الأربعاء, 30-ديسمبر-2015
الميثاق نت -
حتى وان وضعت الحرب أوزارها في اليمن واوقف تحالف العدوان الذي تقوده السعودية قصفه لليمن، فقرار كهذا لم يعد على مستوى كبير من الأهمية للشعب اليمني بعد ان خسر كل شيء خلال تسعة اشهر كل مقومات الحياة وكل مقومات الدولة..
فهاهي اليمن أصبحت مدمرة بالكامل بشكل وحشي وبشع.. استخدم نظام آل سعود احدث الاسلحة بما فيها المحرمة دولياً لتدمير الطرق والمدارس.. المدن والقرى.. الجسور والمستشفيات..المطارات.. الموانئ.. رياض أطفال..المجمعات الحكومية المدنية..المصانع.. الجامعات..المعاهد الفنية.. معاهد التدريب المهني والصناعي.. صوامع الغلال.. محطات البترول..المقابر وثلاجات الموتى.. صالات الاعرس.. منازل المواطنين..وحتى منابع المياه..الخ.
اليمن كلها تنزف.. دولة حولها الصمت الدولي في بضعة اشهر الى خرائب واطلال تنعق فيها اصوات البوم والغربان..والأبشع من ذلك هو تسابق دول غربية لتزويد الدولة المعتدية بأحدث الأسلحة الأمريكية او البريطانية او الفرنسية.. لم يكترث احد بحرب الابادة التي ترتكبها السعودية بحق الشعب اليمني الفقير والمسالم..
كل هذه الجرائم اذا اعتقدنا أنها نتيجة طبيعية لأي حرب.. وان دوي المدافع والصواريخ وأزيز الرصاص، هذه الاصوات حالت دون ان يسمع العالم استغاثة شعب يباد بوحشية، لانه مشغول جداً بعودة (الشرعية) حتى لو اقتضى الامر قتل وحرق كل الابرياء في اليمن..فليمت 25 مليون يمني من اجل (هادي) فليدمر ويحرق كل شيء في اليمن الذي كان ذات يومٍ سعيداً من اجل ان لايزعل محمد بن سلمان وهادي..
غير ان المفزع جداً ان يتجاهل العالم- وتحديداً في الامم المتحدة - اصوات منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية.. طبعاً لاعلاقة لها بالحوثيين ولا الرئيس صالح ولا بإيران او الانقلابيين- كما يبررون ويزعمون - للهروب من الاعتراف بالمشاركة في الجريمة..
لقد كشفت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها عن ارقام مفزعة كان يتوقع ان يؤدي نشرها الى تحرك الضمير الانساني للمسارعة بإنقاذ الشعب اليمني من حرب ابادة قذرة يتعرض لها، لكنه مضى شهر على نشرها ومايزال المجتمع الدولي يغط بنوم عميق وسط دفء المال السعودي..
لقد أورد تقرير منظمة الصحة العالمية ان هناك 51 مستشفى في اليمن دُمرت او تضررت جزئياً خلال ستة اشهر من العدوان السعودي على اليمن.. الرقم يتحدث عن مستشفيات دُمرت..وليس عن معسكرات..او قواعد صاروخية..
تقدر منظمة الصحة العالمية أن 51 مستشفى على الأقل تضررت أو دمرت جزئياً على مدى الأشهر الستة الماضية بسبب الصراع الدائر في اليمن..
واضح جداً ان السيد يوهانس فان دير كلاو -منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن -حرص مثل مسئولي بقية المنظمات على ان يضمن تقريره- الذي اعلنه في مؤتمر صحفي في القاهرة بتاريخ 18 الشهر الماضي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من العاصمة صنعاء- ارقاماً عن الوضع الانساني المخيف ليطلع مجلس الامن عن حقيقة كارثية الحرب في اليمن، غير ان هذه الأرقام لم تيقظ الضمير المنوم بالمال السعودي..فقد قال محذراً: (إن انهيار الخدمات الاساسية مستمر بوتيرة سريعة في اليمن)، ولم يكتفِ بذكر المستشفيات المدمرة بل لقد جاهر بحقيقة اخرى وبرقم مخيف، حيث ذكر أن التقديرات الحالية تفيد بأن "أكثر من 14 مليون شخص يمني لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية الكافية.. كما ان هناك ثلاثة ملايين طفل وامرأة حامل أو مرضعة يحتاجون إلى العلاج من سوء التغذية أو الخدمات الوقائية..
