الإثنين, 28-ديسمبر-2015
الميثاق نت -   شوقي اليوسفي -
بحماس غير مسبوق كان المحللون السياسيون والعسكريون (يمنيين وخليجيين) يكذبون في كل القنوات الفضائية الخليجية واليمنية بما فيها قنوات «الجزيرة والعربية والحدث واليمن ويمن شباب والشرعية وسهيل» ، وعلى مدى اشهر ، يرددون بصوت واحد انه مالم يتم تحرير تعز فإنه سيكون من سابع المستحيل تحرير العاصمة صنعاء وعلى ضوء ذلك قامت القيامة على ثلاثة ملايين نسمة حيث دعمت دول التحالف مقاومة تعز على الارض بالسلاح الثقيل والمتوسط والخفيف ، النوعي والفتاك ، ومدتهم بالجنود من مختلف الجنسيات واكرمتهم بالذخائر والمال ووفرت لهم غطاءً جوياً على أعلى مستوى قتالي.
كنا نسمع كل يوم وبعد كل مجزرة يرتكبها طيران التحالف بحق مدنيين او يقتل فيها ابرياء بالسلاح المتوسط والثقيل ، عمداً وبالخطأ، ان من بوابة تعز سيتم «تحرير» صنعاء، وقد سمعت انا شخصياً المحلل العسكري العميد محسن خصروف يقول لمذيعة «الحدث» نجوى قاسم قبل اربعة اشهر وللمرة السابعة ان على دول التحالف ان تطهر تعز من الحوثيين اذا كانوا يريدون تحرير العاصمة، وسمعته يقول انه من دون تطهير محافظة تعز فلن تستطيع المقاومة في اليمن ولا التحالف الوصول الى مشارف العاصمة صنعاء.وغير خصروف سمعت العميد جواس وقائمة طويلة من المحللين اليمنيين كانوا يغردون بما لايمكن قبوله بمنطق الجغرافيا ولا بمنطق الصدق مع الله ومع البشر، لقد كذب خصروف وجواس وجيش المحللين على ان تعز بوابة صنعاء وانها اقرب الطرق للوصول الى رأس علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي ، كنا نقول في السر والعلن ان اقتحام صنعاء من مأرب والجوف اسهل من تعز باعتبار انه في حال قرر التحالف تطهير تعز سيتوجب عليه بعد ذلك تطهير إب وذمار وبينهما جبل سمارة، الحرب في تعز استمرت الى الآن تسعة اشهر ولم ينتصر التحالف رغم ان لديهم اكثر من خمسة وثلاثين الف «مقاوم» على الارض، ولكم ان تتخيلوا كم سيحتاج التحالف من سنوات لتطهير محافظتي إب وذمار وليس لديهم فيهما مقاوم صادق، لم يستوعب أحد ذلك وظل المحللون الذين نشاهدهم في الفضائيات الخليجية (مدفوعي الاجر) ومعهم «شلة» من المحللين العسكريين الخليجيين (يُرَفّسون) ويقولون: تعز أقرب من الجوف ومن مأرب لصنعاء.
بعد تسعة اشهر من الكذب بدأ الحديث عن «تحرير» صنعاء من بوابة تعز يخفت تدريجياً الى ان انتهى وبدأ الحديث فجأة عن رغبة في تجريد حمود سعيد المخلافي باعتباره (اصلاحي) وأما المحلل العسكري العميد محسن خصروف والعميد جواس في اطلالة لهما في قناة «الحدث» ومع ذات المذيعة فقد قالا: ان اقتحام صنعاء من بوابة الجوف لن يستغرق سوى ايام.. طيب وبوابة تعز ياخصروف وياجواس ماعاد لها داعي ، يعني نغلق الباب ونشوف لنا حل مع الحوثيين الذين صدقوكم وحاصروا تعز بكل ثقلهم العسكري دفاعاً عن صنعاء ، خلاص ماعاد شي داعي تطهروا تعز ومن بعدها تطهروا إب وذمار.انتهى الحديث عن دخول صنعاء من بوابة تعز وكأننا كنا نعيش تفاصيل مسرحية هزلية ، شرد الطيران والقصف البري في تعز عشرات الآلاف من منازلهم ودمروا معاهد ومستشفيات ومدارس ومنازل وطرقات كما دمروا ماتبقى من حلم إنعاش ميناء المخا بذمة «تحرير» تعز تمهيداً لإعادة العاصمة الى يد هادي ، المهم بعد الدمار الهائل وبعد ازهاق ارواح ابرياء لم تعد محافظة تعز بوابة صنعاء.
أرسل الحوثيون بسبب (الكذبة) أشرس مقاتليهم الى تعز وعززوا جبهاتهم بسلاح نوعي وفتاك لمجاراة السلاح النوعي والفتاك الذي وصل الى الجماعة، وبحسب الوقائع ،كان الحوثيون يستبسلون في الجبهات مع كل تصريح لمسؤول حكومي عن اقتراب ساعة الصفر في تعز، ولما تم الاعلان عن ساعة الصفر إعلامياً شاهدنا محمد علي الحوثي شخصياً يدير المعركة من داخل معسكر 22 في الجند ومعه ابوعلي الحاكم وقادة حوثيون على مستوى عالٍ من الجاهزية والخبرة العسكرية .تحولت تعز على مدى اشهر الى (جهنم) وحدث في شوارعها مالم يحدث في حروب العالم مجتمعةً، قتل بالرصاص ، اعدامات خارج القانون، ذبح من الاعناق، احراق اجسام لمقاتلين احياء، سحل وتنكيل، شاهدنا صواريخ الكاتيوشا وقذائف الدبابات ومدافع الهاوزر تصادر ارواح ابرياء ، اطفال ونساء ، وعشنا تفاصيل مرعبة لموت يأتي من تحت الأقدام ومن فوق الروؤس ، كل ذلك على وقع كذبة تحرير صنعاء من بوابة تعز .
الآن وبعد كل موجات القتل والدمار الذي شهدته المدينة المنكوبة اتجهت الانظار الى الجوف ومأرب ولم يعد الحديث عن تعز سوى حديث عن جرائم ابادة او حديث عن تجميد عضوية حمود المخلافي في «المقاومة» وأصبح الاعتماد فقط على السلفيين ومقاتلين تم استقدامهم من دول كثيرة .
بكل بساطة لايريدون لنزيف الدم ان يتوقف ، والشاهد انه قبل ايام كانت تعز بوابة لصنعاء والآن يدور الحديث عن انها بوابة للمحافظات الجنوبية ويتوجب تطهيرها او تأمين حدودها مع لحج، مامعناه ان الحرب ستستمر بنفس الوتيرة وستبقى تعز محور شر .
التطهير يحتاج من طرف المقاومة الى طائرات إف16 واباتشي وجنود من ذوي البشرات السمراء والسوداء مدججين بأسلحة فتاكة ودعم لوجيستي أممي.. وفي الطرف الآخر يعتمد الحوثيون على صواريخ كاتيوشا ودبابات ومدافع ومقاتلين، لامحل للتهاون والمهادنة في قلوبهم .. وتتوسط هذا وذاك مدينة مكتوب لها ان تتحول عما قريب الى ركام وأنقاض.
*رئيس تحريرصحيفة (نبأ الحقيقة)
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:43 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44665.htm