بقلم/ عبده محمد الجندي -
< عجباً لهؤلاء العملاء الذين يقتلون شعبهم بثمن بخس وزائل من المال وهم يدركون سلفاً أنه غير قابل للديمومة وأن نهايته المفاجئة لا تختلف عن بداية المفاجئة.. وأنه لا يسمن ولا يغني من جوع ومن فقر، في سباق الحاجة والكفاية الدائمة الحركة والتغيير والتطور الموجبة للمراجعة الدائمة والتراجع من الخطأ الى الصواب بحثاً عن كفاية تلبي الحاجة المشروعة ولا تتناقض معها ولا تخلط بين المشروع وغير المشروع، وتجعل الإرادة العليا للباطل على الحق وتجعل الإرادة السفلى للحق راضخة للباطل.
أعود فأقول هؤلاء الذين أوقعتهم حساباتهم وتطلعاتهم الى مقايضة المال بالقتل إنهم أصحاب بطون بهيمية منفلتة عن الجوانب القيمية والأخلاقية والإيمانية في الإنسان هذا الكائن الحي العاقل، الذي يتميز عن غيره من الكائنات الحية والحيوانية غير العاقلة في هذا الكوكب الأرضي الذي تتكون منه المجموعة الشمسية كواحدة من مليارات المجموعات والمجرات والكواكب المترامية الأطراف والمساحات الكونية.
ولو أن هؤلاء السياسيين الأغبياء تأملوا بالعواقب الوخيمة لما أقدموا عليه من مقايضة مجنونة لما كان لهم أن يستمروا في مغامرتهم المجنونة بالكثير من المخاطر والآلام الكارثية القاتلة لهم ولأبنائهم وأحفادهم الى حين..
أنا أخاف عليهم من شر أعمالهم ومن هول ما أقدموا عليه من خيانات وطنية قلما حدثت من آبائهم وأجدادهم قاطبة وأدعوهم الى التكفير عن سيئاتهم عسى الله أن يقبل منهم التوبة ويغفر لهم ما اقترفوه من الجرائم والآثام المهولة.
قد يقول البعض: إن المال ليس هو الدافع الوحيد لهذا النوع من الحرب والقتل والعدوان وأن ما يطلقون عليه شرعية الرئيس هادي وحكومته مضافاً اليها التعصب المذهبي السني ضد التشيع الايراني هو الدافع الرئيس لهذا النوع من القتل والخراب والدمار الذي يقابل بتأييد ودعم ومساندة هؤلاء العملاء وشهوتهم الى القتل.. وهؤلاء المشدودون لهذا النوع من الصراعات والحروب الطائفية والمذهبية يذكرونني في جنونهم وعصبيتهم بتلك الصراعات والحروب الدينية التي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت والتي دفعت «فولتير» الفيلسوف الفرنسي العظيم الى التحول في كتاباته من السخرية الى الجد فكتب تحت عنوان «اسحقوا العار» في رسائله الشهيرة التي حركت روح فرنسا ضد مظالم الكنيسة بصورة وصفت من قبل الكتاب والسياسيين والمؤرخين المحايدين انها كانت بمثابة نار فكرية أدت الى تحطيم الرهبانية في فرنسا الملكية التي شهدت قيام الأيديولوجية والثورة الفرنسية الكبرى التي غيرت وجه التاريخ وحققت منجزات كأنها المعجزات، حيث قيل عن (فولتير) بأنه كتب رسائل الى أصدقائه وأتباعه دعتهم الى توحيد الصفوف وحشد الطاقات في معركة حققت أهدافها في قهر التعصب وتعرية الأوغاد والقضاء على الخطب المضللة والسفسطة المخزية والتاريخ الكاذب وانتهت بتمكين العلم من تحطيم اسطورة وخرافة الجهل على نحو أضاء الطريق أمام التحول العظيم من الجهل والكهانة وسياسة العصور الوسطى المظلمة الى عصر الأنوار والحرية ونصرة العلم على الجهل والحق على الباطل والعدل على الظلم والديمقراطية على الاستبداد وما تخللها من محاولات رجال الدين في شراء مواقف فوليتر وتحييده عن الهجوم على الكنيسة والتصدي لما كانت ترتكبه محاكم التفتيش من مشانق بحق الرافضين لهذا النوع من التعصب المذهبي والديني تحت شعار اشنقوا آخر قسيس وحرروا العقل والفكر من سطوة الدين وجبروته ودياجيره المظلمة والمحرفة.
