الثلاثاء, 27-أكتوبر-2015
فائز سالم بن عمرو -
يهدف المشروع السعودي القديم الجديد الى جعل اليمن ساحة صراع مذهبي طائفي داخلي يجذب الجماعات الإرهابية لتتمكن الوهابية من إخضاع اليمن للهيمنة السعودية ، فقد توقع محلل الشؤون الأمنيةCNN " بيتر بيرغن " في تصريح بتاريخ 19 ابريل2015م بأن الهدف من عاصفة الحزم مريب، قائلاً: " استفادت القاعدة من الفوضى ، واليوم نحن في اليمن بحال يقاتل فيها الجميع ضد الجميع ، ومن غير الواضح كيف ستسير الأمور. لا أعتقد أن القاعدة قادرة على السيطرة على اليمن، ولكن بوسعها بالتأكيد فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من الجنوب.
".. ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا عن الأوضاع في اليمن قائلة : " المستفيد الوحيد من هذه الحرب واستمرارها التنظيمات الإرهابية ، فتنظيما داعش والقاعدة كل منهما قد سيطر على محافظة ، وتعد محافظات محورية . فالقاعدة تسيطر على محافظة حضرموت أحد أكبر المحافظات اليمنية ومن المحافظات المنتجة للبترول ، ووفقًا لمعهد بروكنجز، فإن داعش هي المستفيد الوحيد من الحرب " .
وثَّقت الصحف الغربية والأمريكية على وجه الخصوص استعانة تحالف العدوان السعودي بالقاعدة وداعش في مقاتلة الجيش اليمني واللجان الشعبية ومساندته بالغطاء الجوي ، وتقديم إعلام العدوان لشعبه وللعالم انتصارات عسكرية زائفة ، حيث ذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في عددها الصادر يوم الجمعة 17يوليو بأن القاعدة احتفلت مع السعودية في عدن من خلال استعراض جثث مناوئيهم في الشارع التجاري الرئيسي في عدن بالشكل الذي أثار حتى حفيظة السيد الأمريكي ؛ لبشاعة صور الجثث التي مُثّل بها وبشكل بشع ، وبثت "داعش" تسجيلات مصورة وصوراً خاصة باسم المركز الإعلامي وشعار "الدولة الإسلامية - ولاية عدن " لمشاركة مقاتلي داعش في إحدى العمليات "النوعية" بحي شعب العيدروس في عدن، وأظهرت الصور التي نشرها التنظيم مع إعلان مقتضب مجموعة من الأسرى بثياب مدنية مكبلين ومعصوبي الأعين في غرفة ضيقة ، وصورة أخرى لعدد من الجثث مكومة فوق بعضها لمدنيين " .
أطلق سقوط محافظة عدن الاستراتيجية بيد التنظيمات الإرهابية جرس الإنذار لدى مراكز الدراسات والأجهزة العسكرية والاستخباراتية الغربية وتخوف كثير من المراقبين من تحول الجنوب ومدنه ومحافظاته لولايات خاضعة لداعش والقاعدة ، فقد استفادت المنظمات الإرهابية والمتطرفة من التحريض المذهبي الطائفي المصاحب لعاصفة العدوان واستقوت بالسلاح والعتاد والمال الذي ضخته دول تحالف العدوان لها على مرأى ومسمع من المنظمات الدولية.. فقد حذر مايكل ويس مؤلف كتاب " داعش: من داخل جيش الرعب " من إمكانية انفجار حرب واسعة في منطقة الشرق الأوسط بحال تطور الأحداث في اليمن ، ورأى ويس في مقابلة معCNN أن: "السعوديين" لا يرغبون بالتسوية مع الحوثيين بل بتدميرهم " ، وحذر ويس من الوضع في اليمن قائلاً: " لا أعلم ما هي الخطة التي تحاول السعودية القيام بها ، فاليمن دولة فاشلة فعلياً وهناك أربع قوى أساسية فيها : القاعدة ومجموعة صغيرة - ولكنها متنامية- من داعش ، إلى جانب القبائل السنية التي تقاتل إلى حد ما دعماً للحكومة، وأخيراً لدينا المتمردون الحوثيون " .
تضارب المشروع السعودي الإماراتي والقاعدة في الجنوب :
تتضارب في الساحة الجنوبية وفي عدن على وجه الخصوص ثلاثة مشاريع كبرى ، المشروع السعودي الذي يريد تمكين شرعية هادي المتحالفة مع الإخوان المسلمين وميليشياتهم ما تُسمى "الجيش الوطني" من عدن لاتخاذها مقراً لحكومة هادي والانطلاق منها نحو معارك تحرير صنعاء، مروراً بالسيطرة على محافظات تعز ومأرب والبيضاء، ويهدف المشروع الإماراتي المتحالف مع الحراك الجنوبي لبسط سيطرة الإمارات على عدن وبعض الجزر اليمنية الاستراتيجية كجزيرة سقطرى وغيرها ، بينما مشروع القاعدة إقامة إمارة إسلامية تطبق أفكارهم المتطرفة عن الإسلام وإقصاء كل من يخالفهم بقوة السلاح العسكرية.
