الميثاق نت -

الإثنين, 07-ديسمبر-2015
عبدالرحمن مراد -
كان عملاء العدوان السعودي يظنون أنهم ذهبوا الى المستقبل بخطى أكثر ثبوتاً، وكانوا يرون ضعف اليمن وسطوة السعودية، وظن أولئك أنهم عائدون الى صنعاء على جناح الأباتشي وعلى صهوة البرانز والبرادلي وعلى فوهة القاذفات الحساسة، وظنوا اليمن بكل تراكمه الحضاري وتاريخه سيكون مطيعاً خاضعاً ذليلاً، ويبدو أن الذين وصلوا الى صدارة المشهد السياسي في اليمن في الماضي لم يدركوا طبيعة اليمن وأهل اليمن ولم يقرأوا تاريخ اليمن فقد كان وعيهم لا يتجاوز وعي الاملاءات التي يتلقونها، من أسيادهم، وكانت هرولتهم الى الرياض خضوعاً وذلاً ولا قرار لهم فيها، فقد دلت الوقائع والأحداث على أن الكثير من أولئك الذين غادروا صنعاء الى الرياض وباركوا عدوان المملكة على اليمن كانوا جواسيس لأجهزة استخباراتية عربية وأجنبية، ولا أظن الزعيم علي عبدالله صالح كان غافلاً عنهم بل كان مدركاً لطبيعة الدور الذي يقومون به ولكنه كان يحاول توظيفهم توظيفاً يخدم حالة الاستقرار في اليمن، فقد شاع عنه قوله إنه كان يرقص على رؤوس الثعابين، وكنّا نظن أن الثعابين الذين كانوا يطلون برؤوسهم القذرة والسامة لا ارتباط لهم بدول الاقليم والاجهزة الاستخباراتية العالمية، واذا بالعدوان يكشف لنا ذلك الارتباط الوثيق في مستوياته المتعددة، وهي مستويات تجاوزت المستوى الاجتماعي الذي ظل زمناً مرتبطاً بالسعودية ومايزال بعض أولئك على علاقة مالية باللجنة الخاصة، وكانوا أقل شأناً من تلك المستويات التي رفع العدوان الغطاء عنها وأصبحت ظاهرة ولم نكن ندرك خطورة دورها الذي كانت تقوم به إلاّ بعد أن تناثرت القنابل العنقودية على رؤوسنا، وتفجرت القنابل الفراغية في جبالنا، وهبطت القنبلة الارجوانية على نقمنا، وتشدقوا في القنوات، وتفيقهوا وقالوا عن اليمن واليمنيين مالم يقله كل اعدائنا عبر حقب التاريخ المختلفة، لقد تكسرت أمواج فتنتهم على صخرة صمودنا وخابوا وخسروا وباءوا بغضب من الله ومن الناس أجمعين، وكان تبابعة حمير الذين يأبوا الضيم في جبهات العزة والكرامة، يذودون عن حياض اليمن ويقاتلون أعداءه، وهم شامخون بعزتهم، يتباهون بتاريخهم وحضارتهم ويعلون من قدر عفاشهم وأسعدهم الكامل وقدر ذي نواسهم الذي فضل البحر غرقاً فيه على أن يرى محتلاً لبلاده أو وصياً عليها.
ماذا جنى أولئك من ماسحي أحذية أمراء الخليج سوى الخزي والعار والذل والبوار، ولا مصير لهم سوى مصير رافع راية ذلهم وعارهم أبي رغال، وسيظل ابناء اليمن يرجمون قبورهم ويلعنونهم كما ولن يجدوا عند محمد بن سلمان ومن شايعه ومن والاه سوى جزاء ابن العلقمي وقد وصلوا الى ذلك الجزاء حين انذرهم وأمهلهم لمغادرة الرياض أياماً معدودات بعد أن شعر أن لا حاجة لهم بهم، وقد بلغ منهم ما كان يودُّ أن يبلغه وكأني بهم وهم يتوسلون تراب النعال في البقاء وعدم المغادرة وأنى لهم ذلك؟ فقد قيل أن أحقر الناس من يخون وطنه فكيف كانت مشاعرهم وهم يحزمون أمتعتهم ويتهيأون للمغادرة الى محرقة حتمية هي في انتظارهم؟ وتشردٍ دائم هم سالكون طريقه، وليل دائم يعيشون تحت أجنحته الدامسة، يتمنون صباحه أن يشرق عليهم فلا يشرق، ويتمنون طيوره أن تغنيهم فلا يسعها إلاّ أن تلعنهم فيشعرون بالدماء التي سالت على نجود ووهاد اليمن وكأنها قنابل عنقودية تقض مضاجعهم، وبالصواريخ وكأنها طعنات الرماح في ضمائرهم، ويطل عليهم أيوب طارش وهم يفترشون الأرصفة وهو يصرخ في اخلاقهم وفي ضمائرهم وفي وجدانهم «ليس منا أبداً من يسكب النار في اخلاقنا كي تحرقا» ويذكرهم بالنشيد الوطني الذي كانوا يقفون له عند كل مناسبة ويسمعونه صباح كل يوم: «لن ترى الدنيا على أرضي وصياً» إنها الحقيقة المرة التي تجعل وجوههم تقطر خجلاً وكأني بهم وقد استعجلوا لحظتهم تلك فسارعوا الى الانتقام من أيوب قبل أن يصرخ في ضمائرهم وقد اقتحموا منزله في تعز.
اليمن باقية وستظل شامخة وستظل رايتها خفاقة في كل قمة ولن تعدم من ابنائها من يخلص لتاريخها ولحضارتها ولترابها فهي أرض اعتادت أن تلد العظماء من الاذواء ومن التبابعة.. فشاهت وجوه أعدائها وشاهت وجوه العملاء.. وبُعْداً لهم وسحقاً.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44464.htm