الميثاق نت -

الثلاثاء, 08-ديسمبر-2015
محمد عبده سفيان -
< أثبتت الأحداث والوقائع التي شهدتها اليمن خصوصاً منذ انطلاق ثورة 26سبتمبر عام 1962م أنه لا يمكن لأي فرد أو جماعة أو حزب أو فئة الانفراد بالسلطة وإخضاع الآخرين بالقوة تحت أي ظرف من الظروف.. فبعد قيام ثورة 26سبتمبر 1962م التي أطاحت بالحكم الإمامي الفردي وأعلنت قيام النظام الجمهوري، والتي أكد الهدف الأول من أهدافها الستة على: «التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات».. استمرت الحرب الأهلية سبع سنوات بين القوى الجمهورية المدعومة من جمهورية مصر العربية الشقيقة بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر - رحمه الله- والقوى الملكية المدعومة من مملكة آل سعود والأنظمة الملكية العربية وشاه إيران آنذاك، ورغم تحقيق الانتصار التاريخي العظيم للقوى الجمهورية على القوى الملكية في ملحمة السبعين يوماً (67-1968م) بفك الحصار على العاصمة صنعاء وهزيمة القوى الملكية الا أن الأوضاع لم تستقر حيث ظلت المواجهات المسلحة مستمرة في أكثر من جبهة -حتى عام 1972م، وأثبتت الأيام والأحداث أن الحل في إنهاء الاقتتال والمواجهات الدامية لا يكمن في استخدام قوة السلاح وإنما في استخدام لغة العقل والمنطق وأن الحوار البنّاء والصادق هو الخيار الأسلم للاتفاق على كافة القضايا الخلافية وأن الجنوح للسلم هو الخيار الصائب لحقن دماء اليمنيين امتثالاً لأمر المولى تعالى القائل في محكم كتابه الكريم: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم» صدق الله العظيم.
لذلك عندما غلب اليمنيون لغة العقل والمنطق واحتكموا لحوار العقول بدلاً من لغة الرشاشات والمدافع والدبابات توقف نزيف الدم ودخل الجميع في السلم واتفقوا على مشاركة كل القوى في السلطة انطلاقاً من مبدأ (اليمن ملك كل أبنائه)، لكن ذلك لم يرضِ القوى الامبريالية المتآمرة على اليمن وعلى رأسها مملكة آل سعود، فظلت تحيك المؤامرات لزعزعة أمن واستقرار اليمن وشق الصف الوطني على مستوى كل شطر من شطري اليمن سابقاً حتى لا تحدث أية تنمية حقيقية ونهضة تعليمية واقتصادية واجتماعية وحتى لا يتم إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً، فحدثت الانقلابات المتتالية في الشطرين وحدثت المواجهات العسكرية بين أبناء الوطن اليمني (الشطرين سابقاً) وكل طرف كان يعتقد أنه بمجرد وصوله الى السلطة سوف يتمكن من إخضاع الآخرين بالقوة سواء في الشمال أو الجنوب، وكذلك الحال بالنسبة لقضية إعادة توحيد الوطن، فقد كان كلٌّ من النظامين في عدن وصنعاء يعتقد أنه قادر على إعادة تحقيق الوحدة بالقوة لكن الوقائع والأحداث أثبتت أن الحوار هو الوسيلة الناجعة والطريق السليم للاتفاق على كل القضايا الخلافية.
لقد انتهج الزعيم علي عبدالله صالح- منذ اللحظة الأولى لتسلمه قيادة مسيرة الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والتنمية في 17 يوليو 1978م- مبدأ الحوار الوطني الجاد والبنّاء مع القوى الوطنية والاجتماعية المعارضة في الشمال ومع النظام الحاكم في الجنوب آنذاك وعقد أول لقاء له مع الرئيس عبدالفتاح اسماعيل رئيس مجلس الرئاسة في الجنوب - الأمين العام للتنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية (الحزب الاشتراكي اليمني - لاحقاً) وذلك في دولة الكويت الشقيقة وخاض حوارات جادة ومسؤولة مع القوى المعارضة في الشمال خلصت الى صياغة الميثاق الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي العام في اغسطس عام 1982م، وخاض حوارات وحدوية مكثفة مع قيادات الشطر الجنوبي خلصت في عهد الرئيس علي ناصر محمد الى تحقيق خطوات كبيرة نحو تحقيق إعادة الوحدة وأكملها في عهد الأمين العام للحزب الاشتراكي علي سالم البيض والتي توجت بإعلان إعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية يوم 22مايو عام 1990م.
أجزم أن الأوضاع المأساوية التي يعيشها وطننا وشعبنا اليمني منذ مؤامرة (الربيع العبري) عام 2011م وخصوصاً بعد أن شُنَّ عدوان بربري غاشم على وطننا وشعبنا من قبل مملكة آل سعود وأنظمة الشر العربية المتحالفة معها.. هذه الأوضاع والمأساوية لن تنتهي بالحسم العسكري وغلبة القوة وإنما بالحوار البنّاء والجاد والمسؤول بين كافة القوى اليمنية دون تدخل خارجي.
على أولئك الذين يراهنون على العدوان السعودي وحلفائه أنهم قادرون على تحقيق الانتصار على الجيش اليمني واللجان الشعبية والمواطنين المساندين لهم بطيران دول العدوان بقيادة السعودية وبوارجهم الحربية ودباباتهم ومدرعاتهم وأسلحتهم الحديثة والنوعية.. عليهم أن يدركوا جيداً أن رهانهم خاسر حتى وإن افترضنا جدلاً أنهم حققوا الانتصار.. فهم مهزومون لأن المنتصر مهزوم في هذه الحرب المجنونة والعبثية الملعونة..
الجميع خاسرون لأن الأنفس التي تُزهق يمنية والدماء التي تسفك يمنية والمؤسسات العامة والخاصة والمعسكرات والطرقات والجسور والمصانع والمنشآت الرياضية والمدارس والمعاهد والجامعات والكليات والمنازل التي تدمر هي ملك أبناء الشعب اليمني.
لذلك نتمنى من كل الأطراف المتصارعة على السلطة أن يغلبوا المصلحة الوطنية على مصالحهم الشخصية والحزبية وأن يجنحوا للسلم ويقبلوا بالجلوس إلى طاولة الحوار لإنقاذ وطنهم وشعبهم وإنقاذ أنفسهم وأبنائهم من كوارث لا تحمد عقباها.. فمازالت الفرصة مواتية لإحلال لغة الحوار بدلاً عن لغة الكلاشنكوف والرشاش والمدفع والدبابة.. فلا بديل عن الحوار ولا خيار آخر لوقف العدوان ووقف ازهاق الأرواح البريئة وسفك الدماء الزكية وتدمير مقدرات الوطن والشعب اليمني سوى خيار الحوار والسلام.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44487.htm