عباس غالب -
أتذكر أنني كنت ضمن المجموعة الصحافية التي أصدرت -خلال أيام انعقاد المؤتمر الأول لتأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م- »نشرة« يومية لمواكبة فعاليات هذا المؤتمر، ثم كان بعد ذلك إصدار صحيفة »الميثاق« لسان حال التنظيم الذي انضوى تحت لوائه خليط من ممثلي التيارات الحزبية ممن كانت تعمل تحت الطاولة بما في ذلك الجبهة الوطنية والإخوان المسلمون والناصريون والشيوعيون بالإضافة إلى المشائخ والتكنوقراط، وهي فترة من أخصب فترات أداء »المؤتمر« كصيغة للتنظيم السياسي على الساحة اليمنية مقابل التنظيم الذي كان يقود العمل السياسي في جنوب الوطن وقتذاك.
ما أعرفه تماماً أن صحيفة »الميثاق« عبر مراحلها المختلفة كانت تعبّر عن فكر الميثاق الوطني وتعمل على إيصال رسالة المؤتمر الشعبي العام، ولذلك فإن من يرصد مراحل صحيفة »الميثاق« سوف يجدها- بصورة مباشرة- انعكاساً للحراك الذي يعتمل داخل المؤتمر، سواءً من خلال القوى التقليدية والجديدة التي تتفاعل داخله، وفي حالات قليلة نتاج اعتمال التحولات السياسية على الساحة الوطنية.
إذا صح القول إن »القلق السياسي« الذي عاشه المؤتمر الشعبي العام منذ ما بعد إعادة تحقيق وحدة الوطن وإطلاق التعددية الحزبية والصحافية، نجد أن هذا »القلق« قد انعكس بصورة مباشرة على كثرة التغييرات التي شهدتها صحيفة »الميثاق«، وتظهر مثل تلك التغييرات في كثرة تشكيل هيئات تحريرها المتعاقبة.
وأحسب أن هذا التغيير المواكب لتجديد الخطاب الإعلامي محسوب للمؤتمر باعتباره التنظيم القائم على تجديد دماء تكويناته وقياداته بين فترة وأخرى وذلك لمواكبة الاستحقاقات التي يشهدها الوطن ومعه المؤتمر.
صحيح أن كل قيادة صحافية لـ»الميثاق« كانت تؤثر على السمات العامة للصحيفة وتطبعها بشخصيتها ونكهتها، لذلك يمكنني وصف سنوات رئاسة تحرير الأستاذ/ حسن اللوزي بسنوات الانضباطية للخطاب الفكري للمؤتمر، ومرحلة الأستاذ/ عبدالله غانم بسنوات الحوار، ثم سنوات الزميل/ محمد شاهر يمكن وصفها بمرحلة القلق الصحفي وسط هوجة ارتفاع خطاب المعارضة.. إلى أن جاء الزميل/ أحمد الشرعبي ليقود ركب »الميثاق« بالخروج على ثوابت المدارس الكلاسيكية الموسومة في الأداء الصحفي المؤتمري.. وأتصور أن الزميل إسكندر الأصبحي أضفى إلى »الميثاق« شيئاً من الكياسة الديبلوماسية التي يتمتع بها.. إلى أن جاء الزميل/ عبدالله الحضرمي وهو سليل جذور قديمة بالصحيفة ليضع بصمة مختلفة عمَّن سبقوه إليها.
وباستثناء الفقير لله »من باب أن الحديث عن الذات غير مرغوب فيه« أرجو ألاَّ أكون قد نسيت أحداً ممن تولوا شرف قيادة »الميثاق« الصحيفة- التي سيكون لها شرف رفد الصحافة اليمنية بزاد الفكر والسياسة والثقافة ومنبراً للحرية والدفاع عن الحقوق وفضح محاولات تشويه التجربة أو الإساءة إلى الوطن في الحاضر والمستقبل كما كانت في الماضي.