ترفض المملكة الوهابية أي تواجد إماراتي في اليمن لأسباب عدة منها: نظرة السعودية ان الإمارات تابعة وامتداد لهم ، وكذلك رفض الإمارات الواضح لمشروع الإخوان ، والإخوان المسلمون وميليشياتهم المتطرفة هو الرافد الأساس في مشروع السعودية لخلق الفوضى والصراع في اليمن ، فلذلك أرسلت السعودية التطمينات لدولة الإمارات على إثر تزايد الشكوك الإماراتية من إرسال السعودية ستة آلاف جندي سوداني لعدن ، ولذلك زار الرئيس السوداني البشير دولة الإمارات في زيارة رسمية بصحبة وفد عالي المستوى وأدلى البشير بتصريحات لصحيفة الاتحاد الإماراتية أكد فيها رفض بلاده لتنظيم الإخوان المسلمين.
منوهًا إلى حق الدول في اتخاذ ما تراه مناسبًا لخدمة أمنها ، ومن جهتها ردَّت الإمارات على التحرك العسكري السعودي في عدن بتوسيع نفوذها لخارج مدينة عدن ، فقد نشرت (وام) أن وفداً إماراتياً زار جزيرة سقطرى وقدَّم مساعدة إغاثية ومواداً غذائية وأدوية ، وأكدت الوكالة الإماراتية أن الزيارة تهدف لتعزيز العلاقات بين الطرفين.. كما ذكرت بعض الوسائل الإعلامية استقدام الإمارات 800 فرد من عناصر الجيش الكولومبي المحترفين الى مدينة عدن بحجة قتال الجماعات المسلحة المتطرفة .
موقف العدوان من محاربة الإرهاب ..
تناقض وتستُّر: مثَّل الهجوم الثلاثاء الأسود على مقر الحكومة وتحالف العدوان بمحافظة عدن نقطة فارقة في تاريخ العدوان السعودي على اليمن ، حيث يمثل التفجير الدموي الإعلان الرسمي لوجود داعش بعدن والجنوب ، وكذلك أنهى التحالف المؤقت بين عاصفة الحزم والمنظمات الإرهابية ، والنقطة الأهم ازدياد الضغوط الدولية على تحالف العدوان لمحاربة القاعدة وداعش التي مكَّنها العدوان العسكري على اليمن من التجذر والتوسع والتمدد عسكرياً وسياسياً ومالياً، فرسالة المبعوث الدولي لليمن ولد الشيخ أحمد لمجلس الأمن تؤكد أن لا حل عسكرياً للصراع في اليمن ، كما صرح بأن سيطرة الحكومة اليمنية على عدن ضعيفة وان القاعدة وداعش يمارسان أعمالاً إرهابية في مناطق الجنوب ، مشيراً الى أن الجماعات المتطرفة تستغل النزاع والفراغ في اليمن ، لافتاً إلى أنه كلما طالت الحرب في اليمن ، كلما توسع المتطرفون وأصبحت عملياتهم أسهل.
وإذا تتبعنا موقف دول العدوان وحلفائهم من شرعية هادي من الإرهاب والجماعات المتطرفة والميليشيات نجدهم ينكرون أي تواجد للجماعات الإرهابية فيما يسمى "المقاومة الجنوبية أو المقاومة الشرعية" ، فقد كانت ردود الأفعال الرسمية تجاه العملية الانتحارية التي استهدفت مقر حكومة بحاح ومركز القوات السعودية والإماراتية في عدن إنكار وجود تنظيمات إرهابية في عدن واتهام الجيش اليمني واللجان الشعبية بتفجير مقر الحكومة ومراكز التحكم العسكري لتحالف العدوان ، وكان الموقف الرسمي لحكومة بحاح من سقوط المكلا بيد القاعدة في الثاني من أبريل جاء على لسان رئيسها خالد بحاح في مؤتمر صحفي بمدينة الرياض نافياً أن المدينة سقطت بيد القاعدة ، مؤكداً أن من سيطر على مدينة المكلا هم من أبناء حضرموت ، بينما صرح أحمد العسيري المتحدث العسكري لعاصفة العدوان بأن محاربة القاعدة في المكلا وفي الجنوب من اختصاص الشرعية وحدها إذا استعادت دولتها وسيطرتها على اليمن .
