الميثاق نت- حوار/ توفيق عثمان الشرعبي: - »ما يجري في عدن وغيرها من محافظات اليمن تم التنسيق له والمشاركة فيه قبل بدء العدوان بين دول التحالف وهادي والجماعات الارهابية والاخوان المسلمين« هذا ما كشفه لنا.. وقال: »لن تستقر الأوضاع في عدن أو غيرها مع وجود قوى سياسية مستفيدة من استمرار الحرب«.
الدكتور عبدالعزيز بن حبتور- رئيس جامعة عدن ومحافظ عدن السابق- يتحدث لـ»الميثاق« حول قضايا ومستجدات المشهد السياسي والوطني والأولويات الملحة التي يجب أن يقف عليها جنيف (2).. في التفاصيل ما يستحق القراءة بتمعن:
حوار/ توفيق عثمان الشرعبي
< بدايةً.. برأيكم الى اين يتجه المشهد السياسي في البلاد.. بعد 9 أشهر من العدوان باعتقادكم لماذا الاصرار على الاستمرار في القتل والتدمير للشعب اليمني ومقدرات بلده؟
- شكراً جزيلاً لصحيفة »الميثاق« المؤتمرية على إجراء الحوار ، وقبل الإجابة على تساؤلاتكم المهمة أود ان أترحم على شهداء اليمن جميعاً وهم قد تجاوزوا 8000 شهيد وشهيدة، والدعاء لكل الجرحى الذين قد تجاوز عددهم 27000 جريحة وجريح ان يمن الله تعالى عليهم بالشفاء العاجل.. والتحية لابطال الجيش اليمني واللجان الشعبية الذين يخوضون معارك الشرف للدفاع عن حياض الوطن ضد تحالف العدوان على اليمن ومرتزقتهم المأجورين الذين جمعوهم من الشرق والغرب لمحاولة احتلال اليمن..
وللرد على سؤالكم أعلاه أود أن أشير الى ان العدوان منذ اليوم الأول قد رسم خطة عدوانية للقضاء على الجيش اليمني ومن ثم احتلال المدن اليمنية في غضون أيام وحينما واجه العدوان صموداً عظيماً من قبل قواته المسلحة والمواطنين اليمنيين من كل الفئات والمناطق جن جنونه وكان يريدها محصورة ولكنها اتسعت وتعقدت عليه ، وكابر ودفع بكل طاقته العدوانية وحشد كل إمكاناته المادية لقهر اليمنيين فلم يحقق غير قتل الأبرياء وتدمير جزء كبير من المنشآت المدنية ولكنه بعد تسعة أشهر لم يحقق أي هدف استراتيجي من عدوانه.
< يلاحظ أن هناك اعاقة متعمدة من قبل قادة العدوان لاستئناف الحوار برعاية أممية.. لماذا من وجهة نظركم؟
- شعرت السعودية وحليفاتها بأن الدخول في حوار سياسي سيخدم الثابتين على الأرض وهم المدافعون على وحدة وسيادة الأرض اليمنية ولذلك يبحثون عن أي انتصار وهمي ولو إعلامي بسيط ليتم حشد القنوات التابعة لدول العدوان للترويج بأنها حققت انتصاراً ما، وهناك من يوهمهم بأنهم لو استمروا في الدفع بالجيوش الجرارة التي استأجروها من جنجاويد السودان وإريتريا ومن كولومبيا وغيرها من البلدان الى جبهات القتال قد تحقق لهم كسباً على الأرض وتستخدم كورقة ضغط في حوار جنيف 2 لربما حققوا شيئاً من النصر على الشعب اليمني ولكن حتى هذا لم ينجحوا فيه ، كون الشرفاء في الوطن وقفوا بثبات وشكلوا حاجزاً منيعاً لصد العدوان.