أقول ذلك وأدعو المتعصبين لهذا النوع من الحروب الطائفية والمذهبية المقيتة بأن مراجعة المواقف الخاطئة أصبحت ضرورة من الضرورات السياسية المعاصرة التي يحتكم فيه العالم بأسره للديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وتغليب سياسة التصالح والتسامح والتعايش على غيرها من السياسات الدامية والمدمرة.
حقاً لقد رفض فوليتر كل المناصب المرموقة التي عرضت عليه مقابل إيقاف «رسائله التي كان يوزعها تحت شعار (اسحقوا العار) وبدأ في توزيع رسالته عن التسامح الديني وقال: إنه ما كان ليهتم بالعقيدة لو اقتصر رجال الدين على إقامة شعائرهم وتسامحوا مع الذين يختلفون عنهم في المذهب ولكن مواقفهم وتعصبهم الذي لا نجد له أثراً في الانجيل هو مصدر النزاع الدامي في التاريخ المسيحي، وقال أيضاً إن الإنسان الذي يقول لي: آمن كما أؤمن وإلا فإن الله سوف يعاقبك سيقول لي الآن آمن كما أؤمن وإلا سأغتالك، إن التعصب المقرون بالخرافات والجهل كان أساس البلاء في جميع القرون».
ومعنى ذلك أن الصراعات والحروب المذهبية والطائفية التي تحاول بعض الدول العظمى فرضها على العالم الاسلامي بين السنة والشيعة في التاريخ المعاصر هي سياسة كنسية أوروبية قديمة لم يعد لها وجود في العالم المسيحي الذي اكتوى بنارها مئات السنين والاعوام على نحو دفعها الى فصل الدين عن الدولة لكنهم ما برحوا عبثاً يستخدمونها لمزج العالم الاسلامي في حروب يتضرر منها السنة والشيعة الذين لا يستطيعون فصل الدين عن الدولة بحكم الاختلاف بين الإسلام والمسيحية وخلو الأولى من البابوية والرهبنة والكهانة، ولا سبيل للعالم الاسلامي سوى التسامح والتعايش والتعاون والتكامل والتكافل بين المذاهب والطوائف على قاعدة «الدين لله وحده، والوطن للجميع» لا فرق بين اتباع المذهب الزيدي واتباع المذهب الشافعي على الاطلاق.
أعود فأقول إن تأييد العدوان ودعمه ومساندته تحت مبررات طائفية ومذهبية سياسة رجعية لا تتفق مع ما دعا اليه الدين الاسلامي الحنيف من رؤية إسلامية مستنيرة جامعة دعت المسلمين في جميع البلدان والأمم المختلفة التكوين القومي الى التسامح والتعايش والوحدة بحثاً عما هم بحاجة اليه من مقومات القوة الحضارية المنشودة.
وعوداً على بدء أعود الى دعوة المؤيدين والمقاتلين في صف العدوان على شعبهم الى مراجعة مواقفهم ورفع شعار التصالح والتسامح والسلام القائم على الحق والعدل وتحكيم الديمقراطية في السلطة والعدالة في الثروة بحثاً عما نحن بحاجة اليه من قوة في مواجهة دول العدوان والتحاور معها بروح الفريق الواحد الذي يساعدنا على تحقيق ما نتطلع اليه من الانتصار لما سلب منا من مقومات السيادة والحرية والكرامة وتعويض ما دمره العدوان من بنية تحتية في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والثقافية.
♢ الخلود للشهداء والشفاء للجرحى
♢ والنصر للقوات المسلحة واللجان الشعبية
♢ والأمن والاستقرار للشعب اليمني
|