صاحبه بعض الوقت وتضره كل الوقت..
الفائدة المالية والعسكرية التي يحققها المؤيدون للعدوان والمقاتلون معه لشعبهم ووطنهم قد تكون هي الجاذبة للتسرع ومسابقة الزمان بما ينطوي عليه من الحسابات والتعقيدات والتضحيات لكنها بالتأكيد وبالطبيعة وبالنتيجة مغامرة بالحاضر وبالمستقبل من اجل مصالح زائلة وزائفة لا ترتقي بهذا النوع من المواقف المرتجلة إلى مستوى الديمومة والاستمرار الناتج عن اخضاع العواطف لسيادة العقل وقيادته الموجبة للتأني وعدم الاستعجال وتغليب الموضوعي على الذاتي.
أقول ذلك وأقصد به ان الرابح من هذه الحرب العدوانية المرتجلة وغير المدروسة هم أولئك الذين قالوا نعم للحوار ولا للعدوان والحرب ورفضوا الاستجابة للمغريات، مفضلين التضحية بالذاتي من اجل الانتصار للموضوعي وهم من يطلق عليهم القوات المسلحة واللجان التابعة لها في التصدي لهذا العدوان رغم ما لديه من الآلات العسكرية المتطورة تكنولوجياً بآخر ما وصل إليه العلم من فنون وتقنيات الكترونية جوية وبحرية وبرية وبالقوى السياسية المستندة إلى تأييد الحركة الشعبية..
ومعنى ذلك ان الرافضين للعدوان والمدافعين عن وطنهم وشعبهم هم الأكثر ربحاً واستفادة من مواقفهم العقلانية المحسوبة سلفاً بحسابات الربح والخسارة، الدائمة والمستمرة، وان الخاسرين من العدوان وما ألحقه بالوطن والمواطن من القتل ومن الخراب ومن الدمار هم الذين ايدوه وبذلوا من اجل تبريره والدفاع عنه وتمكينه من النصر على شعبهم ووطنهم هم الذين يعيشون عام العسل في فنادق الدول المشاركة في العدوان.. وأياً كانت مكاسبهم السياسية القائمة على الدماء والدمار والدموع فهي مكاسب زائفة ومجنونة وملعونة وفاقدة للديمومة والاستمرار التاريخي..
ومعنى ذلك ان النهاية الوشيكة للعدوان لا تكشف عن انتصارات سريعة وأكيدة لما يطلقون عليه بالقيادة والحكومة الشرعية التي خرجت من مدينة عدن إلى الرياض بذات الأسلوب الذي عادت فيه محمولة على ظهر بارجة ودبابة وطائرة (إف 16 و15وطائرات الأباتشي) لكنها مازالت مصممة على المضي قدماً في حربها العدوانية، معتقدة ان القوات السودانية والقوات الموريتانية سوف تحقق لهم الأمن والاستقرار الذي عجزت عن تحقيقه القوات السعودية والقوات الاماراتية والقوات القطرية والقوات البحرينية وقوات الجيش الوطني المزعوم.
لأن القوى المتطرفة للقاعدة وداعش والقوات المدعومة من الإصلاح ومقاتلي الحراك الانفصالي الذين وقفوا مساندين لما اطلق عليه الجيش الوطني وميليشيات هادي والغزاة الأجانب استفادوا من النصر العسكري لتحقيق ما لديهم من المشاريع والأجندة الخاصة في اعلان ما يهدفون إليه من الدويلات والإمارات والسلطنات الإسلامية.
وعوداً على بدء نستطيع القول ان الشعب اليمني بأغلبيته الوطنية الساحقة لا يمكنه القبول بأي انتصارات عسكرية مدعومة من القوى الاستعمارية مهما كانت القرارات الدولية المبررة للعدوان لأن الشعب اليمني سوف يقف مواقف مقاومة ومعادية لتلك القوى العدوانية اليمنية وغير اليمنية ولأن المجتمع اليمني في قاعدته الشعبية العريضة يتكون من بنيان اجتماعي يمني يبدأ من الأسرة إلى العشيرة إلى القبيلة إلى الشعب، ونلاحظ ما تعده العشائر والقبائل اليمنية من وثيقة شرف قبلية رافضة للعدوان ومتوعدة الذين عاونوه وطالبوا به ومنحوه الشرعية بالانتقام من خلال حركة ثأر تجعل عودة الأمن والاستقرار إلى الوطن اليمني محفوفة بالكثير من الصعوبات والتحديات..