< قراءتكم - كسياسي مخضرم - لأبعاد ودلالات تركيز جبهات القتال على الحدود الشطرية السابقة والتي اشار اليها الزعيم مؤخراً في خطابه بمناسبة عيد الاستقلال الـ30 من نوفمبر؟
- هناك فهم خاطىء لدى العديد من القادة العسكريين لدول العدوان بأن المناطق في المحافظات الجنوبية هي بيئة اجتماعية حاضنة لهم وعند حشد قواتهم ومرتزقتهم سيكونون قد وجدوا البيئة الاجتماعية الحاضنة لهم من جهة وسيقومون بأعمالهم العدوانية على مناطق يمنية جديدة يسعون لإخضاعها وأحتلالها من جهة أخرى، وقد استلموا أيضاً إشارات من قوى الحراك الجنوبي المسلح الذي يعلن بوضوح انه يقاتل من أجل الانفصال لجنوب الوطن وبأنهم سيأمنون لهم هذا الأمر، لكن وهذا ما حذرنا منه مراراً بان القوى الإرهابية القاعدة وداعش هي القوى المنظمة والجاهزة لاستلام أي مدينة يتم منها خروج الجيش اليمني واللجان الشعبية، وهذا ماحدث تماماً.
< ونحن نعيش ذكرى الاستقلال من المستعمر البريطاني برأيكم هل نحن امام مستعمر جديد يمارس نفس أدوات المستعمر البريطاني التي تقوم على سياسة (فرق تسد).. وهل لاتزال هذه السياسة ذات جدوى؟
- ظاهرة الاستعمار الاوروبي في نمطه القديم انتهى وولى ولم يتبقَّ منه الا السلوك والممارسة العامة ولكنها لم تقتنع ولن الا متى ما ضمنت ان بلداننا لن تخرج عن نطاق مظلتها ولذلك اخترعوا لنا فكرة العولمة والفضاء المفتوح وحركة رؤوس الاموال بحرية مطلقة، الهدف العام هو السيطرة متى ما ارادوا ان يحددوا سير وحركة اي بلد من بلدان العالم ، ومشروعهم واحد هو المشروع الرأسمالي الحر (اقتصاد السوق مع هيمنة مطلقة لهم) هذا على النطاق العالمي كله ، اما على مستوى الشرق الاوسط فالغرب ترك لبلدانها كارثة (دويلة إسرائيل) وكيفية حمايتها وتصرفات بعض البلدان في المنطقة وكأنها تحمي مشروع استمرار الدولة الصهيونية وحتى سلوك بعض الأحزاب التي تربك المشهد السياسي في بلداننا ومثال على ذلك السلوك هو نشاط الأخوان المسلمين ، العدوان السعودي على اليمن هدفه القديم والمتجدد استمرار الهيمنة ومصادرة القرار اليمني الحر والإبقاء على اليمن تابعة للقرار بالرياض.
< باعتباركم محافظاً سابقاً لمحافظة عدن لماذا من وجهة نظركم تم تسليم هذه المحافظة للتنظيمات الإرهابية وخطورة ذلك على اليمن والمنطقة بشكل عام؟
- هذا طرح فيه تنميط مبسط لما يحدث في عدن وبقية المحافظات التي خرج منها الجيش اليمني واللجان الشعبية لأننا نعرف ومن خلال المعلومات أن التنظيمات الإرهابية كيانات مستقلة ولها قادة محليون ولكنها تتبع قيادات كبيرة خارجية وهي تتوسع كخلايا انشطارية تجمعها الرؤية العامة فحسب ولكنها تعمل وفقاً للمعطى اللحظي التكتيكي وعلى أساسه تقوم بالعملية المحددة، أي ان هناك تقاطعاً في المصالح والمواقف بين هذه القوى الراديكالية المتطرفة ودول العدوان وحتى جرى التنسيق والعمل المشترك فيما بينهم في بداية اشهر العدوان، ولكن هذه التنظيمات لها رؤيتها المستقلة واستراتيجيتها الخاصة بها بعيدة عن أية جهات دولية في الإقليم او ابعد من ذلك، وبالمناسبة قنواتهم ووثائقهم واعترافات عناصرهم واضحة البيان والصورة، لكن هناك أخطاء استراتيجية اقترفها الإخوان في قيادة عدن والمتواجدون بالرياض أنهم نسقوا واشتركوا مع هذه القوى الارهابية على قاعدة التحالفات التكتيكية وهذا أوقع اليمن في مقتل لان خطورة هؤلاء الإرهابيين لا تنتهي بمجرد انتهاء الحرب او البدء بالتسوية السياسية بل إنهم مستمرون بتطبيق مشروعهم العدمي المعروف للجميع.
