كلمة الميثاق -
< مناسبة عيد الاستقلال المجيد الـ30 من نوفمبر 1967م- والذي فيه توجت نضالات شعبنا اليمني وتضحيات حركته الوطنية برحيل آخر جندي بريطاني من على أرضنا الطاهرة- تأتي هذا العام والوطن وأبناؤه يواجهون عدواناً استعمارياً جديداً غاشماً وبربرياً تتجاوز خطورة مخططاته التآمرية كل أشكال مشاريع الاستعمار البريطاني القديم التي أراد تمريرها وفرضها خلال فترة احتلاله الطويل الممتدة لأكثر من قرن وربع، محاولاً مسخ وطمس الهوية الوطنية اليمنية للجنوب من خلال إحداث تغيير ديمغرافي لمدينة عدن باستجلاب سكان من مستعمراته وتوطينهم وعلى نحوٍ يصبحون فيه هم من يملكون حقوق المواطنة، وأبناؤها اليمنيون هم الغرباء وتقسيم ما تبقى من الأرض اليمنية المحتلة الى فسيفساء من الدويلات ليُعطَى أبناؤها هويات إما ألقاب الأسر التي تحكمها أو مسميات استعمارية لا علاقة لها بالهوية الحضارية التاريخية لأبنائها، ولكن ورغم طول المدة الزمنية والوسائل والأساليب الخبيثة التي استخدمها المستعمر إلا أن شعبنا أفشلها وأسقطها عبر كفاح مرير انتصر فيه بتوحيد إرادته الوطنية في مسيرة ثورته »سبتمبر وأكتوبر« مقدماً على هذا الطريق قوافل الشهداء الذين روت دماؤهم الزكية الأرض اليمنية لتثمر الحرية والكرامة والاستقلال في ظل راية الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.
اليوم واليمانيون يحيون ذكرى الاستقلال الـ48 عليهم استرجاع ذاكرتهم وما مرَّ بهم منذ انتصار ثورتهم السبتمبرية الاكتوبرية المجسدة في تحقيق الاستقلال وترسيخ النظام الجمهوري وتحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، حتى هذا العدوان، ليستوعبوا أن القوى الاستعمارية والأنظمة الرجعية المتخلفة التابعة لها في المنطقة لم تتوقف عن دسائسها ومؤامراتها مستهدفةً الشعب اليمني وثورته ووحدته وصولاً الى وجوده، والتي أسوأ تجليات مظاهرها الشنيعة ما تقوم به في هذه الحرب العدوانية السعودية الاجرامية الارهابية التي تشنها ليل نهار على مدى تسعة أشهر، وبات واضحاً أنها ليست كما تدَّعي كذباً وتضليلاً مع طرف سياسي وضد آخر ولا مع جزء منهما، بل غايتها خراب ودمار اليمن وطناً وشعباً، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
لذا على أولئك الذين وقعوا تحت تأثير تضليل ودجل ونفاق وإغراءات العدوان وعملائه ومرتزقته أن يفيقوا من غفلتهم ويصطفوا مع وطنهم وشعبهم من موقع الفهم الواعي لحقائق ودروس التاريخ القريب والبعيد ليدركوا أن التدخل الخارجي دائماً ما يأتي ضد مصالح الشعوب، فما بالنا إذا كان اليمنيون يعرفون أن النظام السعودي عدو تاريخي حاقد لكل اليمنيين وأن القوى التي تقف خلفه بشكل رئيسي استعمارية مصلحتها تمزيق اليمن والعرب والمسلمين وتفتيتهم الى كيانات متناحرة لتتمكن من السيطرة عليهم مجدداً.
ومن هنا.. فلا خيار أمام اليمنيين إلا العمل على وقف العدوان، والتلاقي والحوار بإرادتهم الوطنية الحرّة ليحلوا قضاياهم ومشاكلهم على قاعدة أن اليمن وطن لكافة أبنائه، وهم يتقاسمون مسؤولية الأخطاء التي وقعت عليه والمصائب التي أحاقت به، وعليهم أن يتشاركوا مسؤولية استعادة استقلاله وأمنه واستقراره.. ليعم السلام ربوعه ويتفرغوا لبنائه وتطوره وتقدمه وازدهاره.. مستلهمين من وهج مشاعل ثوار »26 سبتمبر و14 أكتوبر و30 نوفمبر« النور الذي يضيئ لهم الطريق صوب يمن قوي موحد وديمقراطي تنعم الأجيال القادمة فيه بالعدالة والمساواة والكرامة.
|