لذلك يؤكد المؤتمر الشعبي العام ومعه أنصار الله على ضرورة وقف العدوان ورفع الحصار والعودة إلى طاولة الحوار للبحث عن حلول سياسية تحقق الشراكة في السلطة والعدالة في الثروة واعادة إعمار ما ألحقه العدوان بالشعب اليمني من القتل ومن الخراب ومن الدمار طبقاً لما نصت عليه النقاط السبع التي استخلصها المبعوث الأممي السيد اسماعيل ولد الشيخ احمد وقبلها المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله، رغم أن وفد المؤتمر وربما أنصار الله لم تصلهم حتى الآن أي رسائل من الأمم المتحدة تحدد مكان وزمان وموضوعات الحوار الذي قبلت به الحكومة، من باب الرغبة في الخداع والمماطلة على أمل ان تتمكن القوات السودانية وغيرها من تحقيق ما عجزت عنه القوات الخليجية..
اخلص من ذلك إلى دعوة الذين أيدوا العدوان وأخضعوا أنفسهم لتوجيهات الدول المشاركة فيه إلى مراجعة مواقفهم الخاطئة التي حاولوا فيها سباق الزمن من خلال حركة عاطفية سريعة ومرتجلة وتفتقد للموضوعية والعقلانية والمسئولية حتى لا يشعروا بالندم ولكن بعد فوات الأوان، هؤلاء مطالبون أكثر من أي وقت مضى بمراجعة مواقفهم والعودة إلى جادة الصواب بالحوار اليمني اليمني.. لأن الزمن كما قال ولد الشيخ وكما تقوله تقارير الهيئات والمنظمات الدولية لم يعد يتسع للتطويل والتسويف بعد أن يكون العدوان قد اغرق اليمن في حرب أهلية وإرهابية لا تبقي ولا تذر.. تتجاوز الساحة اليمنية والخليجية والاقليمية إلى الإضرار بأمن العالم بأسره بحكم ما يمثله موقع اليمن من أهمية استراتيجية في أوقات السلم وأوقات الحرب لأن ما عجزت دول العدوان عن تحقيقه في سبعة اشهر لا يمكن تحقيقه في عدة اسابيع..
إن على الدول الخليجية المشاركة في العدوان على اليمن مراجعة حساباتها وسياساتها الخارجية من الشخصنة في اليمن وتقع المسئولية على المملكة العربية السعودية التي عُرفت بسياسة دبلوماسية رصينة وهادئة وبعيدة عن التوترات والتشنجات الإعلامية، فها هو بشار الأسد يكتسب عمراً سياسياً جديداً تؤكد الأحداث والمتغيرات الدولية ان الارهاب مهما كانت ثروات وجبروت القوى الداعمة لا يمكن له ان يفرض على الشعب السوري رئىساً على شعبهم من بين صفوف المعارضة المتسكعة في فنادق الخمس والسبع نجوم أو بقرار من الدول الداعمة للمعارضة السورية فها هو بشار الأسد يكتسب قوة مدعومة من روسيا العظمى ومن جمهورية إيران الإسلامية ومن حزب الله، وحتى لا يتكرر الأمر في اليمن فإن القيادة السعودية مطالبة بمراجعة حساباتها من الشخصنة في اليمن لأن حصر المشكلة في بقاء الرئىس صالح في رئاسة المؤتمر الشعبي العام وفي بقاء السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في رئاسة انصار الله في اليمن يشبه إلى حد كبير ما حدث في سوريا من حصر المشكلة في بقاء الرئيس بشار الأسد في رئاسة الدولة السورية وبعدها في بقائه في رئاسة البعث السوري..
هذه السياسات التي تجند لتسويقها سلسلة من القنوات الفضائية تمثل الامبراطورية الإعلامية التابعة للدول الخليجية لا تكفي وحدها لإعادة الأمن والاستقرار لليمن بقوة الحديد والنار لأن الشعب اليمني لا يختلف عن الشعب السوري في استعداده للدفاع عن أمنه واستقراره وسيادة ووحدة أراضيه ولا يمكن القبول بقيادات مفروضة بالقوة الخارجية مهما تعرض له من القتل ومن الخراب ومن الدمار ومن الجوع الناتج عن الحصار الجوي والبحري والبري..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44114.htm