< تنظيم داعش وجه تحذيرات متكررة لقيادة جامعة عدن التي أنت رئيسها حالياً.. كيف تعاطيتم مع تلك التحذيرات والتوجيهات التي اطلقها التنظيم؟
- نعم نأخذ تهديدهم بجدية بالغة لأنهم خطرون وينفذون توجيهات جماعاتهم، وكما أفتى لهم منظّر الإخوان المسلمين شيخهم/ القرضاوي في أحد برامج قناة »الجزيرة« القَطرية الذي قال بما مضمونه ان الانتحاري يجوز له القيام بالعملية الانتحارية "الاستشهادية" إذا وافقت له جماعته، أما بقراره الفردي فلا يجوز.. وعودة لسؤالك هم أرسلوا مجاميع من الشباب الملثمين للكليات لكن تم التعامل معهم بهدوء وبشكل تربوي ويبدو أنهم اقتنعوا مؤقتاً، واتجهوا لتصفية الحسابات مع خصومهم في الساحة الخالية من أجهزة الأمن وجنود حلفاء دول العدوان ولم يشاهد المواطن إلا مسلحي القاعدة وداعش للأسف.
< استنكرتم في مقال قبل أيام جريمة سحل احد المواطنين في شوارع عدن ضمن الجرائم التي نسمع عنها يومياً.. هل نستطيع القول إن هذه الجرائم اصبحت ممنهجة؟
- كتبت مقالي وأنا حزين جداً لما آلت اليه الأوضاع الأمنية والحياتية في كل من عدن ولحج وأبين وحضرموت ، و كيف أصبح لدى هذه التنظيمات الإرهابية اليد الطولى على الارض وتقرر متى أرادت ان تضرب ومتى شاءت ان تسحل او قررت ان تقطع رؤوس مخالفيها كما تذبح الشياه ، هذا أمر خطير ومحزن وهذا أيضاً كنا قد حذرنا منه مراراً وقلنا ان استمرار الحرب الداخلية والعدوان الخارجي على اليمن هو ما يوفر للمتطرفين المناخات الدافئة للنمو والاستقطاب والحركة بحرية بين الشباب المُغرر بهم وهم بالتالي من سيسيطرون على الأرض ولهذا ليس هناك خيار غير الحوار بين الفرقاء والاحتكام لقرارات الشرعية الدولية ذات الشأن بالقضية اليمنية.
< تحالف العدوان وحكومة هادي أكدوا تحرير عدن ومحافظات جنوبية أخرى.. لماذا لم نشهد أي تحسن طرأ على مستوى المدن أو حياة الناس؟
- لن تستقر الأمور لا بعدن ولا بغيرها طالما وبعض القوى السياسية مستفيدة من استمرار الحرب ، لكنني متفائل ان هناك جناحاً في حكومة الرئيس هادي يجنح للسلم ويرغب في البدء بالحوار السياسي ويهدف الى إنجاح جنيف 2 وعلينا جميعاً دعمه وتشجيعه.
< ما المطلوب من الاطراف اليمنية التي تعتزم الأمم المتحدة جمعها على طاولة جنيف 2 كأولويات؟
- الذهاب الى جنيف ليس هدفاً بحد ذاته لكن نتائج هذا اللقاء هو الأهم ، أتصور أن مطلب الشعب اليمني الأول هو إنهاء الحرب العدوانية الظالمة التي تشنها الجارة السعودية منذ تسعة أشهر، المطلب الثاني هو إنهاء الحصار البري والجوي والبحري الظالم الذي فرضه (الأشقاء) العرب على اليمنيين بدون مسوغ قانوني دولي حتى نفد الدواء والغذاء والذي نتج عنه وفاة الآلاف من المواطنين اليمنيين الأبرياء ونقص وتوقف الوقود بأنواعها ومعها توقفت الحياة الإنتاجية في البلاد برمتها ، جلوس الفرقاء السياسيين اليمنيين للاتفاق على الآتي :
** علاج الجرحى وتعويض اسر الشهداء..
** التعويض العادل للمواطنين الذين تضررت أملاكهم وكذا للمؤسسات العامة والخاصة ..
** تقديم الاعتذار من قبل دول العدوان لكل اليمنيين جراء العدوان الوحشي البربري ..
** الاتفاق على حكومة انتقالية تتمثل المصلحة العليا للشعب اليمني والقيام بإعلان مصالحة وطنية شاملة تؤمن لمستقبل الحياة السياسية الخالية من تدخلات الإقليم وعدم الدخول في صراع المحاور الدولية والتعامل مع الوطن باعتباره مشروعاً تنموياً انسانياً واقتصادياً لمستقبل خالٍ من الوصاية الإقليمية والدولية وتتعامل بقراراتها المستقلة ووفقاً لنصوص القانون الدولي العام.
