الميثاق نت - اتخذ مجلس جامعة عدن برئاسة النائب الأكاديمي للجامعة رئيس جامعة عدن في آخر يوم من عام 2015م قراره الواقعي بتعليق الدراسة في كل كليات الجامعة  حفاظاً على سلامة أرواح طلابها وأساتذتها وموظفيها الى أجل غير مسمى ولكنه بعد يوم او يومين تراجع المجلس سريعاً عن قراره الصائب

الجمعة, 08-يناير-2016
أ٠د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور -
اتخذ مجلس جامعة عدن برئاسة النائب الأكاديمي للجامعة رئيس جامعة عدن في آخر يوم من عام 2015م قراره الواقعي بتعليق الدراسة في كل كليات الجامعة حفاظاً على سلامة أرواح طلابها وأساتذتها وموظفيها الى أجل غير مسمى ولكنه بعد يوم او يومين تراجع المجلس سريعاً عن قراره الصائب ونقضه بضغط مباشر من محافظ عدن ، وقَبل الاكاديميون ذلك الضغط وابطلوا قرارهم ولكن الاسباب والمخاوف لديهم لازالت قائمة والسبب الرئيسي هو حالة الفلتان الأمني الذي تشهده المدينة منذ ما سُمي " بتحرير عدن " من الجيش اليمني واللجان الشعبية و قدوم جيوش من دول تحالف العدوان على اليمن الذي تقودهم المملكة السعودية بمعية الشركات الامنية المستأجرة من قبل مشيخة الإمارات العربية المتحدة كمرتزقة مأجورين مثال ( شركة بلاك ووتر الأمريكية الأمنية ذات السجل القذر في ارتكاب الجرائم ) ، الجنجويد من السودان " الشقيق " وبقية جحافل الجيوش من الحلف العدواني على اليمن ٠
كان الهدف المعلن للرأي العام العدني واليمني والدولي هو تأمين عدن وأهلها من اية فوضى قادمة بعد "التحرير" ، لكن دعونا نسرد بايجاز مكثف ماذا حصل بعد هذا التاريخ لمدينة عدن المغدورة ؟
*** تضخمت وتعملقت الجماعات الإرهابية المتطرفة وازدادت عدداً وعُدة ، فزاد أُمراؤها وأعدادها ومسمياتها وتدربت بشكل جيد وأحتمت بحاضن إجتماعي خفي وعلني و اصبحوا هم من يقرر متى وأين ينفذون عملياتهم ونشاطهم بدون رادع فعلي ٠
*** ازدادت عمليات الاغتيالات والخطف والنهب في وضح النهار ولم يجرؤ أي أحدٍ على رفع الصوت او القلم لفضح وانتقاد هذه الحوادث المرعبة التي أصبح المواطن في عدن والمناطق المجاورة يئن من جور وطأتها وجبروتها ( و لا أظن ان أي إنسان طبيعي لا يعرف ويستوعب مدلول هذه الحوادث كتفجير المقر المؤقت لرئيس الوزراء واغتيال المحافظ السابق ومرافقيه ومحاولة إغتيال المحافظ الحالي ومدير أمنه بعدن واغتيال رجال القانون من القضاة ومساعديهم وعدد من رجال الأعمال والتنكيل وابتزاز البعض الآخر والاغتيلات المتكررة لبعض القيادات من الحراك السلمي ، وتفخيخ مقرات بعض الأحزاب السياسية وعدد من المؤسسات ، وحادثة اختطاف و إهانة الأكاديميين من جامعتي عدن وتعز ، أما النهب فحدث ولا حرج فكأنهاعملية منظمة متواصلة لم ولن تتوقف كما يبدو حتى كتابة هذه السطور )٠
*** شاهدنا جميعاً ولأول مرة في عدن قطع رؤوس الضحايا " والذي لم يُفصح عن هوياتهم إلا همساً حتى هذه اللحظة " أي فصل الرأس عن الجسد والأعدامات العلنية بالشوارع دون حسيب او رقيب أو حرمة لدماء الضحايا التي تُزهق أرواحهم دون محاكمات قانونية شرعية و القتل بواسطة "السحل" للمواطنيين بالشوارع وهي مشاهد مرعبة تحدث لأول مرة في تاريخ مدينة عدن ، والمريب في الأمر حدوث كل هذه الجرائم دون ان نسمع صوتاً مستنكراً لهذه الأفعال الوحشية البربرية من قبل الأقلام والعقول الوازنة وكذا من يتولون الآن إدارة شؤون مدينة عدن ، و أحياناً نسمع تبريراً ساذجاً لحدوث هذه الجرائم بالهروب الى الأمام بتحضير الجاني الوهمي ٠
*** تعرضت جامعة عدن خلال الاربعة الاشهر المنصرمة للعديد من الإنتهاكات الصارخة من قبل العناصر الإرهابية المتشددة ومن المتطفلين المحسوبين على العمل الأكاديمي للأسف ، إذ طُلب من عمادات كلياتها الآتي :
— فصل وعزل تعليم الطالبات عن الطلاب ٠