تزايدت الضغوط الدولية والأممية على تحالف العدوان محملةً العدوان تمكين القاعدة وداعش من المناطق المحررة في عدن وفي الجنوب، وأن استمرار الحرب يزيد من قوة وسيطرة وتمدد المنظمات الإرهابية وانتشارها في اليمن ، لذلك شرعت دول تحالف العدوان باتخاذ مواقف متخبطة ومتناقضة وإعلامية في المقام الأول لمحاربة الإرهاب والمنظمات الإرهابية في المحافظات الجنوبية خصوصاً عدن.. نشرت صحيفة الرياض السعودية أن الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة شكلتا تحالفاً قوياً لمساندة السعودية ودول التحالف العربي في التدريب العسكري واللوجيستي لأكثر من 3 آلاف جندي يمني على مدى أربعة أشهر لتأهيلهم لمواجهة "القاعدة" و"داعش" في اليمن ، وأكد العميد ركن سمير الحاج الناطق لقوات هادي أن لواء القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب تشكل من مجاميع كانت متدربة منذ زمن صالح إلى جانب المجاميع التي تم تدريبها في أمريكا وبريطانيا والسعودية لمواجهة الأعمال الإرهابية والإجرامية في اليمن ، كما أوصى المؤتمر العربي الثامن لمكافحة الإرهاب المنعقد بتونس- الذي شاركت فيه الإمارات بوفد عن وزارة الداخلية ضم العقيد راشد سعيد القيشي والعقيد عبدالله الحبسي- بأهمية إيجاد حلول سياسية سلمية للنزاعات التي تشهدها المنطقة العربية بعيداً عن التدخلات الأجنبية وعلى ضرورة الحيلولة دون استغلال مشاعر الإحباط من قبل التنظيمات الإرهابية لتجنيد الشباب.
لا يملك تحالف العدوان حتى هذه اللحظة أي استراتيجية إعلامية أو عسكرية أو سياسية لمحاربة القاعدة وداعش في المحافظات الجنوبية، فوسائل إعلام العدوان تنفث الخطاب الطائفي وترفض إدانة المنظمات والميليشيات الإرهابية والمتطرفة، بل ويرى تحالف العدوان أن الخطر عليها يتمثل في ميليشيات الحوثي والجيش اليمني فقط ، وهذا ما ذكرته افتتاحية صحيفة الخليج الإماراتية في مقالة بعنوان: "فرصة لإنقاذ اليمن" في ترحيبها بدعوة ولد الشيخ الأطراف اليمنية للحوار نهاية شهر أكتوبر .
الواقع العسكري في عدن والجنوب.. توسع القاعدة
وداعش وسط عجز تحالف العدوان
استمرت الأوضاع الأمنية والعسكرية بالتدهور الشديد في العاصمة الاقتصاية عدن وامتد الفراغ الأمني والإداري ليشمل أغلب محافظات ومناطق الجنوب ، فقد أفاد موقع "ميدل إيست آي"البريطاني في تقاريره عن الوضع العسكري في محافظة عدن بأن مسلحي داعش سيطروا على ستة آلاف طن من الديزل في أحد موانئ عدن بقيمة ستة ملايين دولار، كما فرضت داعش سيطرتها على عدد من أحياء عدن " كريتر " ، كما استكملت داعش السيطرة الكاملة على كل شيء في حي التواهي بعدن ، وذكر مراسل موقع "ميدل إيست آي" عن مشاهداته اليومية بمدينة عدن بأنك تشاهد رجالاً ملتحين يقودون سيارات رباعية الدفع تجوب عدن باستمرار رافعة رايات وأعلام القاعدة .
ومن جهة أخرى تشهد محافظة حضرموت والتي تمثل ثلث مساحة الجمهورية اليمنية سيطرة تنظيم القاعدة " أنصار الشريعة " على أغلب مدنها ومديرياتها للشهر السابع دون أي مواجهة عسكرية أو رسم خطط استراتيجية مستقبلية من تحالف العدوان وحكومة هادي لمحاربة التنظيم وإعادة الاستقرار والأمن للمحافظة ، فقد شهدت مدينة المكلا أسبوعاً حافلاً من العنف وفرض أحكام الإسلام المتطرفة على المواطنين وتدمير تراث حضرموت وحضارتها ، وفشل المجلس الأهلي " الجناح السياسي للقاعدة " في توفير احتياجات الحياة ، فقد أصدرت نقابة الصحفيين بالمكلا تحذيراً شديداً للتنظيم تطالبه بإطلاق الصحفي أمير باعويضان ومحمد المقري اللذين يحتجزهما التنظيم لليوم العاشر على التوالي لترهيب الإعلاميين والمجتمع المدني الذي خرج بمظاهرة حاشدة تطالب القاعدة بالرحيل وتوفير ضروريات الحياة ، كما قامت القاعدة الأسبوع الماضي بتنفيذ حكم الإعدام قصاصاً في مقر المؤسسة الاقتصادية بالمكلا بحق أحد عناصره من أبناء منطقة رداع بمحافظة البيضاء الشمالية بتهمة القتل غدراً لزميل له في التنظيم من أبناء محافظة عمران الشمالية، ويواجه تنظيم القاعدة كل مظاهرة سلمية وجماهيرية بإطلاق الأعيرة النارية وتفريق المتظاهرين السلميين بالقوة.

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44121.htm