الميثاق نت -

الثلاثاء, 17-نوفمبر-2015
عبدالرحمن مراد -
< يبدو أن المستقبل أصبح ضبابياً، ويبدو أن العدوان السعودي على اليمن أصبح يدور في حلقة مفرغة بعد أن فقد قيمته ومعناه وفقد هدفه ووقع في التيه وعَمَهِ الطغيان، وذهب بكل طواعية الى دور العدو الوهمي ومثّل هذا الدور هدفاً استراتيجياً للعدو الصهيوني وهو المستفيد الأكبر من كل الغباء السياسي والعسكري الذي تقوم به السعودية ومن تحالف معها ولذلك يمكن القول إن العدو الصهيوني استطاع إحداث انحراف في السياق النفسي والوجداني والثقافي وصدّر السعودية كعدو حقيقي للعرب وللمسلمين من خلال الممارسات المدمرة والقاتلة التي تقوم بها بصورة مباشرة في اليمن وغير مباشرة في العراق وسوريا وليبيا ولبنان، في حين يذهب هو الى تحقيق أهدافه في القدس وفي بيت المقدس بكل اطمئنان بعد أن دفع بالنظام السعودي الى القيام بدور العدو الحقيقي في المسرحية السياسية التي تؤلفها اسرائيل وتخرجها أمريكا وتقوم بدور البطولة فيها المملكة العربية السعودية ومن تحالف معها.
علينا أن ندرك أنّ الصورة النمطية المتخيلة عند النخب الفكرية والثقافية والسياسية العالمية هي نفسها، فالعرب عندهم أمة خاملة لا تحمل مشروعاً سياسياً ولكنها تتمحور حول الفكرة الدينية وهي فكرة جامدة غير متفاعلة مع حاجات الانسان الأساسية وهي تمتاز بالثبات والنصية المغلقة على ذاتها ولذلك تحاول الدول الكبرى تعزيز خاصية الثبات في الصورة الذهنية للعرب في التصورات والمفاهيم وفي التفاعل والنيل من القدرات الفكرية والإبداعية، وقد رأينا كيف وقف العالم المستعمر من الناصرية التي حملت مشروعاً سياسياً وقد بادرت الى وأد ذلك المشروع من خلال العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م ولم يهدأ بال الدول الاستعمارية إلا بعد حرب 5 حزيران 1967م، وقد تواترت الأنباء عن قول بعض ساسة المجتمع الأمريكي الذين قالوا: لقد أهدينا العرب نصر اكتوبر 73م من أجل السلام.. وفي الأحداث التي حدثت بعد اكتوبر 73م وصولاً الى كامب ديفيد ما يفسّر تلك الأقوال التي تواترت رواياتها في المذكرات والتحليلات وأقوال ساسة الدول الاستعمارية وفي تمكين حركة الاخوان من السيطرة على الشارع العربي وتحقيق التهديد الكبير للأنظمة السياسية الحاكمة في إحداث القلاقل وحالة عدم الاستقرار وهو أمر يمكن قراءته في تموجات اللحظة التاريخية التي أعقبت حرب اكتوبر 73م حتى حادث اغتيال السادات وفي تموجات اللحظة التاريخية في عقد ثمانينيات القرن الماضي وهو عقد نشطت فيه حركة الاخوان وما يتفرع عنها من حركات كالقطبية والهجرة والتكفير والجهاد سواء في مصر أو في اليمن أو في افغانستان، وتلك الحركات وقعت تحت هيمنة الأجهزة الاستخبارية العربية والعالمية، فكان نشاطها يوظف توظيفاً استراتيجياً وسياسياً في مستويات متعددة مع تعزيز ظاهرة التعطيل للخاصية الفكرية وتعطيل القدرات الذهنية الإبداعية والابتكارية، وقد شاع في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حوادث الاغتيالات للرموز الفكرية العربية وهي رموز كانت تضع النص أمام سؤال اللحظة الحضارية الجديد وسؤال المشروع فكان حظها من إثارة السؤال هو التكفير والموت اغتيالاً على يد الجماعات المتطرفة.
ولقد شهد القرن الماضي ولادة المشروع الناصري وقد عملت الحركة الصهيونية على مواجهته وتحجيمه ومن ثم وأده، ومن ثم شهد ولادة المشروع البعثي وهو مشروع سياسي كان متداخلاً مع الناصرية ومتغايراً عنها أو كان مشروعاً يشكل امتداداً متطوراً للناصرية ومن ثم وقفت الصهيونية العالمية أمام هذا المشروع وحاولت اسقاطه في رمزياته في بغداد عام 2003م، وقد رأينا كيف نشط الجهاز الاستخباري الصهيوني في اغتيال العلماء العراقيين في تلك الفترة ورموز الفكر العربي العراقي وقد قاموا بتلك المهام بصورة مباشرة، في حين نفذوا تلك الاهداف في بقية الوطن العربي عن طريق الحركات الجهادية.
ما أرغب في قوله أن الدول الاستعمارية تريد من العرب ألاّ يبرحوا فكرة الدوران حول الفكرة الدينية الجامدة النصية، ولذلك وقفت أمام المشروع السياسي العربي في الماضي وهي تقف ضد أيّ مشروع سياسي جديد، وثمة أقوال تتواتر من المجتمعات الغربية تفصح عن تلك النوايا وآخر أولئك أحد الكتّاب الفرنسيين الذي تحدث عن وجود مشروع لحركة أنصار الله في اليمن واضح المعالم، ولذلك يتداعى العالم لمحاربة هذه الحركة في اليمن، وقد سبق لهذا العالم أن وقف أمام الثورة الايرانية ووقف أمام مشروعها السياسي وأطبق عليها حصاراً جائراً، واشتغلت الصهيونية العالمية على الفكرة الطائفية من أجل تقسيم المجتمع المسلم بين سني وشيعي وضرب كل طائفة بأخرى، وقد شاع قول أحد القيادات اليهودية: من المتعة أن ترى عدوك يقتل نفسه بنفسه، وتلك المتعة لاتوازيها متعة النصر وأنت تحاربه.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44263.htm