— طلب مكوس مالية نقدية من الكليات لقاء الحماية ٠
— التدخل السافر من " نفرٍ " بطلب تعديل قوانين ولوائح الجامعة تفصيلاً على مقاس وأهواء هؤلاء النفر ٠
— الاعتداء الجسدي واللفظي على أساتذتها الأجلاء وطلاب الجامعة النجباء ٠
— اختطاف عميد كلية الهندسة وعدد من المنتسبين للجامعة ٠
هذه أحداث مؤلمة تتعرض لها الجامعة لأول مرة في تاريخها خلال ال 45 عاماً المنصرمة ٠
وهنا لم نستعرض كل الإختلالات الأمنية ولا الانتهاكات الإرهابية ولسنا بصدد جمع تقرير يرصد كل هذه الحوادث الكارثية و لكننا أومأنا لأمثلة ( مزلزلة ) لما تتعرض له مدينة عدن من ويلات زعزعة الأمن والإستقرار وغياب الضمير الأخلاقي وهيبة القانون ٠
ماندركه جميعاً ان المؤسسات الحكومية في عدن ليست على ما يرام ، لا مؤسساتها المدنية ولا العسكرية ولا الامنية وبالتالي سيكون الانفلات الامني هو السائد لا محالة ، ولن تستطيع اية قوة على الارض ان تبسط نفوذها العسكري والامني بمفردها ، حتى بمن فيهم الاقوام القادمة من خارج الوطن ( الغُزاة ) وستظل حالة مدينة عدن تخيم عليها أجواء الحرب بانواعها الامنية و النفسية والمعيشية ٠
إذاً ما العمل أمام المشهد الحالي باليمن ؟
فالصورة البينة الظاهرة ان المحافظات اليمنية قُسمت بفعل العدوان الى :
محافظات تتعرض لقصف وعدوان يومي طيلة عشرة أشهر ونيف وهي تحت الحصار الاقتصادي الشامل ، وكان الأمن نسبياً موجوداً ومستقراً وبقي الشعب اليمني فيها صامداً ومقاوماً وتكيف مع هذه الحالة من العدوان ٠
في مدينة عدن ولحج وأبين ظهر مشهد الإنفلات الأمني خطيراً جداً وينذر بعواقب كارثية قادمة ، في حضرموت سيطر تنظيم القاعدة عليها وبدأ بتطبيق أحكام دولتهم المتمثلة في السجون والتعذيب والإعدامات ، و نبش وتهديم أضرحة أولياء الله الصالحين في أكثر من مدينة ، والإعدام بواسطة الرجم على سيدة في المكلا على سبيل المثال ٠٠٠٠الخ ، ومن جهة أخرى لازل أنصار وأصدقاء الرياض يمارسون المتاجرة العبثية بقضية تعز بشكل مناطقي طائفي مقيت ، وإستمرارهم بتبرير العدوان والحصار على مختلف المناطق اليمنية ٠
هكذا هي الصورة كما تبينها وتعرضها كل وسائل الأعلام المختلفة ٠
ماهي الحلول المتاحة لدى الفرقاء السياسيين اليمنيين من جهة ولدى السعودية واليمينيين من جهة أخرى ؟
أولاً : ان المخرج الآمن وربما الوحيد للأزمة السياسية اليمنية المعقدة هو التوافق على الحل السياسي ولن يتأتى ذلك إلا متى ما غادر الجميع وهم الإنتصار بواسطة قوة ( الحديد والنار ) ولن يكون في هذه الحرب لا غالب او مغلوب وسيستمر الصراع العسكري الى ان تأكل الحرب الدائرة الان الأخضر واليابس في يمن الإيمان والحكمة ٠
ثانياً : قرار السلم والسلام أصعب بعشرات المرات من قرار الحرب وبالتالي نحتاج في اليمن الى ارادات وعزائم صلبه لإستحقاقات مرحلة السلام وتعزز مكانتها ٠
