بقلم/ عبده محمد الجندي - < لم يعد هناك أهداف عسكرية في اليمن تستوجب استمرار هذا العدوان المسنود من اعداد كبيرة من مرتزقة الداخل والخارج الذين يقاتلون عن مصلحة ولا يقاتلون عن قناعة من نية جهادية أو ثورية..
كما هو حال الجيش اليمني مسنوداً باللجان الشعبية المناهضة لهذا العدوان الذي حقق أرقاماً قياسية في الوحشية، ويخطئ من يعتقد أن ضحايا العدوان هم من قيادات أنصار الله كما تروج القنوات المؤيدة للعدوان والمحرضة له، لأن ضحايا العدوان في الغالب الأعم هم مدنيون من الأطفال والنساء وكبار السن لا علاقة لهم بالاحزاب.. لأن الأحزاب والتنظيمات التي تقود الغرباء للسيطرة الاستعمارية على شعبها ووطنها هي بالضرورة احزاب خائنة عميلة..
ويخطئ من يعتقد أن المؤتمر الشعبي العام سوف يستبدل الرئيس علي عبدالله صالح الرافض للعدوان، بالرئيس هادي الموقّع على طلب العدوان وعلى تكاليفه المادية ديناً على اليمن، أي أنه متهم بقتل اليمنيين بصواريخ وقنابل وتكاليف قتالية محسوبة ديناً عليه.. أسلحة قاتلة للشعب اليمني ومدمرة للبنى التحتية وقاتلة بما تنطوي عليه من المديونية العاجلة والآجلة بصورة جعلته مجرد ذكرى سيئة لا تتذكر عنها الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الرافض للعدوان سوى الدماء والدمار والدموع ستبقى ذكرياتها الطاردة للثقة محفورة في عقول وقلوب اليمنيين جيلاً بعد جيل يتوارثها الأبناء والأحفاد من حقيقة المأساة المروعة التي عاشها الآباء والأجداد خلال ما يزيد عن سبعة أشهر عجاف من زمن العدوان القاتل المدمر للحياة والحضارة وسوف يصفها المؤرخون انها خلفت حياة أسوأ من الموت.. وأنها كانت حالة عدوانية تستمد شرعيتها المزعومة من رئيس جمهورية يتمنى لشعبه الهلاك بقوة الحديد والنار.
أقول ذلك وأقصد به ان استبدال رئيس للمؤتمر ضحى من أجل شعبه ووطنه بأجمل أيام حياته مضافاً إليها تضحيته من أجل شعبه بالمال والجهد والروح كأعلى وأقدس مراحل الاستعداد للتضحية، برئيس متهم بخيانة شعبه ووطنه واتخاذ عاصمة الدولة أو الدول العدوانية مستقراً لإدارة العدوان الظالم على شعبه ووطنه بقسوة ووحشية قلَّما حدثت في التاريخ.. إنها قسوة لا تستخدم القوة التقليدية بقدر ما تستخدم أرقى ما وصلت إليه التكنولوجيا العسكرية..
الذين يصورون لدول العدوان أن بمقدورهم إدارة الانقلاب على رئيس المؤتمر من فنادق الخمسة نجوم وتنصيب الفار هادي رئيساً للمؤتمر مكافأة له على جريمة قتله وتدميره لشعبه ووطنه فذلك هو الوهم الذي لا يمكن أن يتحول إلى حقيقة حتى ولو تحول الأمس إلى اليوم واشرقت الشمس من المغرب أو استبدلت الكهولة بالطفولة، لأنهم يتعاملون مع شعب عُرف بالإيمان والحكمة والموروث الحضاري الكبير، لديه من العلم ومن التجارب ما يجعله رافض لهذا الاعتداء..
يستطيع هؤلاء الانقلابيون أن يحصلوا على مبالغ كبيرة من الأموال وعلى ما يمكنهم الحصول عليه من القصور والفلل والعيش في فنادق الخمسة نجوم ويستطيعون الظهور على القنوات والصحف المروجة والمؤيدة للعدوان لكنهم لا ولن يستطيعوا اقناع المؤتمريين بأن الخائن والقاتل لشعبه ووطنه أفضل من المخلص لشعبه ووطنه الذي يفضل الموت على العمالة والخيانة لشعبه ووطنه..