المسئول الدولي عبّر عن مأساة الشعب اليمني بالأرقام وهي لغة سريعة الوصول والتأثير لدى المسئولين وبين اوساط الجمهور المتلقي، حيث نجده يشير الى ان هناك 1.8 مليون طفل يمني باتوا خارج النظام الدراسي منذ منتصف مارس.. ووصف الصراع الدائر في اليمن بأنه "مدمر"وأنه انتشر إلى 20 محافظة من أصل 22 محافظة في البلاد، ما أدى إلى وضع إنساني بائس وازداد تدهوراً بشكل كبير خلال الأشهر السبعة الماضية، و هناك نحو 21.2 مليون شخص - أي بنسبة 82% من السكان - هم حالياً بحاجة إلى أشكال مختلفة من المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الضرورية أو حماية حقوقهم الأساسية.
ووسط هذه الحرب والصمت الدولي المريب لم يتردد منسق الأمم المتحدة عن المطالبة بحماية المدنيين اليمنيين وتوفير الخدمات الأساسية والاحتياجات ذات الأولوية، ودلل على ذلك بأرقام صادمة حقاً، ومن ذلك أن التقديرات تفيد بأن "أكثر من 19 مليون شخص يمني يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، وأكثر من 14 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك 7.6 مليون يواجهونه بدرجة حادة، وأن نحو 320 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد". هذا خلافاً عن انه استند إلى أرقام الشركاء للتدليل على حجم الكارثة والذين يقدرون بأن نحو 2.3 مليون شخص يمني أُجبروا على الفرار من ديارهم، وأن 120 ألف شخص آخرين قد فروا من البلاد.. ولم يتردد المسئول الدولي عن ذكر ان هناك آخرين يعيشون في العراء أو يحتلون المباني العامة.
وبصراحة وشعور انساني نبيل ومسؤول نبّه بشكل مباشر منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي الى ان الطريقة التي يُخاض بها الصراع في اليمن قد زادت من تفاقم الوضع الإنساني وذلك بسبب "الاستهتار" شبه التام بحياة البشر، وشن الهجمات العشوائية على المدنيين والبنية التحتية المدنية، إضافة الى ما ترتكبه جميع أطراف الصراع من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي قد يرقى بعضها إلى مستوى جرائم الحرب.
كما وضع المجتمع الدولي أمام حقيقة صادمة اخرى وفاضحة في ذات الوقت والمتمثلة أيضاً بصمته عن الحصار الجائر المفروض على الشعب اليمني والذي يتسبب في تفاقم المعاناة الإنسانية جراء فرض القيود على الواردات التجارية الى اليمن الذي يعتمد بشكل كبير على استيراد الوقود والغذاء والأدوية وغيرها من السلع الأساسية والتي انخفضت مخزوناتها في الأسواق بشكل خطير، ونتيجة لذلك توقف ضخ المياه، وقلصت المرافق الصحية من خدماتها، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
إن هذه الارقام والحقائق توجب على الأطراف اليمنية أن لا تذهب للبحث عن بطولات وانتصارات زائفة..بل ان تستشعر مسؤوليتها الوطنية والدينية والانسانية تجاه اليمن أرضاً وإنساناً وان تركز على قضية إعادة إعمار اليمن واعادة تأهيل الانسان اليمني أولاً وليس تقاسم السلطة..
إن المجتمع الدولي يجب ان يتحمل مسؤوليته باعتباره ساهم في هذه الكارثة التي دمرت اليمن ولايجب ان يرمي المسؤولية على الاطراف اليمنية فقط، بعد أن ساهم بشكل فاضح في تدمير اليمن..
إن قرار وقف الحرب الآن وبعد هذا الدمار وجرائم القتل الجماعية ليس إلا محاولة للهروب من فضيحة دولية تورط فيها مسئولون دوليون في جرائم قتل لا يجب إزاءها ان يفلتوا ابداً من العقاب..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44694.htm