ثالثاً : لا تستطيع " الشقيقة الكبرى " السعودية ولا جبروت مالها ان تهزم أوتُركع شعباً عظيماً بحجم الشعب اليمني وعليها ان تتذكر وهي تتمادى في غطرسة عدوانها إنما هي تعمل ضد إرادة ربانية مطلقة ، وكلما امعنت في حربها العبثية ضد شعب جار وفقير ومسالم إنما تُناقض محتوى الآية الكريمة التي تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ( قَالُواْ نَحّنُ أُولُوا قُوّةٍ وأولُوا بَأْسٍ شْدِيدٍ ) فالقوة والبأس صفة إلاهيه قرنها الله سبحانه وتعالى باليمانيين وحدهم منذ فجر التاريخ والى ان يرث الله الأرض ، ويدرك هذه الحقيقة التاريخية عدد من عُقلاء آل سعود من خارج دائرة صنع القرار بطبيعة الحال ، وعليكم التشاور معهم وسماع نصائحهم لكي تتجنبوا الهزيمة المرة في قادم الأيام ، والرسول العظيم الذي لا ينطق عن الهوى قال كذلك في اليمانيين أكثر من أربعين حديثاً نبوياً شريفاً ويردده طلاب المدارس في كل بقاع العالم بما فيها مدارس الرياض ولكنكم للأسف تصمون آذانكم عنه حينما يُتلى ولا تريدون حتى سماعه ، كحديثه الشريف ( أتاكم أهل اليمن ، هم أرق أفئدة ، وألين قلوباً ، الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان ) صدق رسول الله الكريم ٠
الاستفسار الملح والعاجل لكم وبعد مضي قرابة عشرة أشهر من العدوان ، وقتل مايقارب سبعة آلاف شهيد من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ ، وجرح مالايقل عن عشرين الف إنسان معظمهم سيصاحبون إعاقة دائمة مدى الحياة وتدمير الآلاف من المنشآت الخاصة والعامة ( ولا أظن عاقلا في هذه الدنيا سيقبل منكم أنكم قمتم بذلك الفعل ضد الحوثيين وأنصارهم والعفاشيين وحلفائهم !!! ) ٠
رابعاً : لم تسجل حادثة إعتداء واحدة بين مشيخة الإمارات العربية المتحدة والشعب اليمني منذ ان تأسست دولتهم في مطلع السبعينات من القرن الماضي ، وحسب علمي بان العلاقات الأخوية طبيعية والتواصل على مختلف الصعد مقبولة ، إذاً لماذا كل هذا الغلو والإفراط في العدوان ضد الشعب اليمني ، وكم سيتحمل الضمير الجمعي للأماراتيين والخليجيين عموماً من استمرار هذا العدوان الغاشم ؟
خامساً : أحيي الصمود الأسطوري لشعبنا اليمني العظيم بكل قواه الحية والمقاومة الباسلة ضد العدوان وفي مقدمتهم المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه و أنصار الله ( الحوثيين ) وجماهيره العريضة ، وقد حانت اللحظة الفاصلة الى توحيد جهودهم وإعلان تحالفهم الواضح تجاه المواقف الداخلية والخارجية وعلى كافة الصعد ، كما واني أحني هامتي إجلالاً لبطولات الجيش اليمني الهُمام واللجان الشعبية الباسلة على انجازاتهم الباهرة المُذهلة للدفاع عن حياض الوطن وعلى شرف وكرامة اليمن العظيم ٠
سادساً : نقول لليمنيين من أصدقاء الرياض الى هنا وكفى ، لان الإيغال في خصومتكم مع شعبكم وأرضكم لن يحقق لكم إلا المزيد من الخسائر الإنسانية و الأخلاقية ٠
سابعاً : عند المطالعة والتدقيق لوثائق الأمم المتحدة وقراراتها منذ الإنشاء وحتى كتابة هذه السطور نجد انها تركز على حقوق الإنسان وتُعلي القيمة الأخلاقية للأنسان ومنع أي تجاوز أو إعتداء عليه ، ولكن معظم ما كُتب من نصوص جميلة التعبير وراقية الصياغة لاتجد لها ترجمة صحيحة لمعاناة الإنسان في بقاع شتى في العالم وبالذات من يعيش في جغرافيا وطننا العربي ، وسيرة فلسطين الدامية تحكي الحكاية في الكيل بمعيارين واضحين وأضيف عليها إحتلال العراق وتدمير ليبيا و تمزيق سوريا والدور الآن يحاك على اليمن السعيد ٠
كلمة أخيرة أود تسجيلها بان ظاهرة الظلم والغبن حينما يزداد انتشاراً في الأرض ينبئنا التاريخ بولادة حقبة تاريخية جديدة أن دولاً شاخت وهَرمت ومصيرها الزوال وأن هناك شعوباً فتية متجددة وجذورها راسخة بالتاريخ و ترنو صوب المستقبل هي من ستقرر للتاريخ كتابة سطور الإنتصار القادم باذن الله ٠

رئيس جامعة عدن – محافظ عدن الأسبق
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44809.htm