نعم يا معشر الزملاء الذين لا أستطيع نقدكم بالاسم احتراماً لما يربطني بكم من بقايا زمالة قديمة، لقد أخطأتم الحساب وأسأتم إلى حد الوقاحة والنذالة لرجل امتدت يده إلى أفواهكم طيلة أيام حكمه، وأبيتم إلا وضع اصابعكم وأناملكم الملوثة فيما لديه من العيون على نحو استنكرته الملايين من الأصدقاء والأعداء استنكاراً مدعوماً بشهادة جبال اليمن وسهوله بما لديه من الشجر والحجر والتراب مضافاً إليه ما يعيشون عليها من الحيوانات والطيور.. التي لا يمكن أن تكون إلاّ شاهد اثبات للوطنية واليمنية المستمدة من جناحي العروبة والإسلام..
ما الذي دها هادي إلى بيع شعبه ووطنه وما الذي دهاه إلى قبول هذا النوع من صفقات البيع الكريهة والذميمة والقبيحة وهو يعرف ان بيع وخيانة الأوطان والشعوب والأحزاب من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، ولا تقبل امكانية العودة إلى الخلف حتى يمكن انقاذها واسقاطها من حقائق التاريخ، بقدر ما هي جرائم تتقدم إلى الأمام يتوارثها الأبناء والأحفاد من الآباء والأجداد..
أعود فأقول إن من يعتبرون أنفسهم أصدقاء المملكة العربية السعودية التي تقود هذا التحالف الظالم على اليمن هم المسؤولون عن تقديم المعلومات والإحداثيات القاتلة للأطفال والنساء وفي هدم البيوت على رؤوس ساكنيها.. وفي قتل المدنيين في صالات الأعراس والأفراح كما حدث في صالة وكما حدث في المخا وذباب وفي سنبان وفي صعدة وفي حجة وفي إب وفي ذمار وفي أمانة العاصمة وفي مدينة االمهمشين في سعوان وفي الجند وفي جميع المدن والأرياف اليمنية لكي يورطوا دول العدوان في مجازر ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية وإلى مستوى الدمار الشامل لاتسقط بالتقادم..
أقول ذلك وأقصد به أن من يقدمون هذه الشرائح والمعلومات وينهبون المنازل والدكاكين والمستودعات هم السياسيون ولا نستطيع القول بأنهم ينتمون إلى السلفيين والدواعش الذين يتفوقون في الميادين القتالية لأنهم يقاتلون عن عقيدة جهادية نعتبرها نحن خاطئة ودخيلة على الإسلام ويعتبرونها هم صحيحة وتندرج في نطاق الإسلام، لأن هؤلاء لا يستطيعون التواصل مع القيادات العسكرية والأمنية في المملكة بحكم انهم متهمون بالإرهاب ولا يستفيدون من الدعم إلاّ بصورة غير مباشرة تصل اليهم عبر الطائرات أو عبر وسطاء من الأحزاب السياسية أي ما تبقى من أحزاب المشترك المؤيدين للعدوان على بلادهم لحسابات مبنية على مصالح عاجلة وقد تكون مبنية على مكاسب سياسية آجلة لأن السلفيين والدواعش لا يقاتلون من أجل السلطة والثروة كما هو الحال عند السياسيين الذين يفضلون نعيم الدنيا على الآخرة في مجمل علاقاتهم السياسية المنافعية..
وهذا ما قيل لي من خلال تواصلي مع بعض المواطنين المقيمين في مدينة تعز أو النازحين الذين خرجوا من المدينة إلى ضواحيها الثلاث في مديرية التعزية التي أنا واحد من أبنائها، ولا نستبعد من ذلك المحسوبين على المؤتمر الشعبي العام الذين حاولوا عبثاً تقديمه على طبق من ذهب هدية للفار هادي وحكومته المسئولة عن العدوان تحت مبرر استعادة ما خسرته من السلطة على يد أبناء القوات المسلحة واللجان الشعبية المساندة لها المحسوبة على أنصار الله وعلى من يطلقون عليه بالرئيس المخلوع، الذي سلم السلطة لهادي بانتخابات صورية أي خلت من المنافسة واعتمدت على المرشح الواحد الذي فقد صفته الوفاقية كمرشح توافقي بصورة تتنافى مع جوهر ما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة من حيث انتهاء الفترة ومن حيث الانحياز للبعض والعداء للبعض الآخر أي انتهاء الشرط التوافقي بحثاً عن المزيد من السلطة في فترة زمنية لها بداية وليس لها نهاية.
أعود فأقول إن مدينة تعز هي كما عرفت به مدينة السلام ومدينة العلم ومدينة التعايش بين جميع الطوائف تعتبر التعددية المذهبية والمناطقية مكملة للتعددية الحزبية والسياسية في الديمقراطية الليبرالية.. إلاّ أن بعض الأحزاب حولتها من الطابع النواة للمجتمع المدني المطالبة بالدولة المدنية الحديثة إلى مدينة اشباح للصراعات والحروب الأهلية التي يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها سوى الأعداء الذين يرفضون الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، هذه الحرب الملعونة تحولت إلى نوع من المكايدات والمزايدات التي حولت المدينة إلى أهداف للغارات الجوية وفق احداثيات في ظاهره الخلاص من جماعة أنصار الله الحوثيين وأتباع من يسمونه بالمخلوع، وفي باطنها تصفية حسابات أنانية ذات أبعاد انتقامية وثأرية ما أنزل الله بها من سلطان.