< أصاب العدوان العلاقات اليمنية - العربية بمقتل.. قراءتكم لمستقبل تلك العلاقات بعد أن افرطت دول تحالف العدوان في قتل اليمنيين وتدمير وطنهم ومحاولة تمزيقه؟
- تدهورت العلاقات العربية العربية منذ قرابة عقدين من الزمان والسبب يعود الى ارتهان بعض النظم العربية للغرب بشكل كلي دون احتساب العامل الوطني ( القُطري) والقومي في حسابات سياساتها الخارجية ولذلك كانت الكثير من هذه الأقطار العربية توغل في التنسيق وحتى التحالف بينها وبين الدول الغربية وحتى الكيان الصهيوني بهدف تدمير وتحطيم الدول الوطنية العربية، مثال تدمير الدول العربية الشقيقة كالعراق وسوريا و ليبيا ومصر جزئياً واليمن العظيم هو البلد الوحيد عربياً الذي أمعن عدوان (أشقائه) جهاراً نهاراً بعدوان بري وجوي وبحري على مدار تسعة أشهرٍ جُمعت له مرتزقة العالم ، إضافة الى شراء ذمم بعض المنظمات الإنسانية للأسف وشراء صمت العالم (الحر) وحتى حركات السلام فيها.
لكن في السياسة ينبغي ان نتعامل بندية بشأن ترميم العلاقات العربية العربية نحو بوصلة قضايانا العربية المركزية كتحرير ارض فلسطين ومقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين المغتصبة من البحر الى البحر.
< كلمة أخيرة تجيب بها عن سؤال كنت تتوقع أو تتمنى طرحه عليك؟
- كلمتي الأخيرة أوجهها للسياسيين الذين هم المعنيون الآن بإنقاذ اليمن بوضع أسس سياسية واقعية لمستقبل اليمن أرضاً وإنساناً في تعايش لعصرٍ ومرحلة جديدة واستلهام عبر ودروس التاريخ، دعوتي لأهلنا في كل اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه بأننا شعب عربي مسلم واحد وبمذهبين متعايشين لعشرات القرون وعلينا التعاضد والتكاتف ضد ظواهر الإرهاب والتطرف والكراهية والحقد وهي مظاهر وقتية علينا محاربتها من منابر الجوامع ومن أروقة ومدرجات الجامعات و من صفوف مدارسنا ومن تربية أبنائنا ومن كل المنابر والمنتديات وحتى في مقائل القات.. الامم التي تستسلم لجرثومة الكراهية والفتن لا يستقيم حالها ولا تتطور ولاتنطلق في فضاءات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الإنسانية.. وشكراً لصحيفة »الميثاق« المؤتمرية التي انقطعنا عنها لاسبابٍ موضوعية قرابة العامين وهو انقطاع طويل.. وشكراً للصحفي المثقف / توفيق الشرعبي على اهتمامه وتواصله في هذه الظروف الصعبة.. وتهنئة صادقة للشعب اليمني الصامد بثبات وصبر وإيمان في وجه الحرب ولتسعة أشهرٍ متتالية شهد له العالم ببطولته واستثنائيته الخارقة.. وتهنئة للجيش اليمني واللجان الشعبية على الصمود وتحقيق البطولات دفاعاً عن الأرض اليمنية العظيمة.. ولشهداء اليمن الرحمة والمغفرة.. ولجرحى الحرب الشفاء العاجل.. وتحية وتقدير لأعضاء المؤتمر الشعبي العام على تماسكهم وثباتهم خلف قائدهم رئيس المؤتمر الشعبي العام الرئيس/ علي عبدالله صالح عفاش متعه الله بالصحة وطول العمر، ولكل الأحرار اليمنيين من أحزاب مقاومة للعدوان كأنصار الله الحوثيين والاعضاء من الأحزاب الرافضة للعدوان من البعثيين والاشتراكيين والناصريين والحراك السلمي الجنوبي، والأبطال من كل المحافظات والمناطق.. والى اللقاء في حوار آخر بإذن الله تعالى..
|