مطهر الاشموري - منذ انتهاء الحرب الباردة واختلال التوازن عالمياً لصالح أميركا القوة الأعظم المستفرده في الهيمنة على منطقتنا علَّمتني الأحداث والقضايا أن القوة الضعيفة أو الطرف الأضعف في هذه الصراعات المركبة المتداخلة عليه أن لا يرفض شرعية دولية أو يهرب منها لأن ذلك لا جدوى منه غير مزيدٍ من الظلم وزيادة الضرر.
حتى في ظل يأس او فقدان الأمل تجاه عدل أو إنصاف للشرعية الدولية فمثل هذا الطرف عليه ملاحقتها لفضحها ما أمكن.. ومن فرضية أن آل سعود اشتروا بالمال والمصالح كل الأنظمة والمنظمات، فليمارس النضال من خلال الشعوب التي لا تُشترى مهما كان ذلك شاقاً والسقف الزمني لمردوده بعيداً.
أرى من الأهمية وضوح وتوضيح هذه المحورية لعامة الشعب وقبل ذلك للنخبة الأكثر وعياً التي تصطف ضد العدوان حتى لا يحدث في التفعيل والتفاعلات تقاطعات تكون في الفهم أو الانعكاسات ما بين مايحبط أو يثبط.
الاتحاد السوفييتي لم يكن شريكاً في"سايكس بيكو"التي نفذت بعد الحرب العالمية الثانية ومع أن ذلك جعل السوفييت ومعهم الصين كمعارضة افتراضا لهذا المشروع إلا أن المشروع نفذ واميركا كانت وارثة للمشروع الذي أسسه الاستعمار القديم فما مارسته كاستعمار حديث فيما يعرف بالاستعمار.
بعد انتهاء الحرب الباردة فأميركا طرحت بعد 2001م وبعد غزو العراق 2003م أن أوروبا باتت القارة العجوز والأمم المتحدة مؤسسة مهترئة.
كان مؤدى ذلك دخول أوروبا في المشروع الأميركي العالمي لتقدمه المحطة الأمريكية 2011م في المنطقة"سايكس بيكو2" وروسيا التي ضحك عليها في حالة ليبيا تصلبت في حالة سوريا في ظل تحالفات لها مع الصين وإيران.
جاء الرد عليها اميركياً غربياً في الجارة أوكرانيا ومورست من خلال أوكرانيا وسوريا مناورات ومفاوضات أوصلت إلى إشراك وشراكة روسيا في تقديري في "سايكس بيكو 2" ومن خلال ذلك جاء دورها القوي والمفاجئ ربما في الحرب ضد الإرهاب.
وبذلك فإن سايكس بيكو 2"يصبح في مجلس الأمن هو أقوى مما كان سايكس بيكو 1" والشرعية الدولية تصبح هي سايكس بيكو 2 كمؤثر أو مرجعية وبعده المؤثرات الأخرى وعلى رأسها مصالح أو أموال آل سعود.
حتى افتراض أن المصالح ومال آل سعود من يسير الشرعية الدولية أو هي الشرعية الدولية فما هي أفضلية رفض الشرعية الدولية أو الهروب منها كموقف من طرف اليمن؛ فإذا ليس له أي مردود إيجابي فلا حاجة ولا مبرر للسير فيه كموقف أما إن كان مردوده سلبياً وأضراره أكثر يصبح مستوى من الخطيئة وليس مجرد خطأ.
سمعت خطاباً للسيسي يطالب فيه الجيش في اليمن بشكل غير مباشر لكنه شديد الوضوح ليتعامل مع الوضع في اليمن بطريقة مصر 2011م أو 2013م.
بعضهم وهو يتابع في الإذاعة وعبر أكثر من إذاعة يقارن بين اليمن وأوكرانيا ويطالب بما سارت فيه أوكرانيا لملء الفراغ وكبديل شرعية يقدم للعالم ويفرض أمراً واقعاً.
السعودية والخليج والعرب الذين دعموا ثورة وبديل 2013م في مصر هم ضد اليمن في مشهد 2014م ومعطاها أمريكا والاتحاد الأوروبي وقفوا بكل قوة مع التغيير في أوكرانيا، فيما لا مشروعية لهادي بأي قدر كما مرسي مصر أو رئيس أوكرانيا الذي هرب إلى موسكو.
خيار الانتقال إلى بديل انتقالي كمجلس رئاسة أو مجلس عسكري وتشكيل حكومة ونحو ذلك يحتاج إلى دراسة متعمقة ومستفيضة لربط اليمن بالشرعية الدولية سواء باعتماد المبادرة الخليجية أو قرار مجلس الأمن ومن ثم نجاح الإخوان وهادي وضعها تحت الوصاية والفصل السابع وربما كان ذلك للتحضير لما يجري، بمعنى لست ضد مثل هذا الخيار كبديل حين تصبح ضرورته أهم من ضرورة ولكن من واقعية ما يجري فيما يتصل باليمن في الظاهر والخفاء وبوعي دقيق يفاضل بين المردود المتوقع إيجابياً والضرر المحتمل .
من الخطايا أيضاً تحويل هذا الخيار بوعي وبدونه إلى قضية مزايدات ومناقصات بين أطراف اصطفاف المواجهة للعدوان، والمسألة ليست مجرد قراءة أو مقارنة ظاهرية وسطحية مع مصر أو أوكرانيا.
حتى حين يطرح إعلام آل سعود وتحالفه بأن طيارين من الجنوب اليمني هم من يقومون بالتحليق في سماء صنعاء أو القصف وينطلقون من قاعدة العند، فبين ما يقرأ في ذلك كمؤشرات وأبعاد هو أن السعودية تتبنى من خلال العدوان انفصالاً في اليمن أو تمزيقاً" مثلاً.
ربما مثل هذه الخطوة أو هذا الخيار قد يربط بذلك أو يحسب على ذلك وقد نسير بدون وعي بعض الأبعاد إلى ما يخدم مشروعاً أو مشاريع للسعودية في اليمن.
السير إلى هذا الخيار هو بمثابة رفض أو هروب من الشرعية الدولية أيضاً وهذا ما يستحق توقفاً واعياً وعميقاً وقياساً دقيقاً للخطوة في تبعاتها وتداعياتها.
قدرات فهمي ووعيي تجعلني لا أستطيع تحمل مسؤلية أن أطالب واؤيد هذه الخطوة ولا أن اعارضها أو ارفض وقناعتي الشخصية أن الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر وقائد المسيرة القرآنية عبدالملك الحوثي هما كواحد مرجعية الحنكة والحكمة في هذا الشأن ومن واحدية مصير وواحدية مسؤولية ولا نحتاج لأن نزيد الضغوط عليهما أو على أي منهما من تفاعلات وانفعالات واقع صعب ومعاناة مريرة خلفها العدوان نعيشها ونعيها خاصة والاصعب والأخطر تجاوزناه بالتأكيد.
|