لهذه الأسباب التي وجد بها المعتدون ضالتهم الزائفة لتحقيق ما لديهم من أهداف خفية تعيد اليمن عشرات الأعوام إلى الخلف وتدمر البُنى التحتية العسكرية والمدنية ومعيدة إياه إلى ما قبل الدولة وما قبل الاستقرار والمدنية، كان لابد لأبناء محافظة تعز أن يعلنوا صراحة رفضهم للعدوان ورفضهم للحروب والصراعات الطائفية ولأوضاع ما قبل دولة النظام وسيادة القانون، ويدعون من يطلقون على أنفسهم بالمقاومة إلى أن يعودوا إلى جادة الصواب ويراجعوا كل ما صدر عنهم من دعايات ومواقف مؤيدة ومقاتلة مع العدوان وينضموا إلى قافلة الاصطفاف الوطني الذي يحصر أهدافه بالتصدي للعدوان والمطالبة بإيقافه وبرفع الحصار المطلق على الشعب لأن جميع القوانين والشرائع الانسانية والسماوية لا تجيز لليمني أن يستعمر أو يقتل أخاه اليمني لأن الوطن والسلطة والثروة لجميع أبناء الشعب الواحد.
إن محافظة تعز التي عُرفت بالتعدد والتنوع والولاء للدولة اليمنية وسيادة القانون لا يمكن أن تكون إلاّ في موقف الداعم والمؤيد للحوار السياسي وعودة جميع الاطراف الى طاولة الحوار وتغليب الاساليب السلمية الهادفة على الاساليب القتالية الدامية والمدمرة.. سواءً في التعامل مع التداول السلمي للسلطة أو في التداول مع المواقع القيادية الأولى داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية.. ترفض الطغيان والشمولية وترفض الدكتاتورية المستبدة في الدولة أو في الأحزاب.
إن مؤتمر الثبات الوطني الذي انعقد في أمانة العاصمة لم يكن يستهدف الاساءة لأشخاص من يعتقدون أنهم يقاومون الحوثيين الذين يطلقون عليهم اتهامات الرافضة والمجوس.. والخ، نظراً لما نعرف عنهم أنهم مؤمنون بالله وبالإسلام شريعة وعقيدة وأنهم يمنيون لا علاقة لهم باتباع الديانة الوثنية المجوسية التي انقرضت بعد اعتناق الغالبية الساحقة من الايرانيين الدين الاسلامي الحنيف.
ولأن من كفَّر مسلماً فقد كفر، كان لابد من دعوتهم الى نبذ العنف طالما وأن التسوية السياسية المرتّقبة سوف تجبر جميع الميليشيات المسلحة على تسليم ما لديها من أسلحة ثقيلة لأبناء القوات المسلحة والأمن..
لذلك دعونا ما تسمى بالمقاومة الى العودة الى جادة الصواب ومراجعة حساباتها الخاطئة والانضمام الى الاصطفاف الوطني الرافض للعدوان على اليمن.. من باب الحرص على إبعادهم عن شبهات الارتزاق والعمالة.. صحيح أن الكثير من الشباب الذين تسحقهم البطالة ويمزقهم الفقر يحملون السلاح مقابل المبالغ الزهيدة التي تُصرف لهم من السعودية على أمل أن يتم ضمهم الى أبناء القوات المسلحة والأمن.. إلاّ أن الصحيح أيضاً أن مثل هذا القرار اذا توافرت القناعة باللجوء اليه بعد التسوية السياسية سوف يشمل جميع الميليشيات المسلحة بما فيها اللجان الشعبية التابعة لأنصار الله المساندة لأبناء القوات المسلحة والأمن.
أخلص من ذلك الى القول: إن الاصطفاف الوطني لا يكون إلاّ ضد الغزاة الأجانب الذين تستقطبهم حكومة هادي وبحاح للاستيلاء على المحافظات الشمالية بالقوة واعادة النظام إلى المحافظات الجنوبية التي أصبحت مهددة بالارهاب والفوضى الشاملة، لأن تحرير الوطن والمواطن من أي قوة أجنبية واجب وطني وقومي واسلامي قبل أن يكون مجرد حركة تلقائية وعفوية مرتجلة.
|